المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وقفة مع المتخاذلين عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٤٢

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الذاريات [24 - 60]

- ‌تفسير قوله تعالى: (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً إنه هو الحكيم العليم)

- ‌حقيقة الغلام المبشر به إبراهيم وحقيقة أمه

- ‌كلام ابن القيم في جلاء الأفهام عن تفسير الآيات الأول من سورة الذاريات

- ‌الوجه الأول: معنى الإكرام في قوله: (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين)

- ‌الوجه الثاني: عدم ذكر استئذان الضيف حين دخلوا على إبراهيم وسبب ذلك

- ‌الوجه الثالث: الفرق بين سلام الملائكة على إبراهيم وسلامه عليهم

- ‌الوجه الرابع: وجه حذف المبتدأ في قوله: (قوم منكرون)

- ‌الوجه الخامس: وجه حذف الفاعل في قوله: (قوم منكرون)

- ‌الوجه السادس: عدم إشعار الضيف بإعداد الطعام من كرم الضيافة

- ‌الوجه السابع: من الكرم استعداد أهل البيت لطروق الضيف في كل وقت

- ‌الوجه الثامن: من كرم الضيافة خدمة صاحب البيت للضيف بنفسه

- ‌الوجه التاسع: من كرم الضيافة الإتيان بكل الذبيحة للضيف

- ‌الوجه العاشر: من كرم الضيافة اختيار الذبيحة السمينة للضيف لا الهزيلة

- ‌الوجه الحادي عشر: من كرم الضيافة تقريب الطعام إلى الضيف

- ‌الوجه الثاني عشر: من كرم الضيافة التلطف في القول عند ابتداء الأكل

- ‌الوجه الثالث عشر: سبب عرض إبراهيم الأكل على ضيوفه

- ‌الوجه الرابع عشر: من كرم الضيافة عدم إظهار الريبة والخوف عند عدم أكل الضيوف

- ‌كلام ابن القيم في كتابه زاد المهاجر عن مدح الله وثنائه على إبراهيم في سورة الذاريات وغيرها

- ‌إخبار الله لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام بقصة إبراهيم علم من أعلام النبوة وصدقها

- ‌ثناء الله على إبراهيم بوصف ضيفه بالمكرمين

- ‌الثناء على إبراهيم بكون تحيته للملائكة أكمل وأحسن من تحيتهم له

- ‌أوجه المدح لإبراهيم في قوله: (قوم منكرون)

- ‌وجه الثناء والمدح لإبراهيم في قوله: (فراغ إلى أهله)

- ‌وجه الثناء والمدح لإبراهيم في قوله: (فجاء بعجل سمين) وتنوع ذلك

- ‌وجه الثناء والمدح لإبراهيم في قوله: (فقربه إليهم فقال ألا تأكلون)

- ‌حقيقة الغلام المبشر به في قوله تعالى: (وبشروه بغلام عليم)

- ‌ظهور ضعف المرأة من خلال قوله: (فصكت وجهها)

- ‌وقفة مع أدب الاقتصار في الكلام على ما تؤدى به الحاجة

- ‌وقفة مع ضوابط كلام المرأة الأجنبية مع الرجل الأجنبي

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال فما خطبكم أيها المرسلون وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون فنبذناهم في اليم وهو مليم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم إلا جعلته كالرميم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وفي ثمود إذ قيل لهم فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقوم نوح من قبل)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والسماء بينيناها بأيد وإنا لموسعون والأرض فرشناها فنعم الماهدون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ففروا إلى الله ولا تجعلوا مع الله إلهاً آخر إني لكم منه نذير مبين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (كذلك ما أتى الذين من قبلهم أتواصوا به بل هم قوم طاغون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فتول عنهم فما أنت بملوم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)

- ‌وقفة مع المتخاذلين عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌تفسير قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)

- ‌القول الفصل في معنى قوله تعالى: (إلا ليعبدون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ما أريد منهم من رزق إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فإن للذين ظلموا ذنوباً مثل ذنوب أصحابهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون)

الفصل: ‌وقفة مع المتخاذلين عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

‌وقفة مع المتخاذلين عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الحقيقة وردت شكوى من أحد إخواننا الأفاضل الأسبوع الماضي يقول فيها: توجد الآن منكرات كثيرة، خاصة فيما يتعلق بالاختلاط القبيح جداً بين الفتيان والفتيات، والمصيبة أن بعض الإخوة يمرون على المنكرات مرور الكرام ولا يتكلمون، مع أنه من المؤكد أنه لن يتعرض لضرر إذا نصح ولن يقبض عليه ولن يعذب ولن يعتقل، ولو كل واحد مر بفتاة وبجانبها شاب أجنبي عنها وغضضت البصر وقال لهما: اتقيا الله سبحانه وتعالى، توبا إلى الله، هذا الاختلاط حرام، إذا كنت أجنبية عنه وهكذا، ونصحهما وأدى ما عليه ومضى فإنه يرجى إن شاء الله تعالى أنه مع الوقت سيشعران بأنهما يفعلان شيئاً خطأ ويبد كل منهما في تحاشي مثل ذلك الاختلاط، لكن سكوتنا مما يعمق ظهور هذه الفتن وهذه المنكرات، وبالتالي نستحق الوعيد الذي قال في شأنه الرسول عليه الصلاة والسلام:(إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه).

فالشاهد: أن الإنسان عليه ينصح، وليس عليه مسئولية الاستجابة، وإنما عليه مسئولية إذا نفر المدعو، وإذا أمر بجهل أو نهى بجهل، أو أخطأ في مراعاة الآداب الشرعية والضوابط الشرعية للنصيحة، لكن ما دام أنه يراعي هذه الضوابط ويتكلم عن علم، ويعظ بالحكمة والموعظة الحسنة فهو غير مسئول، عليه فقط أن يقيم الحجة، فانتبهوا لهذا، حتى لو كان الناس لا يستجيبون فسنظل مطالبين بنصيحتهم.

ثم يقول الشنقيطي: ومن حكم ذلك أيضاً: النيابة عن الرسل في إقامة حجة الله على خلقه في أرضه.

يعني: هذه الأمة وظيفتها أنها نائبة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء والمرسلين ولا نبي بعده، مع أننا نؤمن بأن كل ذكر مولود على الأرض منذ بعثته إلى يوم القيامة مسئول عن دين محمد، وسيسأل في القبر الأسئلة الثلاثة المعروفة: من ربك؟ وما دينك؟ وماذا تقول في رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقال عليه السلام: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي رجل من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي إلا كان من أصحاب النار) كما في صحيح مسلم.

فإذاً: علينا أن نعي واجبنا في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى في ضوء قوله عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة:143] أي: عدولاً، {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة:143]، فهذه الأمة من مسئوليتها القيام بالشهادة وتحمل دعوة الإسلام وإيصالها إلى كل البشر على وجه الأرض؛ لأنها تخلف الرسول عليه السلام في إقامة الحجة على الخلق، يقول الله تبارك وتعالى:{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165]، فبالنسبة لأمتنا بالذات العلماء ورثة الأنبياء وكل مسلم مطالب بأن يبلغ ما استطاع، يقول النبي عليه الصلاة والسلام:(بلغوا عني ولو آية) لأنه بهذا البلاغ تقوم الحجة على الخلق، وتظل وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم في إقامة الحجة على البشر من خلال القرآن والسنة قائمة عن طريق الأمة التي تبلغ الناس.

وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} [طه:134]، وقال تعالى:{وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [القصص:47].

وقال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105]، هذه الآية تفهم خطأً كالآية التي نحن بصددها، فقوله:((عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ)) يظن المتخاذل عن الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنها حجة له في أن يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

نقول: المقصود بقوله: ((عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ)) أي: الزموا أنفسكم الحق إن لم يستجب الآخرون.

قوله: ((لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)) من ضمن التفاسير التي تبطل هذا المذهب قول من قال: لا يضركم من ضل بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا اهتديتم.

ص: 43