الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7-
السيدة زينب بنت جحش:
هي ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخت عبد الله بن جحش البطل الذي استشهد في غزوة أحد.
كان قد زوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بزيد بن حارثة متبناه وكان يعرف بزيد بن محمد ولكنها رأت أنها أشرف من زيد بسبب حسبها ونسبها وأن زيداً كان عبداً مملوكاً قبل أن يتبناه الرسول صلى الله عليه وسلم. وهكذا ساءت العلاقات بينهما وكما ورد في بعض الروايات أنها كانت تغلظ له في القول. فشكا زيد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأراد أن يطلقها ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم منعه من الطلاق ونصحه قائلاً: " أمسك عليك زوجك " ولكن ظل الخلاف بينهما يزداد حتى طلقها زيد.
في تلك الآونة أراد الله سبحانه وتعالى أن يقضي الرسول صلى الله عليه وسلم على نظام التبني الذي كان سائداً منذ أيام الجاهلية. وتحت هذا النظام كان العربي يتبنى ولد غيره فيقول له: " أنت ابني، أرثك وترثني ".
وكان يصبح هذا الولد بمثابة ابنه الحقيقي في الأمور كلها حتى فيما يتصل بتحريم علاقة الزواج وما كان لله سبحانه أن يبقيهم ويقرهم على مثل تلك العادات التي كانت سائدة في الجاهلية كنظام التبني. فأبطل الله سبحانه وتعالى هذا النظام كما ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال:
" إن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد، حتى نزل القرآن {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت زيد بن حارثة بن شرحبيل ".
وبعد أن طلق زيد زينب، أمر الله سبحانه رسوله أن يتزوجها لإبطال نظام التبني إبطالاً كاملاً.
ويشهد القرآن الكريم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخشى من ألسنة الناس أن يقولوا: تزوج محمد امرأة ابنه فقد جاء في القرآن الكريم {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} ] سورة الأحزاب [.
ومع هذا الحكم القطعي نزلت آية أخرى تبين بوضوح أنه لن يأتي نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم وهى:
وعلينا أن نتأمل الآن بهدوء:
أنه ليس هناك نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ومحمد صلى الله عليه وسلم يخشى من ألسنة الناس إذا تزوج امرأة متبناه لأنه أمر خطير جداً، فلا قدر الله إن لم يتمكن محمد صلى الله عليه وسلم وهو آخر الأنبياء من إبطال نظام التبني والقضاء عليه فمن ذا الذي يأتي بعده للقضاء على هذه البدعة؟.
إذا خشي النبي صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله من ألسنة الناس وترك هذا الأمر وأخفق في القضاء على هذا النظام فكيف يتسنى لآخر أن يكون أجرأ وأشجع من النبي صلى الله عليه وسلم هذه نقطة على جانب كبير من الأهمية وعلينا أن نفهم هذا الوضع جيداًَ.
وقد ورد نص صريح في القرآن الكريم {زَوَّجْنَاكَهَا} وهم يحتم عليه صلى الله عليه وسلم أن يتزوج من مطلقة متبناه زيد والحكمة من وراء ذلك هو القضاء على هذه البدعة، بدعة التبني وكان لابد للنبي صلى الله عليه وسلم أن يرسم المنهاج أمام المؤمنين، لأنه إن لم يفعل بنفسه فمن ذا الذي يستطيعه غيره؟ لاسيما أنه لن يجيء بعد الرسول الخاتم، نبي آخر.
كانت هذه هي الظروف والملابسات وراء هذا الزواج وحكمته التشريعية الكبرى.
أما ما يردده الأفاكون المغرضون فعلينا أن نقف عليه أيضاً قليلاً كي ندرك مدى افتراءهم وحقدهم على النبي صلى الله عليه وسلم.
إن أعداء الإِسلام قد استغلوا بعض الروايات المذكورة في بعض كتب التفسير وفى الحقيقة، ليس هناك أي سند لهذه الروايات من ناحية العقل والرواية وهى مستحيلة من ناحية العقل والدراية.
إنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم مر ببيت زيد ذات يوم وهو غائب، فرأى زينب فوقعت في قلبه فأحبها، فقال:" سبحان مقلب القلوب " سمعت زينب ذلك فأخبرت زوجها بما سمعت من الرسول صلى الله عليه وسلم فلما علم زيد أن زينب وقعت في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه يريد طلاقها فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:" أمسك عليك زوجك " وفى قلبه غير ذلك، فطلقها زيد كي يتزوج بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
وجدير بالذكر أن الذي يروج لهذا الافتراء لا يذكر عامداً متعمداً أمرين هامين في هذه القضية وهما:
1-
أن زينب بنت جحش رضي الله عنها هي ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ظلت تسكن مع الرسول صلى الله عليه وسلم منذ طفولتها حتى وقت زواجها بزيد ولم يكن هناك حينئذ حجاب.
2-
أن النبي صلى الله عليه وسلم زوجها بزيد على الرغم مما تتمتع به من حسب ونسب.
والآن لنسأل الضالين المضلين الذين يروجون لهذا البهتان: هل من الممكن لامرأة نشأت وترعرعت مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغت مبلغ النساء ألا تقع في قلبه وهى بكر فإذا ما صارت ثيباًَ ومتزوجة بشاب آخر صادفت هوى في نفسه؟
ألم يكن من الممكن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها وهىلم تزل بعد في دار معه؟ لماذا أجبرها على الزواج بمتبناه إذا كان يحبها؟ هل كان ثمة ما يحول دون ذلك؟.
يفترض الأفاكون أن النبي صلى الله عليه وسلم رآها أول مرة في بيت زيد فوقعت في قلبه- إن هذا هو الإفتراء بعينه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
إن من أهم مآثر الإسلام، تلك المآثر التي تميزه عن سائر النظم المطلقه، وهي التوفيق التام بين الناحية الخلقية والناحية المادية من الإنسانية
…
وهذا سبب من الأسباب التي عملت على ظفر الإسلام أينما حل، لقد أتى الإسلام بالرسالة الجديدة التي لا تجعل احتكار الدنيا شرطاً للنجاة في الآخرة
…
هذه الخاصية الظاهرة في الإسلام تجلوا الحقيقة الدالة على أن النبي- صلى الله عليه وسلم كان شديد الإهتمام بالحياة الإنسانية، في المظهر الروحي والمظهر المادي
…
(ليوبولد فابس)