المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌إشكال وجواب فإن قيل: قد دلّ القرآن على أن حاطباً أذنب؛ - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٦٧

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الممتحنة [1 - 7]

- ‌تسمية سورة الممتحنة وسبب نزولها وما يتعلق به

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء)

- ‌لفظ (العدو) معناه وإطلاقه

- ‌سبب تقديم قوله تعالى: (عدوي) على (عدوكم)

- ‌بيان أنه ليس كل عداوة تقتضي المقاطعة وعدم الموالاة

- ‌تفسير قوله تعالى: (تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أن تؤمنوا بالله ربكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداءً ويبسطوا إليكم أيديهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة)

- ‌قصة حاطب بن أبي بلتعة مع المشركين

- ‌منزلة الولاء والبراء في الدين

- ‌الاعتدال في الحكم على الأشخاص والمناهج

- ‌الخوف على المال والولد لا يبيح التقيّة بإظهار الكفر

- ‌أنواع الموالاة للناس

- ‌إشكال وجواب

- ‌تفسير قوله تعالى: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه)

- ‌بعض ضلال النصارى

- ‌تفسير قوله تعالى: (ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا)

- ‌تصرّف المسلمين السيئ وأثره على هذا الدين

- ‌تفسير قوله تعالى: (لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة)

الفصل: ‌ ‌إشكال وجواب فإن قيل: قد دلّ القرآن على أن حاطباً أذنب؛

‌إشكال وجواب

فإن قيل: قد دلّ القرآن على أن حاطباً أذنب؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: ((وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ)) فكيف يقبل ما ذكره من العذر؟ ف

‌الجواب

إنما قبل عذره في بقائه على الإيمان، وعدم موالاة المشركين لشركهم، أي: أن هذا الذي حصل ليس لمودة ومحبة وموالاة موجودة في قلبه، ولذلك خاطبه الله بالإيمان فقال:((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)) والعموم نص في سببه، فاتفق القرآن والحديث، وأما ذنبه فإنه لا يحل، فهو مثل ذنب فعله أحد الجيش بغير إذن أميرهم، قال الله تعالى:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} [النساء:83] إلى آخر الآية؛ ولأن تحريم مثل ذلك بغير إذن الأمير إجماع، ومع إذنه يجوز، فقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الحيل لحفظ المال، فلو كان مثل ذلك موالاة لم يأذن فيه صلى الله عليه وسلم، فدل على أن ذنب حاطب هو الكتم؛ لما فيه من الخيانة، فلو تجرد نفس الفعل من الكتم والخيانة لجاز، والله تعالى أعلم.

ويضاف إلى الكتم والخيانة ما أفادته الآية من التودد بذلك إليهم، والمناصحة لهم، مما يشف عن كون الآتي بذلك متزلزلاً في عقله، مضطرباً في حقه، فيصبح عمله حجة على دينه، ويكون ذلك سبباً لافتتان المشركين المفسدين بصحيح الدين القويم، وهذا هو السر في هذا الأمر الخطير.

أي: لأن المشركين يرون حاطباً وهو يفعل هذا، فيزيدهم ذلك فتنة بما هم عليه من الشرك، ويظنون أنه ترك دينه، أو أنه متشكك في دينه وعقيدته؛ فلذلك يواليهم، فهذا السلوك مما يزيدهم فتنة أو يكون سبباً لفتنتهم وإعجابهم بما هم عليه من الشرك، وذلك يبينه قوله تعالى:((رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا)).

ص: 16