المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حارثة تزوج إلى طيئ بامرأة من بني نبهان، فأولدها: جبلة وأسماء ، وأسامة ، وزيدا، وتوفيت - إسلام زيد بن حارثة وغيره من أحاديث الشيوخ

[تمام بن محمد الدمشقي]

فهرس الكتاب

- ‌ حَارِثَةَ تَزَوَّجَ إِلَى طَيِّئٍ بِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي نَبَهَانَ، فَأَوْلَدَهَا: جَبَلَةَ وَأَسْمَاءَ ، وَأُسَامَةَ ، وَزَيْدًا، وَتُوُفِّيَتْ

- ‌ أَنْ يَأْتِيَهَا فِي مَنْزِلِهَا ، فَيُصَلِّي فِي مَكَانٍ يُتَّخَذُ مُصَلًّى، فَفَعَل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَتَاهَا

- ‌ قَدِمَتْ عِيرٌ مِنْ طَعَامٍ، فِيهَا جَمَلٌ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَلَيْهِ دَقِيقُ حَوَارِيٍّ وَسَمْنٌ وَعَسَلٌ، فَأَتَاهَا النَّبِيَّ صَلَّى

- ‌ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ

- ‌ يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ

- ‌«بَيْنَ الْمَلْحَمَةِ الْكُبْرَى وَفَتْحِ وَخُرُوجِ الدَّجَّالِ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ»

- ‌«بَيْنَ يَدَيِ الدَّجَّالِ نَيْفٌ وَسَبْعُونَ دَجَّالا»

- ‌«إِنِّي أُنْذِرُكُمْ مِنَ الدَّجَّالِ كَمَا أَنْذَرَ نُوحٌ قَوْمَهُ»

- ‌ إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا

- ‌ أَخَّرَ لَيْلَةً صَلاةَ الْعِشَاءِ ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: إِنَّمَا حَبَسَنِي حَدِيثٌ كَانَ تَمِيمُ الدَّارِيُّ، يُحَدِّثْنِيهِ عَنْ رَجُلٍ كَانَ فِي

- ‌«صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَرَ، وَكَانَ لا يَصْعَدُ إِلا يَوْمَ الْجُمُعَةِ» ، وَذَكَرَ حَدِيثَ الْجَسَّاسَةِ

- ‌«رَأَيْتُ الدَّجَّالَ رَجُلٌ أَقْمَرُ هَجَّانُ ضَخْمٌ، كَأَنَّ شَعْرَ رَأْسِهِ أَغْصَاُن شَجَرَةٍ، أَعْوَرُ كَأَنَّ عَيْنَهُ كَوْكَبُ الصُّبْحِ، شَبَّهْتُهُ

- ‌«عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلائِكَةٌ لا يَدْخُلُهَا الدَّجَّالُ وَلا الطَّاعُونُ»

- ‌«لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلا سَيَطَؤُهَا الدَّجَّالُ، إِلا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ لَيْسَ نَقَبٌ مِنْ نِقَابِهَا إِلا عَلَيْهِ الْمَلائِكَةُ حَافِّينَ

- ‌«أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، أُمَّتِي مِنْهَا ثَمَانُونَ صَفًّا»

- ‌«مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ»

- ‌«عُمُّوا بِالسَّلامِ، وَعُمُّوا بِالتَّشْمِيتِ»

- ‌ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحِمَهُ

- ‌ تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتِهِ بِالْمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عز وجل

- ‌ يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

- ‌«جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعِ صَلاةِ الْمَغْرِبِ ثَلاثًا وَالْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ بِإِقَامَةٍ

- ‌«الْمُتَشَبِّعُ مَا لَمْ يُعْطِ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ»

- ‌ بِثَوْبٍ قَدِ اشْتَرَاهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟ فَزَادَ فِي ثَمَنِهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ

- ‌ كُنْتُ مَعَ أَنَسٍ فَصَلَّيْنَا ، فَوَقَفْنَا بَيْنَ السَّوَارِي فَتَأَخْرَنَا، فَلَمَّا صَلَّيْنَا، قَالَ أَنَسٌ: إِنَّا كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى

- ‌«خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»

- ‌«حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ»

- ‌ إِذَا دَخَلَ الْخَلاءَ نَزَعَ خَاتَمَهُ»

- ‌«مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقِيهًا عَالِمًا»

- ‌«نَفَلَ الثُّلُثَ»

- ‌«مَنْ أَلْبَسَهُ اللَّهُ نِعْمَةً فَلْيُكْثِرْ مِنَ الْحَمْدِ للَّهِ، وَمَنْ كَثُرَتْ هُمُومُهُ فَلْيَسْتَغَفْرِ اللَّهَ، وَمَنْ أَبْطَأَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ

- ‌«أَوَّلُ مَنْ يَلْحَقُنِي مِنْ أَهْلِي أَنْتِ يَا فَاطِمَةُ، وَأَوَّلُ مَنْ يَلْحَقُنِي مِنْ أَزْوَاجِي زَيْنَبُ وَهِيَ أَطْوَلُهُنَّ كَفًّا» ، قَالَ:

- ‌«لا نِكَاحَ إِلا بِوَلِيٍّ»

الفصل: ‌ حارثة تزوج إلى طيئ بامرأة من بني نبهان، فأولدها: جبلة وأسماء ، وأسامة ، وزيدا، وتوفيت

1 -

أَنْبَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي عِقَالٍ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي دَارِهِ بِحَجَرِ الذَّهَبِ: أَنَا أَبِي أَبُو زَيْدٍ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي عِقَالٍ، وَاسْمُ أَبِي عِقَالٍ ، هِلالُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نُعْمَانَ بْنِ رُفَيْدَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ كَلْبٍ.

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَنْبَا أَبُو زَيْدٍ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي عِقَالٍ هِلالِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، قِرَاءَةَ عَلَيْهِ، ثُمَّ اتَّفَقَا أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، وَكَانَ صَغِيرًا فَلَمْ يَعِ عَنْهُ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَمِّي زَيْدُ بْنُ أَبِي عِقَالٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ آبَاءَهُ حَدَّثُوهُ: " أَنَّ‌

‌ حَارِثَةَ تَزَوَّجَ إِلَى طَيِّئٍ بِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي نَبَهَانَ، فَأَوْلَدَهَا: جَبَلَةَ وَأَسْمَاءَ ، وَأُسَامَةَ ، وَزَيْدًا، وَتُوُفِّيَتْ

أُمُّهُمْ وَبَقُوا فِي حِجْرِ جَدِّهِمْ لأُمِّهِمْ، وَأَرَادَ حَارِثَةُ حَمْلَهُمْ، فَأَتَى جَدُّهُمْ لأُمِّهِمْ، وَقَالَ: مَا عِنْدَنَا خَيْرٌ لَهُمْ، فَتَرَاضَوْا إِلَى أَنْ حَمَلَ جَبَلَةَ وَأَسْمَاءَ وَأُسَامَةَ، وَخَلَّفَ زَيْدًا، فَجَاءَتْ خَيْلٌ مِنْ تِهَامَةَ مِنْ فَزَارَةَ، فَأَغَارَتْ عَلَى طَيِّئٍ، فَسَبَتْ زَيْدًا، فَسَارُوا بِهِ إِلَى عُكَاظٍ " فَرَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَبْلِ أَنْ يُبْعَثَ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ:

ص: 138

يَا خَدِيجَةُ ، رَأَيْتُ فِي السُّوقِ غُلامًا مِنْ صِفَتِهِ كَيْتُ وَكَيْتُ، يَصِفُ عَقْلا وَأَدَبًا وَجَمَالا، وَلَوْ أَنَّ لِي مَالا لاشْتَرَيْتُهُ ".

فَأَمَرَتْ خَدِيجَةُ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْ مَالِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا خَدِيجَةُ ، هَبِي لِي هَذَا الْغُلامَ بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِكِ، فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ ، إِنِّي أَرَى غُلامًا وَضِيئًا وَأُحِبُّ أَنْ أَتَبَنَّاهُ، وَأَخَافُ أَنْ تَبِيعَهُ أَوْ تَهَبَهُ ، فَقَالَ: يَا مُوَفَّقَةُ ، مَا أَرَدْتُ إِلا أَنْ أَتَبَنَّاهُ "، فَقَالَتْ: بِهِ فُدِيتَ يَا مُحَمَّدُ.

فَرَبَّاهُ وَتَبَنَّاهُ، إِلَى أَنْ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ فَنَظَرَ إِلَى زَيْدٍ فَعَرَفَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَأَنْتَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ؟ قَالَ: لا، أَنَا زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: بَلْ أَنْتَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، إِنَّ أَبَاكَ وَعُمُومَتُكَ وَإِخْوَتُكَ قَدْ أَتْعَبُوا الأَبْدَانَ، وَأَنْفَقُوا الأَمْوَالَ فِي سَبِيلِكَ، فَقَالَ:

أَلِكْنِي إِلَى قَوْمِي وَإِنْ كُنْتُ نَائِيًا

فَإِنِّي قَطِينُ الْبَيْتِ عِنْدَ الْمَشَاعِرِ

وَكُفُّوا مِنَ الْوَجْدِ الَّذِي قَدْ شَجَاكَمُ

وَلا تُعْمِلُوا فِي الأَرْضِ نَصَّ الأَبَاعِرِ

فَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ فِي خَيْرِ أُسْرَةٍ

خِيَارُ مَعْدٍ كَابِرٌ بَعْدَ كَابِرِ

فَمَضَى الرَّجُلُ فَخَبَّرَ حَارِثَةَ، وَلِحَارِثَةَ فِيهِ أَشْعَارٌ بَعْضُهَا:

بَكَيْتُ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ أَدْرِ مَا فَعَلْ

أَحَيٌّ يُرْجَى أَمْ أَتَى دُونَهُ الأَجَلْ

وَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَسَائِلٌ

أَغَالَكَ سَهْلُ الأَرْضِ أَمْ غَالَكَ الْجَبَلْ

ص: 139

فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لَكَ الدَّهْرُ رَجْعَةً

فَحَسْبِي مِنَ الدُّنْيَا رُجُوعُكَ فِي بُجَلْ

تُذَكِّرْنِيهُ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا

وَتَعْرِضُ ذِكْرَاهُ إِذَا عَسْعَسَ الطِّفْلْ

وَإِنْ هَبَّتِ الأَرْوَاحُ هَيَّجْنَ ذِكْرَهُ

فَيَا طُولَ أَحْزَانِي عَلَيْهِ وَيَا وَجَلْ

سَأُعْمِلُ نَصَّ الْعِيسِ فِي الأَرْضِ جَاهِدًا

وَلا أَسْأَمُ التِّطْوَافَ أَوْ تَسْأَمُ الإِبِلْ

حَيَاتِي أَو ْتَأْتِي عَلَيَّ مَنِيَّتِي

وَكُلُّ امْرِئٍ فَانٍ وَإِنْ غَرَّهُ الأَمَلْ

ثُمَّ إِنَّ حَارِثَةَ أَقْبَلَ إِلَى مَكَّةَ فِي إِخْوَتِهِ وَوَلَدِهِ وَبَعْضِ عَشِيرَتِهِ، فَأَصَابَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَزَيْدًا فِيهِمْ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى زَيْدٍ عَرَفُوهُ وَعَرَفُهْم، فَقَالُوا لَهُ: يَا زَيْدُ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِجْلالا مِنْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَانْتِظَارًا مِنْهُ لِرَأْيِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ هَؤُلاءِ يَا زَيْدُ؟ ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا أَبِي، وَهَذَانِ عَمَّاي، وَهَذَا أَخِي، وَهَؤُلاءِ عَشِيرَتِي.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: قُمْ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ يَا زَيْدُ، فَقَامَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا لَهُ: امْضِ مَعَنَا يَا زَيْدُ، قَالَ: مَا أُرِيدُ بِرَسُولِ اللَّهِ بَدَلا، فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّا مُعْطُوكَ فِي هَذَا الْغُلامِ دِيَاتٌ، فَسَمِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّا حَامِلُوهَا إِلَيْكَ.

قَالَ: أَسْأَلُكُمْ أَنْ تَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنِّي خَاتَمُ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، أَبَوْا وَتَلَكَّئُوا وَتَلَجَّلَجُوا، وَقَالُوا: تَقَبْلُ مَا عَرَضْنَا عَلَيْكَ

ص: 140

يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ لَهُمْ: هَاهُنَا خَصْلَةٌ غَيْرُ هَذِهِ، قَدْ جَعَلْتُ أَمْرَهُ إِلَيْهِ: إِنْ شَاءَ فَلْيُقِمْ وَإِنْ شَاءَ فَلْيَرْحَلْ، قَالُوا: قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ صَارُوا مِنْ زَيْدٍ إِلَى حَاجَتِهِمْ.

قَالُوا: يَا زَيْدُ ، قَدْ أَذِنَ لَكَ مُحَمَّدُ فَانْطَلِقْ مَعَنَا، قَالَ: هَيْهَاتَ ، هَيْهَاتَ ، مَا أُرِيدُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدَلا، وَلا أُوثِرُ عَلَيْهِ وَالِدًا وَلا وَلَدًا فَأَدَارُوا وَأَلاصُوهُ وَاسْتَعْطَفُوهُ، وَذَكَرُوا وَجْدَ مَنْ وَرَاءِهِمْ بِهِ، فَأَبَى وَحَلَفَ أَنْ لا يَصْحَبَهُمْ، فَقَالَ حَارِثَةُ: يَا بُنَيَّ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي مُؤْنِسُكَ بِنَفْسِي، فَآمَنَ حَارِثَةُ، وَأَبَى الْبَاقُونَ، فَرَجَعُوا إِلَى الْبَرِّيَةِ، ثُمَّ إِنَّ أَخَاهُ جَبَلَةَ رَجَعَ فَِآمَنَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَأَوَّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ النَّبِيُّ بِيَدِهِ إِلَى الشَّامِ لِزَيْدٍ، وَأَوَّلُ شَهِيدٍ كَانَ بِمُؤْتَةَ زَيْدٍ، وَثَانِيهِ جَعْفَرٌ الطَّيَّارُ.

وَآخِرُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ بِيَدِهِ لأُسَامَةَ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ النَّاسِ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: عَلَيْكَ بِيبنى، فَصَبِّحْهَا صَبَاحًا، فَقَطِّعْ وَحَرِّقْ وَضَعْ سَيْفَكَ، وَخُذْ بِثَأْرِ أَبِيكَ.

وَاعْتَلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: جَهِّزُوا جَيْشَ أُسَامَةَ ، أَنْفِذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ ، فَجَهَّزَ إِلَى أَنْ صَارَ إِلَى الْجُرْفِ، وَاشْتَدَّتْ عِلَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ إِلَى أُسَامَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُكَ، فَرَجَعَ، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ صلى الله عليه وسلم، فَنَظَرَ إِلَى أُسَامَةَ، فَأَقْبَلَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَيُفْرِغُهَا عَلَيْهِ، قَالُوا: فَعَرَفْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا يَدْعُو لَهُ.

ص: 141

ثُمَّ قُبِضَ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ فِيمَنْ غَسَّلَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةُ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَلَمَّا دُفِنَ عليه السلام، قَالَ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ: مَا تَرَى فِي لِوَاءِ أُسَامَةَ؟ قَالَ: مَا أُحِلُّ عَقْدًا عَقَدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلا يَحِلُّ مِنْ عَسْكَرِهِ رَجُلٌ إِلا أَنْ يَكُونَ أَنْتَ يَا عُمَرُ، وَلَوْلا حَاجَتِي إِلَى مَشُورَتِكَ لَمَا حَلَلْتُكَ مِنْ عَسْكَرِهِ، يَا أُسَامَةُ ، عَلَيْكَ بِالْمِيَاهِ، يَعْنِي: الْبَوَادِي.

وَكَانَ يَمُرُّ بِالْبَوَادِي فَيَنْظُرُوا إِلَى جَيْشِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَثْبُتُوا عَلَى أَدْيَانِهِمْ إِلَى أَنْ صَارَ إِلَى عَشِيرَتِهِ كَلْبٌ، فَكَانَتْ تَحْتَ لِوَائِهِ، إِلَى أَنْ قَدِمَ الشَّامَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: اخْتَرْ لَكَ مَنْزِلا فَاخْتَارَ الْمَزَّةَ، وَاقْتَطَعَ بِهَا هُوَ وَعَشِيرَتُهُ.

وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ، وَهُوَ أَعْوَرُ كَلْبٍ:

إِذَا ذُكِرْتَ أَرْضٌ لِقَوْمٍ بِنِعْمَةٍ

فَبَلْدَةُ قَوْمِي تَزْدَهِي وَتَطِيبُ

بِهَا الدِّينُ وَالأَفْضَالُ وَالْخَيْرُ وَالنَّدَى

فَمَنْ يَنْتَجِعْهَا لِلرَّشَادِ يُصِيبُ

وَمَنْ يَنْتَجِعْ أَرْضًا سِوَاهَا فَإِنَّهُ

سَيَنْدَمُ يَوْمًا بَعْدَهَا وَيَخِيبُ

تَأْتِى لَهَا خَالِي أُسَامَةُ مَنْزِلا

وَكَانَ لِخَيْرِ الْعَالَمِينَ حَبِيبُ

حَبِيبُ رَسُولِ اللَّهِ وَابْنُ رَدِيفِهِ

لَهُ أُلْفَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَنَصِيبُ

فَأَسْكَنَهَا كَلْبًا فَأَضْحَتْ بِبَلْدَةٍ

لَهَا مَنْزِلٌ رَحْبُ الْجَنَابِ خَصِيبُ

فَنِصْفٌ عَلَى بُرٍّ وَشِيحٍ وَنُزْهَةٌ

وَنِصْفٌ عَلَى بَحْرٍ أَغَرُّ رَطِيبُ

ثُمَّ إِنَّ أُسَامَةَ خَرَجَ إِلَى وَادِي الْقُرَى إِلَى ضَيْعَةٍ لَهُ فَتُوُفِّيَ بِهَا،

ص: 142

وَخَلَّفَ فِي الْمِزَّةَ ابْنَةً لَهُ يُقَالُ لَهَا: فَاطِمَةُ، فَلَمْ تَزَلْ مُقِيمَةً إِلَى أَنْ وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَجَاءَتْ عَلَيْهِ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ ، فَقَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَأَقْعَدَهَا فِيهِ، وَقَالَ لَهَا: حَوَائِجُكِ يَا فَاطِمَةُ، قَالَتْ: تَحْمِلُنِي إِلَى أَخِي، فَجَهَّزَهَا وَحَمَلَهَا "

ص: 143