المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٥٤

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الأنعام [80 - 94]

- ‌تفسير قوله تعالى: (وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاً هدينا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وزكريا ويحيى فضلنا على العالمين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)

- ‌حكم أخذ الأجرة على التعليم وتبليغ الدعوة

- ‌تفسير قوله تعالى: (وما قدروا الله حق قدره)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إلي)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولقد جئتمونا فرادى)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء)

‌تفسير قوله تعالى: (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء)

قال تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:88].

قوله: (ذلك هدى الله) إشارة إلى الدين الذي كانوا عليه (يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا) يعني: لو أشرك هؤلاء الأفاضل من الأنبياء عليهم السلام مع عظمتهم (لحبط عنهم ما كانوا يعملون) يعني: من الأعمال المرضية.

فالأنبياء لا شك في أنهم يعملون أعمالاً مرضية عظيمة جداً أكثر من أي امرىءٍ من البشر، ومع ذلك لو وقع منهم الشرك لحبطت أعمالهم المرضية، فكيف بمن عداهم ممن هم أقل منهم مرتبة إذا أشركوا بالله سبحانه وتعالى؟! وهذا -بلا شك- فيه تعظيم لأمر الشرك، وتغليظ لشأنه، وتعظيم لملابسته، كقوله تعالى:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر:65].

والسياق هنا سياق شرط، أي قوله تعالى:(لئن أشركت) وكذلك (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) فهل الشرط يقتضي جواز الوقوع؟

‌الجواب

لا، الشرط لا يقتضي جواز الوقوع، ومثال ذلك الشرط في قوله تعالى:{قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف:81]، فهل معنى ذلك أن هذا يقع بأن يكون للرحمن ولد؟

‌الجواب

لا، وإن كانت الآية فيها احتمالات كثيرة.

وقوله: (قل إن كان للرحمن ولد) إن: نافية بمعنى (ما) مثل قوله تعالى: (إن هو إلا عبد) يعني: ما هو إلا عبد.

فـ (إن) بمعنى (ما) النافية، فكذلك هنا، (قل إن كان للرحمن ولد) يعني: ما كان للرحمن ولد، (فأنا أول العابدين) لهذا الإله المنزه عن أن يكون له ولد.

وهناك تفسير آخر في قوله تعالى: (قل إن كان للرحمن ولد)، وهو: إن كان لله ولد فأنا أول العابدين المستنكفين عن عبادة إله يحتاج إلى الولد.

أو أن قوله تعالى: (قل إن كان للرحمن ولد) مجرد شرط، والشرط لا يقتضي جواز الوقوع، وإنما الشرط لتبيين شيء معين، أو حكم معين، لكن لا يقتضي أن المشروط يقع بالفعل؛ لأن الأنبياء إذا كانوا معصومين من المعاصي فأولى بهم أن يعصموا من الشرك، فهذا لا يقع من الأنبياء قطعاً؛ لأن الله سبحانه وتعالى يعصمهم ويحفظهم من ذلك.

فإذاً: المقصود هنا مجرد بيان خطورة الشرك، وتشنيع لأمره وتغليظ لشأنه تنفيراً منه، فالشرط لا يقتضي الوقوع، مثل قوله تعالى:{لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:17].

فالشرط لا يقتضي جواز وقوع هذا الفعل.

وفي قوله تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الزمر:4] شرط، والشرط لا يقتضي جواز الوقوع، وكذلك في قوله هنا:((وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) فهو شرط، وهو لا يقتضي جواز وقوعه.

ص: 9