الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُورَة الْأَنْفَال
ذكر فِيهَا سَبْعَة وَعشْرين حَدِيثا
487 -
الحَدِيث الأول
رُوِيَ أَنه وَقع بَين الْمُسلمين اخْتِلَاف فِي غَنَائِم بدر وَفِي قسمتهَا فسألوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ كَيفَ تقسم وَلمن الحكم فِي قسمتهَا الْمُهَاجِرين أم الْأَنْصَار أم لَهُم جَمِيعًا فَقيل لَهُ قل لَهُم هِيَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ
قلت رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث أبي أُمَامَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت الصَّامِت قَالَ خرجنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فَشَهِدْنَا مَعَه بَدْرًا فَالتقَى النَّاس فَهزمَ الله الْعَدو فَانْطَلق طَائِفَة فِي آثَارهم وَأَكَبَّتْ طَائِفَة عَلَى الْعَسْكَر يجمعُونَ وَأَحْدَقَتْ طَائِفَة برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ لَا يُصِيب الْعَدو مِنْهُم غرَّة حَتَّى إِذا كَانَ اللَّيْل وَفَاء النَّاس بَعضهم إِلَى بعض قَالَ الَّذين جمعُوا الْغَنَائِم نَحن حَوَيْنَاهَا وَقَالَ الَّذين خَرجُوا فِي طلب الْعَدو لَسْتُم بِأَحَق منا نَحن نَفينَا عَنْهَا الْعَدو وَقَالَ الَّذين أَحدقُوا برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ لَسْتُم بِأَحَق بهَا منا نَحن أَحدقنَا برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَاشْتَغَلْنَا بِهِ فَنزلت يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول الْآيَة فَقَسمهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ بَين الْمُسلمين
انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما قَالَ الْحَاكِم عَلَى شَرط مُسلم
488 -
قَوْله
وَقيل شَرط لمن كَانَ لَهُ بلَاء فِي ذَلِك الْيَوْم أَن ينفلهُ فَتسَارع
شُبَّانهمْ حَتَّى قتلوا سبعين وأسروا سبعين فَلَمَّا يسر الله الْفَتْح اخْتلفُوا فِيمَا بَينهم وَتَنَازَعُوا فَقَالَ الشبَّان نَحن الْمُقَاتِلُونَ وَقَالَ الشُّيُوخ وَالْوُجُوه الَّذين كَانُوا عِنْد الرَّايَات كُنَّا ردْءًا لكم وَفِئَة تنحازون إِلَيْهَا إِن انْهَزَمْتُمْ فَنزلت الْأَنْفَال
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد وَالنَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير من حَدِيث دَاوُد بن أبي هِنْد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ من أَتَى مَكَان كَذَا وَكَذَا فَلهُ من النَّفْل كَذَا وَمن فعل كَذَا وَكَذَا فَلهُ من النَّفْل كَذَا وَكَذَا فَتسَارع إِلَيْهِ الشبَّان وَثَبت الشُّيُوخ تَحت الرَّايَات فَلَا فتح الله لَهُم جَاءَ الشبَّان يطْلبُونَ مَا جعل لَهُم فَقَالَ الْأَشْيَاخ لَا تذْهبُوا بِهِ دُوننَا وَإِنَّمَا كُنَّا رِدَاء لكم فَأنْزل الله تَعَالَى وَاتَّقوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الرَّابِع وَالسِّتِّينَ من الْقسم الثَّالِث وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ فقد احْتج البُخَارِيّ بِعِكْرِمَةَ وَمُسلم بِدَاوُد بن أبي هِنْد
489 -
الحَدِيث الثَّانِي
عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ قتل أخي عُمَيْر يَوْم بدر فقتلت بِهِ سعيد بن الْعَاصِ وَأخذت سَيْفه فَأَعْجَبَنِي فَجئْت بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَقلت إِن الله قد شَفَى صَدْرِي من الْمُشْركين فَهَب لي هَذَا السَّيْف فَقَالَ لَيْسَ هَذَا لي وَلَا لَك اطرَحهُ فِي الْقَبْض قَالَ فَطَرَحته وَبِي مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله من قتل أخي وَأخذ سَلبِي فَمَا جَاوَزت إِلَّا قَلِيلا حَتَّى جَاءَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَقد نزلت سُورَة الْأَنْفَال فَقَالَ (يَا سعد إِنَّك سَأَلتنِي السَّيْف وَلَيْسَ لي وَإنَّهُ قد صَار لي
فَاذْهَبْ فَخذه
قلت رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي مسنديهما وَأَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كتاب الْأَمْوَال قَالُوا حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة ثَنَا أَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن مُحَمَّد بن عبيد الله أبي عون الثَّقَفِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر قتل أخي عُمَيْر وَقتلت سعيد بن الْعَاصِ وَأخذت سَيْفه فَأتيت بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فَقَالَ اذْهَبْ فَاطْرَحْهُ فِي الْقَبْض قَالَ فَرَجَعت وَبِي مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله من قتل أخي وَأخذ سَلبِي قَالَ فَمَا جَاوَزت إِلَّا يَسِيرا حَتَّى نزلت سُورَة الْأَنْفَال فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ اذْهَبْ فَخذ سَيْفك
انْتَهَى
وَمن طَرِيق أَحْمد رَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول وَمن طَرِيق ابْن أبي شيبَة رَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث وَقَالَ الْقَبْض مَا يجمع من الْغَنَائِم انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَازِمِي فِي كِتَابه النَّاسِخ والمنسوخ من طَرِيق أبي عبيد ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة بِهِ سندا ومتنا ثمَّ قَالَ أَبُو عبيد هَكَذَا قَالَ فِيهِ سعيد بن الْعَاصِ وَغَيره يَقُول الْعَاصِ بن سعيد وَالْمَحْفُوظ عندنَا الْعَاصِ بن سعيد وَكَانَ سَيْفه يُسمى ذَا الْكَتِيفَة انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ ابْن مَرْوُدَيْهِ فِي تَفْسِيره من طَرِيق سعيد بن مَنْصُور ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة بِهِ سندا ومتنا
490 -
الحَدِيث الثَّالِث
عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ نزلت الْأَنْفَال فِينَا معشر أَصْحَاب بدر حِين اخْتَلَفْنَا فِي النَّفْل وَضَاقَتْ فِيهِ أَخْلَاقنَا فَنَزَعَهُ الله من أَيْدِينَا فَجعله لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَقَسمهُ بَين الْمُسلمين عَلَى السوَاء
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب قسم الْفَيْء وَالْإِمَام أَحْمد
وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما وَابْن هِشَام فِي سيرته والطبري فِي تَفْسِيره وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره كلهم من طَرِيق ابْن إِسْحَاق عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث ابْن أبي ربيعَة عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى الْأَشْدَق عَن مَكْحُول الدِّمَشْقِي عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنه قَالَ فِي الْأَنْفَال فِينَا نزلت معشر أَصْحَاب بدر حِين اخْتَلَفْنَا فِي النَّفْل وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقنَا فانتزعه الله من أَيْدِينَا وَجعله إِلَى رَسُوله صلى الله عليه وسلم َ فَقَسمهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ بَين الْمُسلمين عَن برَاء يَقُول عَن سَوَاء قَالَ الْحَاكِم صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم
491 -
الحَدِيث الرَّابِع
عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ الْإِيمَان سبع وَسَبْعُونَ شُعْبَة أَعْلَاهَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَدْنَاهَا إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق وَالْحيَاء شُعْبَة من الْإِيمَان
قلت هَكَذَا ذكره المُصَنّف مَوْقُوفا وَهُوَ مَرْفُوع رَوَاهُ الْجَمَاعَة إِلَّا البُخَارِيّ فَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي كتاب الْإِيمَان وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة فِي كتاب السّنة من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ أَو بضع وَسِتُّونَ شُعْبَة أفضلهَا قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَدْنَاهَا إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق وَالْحيَاء شُعْبَة من الْإِيمَان)
انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه
وعجبي من عبد الْحق كَيفَ عزاهُ فِي كتاب الْإِيمَان من أَحْكَامه لِلتِّرْمِذِي فَقَط وَهُوَ ذكره فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ لمُسلم
وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي أول كتاب الْإِيمَان وَلَفظه (الْإِيمَان بضع وَسِتُّونَ شُعْبَة وَالْحيَاء من الْإِيمَان
492 -
الحَدِيث الْخَامِس
رُوِيَ أَن عير قُرَيْش أَقبلت من الشَّام فِيهَا تِجَارَة عَظِيمَة وَمَعَهَا أَرْبَعُونَ رَاكِبًا مِنْهُم أَبُو سُفْيَان وَعَمْرو بن الْعَاصِ وَعَمْرو بن هَاشم فَأخْبر جِبْرِيل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَأخْبر الْمُسلمين فَأَعْجَبَهُمْ تلقي العير لِكَثْرَة الْخَيْر وَقلة الْقَوْم فَلَمَّا خَرجُوا بلغ أهل مَكَّة خبر خُرُوجهمْ فَنَادَى أَبُو جهل فَوق الْكَعْبَة يأهل مَكَّة النَّجَاء النَّجَاء عَلَى كل صَعب وَذَلُول عِيركُمْ وَأَمْوَالكُمْ إِن أَصَابَهَا مُحَمَّد لن تُفْلِحُوا أبدا بعْدهَا وَقد رَأَتْ أُخْت الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رُؤْيا فَقَالَت لأَخِيهَا إِنِّي رَأَيْت عجبا كَأَن ملكا نزل من السَّمَاء فَأخذ صَخْرَة من الْجَبَل ثمَّ حلق بهَا فَلم يبْق بَيت من بيُوت مَكَّة إِلَّا أَصَابَهُ حجر من تِلْكَ الصَّخْرَة فَحدث بهَا الْعَبَّاس فَقَالَ أَبُو جهل مَا يرْضَى رِجَالهمْ أَن يتنبئوا حَتَّى تنبأ نِسَاؤُهُم فَخرج أَبُو جهل بِجمع أهل مَكَّة وهم النفير فَقيل لَهُ إِن العير أخذت طَرِيق السَّاحِل فَارْجِع بِالنَّاسِ إِلَى مَكَّة فَقَالَ لَا وَالله لَا يكون ذَلِك أبدا حَتَّى نَنْحَر الْجَزُور وَنَشْرَب الْخُمُور وَنُقِيم الْقَيْنَات وَالْمَعَازِف ببدر وَتسمع جَمِيع الْعَرَب بِمَخْرَجِنَا وَأَن مُحَمَّدًا لم يصب العير وَأَنا قد أعضضناه فَمَضَى بهم إِلَى بدر وَبدر مَاء كَانَت الْعَرَب تَجْتَمِع فِيهِ لسوقهم يَوْمًا فِي السّنة فَنزل جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن الله وَعدكُم إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا العير وَإِمَّا قُريْشًا فَاسْتَشَارَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ أَصْحَابه وَقَالَ مَا تَقولُونَ إِن الْقَوْم خَرجُوا من مَكَّة عَلَى كل صَعب وَذَلُول فالعير أحب إِلَيْكُم أم النفير قَالُوا بل العير أحب إِلَيْنَا من لِقَاء الْعَدو فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ ثمَّ ردد عَلَيْهِم فَقَالَ إِن العير قد مَضَت سَاحل الْبَحْر وَهَذَا أَبُو جهل قد أقبل)
فَقَالُوا يَا رَسُول الله عَلَيْك بالعير ودع الْعَدو فَقَامَ عِنْد غضب النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ أَبُو بكر وَعمر فَقَالَا فأحسنا ثمَّ قَامَ سعد بن عبَادَة فَقَالَ انْظُر أَمرك فوَاللَّه لَو سرت إِلَى عدن مَا تخلف عَنْك رجل من الْأَنْصَار ثمَّ قَالَ الْمِقْدَاد بن عَمْرو يَا رَسُول الله امْضِ لما أَمرك الله فَإنَّا مَعَك حَيْثُمَا أَحْبَبْت لَا نقُول لَك كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ مَا دَامَت منا عين تطرف
فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ ثمَّ قَالَ (أَشِيرُوا عَلّي أَيهَا النَّاس) وَهُوَ يُرِيد الْأَنْصَار لأَنهم قَالُوا لَهُ حِين بَايعُوهُ عَلَى الْعقبَة إِنَّا بُرَآء من ذِمَامك حَتَّى تصل إِلَى دِيَارنَا فَإِذا وصلت إِلَيْنَا فَأَنت فِي ذِمَامنَا نَمْنَعك مِمَّا نمْنَع مِنْهُ آبَاءَنَا وَنِسَاءَنَا فَكَأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ تخوف أَلا تكون الْأَنْصَار لَا ترَى عَلَيْهِم نصرته إِلَّا عَلَى عدوهم بِالْمَدِينَةِ فَقَامَ سعد بن معَاذ فَقَالَ لَكَأَنَّك تُرِيدنَا يَا رَسُول الله قَالَ أجل قَالَ قد آمنا بك وَصَدَّقنَاك وَشَهِدْنَا أَن مَا جِئْت بِهِ هُوَ الْحق وَأَعْطَيْنَاك عَلَى ذَلِك عُهُودنَا وَمَوَاثِيقنَا عَلَى السّمع وَالطَّاعَة فَامْضِ يَا رَسُول الله لما أردْت فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ لَو اسْتعْرضت بِنَا هَذَا الْبَحْر فَخُضْته لَخُضْنَاهُ مَعَك لَا يتَخَلَّف منا رجل وَاحِد وَمَا نكره أَن تلقى بِنَا عدونا إِنَّا لصبر عِنْد الْحَرْب صدق عِنْد اللِّقَاء وَلَعَلَّ الله يُرِيك منا مَا تقر بِهِ عَيْنك فسر بِنَا عَلَى بركَة الله ففرح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَبسطه قَول سعد ثمَّ قَالَ (سِيرُوا عَلَى بركَة الله وَأَبْشِرُوا فَإِن الله وَعَدَني إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَالله لكَأَنِّي الْآن أنظر إِلَى مصَارِع الْقَوْم)
قلت هَذَا كُله فِي سيرة ابْن هِشَام فِي غَزْوَة بدر الْكُبْرَى من قَول ابْن إِسْحَاق
وَأخرج الطَّبَرِيّ بعضه عَن ابْن عَبَّاس وَبَعضه عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر وَبَعضه
عَن السّديّ بِتَقْدِيم وَتَأْخِير وَزِيَادَة وَنقص
وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ فِي تفسيريهما بِتَمَامِهِ عَن ابْن عَبَّاس وَعُرْوَة بن الزُّبَيْر وَابْن إِسْحَاق
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي مُحَمَّد بن صَالح عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن مَحْمُود بن لبيد
…
فَذكر بعضه
حَدثنَا عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز عَن أبان بن صَالح عَن سعيد بن الْمسيب
…
فَذكر بعضه مُرْسلا
493 -
الحَدِيث السَّادِس
رُوِيَ أَنه قيل لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ حِين فرغ من بدر عَلَيْك بالعير لَيْسَ دونهَا شَيْء فناداه الْعَبَّاس وَهُوَ فِي وثَاقه لَا يصلح فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ وَلم قَالَ لِأَن الله وَعدك إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقد أَعْطَاك مَا وَعدك
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه حَدثنَا عبد بن حميد أَنا عبد الرَّزَّاق عَن إِسْرَائِيل عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما فرغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ من بدر قيل لَهُ عَلَيْك بالعير لَيْسَ دونهَا شَيْء قَالَ فناداه الْعَبَّاس وَهُوَ فِي وثَاقه لَا يصلح قَالَ لم قَالَ لِأَن الله وَعدك إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقد أَعْطَاك مَا وَعدك قَالَ صدقت انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مسانيدهم
494 -
الحَدِيث السَّابِع
عَن عمر رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ نظر إِلَى الْمُشْركين وهم ألف وَإِلَى أَصْحَابه وهم ثَلَاثمِائَة فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَمد يَدَيْهِ يَدْعُو (اللَّهُمَّ أنْجز لي مَا وَعَدتنِي اللَّهُمَّ إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة لَا تعبد فِي الأَرْض فَمَا زَالَ كَذَلِك حَتَّى سقط رِدَاؤُهُ فَأَخذه أَبُو بكر فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبه وَالْتَزَمَهُ من وَرَائه وَقَالَ يَا نَبِي الله كَفاك مُنَاشَدَتك رَبك فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَك مَا وَعدك
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْجِهَاد من حَدِيث عبد الله بن عَبَّاس عَن عمر بن الْخطاب قَالَ نظر نَبِي الله إِلَى الْمُشْركين هم ألف وَإِلَى أَصْحَابه وهم ثَلَاثمِائَة وَبضْعَة عشر رجلا فَاسْتقْبل الْقبْلَة ثمَّ مد يَدَيْهِ وَجعل يَهْتِف بيدَيْهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبل الْقبْلَة حَتَّى سقط رِدَاؤُهُ من مَنْكِبه فَأَتَاهُ أَبُو بكر فَأخذ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبه ثمَّ الْتَزمهُ من وَرَائه وَقَالَ يَا نَبِي الله كَفاك مُنَاشَدَتك رَبك فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَك مَا وَعدك فَأنْزل الله إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم فَاسْتَجَاب لكم أَنِّي مُمِدكُمْ بِأَلف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ فَأَمَدَّهُمْ الله بِالْمَلَائِكَةِ مُخْتَصر
495 -
الحَدِيث الثَّامِن
رُوِيَ أَن رجلا من الْمُسلمين بَيْنَمَا هُوَ يشْتَد فِي أثر رجل من الْمُشْركين إِذْ سمع صَوت ضَرْبَة فَنظر إِلَى الْمُشرك وَقد خر مُسْتَلْقِيا وشق وَجهه فَحدث الْأنْصَارِيّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَقَالَ (صدقت ذَاك من مدد السَّمَاء
قلت هَذِه قِطْعَة من الحَدِيث الَّذِي قبله قَالَ ابْن عَبَّاس بَيْنَمَا رجل من الْمُسلمين يَوْمئِذٍ يشْتَد فِي أثر رجل من الْمُشْركين أَمَامه إِذْ سمع ضَرْبَة بِالسَّوْطِ فَوْقه فَنظر إِلَى الْمُشرك أَمَامه فَخر مُسْتَلْقِيا فَنظر إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ قد حطم أَنفه وشق وَجهه كَضَرْبَة السَّيْف فجَاء الْأنْصَارِيّ فَحدث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَقَالَ
(صدقت ذَاك من مدد السَّمَاء
496 -
قَوْله
عَن أبي دَاوُد الْأنْصَارِيّ ثمَّ الْمَازِني قَالَ إِنِّي لَأَتبع رجلا من الْمُشْركين لأَضْرِبهُ يَوْم بدر فَوَقع رَأسه بَين يَدي قبل أَن يصل إِلَيْهِ سَيفي
قلت رَوَاهُ ابْن هِشَام فِي سيرته وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده والطبري وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفسيريهما وَأَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة كلهم من حَدِيث ابْن إِسْحَاق حَدثنِي أبي إِسْحَاق بن يسَار عَن رجال من بني مَازِن بن النجار عَن أبي دَاوُد الْمَازِني وَكَانَ شهد بَدْرًا قَالَ إِنِّي لَأَتبع رجلا من الْمُشْركين يَوْم بدر
…
إِلَى آخِره
497 -
قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ النعاس فِي الْقِتَال أَمَنَة من الله وَفِي الصَّلَاة وَسْوَسَة من الشَّيْطَان
قلت لم أَجِدهُ عَن ابْن عَبَّاس وَإِنَّمَا هُوَ عَن ابْن مَسْعُود رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الصَّلَاة وَفِي تَفْسِيره أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عَاصِم عَن أبي رزين قَالَ قَالَ ابْن مَسْعُود النعاس فِي الْقِتَال أَمَنَة من الله وَفِي الصَّلَاة وَسْوَسَة من الشَّيْطَان انْتَهَى
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه فِي تَرْجَمَة ابْن مَسْعُود
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أول الْجِهَاد حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن عَاصِم عَن زر عَن عبد الله بن مَسْعُود. . فَذكره
وَحَكَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره عَن ابْن مَسْعُود من غير سَنَد وَكَأن المُصَنّف حصل لَهُ وهم وجد فِي بعض التفاسير عَن عبد الله فَظَنهُ ابْن عَبَّاس
498 -
الحَدِيث التَّاسِع
رُوِيَ أَن إِبْلِيس تمثل للْمُسلمين وَكَانَ الْمُشْركُونَ سَبَقُوهُمْ إِلَى المَاء وَنزل الْمُؤْمِنُونَ فِي كثيب أعفر تَسُوخ فِيهِ الْأَقْدَام عَلَى غير مَاء فَنَامُوا فَاحْتَلَمَ أَكْثَرهم فَقَالَ لَهُم أَنْتُم يَا أَصْحَاب مُحَمَّد تَزْعُمُونَ أَنكُمْ عَلَى الْحق وَإِنَّكُمْ تصلونَ عَلَى غير وضوء وَعَلَى الْجَنَابَة وَقد عطشتم وَلَو كُنْتُم عَلَى حق مَا غَلَبَكُمْ هَؤُلَاءِ عَلَى المَاء وَمَا ينتظرون بكم إِلَّا أَن يجْهد بكم الْعَطش فَإِذا قطع الْعَطش أَعْنَاقكُم مَشوا إِلَيْكُم فَقتلُوا من أَحبُّوا وَسَاقُوا بَقِيَّتكُمْ إِلَى مَكَّة فَحَزِنُوا حزنا شَدِيدا وَأَشْفَقُوا وَأنزل الله الْمَطَر فَمُطِرُوا لَيْلًا حَتَّى جَرَى الْوَادي وَاتخذ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَأَصْحَابه الْحِيَاض عَلَى غدْوَة الْوَادي وَسقوا الركاب وَاغْتَسلُوا وَتَوَضَّئُوا وَتَلَبَّدَ الرمل الَّذِي كَانَ بَينهم وَبَين الْعَدو حَتَّى ثبتَتْ الْأَقْدَام عَلَيْهِ
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ ثَنَا عبد الله بن صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى وَإِذ يَعدكُم الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالَ أَقبلت عير أهل مَكَّة تُرِيدُ الشَّام فَبلغ أهل الْمَدِينَة ذَلِك فَخَرجُوا وَمَعَهُمْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يُرِيدُونَ العير
…
إِلَى أَن قَالَ فَنزل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ والمسلمون وَبينهمْ وَبَين المَاء رَملَة دَعصَة وَكَانَ فَأصَاب الْمُسلمين ضعف وَألقَى الشَّيْطَان فِي قُلُوبهم الْقنُوط يوسوسهم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ أَوْلِيَاء الله وَفِيكُمْ رَسُوله وَقد غَلَبَكُمْ الْمُشْركُونَ عَلَى المَاء وَأَنْتُم كَذَا فَأمْطر الله تَعَالَى مَطَرا شَدِيدا فَشرب الْمُسلمُونَ وَتطَهرُوا فَأذْهب الله عَنْهُم رجز الشَّيْطَان وَأصَاب الرمل الْمَطَر حَتَّى مَشَى عَلَيْهِ النَّاس وَالدَّوَاب ثمَّ سَارُوا إِلَيْهِم مُخْتَصر
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة والطبري فِي تَفْسِيره وَكَذَلِكَ ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن صَالح بِهِ
…
وَذكره الثَّعْلَبِيّ بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء من غير شكّ
499 -
الحَدِيث الْعَاشِر
قَوْله عَن ابْن عمر قَالَ خرجت سَرِيَّة وَأَنا فيهم فَفرُّوا فَلَمَّا رجعُوا إِلَى الْمَدِينَة اسْتَحْيوا فَدَخَلُوا الْبيُوت فَقلت يَا رَسُول الله نَحن الْفَرَّارُونَ فَقَالَ (بل أَنْتُم الْعَكَّارُونَ وَأَنا فِئَتكُمْ
وَانْهَزَمَ رجل من الْقَادِسِيَّة فَأَتَى الْمَدِينَة إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَلَكت فَرَرْت من الزَّحْف فَقَالَ عمر أَنا فِئَتك
قلت الأول رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْجِهَاد من حَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى عَن ابْن عمر أَنه كَانَ فِي سَرِيَّة من سَرَايَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ قَالَ فَحَاص النَّاس حَيْصَة فَكنت فِيمَن حَاص فَلَمَّا بَرَزْنَا قُلْنَا وَكَيف نصْنَع وَقد فَرَرْنَا من الزَّحْف وَبُؤْنَا بِالْغَضَبِ فَقُلْنَا ندخل الْمَدِينَة لِنَتَثَبَّتَ فِيهَا وَنَذْهَب فَلَا يَرَانَا أحد قَالَ فَدَخَلْنَا فَقُلْنَا لَو عرضنَا أَنْفُسنَا عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَإِن كَانَت لنا تَوْبَة أَقَمْنَا وَإِن كَانَ غير ذَلِك ذَهَبْنَا قَالَ فَجَلَسْنَا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ قبل صَلَاة الْفجْر فَلَمَّا خرج قمنا إِلَيْهِ فَقُلْنَا نَحن الْفَرَّارُونَ فَأقبل إِلَيْنَا وَقَالَ (لَا بل أَنْتُم الْعَكَّارُونَ قَالَ فَدَنَوْنَا فَقبلنَا يَده فَقَالَ (أَنا فِئَة الْمُسلمين انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مسانيدهم وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة
وَلم ينصف الْمُنْذِرِيّ إِذْ عزا هَذَا الحَدِيث فِي مُخْتَصره لِابْنِ ماجة فَإِن ابْن ماجة لم يذكر مِنْهُ إِلَّا قَوْله قبلنَا يَد النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ ذكره فِي الْأَدَب مَعَ أَن أَصْحَاب الْأَطْرَاف بَينُوهُ وَقَالُوا إِنَّه اخْتَصَرَهُ
وَأما الثَّانِي فَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أَبْوَاب الْجِهَاد فِي بَاب ذكر الْيَمَامَة حَدثنَا حُسَيْن بن عَلّي عَن زَائِدَة عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم قَالَ فر رجل من الْقَادِسِيَّة فَأَتَى عمر فَقَالَ لَهُ إِنِّي هَلَكت قَالَ وَمَا ذَاك قَالَ فَرَرْت من الزَّحْف فَقَالَ عمر أَنا فِئَتك انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي حَوَاشِيه يروي حَاص بِالْحَاء وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ وَيروَى جَاضَ بِالْجِيم وَالضَّاد الْمُعْجَمَة فَالْأول من المحيص وَهُوَ الْمَهْرَب وَالثَّانِي قيل مَعْنَاهُ فر وَقيل عدل عَنهُ قَالَ ابْن الْقُوطِيَّة إِن مَعْنَاهُمَا وَاحِد انْتَهَى
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ الكار الَّذِي يفر إِلَى إِمَامه لِيَنْصُرهُ لَا يُرِيد الْفِرَار من الزَّحْف انْتَهَى
500 -
الحَدِيث الْحَادِي عشر
رُوِيَ أَنه لما طلعت قُرَيْش يَوْم بدر قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (هَذِه قُرَيْش جَاءَت بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرهَا يكذبُون رَسُوله اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مَا وَعَدتنِي فَأَتَاهُ جِبْرِيل عليه السلام فَقَالَ خُذ قَبْضَة من تُرَاب فَارْمِهِمْ بهَا فَقَالَ لما التقَى الْجَمْعَانِ لعَلي رضي الله عنه (أَعْطِنِي قَبْضَة من حَصْبَاء الْوَادي فَرَمَى بهَا فِي وُجُوههم وَقَالَ (شَاهَت الْوُجُوه فَلم يبْق مُشْرك إِلَّا شغل بِعَيْنيهِ فَانْهَزَمُوا وردفهم الْمُؤْمِنُونَ يَقْتُلُونَهُمْ وَيَأْسِرُونَهُمْ
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا عبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث ثَنَا أبي ثَنَا أبان الْعَطَّار ثَنَا هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة قَالَ لما ورد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ بَدْرًا فَوجدَ الْمُشْركُونَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ قد سبقهمْ إِلَيْهِ فَلَمَّا طلعوا عَلَيْهِ زَعَمُوا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ قَالَ (هَذِه قُرَيْش قد جَاءَت بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرهَا تُحَادك وَتكذب رَسُولك اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مَا وَعَدتنِي فَلَمَّا أَقبلُوا اسْتَقْبَلَهُمْ فَحَثَا فِي وُجُوههم فَهَزَمَهُمْ الله تَعَالَى انْتَهَى
وَفِي سيرة ابْن هِشَام فِي غَزْوَة بدر الْكُبْرَى قَالَ ابْن إِسْحَاق وَارْتَحَلت قُرَيْش حِين أَصبَحت فَلَمَّا أَقبلت وَرَآهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ تصوب من الْعَقَنْقَل وَهُوَ الْكَثِيب الَّذِي جَاءُوا مِنْهُ إِلَى الْوَادي قَالَ اللَّهُمَّ هَذِه قُرَيْش قد أَقبلت بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرهَا تُحَادك وَتكذب رَسُولك اللَّهُمَّ فَنَصرك الَّذِي وَعَدتنِي
…
إِلَى أَن قَالَ بعد ذَلِك بِنَحْوِ ورقة قَالَ ابْن إِسْحَاق ثمَّ إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَخذ حفْنَة من حَصْبَاء فَاسْتقْبل بهَا قُريْشًا ثمَّ قَالَ (شَاهَت الْوُجُوه ثمَّ نَفَخَهُمْ بهَا وَأمر أَصْحَابه فَقَالَ (شدوا) فَكَانَت الْهَزِيمَة فَقتل الله من قتل من صَنَادِيد قُرَيْش وَأسر من أسر من أَشْرَافهم فَلَمَّا وضع الْقَوْم أَيْديهم يقتلُون وَيَأْسِرُونَ
…
. الحَدِيث بِطُولِهِ
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر قَالَ لما رَأَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ قُريْشًا
…
فَذكره إِلَى قَوْله (فَنَصرك الَّذِي وَعَدتنِي) لم يذكر الرَّمية لكنه رَوَى فِيمَا بعد حَدثنِي عَابِد بن يَحْيَى عَن أبي الْحُوَيْرِث عَن عمَارَة بن أكيمَة اللَّيْثِيّ عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ لقد رَأَيْتنَا يَوْم بدر فَذكر الْقِصَّة وَفِي آخرهَا قَالَ فَأخذ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ كفا من الْحَصَا فَرَمَاهُمْ بهَا وَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه) فَمَا بَقِي مِنْهُم أحد إِلَّا امْتَلَأَ وَجهه وَعَيناهُ فَانْهَزَمَ أَعدَاء الله والمسلمون يقتلُون وَيَأْسِرُونَ
قَالَ الطَّيِّبِيّ لم يذكر أحد من أَئِمَّة الحَدِيث هَذِه الرَّمية الَّتِي كَانَت يَوْم بدر ثمَّ ذكر حَدِيث مُسلم عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ حنينا فَلَمَّا وَاجَهنَا الْعَدو
…
. إِلَى أَن قَالَ فَلَمَّا غشوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ نزل عَن بغلته ثمَّ قبض قَبْضَة من تُرَاب ثمَّ اسْتقْبل بهَا وُجُوههم وَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه) وَهَذَا خطأ مِنْهُ إِذْ لَا امْتنَاع أَن يكون النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فعل ذَلِك فِي الْيَوْمَيْنِ وَقد قدمنَا رِوَايَة عُرْوَة بن الزُّبَيْر وَابْن إِسْحَاق أَنَّهَا كَانَت يَوْم بدر
وَرَوَى الطَّبَرِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا أَحْمد بن بهْرَام الأيذجي ثَنَا مُحَمَّد بن يزِيد الْأَسْفَاطِي ثَنَا إِبْرَاهِيم بن يَحْيَى السَّحَرِيِّ حَدثنِي أبي ثَنَا مُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي عَن عبد الله بن يزِيد مولَى الْأسود بن سُفْيَان عَن أبي بكر بن سُلَيْمَان ابْن أبي خَيْثَمَة عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَأخذ كفا من الْحَصْبَاء فَاسْتقْبلنَا بِهِ فرمانا بهَا وَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه) فَانْهَزَمْنَا فَأنْزل الله وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رَمَى انْتَهَى
وَرَوَى الطَّبَرِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي صَالح بِهِ فِي تَفْسِيره حَدثنِي الْمثنى ثَنَا أَبُو صَالح ثَنَا مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ رفع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يَده يَوْم بدر فَقَالَ (يَا رب إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة فَلَنْ تعبد فِي الأَرْض أبدا) فَأمره جِبْرِيل عليه السلام فَأخذ قَبْضَة من التُّرَاب فَرَمَى بهَا فِي وُجُوههم فَمَا من الْمُشْركين أحد إِلَّا أصَاب عَيْنَيْهِ وَمنْخرَيْهِ وَفِيه تُرَاب فَوَلوا مُدبرين انْتَهَى
وَرَوَى أَيْضا حَدثنِي مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ قَالَ لعَلي يَوْم بدر أَعْطِنِي حَصى من الأَرْض) فَنَاوَلَهُ حَصى عَلَيْهِ تُرَاب فَرَمَى بِهِ فِي وُجُوه الْقَوْم فَلم يبْق مُشْرك إِلَّا دخل فِي عَيْنَيْهِ من ذَلِك التُّرَاب شَيْء ثمَّ رَدفَهُمْ الْمُسلمُونَ يَقْتُلُونَهُمْ وَيَأْسِرُونَهُمْ وَأنزل الله فَلم تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِن الله قَتلهمْ وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رَمَى انْتَهَى
فقد ثَبت عَن غير وَاحِد من الْأَئِمَّة أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي يَوْم بدر وَإِن كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فعل ذَلِك يَوْم حنين أَيْضا وَالله أعلم
501 -
الحَدِيث الثَّانِي عشر
رَوَى أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ مر عَلَى بَاب أبي بن كَعْب فناداه وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَعجل فِي صلَاته ثمَّ جَاءَ فَقَالَ (مَا مَنعك عَن إجَابَتِي) قَالَ كنت أُصَلِّي قَالَ (ألم تخبر فِيمَا أُوحِي إِلَيّ اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ قَالَ لَا جرم لَا تَدعُونِي إِلَّا أَجَبْتُك
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَلَيْسَ فِيهِ لَا جرم لَا تَدعُونِي إِلَّا أَجَبْتُك
لَكِن رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بِسَنَد التِّرْمِذِيّ وَمَتنه وَزَاد فِي آخِره قَالَ أبي لَا جرم يَا رَسُول الله لَا تَدعُونِي إِلَّا أَجَبْتُك وَإِن كنت أُصَلِّي انْتَهَى بِحُرُوفِهِ
وَلم يحسن الطَّيِّبِيّ إِذْ عزاهُ للْبُخَارِيّ من حَدِيث أبي سعيد بن الْمُعَلَّى لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدِيث الْكتاب
502 -
الحَدِيث الثَّالِث عشر
رَوَى أَن الزُّبَيْر كَانَ يُسَايِر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ يَوْمًا إِذْ أقبل عَلّي رضي الله عنه فَضَحِك إِلَيْهِ الزُّبَيْر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (كَيفَ حبك لعَلي)
فَقَالَ يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي إِنِّي أحبه كَحبي لوَلَدي أَو أَشد حبا قَالَ (فَكيف أَنْت إِذا سرت إِلَيْهِ تُقَاتِلهُ)
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة مَعْنَاهُ وَعقد لَهُ بَابا فَقَالَ بَاب إخْبَاره عليه السلام عَن قتال الزُّبَيْر ثمَّ رَوَى من طَرِيق عبد الرَّزَّاق أَنا معمر عَن قَتَادَة قَالَ لما وَلَّى الزُّبَيْر يَوْم الْجمل بلغ عليا فَقَالَ لَو كَانَ يعلم أَنه عَلَى حق مَا وَلَّى وَذَاكَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ لقيهمَا فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة فَقَالَ (أَتُحِبُّهُ يَا زبير قَالَ وَمَا يَمْنعنِي قَالَ فَكيف بك إِذا قَاتلته ثمَّ قَالَ هَذَا مُرْسل
وَقد رَوَى مَوْصُولا من وَجه آخر ثمَّ رُوِيَ من حَدِيث عبد الله بن الْأَجْلَح ثَنَا أبي عَن يزِيد الْفَقِير عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت الْمفضل بن فضَالة يحدث أبي عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود الديلِي عَن أَبِيه قَالَ لما دنا عَلّي وَأَصْحَابه من طَلْحَة وَالزُّبَيْر وَدنت الصُّفُوف بَعْضهَا من بعض خرج عَلّي وَهُوَ عَلَى بغلة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَنَادَى ادعوا لي الزُّبَيْر بن الْعَوام فَأقبل حَتَّى اخْتلفت أَعْنَاق دَوَابِّهِمَا فَقَالَ
عَلّي يَا زبير نشدتك بِاللَّه أما تذكر يَوْم مر بِنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَنحن بمَكَان كَذَا وَكَذَا فَقَالَ يَا زبير تحب عليا فَقلت أَلا أحب ابْن خَالَتِي وَابْن عمي وَعَلَى ديني قَالَ (أما وَالله لَتُقَاتِلنَّهُ وَأَنت ظَالِم) قَالَ بلَى وَالله وَلَكِنِّي نَسِيته انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده ثَنَا يزِيد بن هَارُون ثَنَا شريك بن عبد الله عَن الْأسود بن قيس حَدثنِي من رَأَى الزُّبَيْر يُقَصَّص الْخَيل فَنَوَّهَ بِهِ عَلّي بن أبي طَالب يَا أَبَا عبد الله يَا أَبَا عبد الله قَالَ فَأقبل حَتَّى الْتَقت أَعْنَاق دَوَابِّهِمَا فَقَالَ لَهُ عَلّي أنْشدك الله أَتَذكر يَوْمًا أَتَانَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ وَأَنا أناجيك فَقَالَ (أتناجيه وَالله ليقاتلنك وَهُوَ لَك ظَالِم) قَالَ فَضرب الزُّبَيْر وَجه دَابَّته فَانْصَرف انْتَهَى
503 -
الحَدِيث الرَّابِع عشر
رَوَى أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ حاصر بني قُرَيْظَة إِحْدَى وَعشْرين لَيْلَة فسألوا الصُّلْح كَمَا صَالح إخْوَانهمْ بني النَّضِير عَلَى أَن يَسِيرُوا إِلَى أَذْرُعَات وَأَرِيحَا من أَرض الشَّام فَأَبَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَن ينزلُوا إِلَّا عَلَى حكم سعد بن معَاذ فَأَبَوا وَقَالُوا أرسل إِلَيْنَا أَبَا لبَابَة مَرْوَان بن عبد الْمُنْذر وَكَانَ مناصحا لَهُم لِأَن عِيَاله وَمَاله فِي أَيْديهم فَبَعثه إِلَيْهِم فَقَالُوا لَهُ مَا ترَى هَل ننزل عَلَى حكم سعد فَأَشَارَ إِلَى حَلقَة أَنه الذّبْح قَالَ أَبُو لبَابَة فَمَا زَالَت قَدَمَايَ حَتَّى علمت أَنِّي قد خُنْت الله وَرَسُوله فَنزلت فَشد نَفسه عَلَى سَارِيَة من سواري الْمَسْجِد وَقَالَ وَالله لَا أَذُوق طَعَاما وَلَا شرابًا حَتَّى أَمُوت أَو يَتُوب الله عَلّي فَمَكثَ سَبْعَة أَيَّام حَتَّى
خر مغشيا عَلَيْهِ ثمَّ تَابَ الله عَلَيْهِ فَقيل لَهُ قد تيب عَلَيْك فَحل نَفسك فَقَالَ لَا وَالله لَا أحلهَا حَتَّى يكون رَسُول الله هُوَ الَّذِي يُحِلنِي فَجَاءَهُ عليه السلام فَحله بِيَدِهِ فَقَالَ إِن من تَمام تَوْبَتِي أَن أَهجر دَار قومِي الَّتِي أصبت فِيهَا الذَّنب وَأَن أَنْخَلِع من مَالِي فَقَالَ عليه السلام (يجْزِيك أَن تَتَصَدَّق من مَالك بِالثُّلثِ)
قلت رَوَاهُ ابْن هِشَام فِي السِّيرَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة كِلَاهُمَا فِي غَزْوَة بني قُرَيْظَة من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي وَالِدي إِسْحَاق بن يسَار عَن معبد ابْن كَعْب بن مَالك السّلمِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ حَاصَرَهُمْ خمْسا وَعشْرين لَيْلَة يَعْنِي بني قُرَيْظَة
…
إِلَى أَن أجهدهم الْحصار
…
. فَذكره بِطُولِهِ إِلَى أَن قَالَ ثمَّ بعثوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَن يبْعَث إِلَيْنَا أَبَا لبَابَة بن عبد الْمُنْذر نَسْتَشِيرهُ فَأرْسلهُ عليه السلام إِلَيْهِ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ فرق لَهُم وَقَالُوا يَا أَبَا لبَابَة أَتَرَى أَن ننزل عَلَى حكم مُحَمَّد فَقَالَ نعم وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حلقه أَنه الذّبْح قَالَ أَبُو لبَابَة فَمَا زَالَت قَدَمَايَ تَرْجِعَانِ حَتَّى عرفت أَنِّي خُنْت الله وَرَسُوله ثمَّ انْطلق أَبُو لبَابَة عَلَى وَجهه وَلم يَأْتِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ حَتَّى ارْتبط فِي الْمَسْجِد إِلَى عَمُود من عمده وَقَالَ لَا أَبْرَح مَكَاني هَذَا حَتَّى يَتُوب الله عَلّي مِمَّا صنعت وَعَاهد الله تَعَالَى أَلا يطَأ بني قُرَيْظَة أبدا
ثمَّ أسْند إِلَى ابْن إِسْحَاق قَالَ حَدثنِي يزِيد بن عبد الله بن قسيط أَن تَوْبَة أبي لبَابَة نزلت عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَهُوَ فِي بَيت أم سَلمَة فَقَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ من السحر وَهُوَ يضْحك فَقلت مَا يضْحك يَا رَسُول الله قَالَ (تيب عَلَى أبي لبَابَة فَقلت أَلا أُبَشِّرهُ يَا رَسُول الله (قَالَ بلَى إِن شِئْت فَقُمْت عَلَى بَاب حُجْرَتي وَذَلِكَ قبل أَن يضْرب علينا الْحجاب وَقلت يَا أَبَا لبَابَة أبشر فقد تَابَ الله عَلَيْك فَثَابَ النَّاس إِلَيْهِ لِيُطْلِقُوهُ فَقَالَ لَا وَالله حَتَّى يكون رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ هُوَ الَّذِي يُطلقنِي بِيَدِهِ فَلَمَّا مر عَلَيْهِ خَارِجا إِلَى صَلَاة
الصُّبْح أطلقهُ انْتَهَى
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي بَاب غَزْوَة تَبُوك عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ كَانَت بَنو قُرَيْظَة حلفا لأبي لبَابَة فَاطَّلَعُوا إِلَيْهِ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى حكم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَقَالُوا يَا أَبَا لبَابَة أَتَأْمُرُنَا أَن ننزل فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حلقه أَنه الذّبْح فَأخْبر عَنهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَلبث حينا وَهُوَ عَاتب عَلَيْهِ ثمَّ غزا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ تَبُوكا وَهِي غَزْوَة الْعسرَة فَتخلف عَنهُ أَبُو لبَابَة فِيمَن تخلف فَلَمَّا قفل رَسُول صلى الله عليه وسلم َ مِنْهَا جَاءَهُ أَبُو لبَابَة يسلم عَلَيْهِ فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَفَزعَ أَبُو لبَابَة فَارْتَبَطَ بِسَارِيَة التَّوْبَة الَّتِي عِنْد بَاب أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ سبعا بَين يَوْم وَلَيْلَة فِي حر شَدِيد لَا يَأْكُل فِيهِنَّ وَلَا يشرب وَقَالَ لَا يزَال هَذَا مَكَاني حَتَّى أُفَارِق الدُّنْيَا أَو يَتُوب الله عَلّي فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى مَا سمع لَهُ صَوت من الْجهد وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ ينظر إِلَيْهِ بكرَة وَعَشِيَّة ثمَّ تَابَ الله عَلَيْهِ فَأرْسل إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ لِيُطْلِقَهُ فَأَبَى أَن يُطلقهُ إِلَّا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فجَاء عليه السلام فَأَطْلقهُ بِيَدِهِ فَقَالَ أَبُو لبَابَة يَا رَسُول الله إِنِّي أَهجر دَار قومِي الَّتِي أصبت فِيهَا الذَّنب وَأَنْتَقِلَ إِلَيْك فأساكنك وَإِنِّي أَخْلَع من مَالِي صَدَقَة إِلَى الله تَعَالَى فَقَالَ (يُجزئ عَنْك الثُّلُث) فَهجر أَبُو لبَابَة دَار قومه وَسَاكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَتصدق بِثلث مَاله ثمَّ تَابَ فَلم ير مِنْهُ بعد ذَلِك إِلَّا خير حَتَّى فَارق الدُّنْيَا انْتَهَى
وَرَوَى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي كتاب الْمَغَازِي فِي بَاب من تخلف فِي غَزْوَة تَبُوك ثَنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ كَانَ أَبُو لبَابَة مِمَّن تخلف عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فِي غَزْوَة تَبُوك فَربط نَفسه بِسَارِيَة ثمَّ قَالَ وَالله لَا أحل نَفسِي مِنْهَا وَلَا أَذُوق طَعَاما وَلَا شرابًا حَتَّى أَمُوت أَو يَتُوب الله عَلّي فَمَكثَ سَبْعَة أَيَّام لَا يَذُوق فِيهَا طَعَاما وَلَا شرابًا حَتَّى كَانَ يخر مغشيا عَلَيْهِ قَالَ ثمَّ تَابَ الله عَلَيْهِ فَقيل لَهُ قد تيب عَلَيْك يَا أَبَا لبَابَة فَقَالَ وَالله لَا أحل نَفسِي حَتَّى يكون رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ هُوَ الَّذِي يُحِلنِي بِيَدِهِ فجَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فَحله بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ يَا رَسُول الله إِن من تَوْبَتِي أَن أَهجر دَار قومِي الَّتِي أصبت فِيهَا الذَّنب وَأَن أَنْخَلِع من مَالِي كُله
صَدَقَة إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله فَقَالَ (يجْزِيك الثُّلُث يَا أَبَا لبَابَة) انْتَهَى
وَعَن عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه
وَذكره الثَّعْلَبِيّ من قَول الزُّهْرِيّ والكلبي بِلَفْظ الْكتاب سَوَاء وَسَنَده إِلَيْهِمَا فِي أول كِتَابه
انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن كَعْب بن مَالك قَالَ كَانَ أَبُو لبَابَة
…
بِلَفْظ عبد الرَّزَّاق
504 -
الحَدِيث الْخَامِس عشر
رُوِيَ أَن الْأَنْصَار لما أَسْلمُوا وَبَايَعُوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فرقت قُرَيْش أَن يَتَفَاقَم أمره فَاجْتمعُوا فِي دَار الندوة مُتَشَاوِرِينَ فِي أمره فَدخل عَلَيْهِم إِبْلِيس فِي صُورَة شيخ وَقَالَ أَنا شيخ من نجد مَا أَنا من تهَامَة دخلت مَكَّة فَسمِعت بِاجْتِمَاعِكُمْ فَأَرَدْت أَن أحْضركُم وَلنْ تَعْدَمُوا مني رَأيا وَنصحا فَقَالَ أَبُو البخْترِي إِن تَحْبِسُوهُ فِي بَيت وتشدوا وثَاقه وتسدوا عَلَيْهِ بَابه غير كوَّة تلقونَ إِلَيْهِ طَعَامه وَشَرَابه مِنْهَا وتتربصوا بِهِ ريب الْمنون فَقَالَ إِبْلِيس بئس الرَّأْي يأتيكم من يُقَاتِلكُمْ من قومه وَيُخَلِّصهُ من أَيْدِيكُم فَقَالَ هِشَام بن عَمْرو رَأْيِي أَن تَحملُوهُ عَلَى جمل وتخرجوه من بَين أظْهركُم فَلَا يضركم مَا صنع وَاسْتَرَحْتُمْ فَقَالَ إِبْلِيس بئس الرَّأْي يفْسد قوما غَيْركُمْ ويقاتلكم بهم فَقَالَ أَبُو جهل رَأْيِي أَن تَأْخُذُوا من كل بطن غُلَاما وتعطوه سَيْفا صَارِمًا فَيَضْرِبُوهُ ضَرْبَة رجل وَاحِد فَيَتَفَرَّق دَمه فِي الْقَبَائِل فَلَا يُقَوي بَنو هَاشم عَلَى حَرْب قُرَيْش كلهم فَإِذا طلبُوا الْعقل عَقَلْنَاهُ وَاسْتَرَحْنَا فَقَالَ الشَّيْخ صدق هَذَا الْفَتَى هُوَ أَجودكُم رَأيا فَتَفَرَّقُوا عَلَى رَأْي أبي جهل مُجْتَمعين عَلَى قَتله فَأخْبر جِبْرِيل عليه السلام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَأمره أَلا يبيت فِي مضجعه
وَأذن الله لَهُ فِي الْهِجْرَة فَأمر عليا فَنَامَ فِي مضجعه وَقَالَ لَهُ (اتَّشَحَ ببردتي فَإِنَّهُ لن يخلص إِلَيْك أَمر تكرههُ) وَبَاتُوا مُتَرَصِّدِينَ فَلَمَّا أَصْبحُوا ثَارُوا إِلَى مضجعه فَأَبْصرُوا عليا فَبُهِتُوا وَاقْتَصُّوا أَثَره فَأبْطل الله مَكْرهمْ وَخيَّب الله سَعْيهمْ
قلت رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي الْفَصْل السَّادِس عشر وَابْن هِشَام فِي سيرته والطبري فِي تَفْسِيره كلهم من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي عبد الله ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما اجْتمعت قُرَيْش فِي دَار الندوة وَتَشَاوَرُوا فِي أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ اعْتَرَضَهُمْ إِبْلِيس فِي هَيْئَة شيخ فَوقف عَلَى بَاب الدَّار فَقَالُوا لَهُ من أَنْت قَالَ شيخ من أهل نجد سَمِعت بِالَّذِي اجْتَمَعْتُمْ لَهُ فَأَرَدْت أَن أحْضركُم وَعَسَى أَن لَا تَعْدَمُوا مني رَأيا وَنصحا فَقَالُوا لَهُ ادخل فَدخل مَعَهم وَقد اجْتمع أَشْرَاف قُرَيْش عتبَة وَشَيْبَة أَبنَاء ربيعَة وَأَبُو سُفْيَان وَأَبُو جهل وَطعيمَة بن عدي وَجبير بن مطعم والْحَارث بن عَامر وَالنضْر بن الْحَارِث أَبُو البخْترِي وَزَمعَة بن الْأسود وَحَكِيم بن حزَام وَأُميَّة بن خلف فِي آخَرين لَا يُحصونَ فَقَالَ بَعضهم لبَعض إِن هَذَا الرجل قد كَانَ من أمره مَا قد رَأَيْتُمْ وَإِنَّا وَالله لَا نَأْمَنهُ من الْوُثُوب علينا فَأَجْمعُوا فِيهِ رَأْيكُمْ فَقَالَ قَائِل مِنْهُم احْبِسُوهُ فِي الْحَدِيد وَأَغْلقُوا عَلَيْهِ الْبَاب ثمَّ تَرَبَّصُوا بِهِ الْمَوْت فَقَالَ إِبْلِيس بئس الرَّأْي فَلَا يُوشك أَن يثب عَلَيْكُم أَصْحَابه فينتزعوه من أَيْدِيكُم ثمَّ يكاثرونكم بِهِ حَتَّى يَغْلِبُونَكُمْ ثمَّ قَالَ آخر نخرجهُ من بِلَادنَا فَإِذا غَابَ أَصْلحنَا أمرنَا فَقَالَ إِبْلِيس وَلَا هَذَا أَيْضا رَأْي فَلَا يُوشك أَن يغلب عَلَى قوم غَيْركُمْ ثمَّ يسير بهم إِلَيْكُم فيطأكم بهم فَقَالَ أَبُو جهل إِن لي فِيهِ رَأيا مَا أَرَاكُم وَقَعْتُمْ عَلَيْهِ قَالُوا وَمَا هُوَ قَالَ أرَى أَن نَأْخُذ من كل قَبيلَة فَتى جلدا فَنُعْطِيه سَيْفا ثمَّ يَعْمِدُونَ
إِلَيْهِ فَيَضْرِبُونَهُ بهَا ضَرْبَة رجل وَاحِد فَيَتَفَرَّق دَمه فِي الْقَبَائِل وَلَا تقدر بَنو عبد منَاف عَلَى حَرْب قَومهمْ جَمِيعًا فرضوا منا الْعقل فعقلناه لَهُم فَقَالَ إِبْلِيس هَذَا هُوَ الرَّأْي لَا غَيره وَتَفَرَّقُوا مُجْمِعِينَ عَلَى ذَلِك فَأَتَى جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ وَأمره أَلا يبيت عَلَى فرَاشه تِلْكَ اللَّيْلَة واجتمعوا وَقت الْعَتَمَة يَرْصُدُونَهُ مَتى ينَام فيثبون عَلَيْهِ وَأمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ عَلّي بن أبي طَالب أَن ينَام عَلَى فرَاشه ويتشح بِبرْدِهِ الْأَخْضَر فَلَمَّا وجدوه عليا بهتُوا وَأذن الله لنَبيه عِنْد ذَلِك فِي الْهِجْرَة مُخْتَصر
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي كتاب الْمَغَازِي فِي بَاب من هَاجر إِلَى الْحَبَشَة حَدثنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة قَالَ لما كثر الْمُسلمُونَ
…
فَذكر نَحوه
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي ذكر الْهِجْرَة أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ حَدثنِي معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وحَدثني ابْن أبي حَبِيبَة عَن دَاوُد بن الْحصين عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس
505 -
الحَدِيث السَّادِس عشر
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (الْإِسْلَام يجب مَا قبله)
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَابْن هِشَام فِي سيرته فِي غَزْوَة بني قُرَيْظَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب إِسْلَام عَمْرو بن الْعَاصِ عَن ابْن إِسْحَاق حَدثنِي يزِيد بن أبي حبيب عَن رَاشد مولَى حبيب بن أبي أَوْس الثَّقَفِيّ عَن حبيب بن أبي أَوْس الثَّقَفِيّ حَدثنِي عَمْرو بن الْعَاصِ من فِيهِ إِلَيّ فِي قَالَ لما جِئْت أُرِيد الْإِسْلَام لقِيت خَالِد بن الْوَلِيد فَقلت لَهُ إِنِّي أُرِيد الْإِسْلَام فَقَالَ وَأَنا وَالله أُرِيد أَن أسلم قَالَ فَجِئْنَا إِلَى الْمَدِينَة فَتقدم خَالِد فَأسلم وَبَايع وَتَقَدَّمت أَنا فَقلت أُبَايِعك وَذكرت مَا تقدم من ذَنبي وَلَا أذكر مَا اسْتَأْخَرَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ (بَايع يَا عَمْرو فَإِن الْإِسْلَام يجب مَا قبله وَالْهجْرَة تجب مَا كَانَ قبلهَا) قَالَ فَبَايَعت
وَله طَرِيق آخر عِنْد الْبَيْهَقِيّ رَوَاهُ من طَرِيق الْوَاقِدِيّ أَنا عبد الحميد بن جَعْفَر عَن أَبِيه عَن قيس بن وَسقي عَن عَمْرو بن الْعَاصِ
…
فَذكره
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده من حَدِيث يزِيد بن أبي حبيب أَخْبرنِي سُوَيْد بن قيس عَن قيس بن وَسقي عَن عَمْرو بن الْعَاصِ وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن عبد الرَّحْمَن بن شماسَة عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ أُبَايِعهُ فَأخذت بِيَدِهِ فَقلت أُبَايِعك عَلَى أَن يغْفر لي كل ذَنْب كَانَ فَقَالَ (إِن الْإِسْلَام يجب مَا كَانَ قبله وَإِن الْهِجْرَة تجب مَا كَانَ قبلهَا) انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة خَالِد بن الْوَلِيد أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر هُوَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي يَحْيَى بن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام قَالَ سَمِعت أبي يحدث قَالَ خَالِد بن الْوَلِيد لما أَرَادَ الله بِي الْخَيْر وَوجدت فِي قلبِي حب الْإِسْلَام أَجمعت الْخُرُوج إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَنَظَرت من أصَاحب فَلَقِيت عُثْمَان بن أبي طَلْحَة فَذكرت لَهُ الَّذِي أُرِيد فأسرع الْإِجَابَة وَخَرجْنَا جَمِيعًا فَلَمَّا كُنَّا بِالْهَدةِ إِذا عَمْرو بن الْعَاصِ فَرَحَّبَ بِنَا وَسَأَلنَا فَأَخْبَرنَاهُ الْخَبَر فَإِذا هُوَ يُرِيد مَا نُرِيد فاصطحبنا سبعا حَتَّى قدمنَا الْمَدِينَة أول يَوْم من صفر سنة ثَمَان فَلَمَّا اطَّلَعْنَا عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ سلمت عَلَيْهِ فَرد عَلّي السَّلَام بِوَجْه طلق فَأسْلمت وَشهِدت شَهَادَة الْحق وَقلت يَا رَسُول الله اسْتغْفر لي كل مَا أَوضعت فِيهِ من صد عَن سَبِيل الله فَقَالَ (إِن الْإِسْلَام يجب مَا كَانَ قبله اللَّهُمَّ اغْفِر لخَالِد بن الْوَلِيد كل مَا أوضع فِيهِ من صد عَن سَبِيلك) قَالَ ثمَّ تقدم عَمْرو بن الْعَاصِ وَعُثْمَان ابْن طَلْحَة فَأَسْلمَا وَبَايِعًا مُخْتَصر
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي بِهَذَا الْإِسْنَاد والمتن وَرَوَاهُ أَيْضا بِسَنَد ابْن إِسْحَاق حَدثنِي عبد الحميد بن جَعْفَر عَن يزِيد بن أبي حبيب
وَرَوَاهُ أَيْضا عَن الْوَاقِدِيّ بِسَنَدِهِ الْبَيْهَقِيّ
وَرَوَاهُ أَيْضا فِي تَرْجَمَة الْمُغيرَة بن شُعْبَة أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ حَدثنِي مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن عتبَة عَن أَبِيه عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة عَن عَمه عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ قَالَ (إِن الْإِسْلَام يجب مَا كَانَ قبله) مُخْتَصر من قصَّة إِسْلَام عُرْوَة
وَرَوَاهُ أَيْضا فِي تَرْجَمَة هَبَّار بن الْأسود أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر هُوَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي هِشَام بن عمَارَة عَن سعيد بن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كنت جَالِسا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فِي مَسْجده إِذْ طلع هَبَّار بن الْأسود فَقيل لَهُ يَا رَسُول الله هَذَا هَبَّار بن الْأسود وَأَرَادَ بعض الْقَوْم أَن يقوم إِلَيْهِ فَمَنعه فجَاء حَتَّى وقف وَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله وَجعل يعْتَذر إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ مِمَّا كَانَ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (قد عَفَوْت عَنْك وَالْإِسْلَام يجب مَا كَانَ قبله)
أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر حَدثنِي وَاقد بن أبي يَاسر عَن يزِيد بن رُومَان قَالَ قَالَ الزُّبَيْر بن الْعَوام لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَهُوَ يُطَأْطِئ رَأسه من هَبَّار بن الْأسود وَهُوَ يعْتَذر إِلَيْهِ حَيَاء مِنْهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (قد عَفَوْت عَنْك وَالْإِسْلَام يجب مَا كَانَ قبله) مُخْتَصر
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي فِي غَزْوَة الْفَتْح بالسندين الْمَذْكُورين
وَكثير من الْفُقَهَاء يَعْزُو هَذَا الحَدِيث لمُسلم وَهُوَ غلط فَإِن لفظ مُسلم (الْإِسْلَام يهدم مَا قبله) رَوَاهُ فِي كتاب الْإِيمَان فِي بَاب كَون الْإِسْلَام يهدم مَا قبله وَكَذَا الْهِجْرَة وَالْحج من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن شماسَة الْمهرِي قَالَ حَضَرنَا عَمْرو بن الْعَاصِ وَهُوَ فِي سِيَاقَة الْمَوْت يبكي طَويلا
…
إِلَى أَن قَالَ فَقَالَ يَعْنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ (أما علمت أَن الْإِسْلَام يهدم مَا قبله وَأَن الْهِجْرَة تهدم
مَا قبلهَا وَأَن الْحَج يهدم مَا قبله) مُخْتَصر
وَكَأن الشَّيْخ محيي الدَّين رحمه الله لم يقف إِلَّا عَلَى لفظ مُسلم وَلم يَقع لَهُ رِوَايَة يجب فَلذَلِك غلط فِي كِتَابه تَهْذِيب الْأَسْمَاء الْفُقَهَاء الَّذين يذكرُونَهُ بِلَفْظ يجب وَذكر لفظ مُسلم ثمَّ قَالَ وَقد رُوِيَ يحت بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالتَّاء الْمُثَنَّاة وَعَزاهُ لكتاب الْأَنْسَاب للزُّبَيْرِ بن بكار وَيُرَاجع كَلَامه
506 -
الحَدِيث السَّابِع عشر
عَن عُثْمَان وجُبَير بن مطعم أَنَّهُمَا قَالَا يَا رَسُول الله هَؤُلَاءِ إخْوَتك بَنو هَاشم لَا يُنكر فَضلهمْ لِمَكَانِك الَّذِي جعلك الله مِنْهُم أَرَأَيْت إِخْوَاننَا بني عبد الْمطلب أَعطيتهم وَحَرَمْتنَا وَإِنَّمَا نَحن وهم بِمَنْزِلَة وَاحِدَة فَقَالَ عليه السلام (إِنَّهُم لم يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام إِنَّمَا هم بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب شَيْء وَاحِد) وَشَبك بَين أَصَابِعه
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب الْخراج وَالنَّسَائِيّ فِي كتاب قسم الْفَيْء وَابْن ماجة فِي الْجِهَاد كلهم من حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن جُبَير بن مطعم قَالَ لما قسم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ سهم ذَوي الْقُرْبَى من خَيْبَر بَين بني هَاشم وَبني الْمطلب جِئْت أَنا وَعُثْمَان فَقُلْنَا يَا رَسُول الله هَؤُلَاءِ بَنو هَاشم لَا يُنكر فَضلهمْ لِمَكَانِك مِنْهُم إِخْوَاننَا من بني الْمطلب أَعطيتهم وَتَرَكتنَا وَإِنَّمَا نَحن وهم مِنْك بِمَنْزِلَة وَاحِدَة قَالَ (إِنَّهُم لم يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام وَإِنَّمَا بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب شَيْء وَاحِد) ثمَّ شَبكَ بَين أَصَابِعه انْتَهَى
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ بعضه
وَلم يحسن الطَّيِّبِيّ إِذْ عزا هَذَا الحَدِيث للْبُخَارِيّ فَإِن قَوْله (لم يُفَارِقُونِي) إِلَى آخِره لَيْسَ فِي البُخَارِيّ
507 -
الحَدِيث الثَّامِن عشر
عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يَأْخُذ الْخمس فَيضْرب بِيَدِهِ فِيهِ فَيَأْخُذ مِنْهُ قَبْضَة فيجعلها للكعبة وَهُوَ سهم الله ثمَّ يقسم مَا بَقِي عَلَى خَمْسَة
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل من حَدِيث الرّبيع بن أنس عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ إِذا أَتَى بِالْغَنِيمَةِ قسمهَا عَلَى خَمْسَة أَقسَام ثمَّ يقبض بِيَدِهِ قَبْضَة من الْخمس أجمع ثمَّ يَقُول (هَذَا للكعبة) ثمَّ يَقُول (لَا تجْعَلُوا لله نَصِيبا فَإِن لله الْآخِرَة وَالدُّنْيَا) ثمَّ يَأْخُذ سَهْما لنَفسِهِ وَسَهْما لِذَوي الْقُرْبَى وَسَهْما لِلْيَتَامَى وَسَهْما للْمَسَاكِين وَسَهْما لِابْنِ السَّبِيل انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا أَبُو كريب ثَنَا وَكِيع ثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَن الرّبيع بن أنس عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يُؤْتِي بِالْغَنِيمَةِ فَيقسمهَا عَلَى خَمْسَة فَتكون أَرْبَعَة أَخْمَاس لمن شَهِدَهَا ثمَّ يَأْخُذ الْخمس فَيضْرب بِيَدِهِ فِيهِ فَيَأْخُذ الَّذِي قبض كَفه فَيَجْعَلهُ للكعبة وَهُوَ سهم الله ثمَّ يقسم مَا بَقِي عَلَى خَمْسَة أسْهم فَيكون سهم للرسول وَسَهْم لِذَوي الْقُرْبَى وَسَهْم لِلْيَتَامَى وَسَهْم للْمَسَاكِين وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كتاب الْأَمْوَال ثَنَا حجاج عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ بِهِ
508 -
قَوْله
عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ لقد قللُوا فِي أَعيننَا حَتَّى قلت لرجل إِلَى جَنْبي أَترَاهُم سبعين قَالَ أَرَاهُم مائَة فَأَسَرْنَا رجلا مِنْهُم فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ كُنَّا ألفا
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا عَمْرو بن مُحَمَّد وَيَحْيَى بن
آدم قَالَا ثَنَا إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله ابْن مَسْعُود
…
فَذكره
وَمن طَرِيق ابْن رَاهَوَيْه رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره
509 -
الحَدِيث التَّاسِع عشر
فِي الحَدِيث (نصرت بالصبا وأهلكت عَاد بالدبور)
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي مَوَاضِع وَمُسلم فِي الصَّلَاة من حَدِيث مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ قَالَ (نصرت بالصبا وأهلكت عَاد بالدبور)
510 -
الحَدِيث الْعشْرُونَ
(مَا رئي إِبْلِيس يَوْمًا أَصْغَر وَلَا أَدْحَر وَلَا أَغيظ من يَوْم عَرَفَة لما يرَى من نزُول الرَّحْمَة إِلَّا يَوْم بدر)
قلت رَوَاهُ مَالك فِي موطئِهِ فِي آخر كتاب الْحَج مَالك عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة عَن طَلْحَة بن عبيد الله بن كريز أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ قَالَ (مَا رئي الشَّيْطَان يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَر وَلَا أَدْحَر وَلَا أَحْقَر وَلَا أَغيظ مِنْهُ يَوْم عَرَفَة لما يرَى من تَنْزِيل الرَّحْمَة وَتجَاوز الله عَن الذُّنُوب الْعِظَام إِلَّا مَا رَأَى يَوْم بدر) قيل وَمَا رَأَى يَوْم بدر قَالَ (أما أَنه قد رَأَى جِبْرِيل يَزع الْمَلَائِكَة) انْتَهَى
وَمن طَرِيق مَالك رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الْحَج ثمَّ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الْخَامِس وَالْعِشْرين وَكَذَلِكَ الطَّبَرِيّ ثمَّ الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ فِي تفاسيرهم وَهُوَ مُرْسل صَحِيح وَإِبْرَاهِيم بن أبي عبلة مَعْدُود فِي ثِقَات التَّابِعين سمع أنس بن مَالك وَغَيره وَطَلْحَة بن عبيد الله بن كريز أَيْضا تَابِعِيّ ثِقَة وكريز
بِفَتْح الْكَاف فِي خُزَاعَة وَبِضَمِّهَا فِي قُرَيْش قَالَ البُخَارِيّ طَلْحَة بن عبيد الله بن كريز الْخُزَاعِيّ سمع أم الدَّرْدَاء انْتَهَى
وَوهم الشَّيْخ مُحي الدَّين النَّوَوِيّ فِي الْمَنَاسِك الَّتِي لَهُ فَقَالَ روينَا عَن طَلْحَة عَن عبيد الله أحد الْعشْرَة فَلَيْسَ هَذَا طَلْحَة الصَّحَابِيّ
قَالَ ابْن عبد الْبر فِي التَّقَصِّي وَرَوَى هَذَا الحَدِيث أَبُو النَّضر إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْعجلِيّ عَن مَالك عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة عَن طَلْحَة بن عبيد الله بن كريز عَن أَبِيه وَلم يقل فِيهِ عَن أَبِيه غَيره وَلَيْسَ بِشَيْء وَالصَّوَاب مَا فِي الْمُوَطَّأ انْتَهَى كَلَامه
قَالَ فِي الصِّحَاح الْوَازِع الَّذِي يتَقَدَّم الصَّفّ فَيُصْلِحهُ انْتَهَى
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَحشر لِسُلَيْمَان جُنُوده من الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطير فهم يُوزعُونَ الدَّحْر الْبعد قَالَ تَعَالَى مَدْحُورًا أَي مُبْعدًا
511 -
الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ
عَن عقبَة بن عَامر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يَقُول عَلَى الْمِنْبَر (أَلا إِن الْقُوَّة الرَّمْي) قَالَهَا ثَلَاثًا
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي آخر الْجِهَاد من حَدِيث أبي عَلّي ثُمَامَة بن شفي سمع عقبَة بن عَامر يَقُول سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَر يَقُول وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة أَلا إِن الْقُوَّة الرَّمْي أَلا إِن الْقُوَّة الرَّمْي أَلا إِن الْقُوَّة الرَّمْي
انْتَهَى
512 -
الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ
فِي الحَدِيث (إِن الشَّيْطَان لَا يقرب صَاحب فرس وَلَا دَارا فِيهَا فرس عَتيق)
وَرُوِيَ أَن صَهِيل الْخَيل تطرد الْجِنّ
قلت غَرِيب
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات كلهم عَن مُحَمَّد بن شُعَيْب بن شَابُور من حَدِيث سعيد بن سِنَان عَن يزِيد بن عبد الله بن عريب الْمليكِي عَن أَبِيه عَن جده عريب عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فِي قَوْله وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم قَالَ (هم الْجِنّ وَلنْ يخْتل الشَّيْطَان إنْسَانا فِي دَاره فرس عَتيق) انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأعله بِسَعِيد بن سِنَان وَقَالَ ضعفه أَحْمد وَابْن معِين
وَرَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول فِي سُورَة الْبَقَرَة من حَدِيث مُحَمَّد بن شُعَيْب عَن ابْن مهْدي عَن يزِيد بن عبد الله بن عريب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ قَالَ (نزلت هَذِه الْآيَة الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة فَلهم أجرهم عِنْد رَبهم فِي أَصْحَاب الْخَيل) وَقَالَ (إِن الشَّيْطَان لَا يخْتل أحدا فِي دَاره فرس عَتيق) انْتَهَى
وَرَوَى القَاضِي أَبُو الْقَاسِم عَلّي بن مُحَمَّد النَّخعِيّ فِي كتاب السَّبق بِالْخَيْلِ وَهُوَ كتاب لطيف نسخته مَوْقُوفَة بِالْمَدْرَسَةِ الْفَاضِلِيَّةِ من الْقَاهِرَة حَدثنَا الْحسن ابْن عَلّي بن عَفَّان حَدثنَا الْحسن بن عَطِيَّة عَن طَلْحَة بن زيد عَن الْوَضِين بن عَطاء عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فِي هَذِه الْآيَة وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ قَالَ (نعم الْجِنّ لَا يدْخل الْجِنّ دَارا فِيهَا فرس عَتيق)
وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم قَالَ هُوَ الشَّيْطَان
لَا يقرب نَاصِيَة فرس لِأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ قَالَ (الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر فَلَا يقربهُ شَيْطَان أبدا) انْتَهَى
وَهَذَا سَنَد واه جُوَيْبِر ضَعِيف وَالضَّحَّاك لم يلق ابْن عَبَّاس
513 -
الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَتَى بسبعين أَسِيرًا مِنْهُم الْعَبَّاس عَمه وَعقيل بن أبي طَالب فَاسْتَشَارَ أَبَا بكر فيهم فَقَالَ قَوْمك وَأهْلك فَاسْتَبْقِهِمْ لَعَلَّ الله يَتُوب عَلَيْهِم وَخذ مِنْهُم فديَة تقَوِّي بهَا أَصْحَابك وَقَالَ عمر كَذبُوك وَأَخْرَجُوك فَقَدمهُمْ وَاضْرِبْ أَعْنَاقهم فَإِن هَؤُلَاءِ أَئِمَّة الْكفْر وَإِن الله قد أَغْنَاك عَن الْفِدَاء مكن عليا من عقيل وَمكن حَمْزَة من الْعَبَّاس وَمَكني من فلَان لِنَسِيبٍ لَهُ فَاضْرب أَعْنَاقهم فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ (إِن الله ليلين قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَلين من اللين وَإِن الله ليُشَدد قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَشد من الْحِجَارَة وَإِن مثلك يَا أَبَا بكر كَمثل إِبْرَاهِيم قَالَ فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم وَمثلك يَا عمر مثل نوح قَالَ لَا تذر عَلَى الأَرْض من الْكَافرين ديارًا ثمَّ قَالَ لأَصْحَابه أَنْتُم الْيَوْم عَالَة فَلَا يَفْلِتَنَّ أحد مِنْهُم إِلَّا بِفِدَاء أَو ضرب عنق)
وَرَوَى أَنه قَالَ لَهُم (إِن شِئْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ وَإِن شِئْتُم فَادَيْتُمُوهُمْ وَاسْتشْهدَ مِنْكُم بِعدَّتِهِمْ) فَقَالُوا بل بِأخذ الْفِدَاء إِذْ اسْتشْهدُوا بِأحد وَكَانَ فدَاء الْأسَارَى عشْرين أُوقِيَّة وَفِدَاء الْعَبَّاس أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة وَالْأُوقِية أَرْبَعُونَ درهما وَسِتَّة دَنَانِير
وَرُوِيَ أَنهم لما أخذُوا الْفِدَاء نزلت فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء
فَدخل عمر عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَإِذا هُوَ وَأَبُو بكر يَبْكِيَانِ فَقَالَ يَا رَسُول الله أَخْبرنِي فَإِن وجدت بكاء بَكَيْت وَإِن لم أجد بكاء تَبَاكَيْت فَقَالَ (أبْكِي عَلَى أَصْحَابك فِي أَخذهم الْفِدَاء وَلَقَد عرض عَلّي عَذَابهمْ أدنَى من هَذِه الشَّجَرَة) لشَجَرَة قريبَة مِنْهُ
قلت هَذِه بَقِيَّة حَدِيث عمر الْمَذْكُور فِي الحَدِيث السَّابِع وَهُوَ حَدِيث هَذَا آخِره وَفِيه نقص يسير رَوَاهُ مُسلم قَالَ ابْن عَبَّاس فَقتلُوا يَوْمئِذٍ سبعين وأسروا سبعين فَلَمَّا أَسرُّوا الْأسَارَى قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ لأبي بكر وَعمر (مَا ترَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأسَارَى) فَقَالَ أَبُو بكر يَا نَبِي الله هم بَنو الْعم وَالْعشيرَة أرَى أَن تَأْخُذ مِنْهُم فديَة فَتكون لنا قُوَّة عَلَى الْكفَّار فَعَسَى الله أَن يهْدِيهم لِلْإِسْلَامِ وَقَالَ عمر لَا وَالله يَا رَسُول الله مَا أرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بكر وَلَكِن أرَى أَن تمَكنا فَنَضْرِب أَعْنَاقهم فَتمكن عليا من عقيل فَيضْرب عُنُقه وَتُمَكِّنِّي من فلَان نسيب لعمر فَأَضْرب عُنُقه فَإِن هَؤُلَاءِ أَئِمَّة الْكفْر وَصَنَادِيدهَا فَهَوِيَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ مَا قَالَ أَبُو بكر وَلم يَهو مَا قَالَ عمر فَلَمَّا كَانَ من الْغَد جِئْت فَإِذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَأَبُو بكر قَاعِدين يَبْكِيَانِ قلت من أَي شَيْء تبْكي أَنْت وَصَاحِبك فَإِن وجدت بكاء بَكَيْت وَإِن لم أجد بكاء تَبَاكَيْت لِبُكَائِكُمَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ (أبْكِي للَّذي عرض عَلَى أَصْحَابك من أَخذهم الْفِدَاء لقد عرض عَلّي عَذَابهمْ أدنَى من هَذِه الشَّجَرَة) لشَجَرَة قريبَة مِنْهُ مُخْتَصر
وَرَوَى أَحْمد فِي مُسْنده والطبري وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفسيريهما والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن عَمْرو بن مرّة عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (مَا تَقولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأسَارَى) فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله قَوْمك وَأهْلك اسْتَبْقِهِمْ لَعَلَّ الله يَتُوب عَلَيْهِم وَقَالَ عمر يَا رَسُول الله كَذبُوك وَأَخْرَجُوك فَقَدمهُمْ فَاضْرب أَعْنَاقهم وَقَالَ عبد الله بن رَوَاحَة يَا رَسُول الله أَنْت فِي وَاد كثير الْحَطب فأضرم
الْوَادي عَلَيْهِم نَارا قَالَ فَسكت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَلم يرد عَلَيْهِم شَيْئا ثمَّ قَالَ (إِن الله ليلين قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَلين من اللين وَإِن الله ليُشَدد قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَشد من الْحِجَارَة وَإِن مثلك يَا أَبَا بكر كَمثل عِيسَى قَالَ إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وَإِن تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم وَإِن مثلك يَا عبد الله مثل مُوسَى عليه السلام قَالَ رَبنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهم وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبهم فَلَا يُؤمنُوا حَتَّى يرَوا الْعَذَاب الْأَلِيم وَإِن مثلك يَا عمر مثل نوح عليه السلام قَالَ رب لَا تذر عَلَى الأَرْض من الْكَافرين ديارًا أَنْتُم عَالَة فَلَا يَنْقَلِبْنَ أحد مِنْهُم إِلَّا بِفِدَاء أَو ضَرْبَة عنق) قَالَ ابْن مَسْعُود فَقلت يَا رَسُول الله إِلَّا سُهَيْل ابْن بَيْضَاء فَإِنَّهُ يذكر الْإِسْلَام فَسكت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَمَا رَأَيْتنِي فِي يَوْم أخوف أَن تقع عَلّي حِجَارَة من السَّمَاء مني فِي ذَلِك الْيَوْم حَتَّى قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (إِلَّا سُهَيْل ابْن بَيْضَاء) فَأنْزل الله عز وجل مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أَسْرَى الْآيَة انْتَهَى
قيل وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه
قَوْله
وَرُوِيَ أَنه قَالَ (إِن شِئْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ وَإِن شِئْتُم فَادَيْتُمُوهُمْ)
هَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ مَعَ اخْتِلَاف يسير فَقَالَ حَدثنَا أَبُو كريب حَدثنَا ابْن فُضَيْل عَن أَشْعَث بن سوار عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عُبَيْدَة قَالَ أسر الْمُسلمُونَ من الْمُشْركين سبعين وَقتلُوا سبعين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (اخْتَارُوا أَن تَأْخُذُوا مِنْهُم الْفِدَاء فَتَقووْا بِهِ عَلَى عَدوكُمْ وَيقتل مِنْكُم سَبْعُونَ أَو تَقْتُلُوهُمْ) فَقَالُوا بل نَأْخُذ الْفِدْيَة مِنْهُم وَيقتل منا سَبْعُونَ قَالَ فَأخذُوا مِنْهُم الْفِدْيَة وَقتل مِنْهُم سَبْعُونَ ثمَّ أسْند إِلَى أَبَا عُبَيْدَة أَيْضا قَالَ كَانَ فدَاء أُسَارَى بدر مائَة أُوقِيَّة
وَالْأُوقِية أَرْبَعُونَ درهما وَمن الدَّنَانِير سِتَّة انْتَهَى
وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا عبد الْبَاقِي بن قَانِع حَدثنَا مُحَمَّد بن الْبشر ابْن مَرْوَان الصَّيْرَفِي حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرْعرة حَدثنَا أَزْهَر عَن ابْن عون عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عُبَيْدَة عَن عَلّي قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فِي أُسَارَى بدر (إِن شِئْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ وَإِن شِئْتُم فَادَيْتُمُوهُمْ وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِالْفِدَاءِ وَاسْتشْهدَ مِنْكُم بِعدَّتِهِمْ) فَأخذُوا الْفِدْيَة فَقتل مِنْهُم سَبْعُونَ قَالَ وَكَانَ آخر السّبْعين ثَابت بن قيس بن شماس انْتَهَى
وَرَوَى أَيْضا من حَدِيث أبي صَالح عبد الله بن صَالح ثني مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى الْآيَة قَالَ كَانَ الْعَبَّاس يَوْم بدر أَسِيرًا فَافْتَدَى نَفسه بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة ذَهَبا فَقَالَ الْعَبَّاس حِين نزلت هَذِه الْآيَة أَعْطَانَا الله خَصْلَتَيْنِ مَا أحب أَن لي الدُّنْيَا
…
أسرت يَوْم بدر فَافْتَدَيْت نَفسِي بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة ذَهَبا فَأَتَانِي الله أَرْبَعِينَ عبدا وَأَنا أَرْجُو الْمَغْفِرَة الَّتِي وعدنا الله انْتَهَى
وَرَوَى الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي حَدثنِي خَالِد بن الْهَيْثَم مولَى لبني هَاشم عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن عَلّي قَالَ أَتَى جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ يَوْم بدر فخيروه فِي الْأَسْرَى أَن يضْرب أَعْنَاقهم أَو يَأْخُذ مِنْهُم الْفِدَاء وَيسْتَشْهد مِنْكُم فِي قَابل عدتهمْ فَأخْبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ أَصْحَابه فَقَالُوا بل نَأْخُذ الْفِدْيَة وَيسْتَشْهد منا فَقبل مِنْهُم الْفِدَاء وَقتل مِنْهُم قَابل عدتهمْ بِأحد مُخْتَصر
514 -
الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ
عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ قَالَ (لَو نزل من السَّمَاء عَذَاب لما نجا مِنْهُ غير عمر بن الْخطاب وَسعد بن معَاذ) لقَوْله كَانَ الْإِثْخَان فِي الْقَتْل أحب إِلَيّ
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا ابْن حميد حَدثنَا سَلمَة قَالَ قَالَ ابْن إِسْحَاق لم يكن أحد من الْمُؤمنِينَ مِمَّن حضر بَدْرًا إِلَّا أحب الْغَنَائِم إِلَّا عمر بن الْخطاب فَإِنَّهُ جعل لَا يلقى أَسِيرًا إِلَّا ضرب عُنُقه وَقَالَ سعد بن معَاذ يَا رَسُول الله الْإِثْخَان فِي الْقَتْل أحب إِلَيّ من اسْتِبْقَاء الرِّجَال فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (لَو نزل من السَّمَاء عَذَاب لما نجا مِنْهُ غير عمر بن الْخطاب وَسعد بن معَاذ) انْتَهَى
وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ هَكَذَا بِلَفْظ الطَّبَرِيّ من غير سَنَد
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بِسَنَد مُتَّصِل من حَدِيث ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ لم يذكر فِيهِ سعد بن معَاذ وَقد ذكرته فِي أَحَادِيث الْأُصُول الشَّافِعِيَّة وَلَفظه (لَو نزل الْعَذَاب مَا أفلت إِلَّا ابْن الْخطاب) مُخْتَصر
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي خَالِد بن الْهَيْثَم مولَى لبني هَاشم عَن يَحْيَى بن أبي كثير
…
فَذكره بِطُولِهِ وَفِي آخِره وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (لَو نزل من السَّمَاء عَذَاب مَا نجا مِنْهُ إِلَّا عمر كَانَ يَقُول اقْتُل وَلَا تَأْخُذ الْفِدَاء وَكَانَ سعد بن معَاذ يَقُول اقْتُل وَلَا تَأْخُذ الْفِدَاء) مُخْتَصر
515 -
الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ عَن الْعَبَّاس أَنه قَالَ كنت مُسلما لكِنهمْ اسْتَكْرَهُونِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (إِن يكن مَا تذكر حَقًا فَالله يجْزِيك فَأَما ظَاهر أَمرك فقد كَانَ علينا)
وَكَانَ أحد الَّذين ضمنُوا إطْعَام أهل بدر وَخرج بِالذَّهَب لذَلِك
قلت هُوَ بعده
516 -
16
الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ قَالَ للْعَبَّاس (افْدِ ابْني أَخِيك عقيل بن أبي طَالب وَنَوْفَل بن الْحَارِث) فَقَالَ يَا مُحَمَّد تَرَكتنِي أَتَكَفَّف قُريْشًا مَا بقيت فَقَالَ لَهُ (فَأَيْنَ الذَّهَب الَّذِي دَفعته إِلَى أم الْفضل وَقت خُرُوجك من مَكَّة وَقلت لَهَا مَا أَدْرِي مَا يُصِيبنِي فِي تَوَجُّهِي هَذَا فَإِن حدث بِي حدث فَهُوَ لَك ولعَبْد الله وَعبيد الله وَالْفضل فَقَالَ الْعَبَّاس وَمَا يدْريك قَالَ (أَخْبرنِي رَبِّي) قَالَ الْعَبَّاس فَأَنا أشهد أَنَّك صَادِق وَأَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك عَبده وَرَسُوله وَالله لم يطلع عَلَيْهِ أحد إِلَّا الله وَلَقَد دَفعته إِلَيْهَا فِي سَواد اللَّيْل وَلَقَد كنت مُرْتَابا فِي أَمرك فَأَما إِذْ أَخْبَرتنِي بذلك فَلَا ريب قَالَ الْعَبَّاس فَأَبْدَلَنِي الله خيرا من ذَلِك لي الْآن عشرُون عبدا إِن أَدْنَاهُم ليضْرب فِي عشْرين ألفا وَأَعْطَانِي زَمْزَم مَا أحب أَن لي بهَا جَمِيع أَمْوَال أهل مَكَّة وَأَنا أنْتَظر الْمَغْفِرَة من رَبِّي
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْفَضَائِل فِي فَضَائِل الْعَبَّاس من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي يَحْيَى بن عباد بن عبد الله بن الزُّبَيْر عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت لما بعث أهل مَكَّة فِي فدَاء أَسْرَاهُم وَبعثت زَيْنَب فِي فدَاء أبي الْعَاصِ قَالَ الْعَبَّاس يَا رَسُول الله إِنِّي كنت مُسلما فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ (الله أعلم بِإِسْلَامِك فَإِن يكن كَمَا تَقول فَالله يجْزِيك بذلك فَأَما ظَاهر أَمرك فقد كَانَ علينا فَافْدِ نَفسك وَابْني أَخِيك نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَعقيل بن أبي الْمطلب وَحَلِيفك عتبَة بن عمر أَخا بني الْحَارِث بن فَهد) قَالَ مَا ذَاك عِنْدِي يَا رَسُول الله قَالَ (فَأَيْنَ المَال الَّذِي دَفَنته أَنْت وَأم الْفضل وَقلت لَهَا إِن أصبت فِي سَفَرِي هَذَا فَهَذَا المَال لبني الْفضل وَعبد الله وَقثم) فَقَالَ وَالله إِنِّي لأعْلم أَنَّك رَسُول الله وَالله إِن هَذَا لشَيْء مَا علمه أحد غَيْرِي وَغير أم الْفضل فَاحْسبْ
لي يَا رَسُول الله مَا أصبْتُم مني عشْرين أُوقِيَّة من مَال كَانَ معي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (افْعَل) ففدا نَفسه وَابْني أَخَوَيْهِ وَحَلِيفه وَأنزل الله تَعَالَى يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى الْآيَة قَالَ فَأَعْطَانِي الله مَكَان الْعشْرين أُوقِيَّة فِي الْإِسْلَام عشْرين عبدا كلهم فِي يَده مَال يضْرب بِهِ مَعَ مَا أَرْجُو من مغْفرَة الله تَعَالَى انْتَهَى
ثمَّ قَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي بعض أَصْحَابنَا عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ الَّذِي أسر الْعَبَّاس يَوْم بدر أَبُو الْيُسْر كَعْب بن عَمْرو فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (افْدِ نَفسك وَابْني أَخِيك عقيل بن أبي طَالب وَنَوْفَل بن الْحَارِث فَإنَّك ذُو مَال) قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي كنت مُسلما وَلَكِن الْقَوْم اسْتَكْرَهُونِي فَقَالَ (الله أعلم بِإِسْلَامِك فَإِن يكن مَا تَقول حَقًا فَالله يجْزِيك وَأما ظَاهر أَمرك فقد كَانَ علينا) قَالَ فَإِنِّي لَيْسَ لي مَال قَالَ (فَأَيْنَ المَال الَّذِي وَضعته بِمَكَّة حِين خرجت من عِنْد أم الْفضل بن الْحَارِث وَلَيْسَ بَيْنكُمَا أحد وَقلت لَهَا إِن أصبت فِي سَفَرِي هَذَا فَلِلْفَضْلِ كَذَا ولعَبْد الله كَذَا) قَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا علم بِهَذَا أحد غَيْرِي وَغَيرهَا وَإِنِّي لأعْلم أَنَّك رَسُول الله ففدا نَفسه وَابْني أَخِيه
ثمَّ قَالَ وَحدثت عَن مُحَمَّد بن حميد حَدثنَا جرير عَن أَشْعَث عَن جَعْفَر ابْن الْمُغيرَة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر أسر سَبْعُونَ فَجعل عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة ذَهَبا وَجعل عَلَى عَمه الْعَبَّاس مائَة أُوقِيَّة وَعَلَى عقيل ثَمَانِينَ فَقَالَ الْعَبَّاس لِلْقَرَابَةِ صنعت هَذَا وَالَّذِي يحلف بِهِ الْعَبَّاس لقد تَرَكتنِي فَقير قُرَيْش مَا بقيت قَالَ (كَيفَ تكون فَقير قُرَيْش وَقد اسْتوْدعت أم الْفضل بَنَادِق الذَّهَب) فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله وَالله مَا أخْبرك بِهَذَا إِلَّا الله فَأنْزل الله يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى إِلَى قَوْله غَفُور رَحِيم انْتَهَى
وَبِهَذَا السَّنَد الْأَخير والمتن رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الْفرْقَان فَقَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم ثَنَا مُحَمَّد بن أَيُّوب أَنا مُحَمَّد بن حميد بِهِ
517 -
الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ رُوِيَ أَنه قدم عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ مَال الْبَحْرين ثَمَانُون ألفا فَتَوَضَّأ لصَلَاة الظّهْر وَمَا صَلَّى حَتَّى فرقه وَأمر الْعَبَّاس أَن يَأْخُذ مَا قدر عَلَى حمله وَكَانَ يَقُول هَذَا خير مِمَّا أَخذ مني وَأَرْجُو الْمَغْفِرَة
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا بشر بن معَاذ ثَنَا يزِيد ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى
…
الْآيَة قَالَ ذكر لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ قدم عَلَيْهِ مَال الْبَحْرين ثَمَانُون ألفا
…
إِلَى آخِره
وَذكره الثَّعْلَبِيّ عَن قَتَادَة هَكَذَا من غير سَنَد
وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه قَرِيبا مِنْهُ رَوَاهُ فِي الْفَضَائِل فِي فَضَائِل الْعَبَّاس من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن حميد بن هِلَال عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ بعث إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ من الْبَحْرين بِثَمَانِينَ ألفا فَأمر بهَا فَنثرَتْ إِلَى الْحَصِير وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فجَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَمثل عَلَى المَال قَائِما وَجعل يُعْطي النَّاس وَمَا كَانَ يَوْمئِذٍ عدد وَلَا وزن مَا كَانَ إِلَّا قبضا فجَاء الْعَبَّاس فَقَالَ يَا رَسُول الله أَعْطِنِي فَقَالَ (خُذ) فَحَثَى فِي خميصة كَانَت عَلَيْهِ ثمَّ ذهب ينْصَرف فَلم يسْتَطع فَقَالَ يَا رَسُول الله ارْفَعْ عَلّي فَتَبَسَّمَ وَهُوَ يَقُول أما آخذ مَا وعد الله فقد أنْجز وَلَا أَدْرِي الْأُخْرَى قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى إِن يعلم الله فِي قُلُوبكُمْ خيرا يُؤْتكُم خيرا مِمَّا أَخذ مِنْكُم وَيغْفر لكم هَذَا خير مِمَّا أَخذ مني وَلَا أَدْرِي مَا يصنع فِي الْمَغْفِرَة انْتَهَى
وَقَالَ عَلَى شَرط مُسلم
518 -
الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَنه قَالَ (من قَرَأَ سُورَة الْأَنْفَال وَبَرَاءَة فَأَنا شَفِيع لَهُ يَوْم الْقِيَامَة وَشَاهد أَنه بَرِيء من النِّفَاق وَأعْطِي عشر حَسَنَات بِعَدَد كل مُنَافِق وَمُنَافِقَة وَكَانَ الْعَرْش وَحَمَلته يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ أَيَّام حَيَاته فِي الدُّنْيَا)
قلت رَوَاهُ الواحدي والثعلبي من حَدِيث سَالم بن سليم الْمَدَائِنِي ثَنَا هَارُون ابْن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (من قَرَأَ سُورَة الْأَنْفَال
…
.) إِلَى آخِره
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه الْمَذْكُورين فِي سُورَة آل عمرَان