المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (وأنا منا المسلمون لجهنم حطبا) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٨٣

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الجن [11 - 28]

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأنا منا الصالحون بخساً ولا رهقاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأنا منا المسلمون لجهنم حطباً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وألّوا استقاموا على الطريقة عذاباً صعداً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً وأقل عدداً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل إن أدري أقريب ما توعدون ومن خلفه رصداً)

- ‌تفسير الزمخشري لقوله: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى)

- ‌تفسير أبي السعود لقوله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى)

- ‌كلام النسفي والرازي في قوله: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى)

- ‌ملخص كلام المفسرين في قوله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى)

- ‌علم النجوم والاكتشافات والتجارب بين المشروع والممنوع

- ‌تفسير قوله تعالى: (ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم)

- ‌الأسئلة

- ‌وجه وجود قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه في مسجده

- ‌العلة في عدم ذكر الجن لعيسى عليه السلام في قولهم: (إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (وأنا منا المسلمون لجهنم حطبا)

‌تفسير قوله تعالى: (وأنا منا المسلمون لجهنم حطباً)

{وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن:14 - 15].

يقول تعالى: ((وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ)) أي: الكافرون الجائرون عن طريق الحق.

إذاً: المقسط هو العادل، والقاسط هو الجائر.

((فَمَنْ أَسْلَمَ)) يعني: من أذعن وانقاد.

((فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا)).

أي: ترجوا وتوخوا رشداً عظيماً، وقصدوا صواباً واستقامة.

وقوله: ((فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا)) قيل: إنه من كلام الله عز وجل، وقيل: هو من كلام الجن.

قال الزمخشري: وقد زعم من لا يرى للجن ثواباً أن الله تعالى أوعد قاسطيهم، وما وعد مسلميهم.

وقد تعرضنا لذلك في سورة الأحقاف عند قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف:29] يعني: منذرين العذاب، {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف:30 - 31].

فزعم البعض أن الجن إن آمنوا وعملوا الصالحات فثوابهم أن تغفر لهم ذنوبهم، وأن يجاروا من العذاب الأليم، أما الجنة فإنهم لا يدخلونها؛ لأن هذا فقط هو ثوابهم كما في قوله تعالى:{يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف:31].

واستدلوا أيضاً بهذه الآية: ((وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا)) قالوا: إن قوله: ((فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا)) يعني: اختاروا الطريق الصحيح، وهو طريق الإسلام:((وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا)) فزعم الفريق الذي لا يرى للجن ثواباً أن الله تعالى أوعد قاسطيهم وما وعد مسلميهم.

فرد الزمخشري عليهم بقوله: وكفى به وعداً أن قال: ((فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا)).

فتحري الرشد لا شك أنه من أعظم أسباب الثواب وموجباته، والله أعدل من أن يعاقب القاسط، ولا يثيب الراشد.

وقد تكلمنا كثيراً في سورة الرحمن، وذكرنا أن من أقوى ما يدل على أن مؤمني الجن في الجنة، قوله تعالى:{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:13].

فالمخاطب في هذه الآية هم الجن والإنس، بدليل قوله تعالى:{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ} [الرحمن:33]، فواضح أن السياق الذي فيه ذكر النعيم الموجود في سورة الرحمن في قوله تعالى:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:46] عام في الجن والإنس، كذلك قوله تعالى في الحور:{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن:56]، فدل على أن مؤمني الجن في الجنة.

وقوله تعالى: ((وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا)) أي: توقد بكفار الجن كما توقد بكفار الإنس.

ص: 3