المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأدلة على أن المبشر به أنه مثل موسى هو محمد لا عيسى - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٦٧

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الأعراف [156 - 159]

- ‌تفسير قوله تعالى: (واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي)

- ‌الرحمة تخص المؤمنين دون غيرهم

- ‌إطلاق الرحمة على العطف والمغفرة والإحسان

- ‌وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أمي

- ‌الأمور التي يستدل بها على صحة النبوة

- ‌البشارات في الكتب السابقة ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌البشارة بمحمد في سفر التكوين

- ‌البشارة بمحمد في سفر التثنية

- ‌البشارة بنبي مثل موسى والدليل على أنه محمد لا يوشع

- ‌الأدلة على أن المبشر به أنه مثل موسى هو محمد لا عيسى

- ‌البشارة بالفارقليد في الإنجيل

- ‌شهادة أهل الكتاب الذي أسلموا بوجود البشارات في كتبهم

- ‌تفسير قوله تعالى: (يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات)

- ‌تفسير قوله عز وجل: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً)

- ‌سهولة الاهتداء إلى الدين الحق

- ‌العلوم الحديثة تدعو إلى التوحيد

- ‌قيام الحجة على كل من سمع بمحمد صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون)

الفصل: ‌الأدلة على أن المبشر به أنه مثل موسى هو محمد لا عيسى

‌الأدلة على أن المبشر به أنه مثل موسى هو محمد لا عيسى

وأما ما زعمه النصارى من أن المراد به عيسى فهو أيضاً باطل لوجوه: أولاً: أن عيسى من بني إسرائيل، والمبشر به هنا من غيرهم، أي: من إخوتهم وليس من بني إسرائيل أنفسهم، وعيسى من بني إسرائيل، وأيضاً موسى بشر بنبي مثله، والنصارى يدعون أن عيسى إله، وينكرون كونه نبياً مرسلاً، وإلا لزم اتحاد المرسل والمرسل، وهو غير معقول، على أن مشابهة موسى لنبينا عليهما السلام أقوى من مشابهته لعيسى؛ لاتحادهما في كونهما ذوي والدين وأزواج، فموسى له أبوان، ومحمد له أبوان، أما المسيح فله أم فقط ولا أب له.

ثانياً: من أوجه المشابهة بين موسى ومحمد: كونهما مأمورين بالجهاد، بخلاف عيسى عليه السلام، وقد أشار في هذه البشارة بقوله:(ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي أتكلم به باسمي أنا أطالبه)، وفي هذا إشارة إلى أن هذا النبي مأمور بجهاد من كفر بما جاء من عند الله والانتقام منه بسيفه البتار، وكذلك كون شريعتيهما مشتملتين على الحدود والقصاص والتعزير وإيجاب الغسل على الجنب والحائض والنفساء وإيجاب الطهارة وقت العبادة، وهذه كلها ليست موجودة في شريعة عيسى عليه السلام على ما تقول النصارى، ونظائر ذلك كثيرة.

وفي هذه البشارة إشارة إلى كون هذا النبي أمياً لا يقرأ، حيث قال:(يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي)، وبذلك تعرف سر وصفه به في قوله تعالى:(الذين يتبعون الرسول النبي الأمي)، وهي الآية التي نحن بصددها.

من هذه البشارات: في الإنجيل في الباب الرابع عشر في إنجيل يوحنا هكذا: (المسيح عليه السلام كان يقول لتلامذته قبل أن يرفع إلى السماء: إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الأب، - الأب: اصطلاح لهم- فيعطيكم فارقليد آخر؛ ليثبت معكم إلى الأبد روح الحق الذي لن يطيق العالم أن يقبله لأنه ليس يراه ولا يعرفه، وأنتم تعرفونه؛ لأنه مقيم عندكم، وهو ثابت فيكم).

وهذه بشارة من المسيح عليه السلام بأن الله تعالى سيبعث للناس من يقوم مقامه وينوب في تبليغ رسالته وسياسة خلقه منابه، وتكون شريعته باقية مخلدة أبداً، وهل هذا إلا محمد صلى الله عليه وسلم؟! والأب هنا بمعنى: الرب والإله؛ لأنه اصطلاح أهل الكتابين، وقد أشار عيسى عليه السلام بكونه روح الحق إلى أن الحق قبل مبعثه يكون كالميت لا حراك به ولا انتعاش، وأنه إذا بعث هذا النبي يعيد الروح للحق، فيصدع حينئذٍ قائماً في الأرض، ولا خفاء أنه عليه الصلاة والسلام هو الذي أحيا الله به الحق بعد عيسى عليه السلام بعدما اندرس ولم يبق منه شيء.

ثم قال: (الفارقليد روح القدس الذي يرسله الأب باسمي هو يعلمكم كل شيء، وهو يذكركم كل ما قلته لكم)، ولا شك بأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو الذي علم كل شيء من الحقائق، وأوضح ما خفي من الدقائق، وذكر أمة عيسى ما نسوه من أقواله المتضمنة أنه عبد من عباد الله تعالى قربه إليه بالرسالة واصطفاه، وأنه لم يدع سوى عبادة الله وتوحيده وتنزيهه وتمجيده.

وقوله: (باسمي) أي: بالنبوة، ثم أبان لهم سبب البشارة به قبل أن يأتي فقال:(والآن قد قلت لكم قبل أن يكون؛ حتى إذا كان تؤمنون).

ص: 12