المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٣

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ البقرة [8 - 20]

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً)

- ‌الفرق بين عذاب الكافرين وعذاب المنافقين

- ‌الكذب من الأسباب الموجبة للعذاب

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى)

- ‌تفسير السيوطي لقوله تعالى: (الله يستهزئ بهم) والآية التي بعدها

- ‌تفسير قوله تعالى: (مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (صم بكم عمي فهم لا يرجعون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أو كصيب من السماء فيه ظلمات)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يكاد البرق يخطف أبصارهم)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون)

‌تفسير قوله تعالى: (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون)

يقول عز وجل: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:15].

(اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) يعني: الله سبحانه وتعالى يسخر بهم.

قوله: {وَيَمُدُّهُمْ} يعني: يزيدهم على وجه الإملاء والاستدراج والترك لهم في عتوهم وتمردهم، كما قال تعالى:{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام:110].

والطغيان هو: مجاوزة الحد، والشاهد من القرآن قوله تعالى:{إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة:11] ومنه أيضاً كلمة الطاغوت.

قوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} ذكر الله سبحانه أنه يستهزئ بهم، لكن لم يبين هنا تفاصيل هذا الاستهزاء، وقد بينه في سورة الحديد في قوله تبارك وتعالى:{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد:12 - 13] فهذا هو استهزاء الله تبارك وتعالى بهم جزاء وفاقاً، والجزاء من جنس العمل.

قوله: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} العمه بالهاء مثل العمى؛ لكن الفرق أن العمى عام في البصر وفي الرأي، أي: العمى في البصيرة وفي البصر، أما العمه فهو خاص بالرأي، وهو التحير والتردد لا يدري أين يتوجه؛ ولذلك يقول:{وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} أي: يزيدهم حيرة وتردداً وضلالاً.

قوله: (في طغيانهم) فيه إشارة إلى أن هذا الطغيان غمرهم دنسُه وعلاهم رجسُه، حتى غرقوا في هذا الطغيان، فهم يترددون حيارى ضلالاً لا يجدون إلى المخرج منه سبيلاً، حيثما يمموا لا يرون إلا هذا الضلال، وهذا التردد، وهذا الطغيان!

ص: 11