المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٤٨

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ القمر [6 - 53]

- ‌تفسير قوله تعالى: (فتول عنهم يوم عسر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فدعا ربه أني مغلوب فانتصر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولقد تركناها آية عذابي ونذر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)

- ‌كلام الشنقيطي على قصة نوح

- ‌تفسير قوله تعالى: (كذبت عاد فهل من مدكر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (كذبت ثمود من الكذاب الأشر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إنا مرسلو الناقة كل شرب محتضر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فنادوا صاحبهم فهل من مدكر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (كذبت قوم لوط فهل من مدكر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولقد جاء آل فرعون النذر أخذ عزيز مقتدر)

- ‌ذكر ما يوضح أن فرعون وقومه جاءتهم النذر

- ‌ذكر ما يوضح تكذيب فرعون للنذر ونزول العذاب به

- ‌تفسير قوله تعالى: (أكفاركم خير من أولئكم والساعة أدهى وأمر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن المجرمين في ضلال وسعر كلمح بالبصر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولقد أهلكنا أشياعكم وكل صغير وكبير مستطر)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح)

‌تفسير قوله تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح)

قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ} [القمر:9]، ذكر الله تبارك وتعالى جملاً من وقائع الأمم الماضية تأليفاً للنبي صلى الله عليه وسلم وتعزية له.

((كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ)) أي: قبل أهل مكة ((قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ))، هذا الفعل (وازدجر) معطوف على:((وَقَالُوا))، والفعل ((وَقَالُوا)) معطوف على:((فَكَذَّبُوا))، في قوله:{فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ} [القمر:9] أي: أن كلمة (وازدجر) ليست داخلة في مقول القول؛ بل هي جملة مستقلة جديدة ليست داخلة في الكلام الذي قالوه.

هم قالوا: ((مَجْنُونٌ)) حينما كذبوه، ((وَازْدُجِرَ)) نوح، بمعنى أنه زُجِرَ عن الإنذار والتبليغ بشدة وقساوة، كما تدل عليه صيغة (افتُعِل).

قال الناصر: وليس قوله: ((فَكَذَّبُوا)) الثاني تكراراً.

لأننا نلاحظ هنا تكرر مادة (التكذيب)، فقال:((كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ))، ثم قال:((فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا))، فيقول الناصر: وليس قوله ((فَكَذَّبُوا)) الثاني تكراراً؛ لأن الأول مطلق والثاني مقيد، فلا يكون تكراراً.

فهذا كقوله في نفس السورة: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} [القمر:29]، فإن تعاطيه هو نفس عقره؛ ولكن ذكره من جهة عمومه، ثم من ناحية خصوصه إسهاباً، وهو بمثابة ذكره مرتين.

جواب آخر: هو أن المكذَّب أولاً محذوف دل عليه ذكر نوح، فكأنه عز وجل قال: كذبت قوم نوح نوحاً، ثم جاء تكذيبهم بتكذيبهم ثانياً مضافاً إلى قوله:((عَبْدَنَا))، فوصف نوحاً بخصوص العبودية لكونها صفة عالية شريفة، فالتكذيب المخبر عنه ثانياً أبشع عليهم من المذكور أولاً بتلك اللمحة، وكرر لأجل بيان عظم جريمتهم حينما لم يكذبوا شخصاً عادياً وإنما كذبوا عبد الله ورسوله نوحاً عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

وقيل: لأنهم كذبوه تكذيباً عقب تكذيب؛ لأن نوحاً مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى، فكلما مضى منهم قرن مكذب تبعه الجيل الذي يأتي بعده، ويأتي قرن آخر مكذب، فهذا هو السر في تكرار مادة (التكذيب)، ((كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا)) [القمر:9].

وقيل: إنه لم يذكر المفعول به فيُقدر الضمير: كذبت قبلهم قوم نوح المرسلين، كما جاء في آيات آخرى:{كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:123]، مع أن الذي أرسل إليهم هو نبي واحد، ولكن لأن القاعدة: الكفر بنبي واحد يستلزم الكفر بجميع الأنبياء وينقض الإيمان كله من أصله.

ص: 3