المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما: - تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم - جـ ٥٩

[ملك غلام مرتضى]

الفصل: ‌ السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما:

‌السيدة سودة رضي الله عنها:

وكانت هذه المرحلة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مرحلة الشدائد والابتلاء وهو في حاجة ماسة إلى من يسكن إليها لذلك فهو يتزوج السيدة سودة البالغ عمرها وقتئذ خمس وخمسون سنة.

وعليكم أيها القراء أن تنتبهوا إلى عمر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولكي ندرك مدى بطلان الافتراءات التي يثيرها أعداء الإسلام ضد الرسول صلى الله عليه وسلم واتهامهم له بالشهوانية والأنانية. علينا أن نتساءل: ما هي الخلفية وراء زوجاته: ما هو عمر أزواجه؟ ولماذا يتزوجهن؟

كانت السيدة سودة أرملة سكران بن عمرو وهي من المؤمنات المهاجرات. توفي عنها زوجها بعد الرجوع من الهجرة الثانية إلى الحبشة فأصبحت وحيدة لا ناصر لها ولا معين. ولو رجعت إلى أهلها الكفار لعذبوها ولحاولوا ردها إلى الشرك قسراً. وما كان هناك أي شخص يمكن أن يقوم بكفالتها والمحافظة على إسلامها.

فاختار النبي صلى الله عليه وسلم كفالة هذه الأرملة الوحيدة الحزينة المسكينة المسنة فتزوجها وفي هذا تشريع الزواج بالأرامل اللائي ينظر إليهن نظرة سوداء في الملل والأديان الأخرى كالهندوكية. فالرسول صلى الله عليه وسلم أرسل للبشر كافة ولم يرسل لأمة بعينها كغيره من الأنبياء، لذا فسن زواجه لإبطال كل ما في الأديان المحرفة والملل الأخرى من خرافات وامتهان للنساء وبخاصة المزدريات منهن في مجتمعاتهن كالأرامل والمطلقات وتشريفهن بزواجه منهن وهو أشرف البشر فيمتثل به المؤمنون كافة.

ص: 155

3-

‌ السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما:

وهى الوحيدة من بين أزواجه الطاهرات التي كانت بكراً. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قضى على نظام التبني بزواجه السيدة زينب بنت جحش، فيمكننا القول أنه صلى الله عليه وسلم قد قضى على نظام آخر بهذا الزواج وهو نظام التآخي الجاهلي إذ كانت العادة قد جرت عند بعض العرب أن يؤاخى بعضهم بعضاًَ وكانت هذه المؤاخاة تتساوى مع الأخوة الحقيقية القائمة على صلة الدم، وكانوا يحرمون على أنفسهم الزواج بابنة أخيهم المزعوم.

فقضى النبي صلى الله عليه وسلم على هذه العادة الجاهلية بزواجه بالسيدة عائشة رضي الله عنها وكان عمرها تسع سنوات وقت الزواج وبقيت على قيد الحياة ثمانيا وأربعين سنة بعد وفاة

ص: 155

النبي صلى الله عليه وسلم ولعل هذا هو السر وراء هذا الزواج. وظلت تنشر الدين وتبلغه إلى النساء والرجال.

ونرى أثر ذلك حتى اليوم كلما ذهبنا إلى الروضة في المسجد النبوي الشريف فنجد هناك عموداًَ (قائماً) يسمى (اسطوانة عائشة) .وكان الصحابة يجلسون بقرب هذه الاسطوانة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ويستفتونها في الأمور الدينية وكانت السيدة عائشة تفتي وتدرس وتبلغ وهي جالسة في حجرتها التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

وإذا استشكل أبوها سيدنا أبو بكر وغيره من الصحابة الكبار مثل سيدنا عمر الفاروق وسيدنا عثمان بن عفان في أي أمر هام رجعوا إلى السيدة عائشة لحل تلك المشكلة.

وقد ذكر العلماء المؤرخون أنه قد انتقل ربع الأحكام الشرعية إلى الأمة المسلمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من خلال توجيهات السيدة عائشة وجهودها التي استمرت 48 سنة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وظلت تسكن نفس الحجرة التي دفن فيها الرسول إلى أن توفي سيدنا عمر ودفن بجوار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتقلت من تلك الحجرة قائلة: " إنني أستحي الآن أن أبقى هنا ".

وظلت السيدة عائشة توجه الصحابة في كثير من الأمور العامة وتنبههم إلى بعض أخطائهم الفقهية العلمية وهناك الصحابة الكبار أيضاًَ الذين تنبهوا إلى بعض أخطائهم نتيجة لتوجيهاتها فقد ألف العلامة السيوطي رحمه الله رسالة مستقلة في هذا الموضوع وأوضح كيف صححت السيدة عائشة أخطاء الصحابة وذكر تلك الفتاوى في رسالته التي سماها (عين الإصابة فيما استدركته عائشة على الصحابة) .

وأذكر مثالاً لذلك هو أن سيدنا أبا هريرة أفتى ذات يوم أنه لا يجوز الصوم في حالة الجنابة فراجعته السيدة عائشة والسيدة أم سلمة وأخبراه أنه يجوز وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل من الجنابة بعد تناول السحور أحياناً.

وقد روي عن أبى موسى الأشعري: " ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماًَ ".

(جامع الترمذي)

ص: 156