الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
26
– قال الحافظ ابن حجر رحمه الله 6/ 291 على حديث رقم (3194) قوله: (كتب في كتابه) أي أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ
…
إلخ ".
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك قوله: " أي أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ
…
إلخ ": هذا يقتضي أن الله تعالى لم يكتب بنفسه، بل أمر القلم أن يكتب، وأن هذه الكتابة هي الكتابة في اللوح المحفوظ، وأنه المراد بالكتاب في هذا الحديث.
وفي هذا نظر؛ فإنه لا موجب لصرف اللفظ هنا عن ظاهره، فإن الله تعالى يكتب بنفسه، بيده ما شاء إذا شاء، وهذا على مذهب أهل السنة المثبتين لقيام الأفعال الاختيارية به.
وأما نفاة الأفعال الاختيارية كالمعطلة من الجهمية والمعتزلة وكذا الأشاعرة، فإنهم ينفون قيام الكتابة به سبحانه، فلذا يتأولون كل ما ورد فيه إضافة الكتابة إليه. وإن كان يصح حمله على الأمر بالكتابة في بعض المواضع، فإن ذلك لا يصح في كل موضع؛ فإن اللفظ المحتمل يجب حمله على الظاهر ما لم يمنع منه مانع، أو يدل دليل يوجب صرفه عن ظاهره، وحمله على المعنى الآخر، وكذلك لا يتعين أن يكون المراد بالكتاب في هذا الحديث هو اللوح المحفوظ، بل يحتمل أن يكون كتابًا آخر كتب الله فيه ما شاء، ومنه قوله تعالى:" إن رحمتي غلبت غضبي "؛ فالواجب إمرار الحديث على ظاهره على مراد الله ومراد رسوله من غير تكييف ولا تحريف.
وأما قول الحافظ: " ويحتمل أن يكون الكتاب: اللفظ الذي قضاه .... إلخ " فهو أبعد من التأويل الذي قبله، ولا حجة له في قوله تعالى:" كتب الله لأغلبن أنا ورسلي "؛ فإنه لا يمتنع أن يكون كتب الله هذا الحكم فيما شاء، بل هذا هو الظاهر؛ فالآية نظير الحديث في نسبة الكتابة إلى الله عز وجل، ولا موجب لصرفهما عن ظاهرهما، إذ لم يدلا إلا على الحق.
27
– قال الحافظ ابن حجر رحمه الله 6/ 291 على حديث رقم (3194) قوله: (فهو عنده فوق العرش)، قيل: معناه دون العرش، وهو كقوله تعالى:" بعوضة فما فوقها " والحامل على هذا التأويل استبعاد أن يكون شيء من المخلوقات فوق العرش، ولا محذور في إجراء ذلك على ظاهره؛ لأن العرش خلق من خلق الله. ويحتمل أن يكون المراد بقوله:" فهو عنده " أي ذكره أو علمه، فلا تكون العندية مكانية، بل هي إشارة إلى كمال كونه مخفيًا عن الخلق مرفوعًا عن حيز إدراكهم ".
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: ما نقله الحافظ في شرح هذا الحديث تخبط الحامل عليه نفي علو الله بذاته على خلقه واستوائه على عرشه؛ فإن من ذهب إلى ذلك من الأشاعرة وغيرهم ينفون عن الله عز وجل عندية المكان، فليس بعض المخلوقات عنده دون بعض لأنه تعالى بزعمهم في كل مكان فلا اختصاص لشيء بالقرب منه، فلذا يتأولون كل ما ورد مما يدل ظاهره على خلاف ذلك؛ كقوله تعالى:"إن الذين عند ربك"، وكقوله في هذا الحديث:" فهو عنده فوق العرش"، فجرهم الأصل الفاسد إلى مثل هذه التأويلات المستهجنة التي ذكرها الحافظ وتعقب بعضها، وأهل السنة المثبتون للعلو والاستواء يجرون هذا الحديث وأمثاله على ظاهره، وليس عندهم بمشكل، فهذا الكتاب عنده فوق العرش، والله فوق العرش كما أخبر به سبحانه عن نفسه، وأخبر به أعلم الخلق به صلى الله عليه وسلم.