المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٧٤

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ التوبة [41 - 59]

- ‌تفسير قوله تعالى: (انفروا خفافاً وثقالاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لو كان عرضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك)

- ‌تفسير قوله تعالى: (عفا الله عنك لم أذنت لهم)

- ‌علو مقام النبي عليه الصلاة والسلام عند ربه عز وجل

- ‌غائلة الاستئذان والتثاقل في الخروج للجهاد

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لقد ابتغوا الفتنة من قبل)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن تصبك حسنة تسؤهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً لن يتقبل منكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ويحلفون بالله إنهم لمنكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومنهم من يلمزك في الصدقات)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم)

‌تفسير قوله تعالى: (قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً لن يتقبل منكم)

قال تعالى: {قُلْ أَنفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ} [التوبة:53].

(قل أنفقوا) يعني: أنفقوا أموالكم في سبيل الله ووجوه البر.

(طوعاً أو كرهاً)، هذان مصدران وقعا موقع الفاعل، يعني: طائعين من قبل أنفسكم أو كارهين مخافة القتل.

(لن يتقبل منكم) لن يتقبل منكم ذلك الإنفاق.

ثم بين سبب ذلك بقوله: (إنكم كنتم قوماً فاسقين) أي: عاتين متمردين.

قال الزمخشري: فإن قلت: كيف أمرهم بالإنفاق، ثم قال:(لن يتقبل منكم)؟ قلت: هو أمر في معنى الخبر، فهو مثل قوله تبارك وتعالى:{قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مريم:75]، أمر بمعنى الخبر، ومعناه: لن يتقبل منكم أنفقتم طوعاً أو كرهاً، فكلمة:(أنفقوا) المقصود بها أنفقتم، لكن الكلام ترتيبه في التفسير كما يلي: لن يتقبل منكم نفقاتكم سواء أنفقتم طوعاً أو كرهاً لا فائدة، ونحوه قوله تعالى:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة:80] يعني: لن يغفر الله لهم سواء استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم.

ومنه قول كثير عزة: أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة لدينا ولا مقلية إن تقلت يعني: لا نلومك أسأت إلينا أم أحسنت.

يقول: الزمخشري: فإن قلت: متى يجوز مثل هذا التعبير أو السياق؟ قلت: إذا دل الكلام عليه، كما جاز عكسه في قوله: رحم الله زيداً وغفر له، فإن قلت: لم فعل ذلك؟ قلت: لنكتة فيه، وهي أن كثيراً كأنه يقول لـ عزة: امتحني لطف محلك عندي وقوة محبتي لك، وعامليني بالإساءة أو الإحسان وانظري، هل يتفاوت حالي معك مسيئة كنت أو محسنة؟ ولذلك يقول كثير عزة: أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة.

وفي معناه قول القائل: أخوك الذي إن قمت بالسيف عامداً لتضربه لم يستغشك في الود وهذه درجة من الأخوة نادرة، يقول: أخوك الحقيقي الذي إن أسأت إليه أحسن إليك، حتى لو قمت تضربه بالسيف لا يغشك في المودة، أو لا يستغشك -من الغش والخيانة- ولو جئته تطلب أن تقطع يده لبادر إليك فرقاً من الرد عليك، لبادر هو بذلك خوفاً من أن يؤذيك بأن يعذر لك أو يمنعك من ذلك ويردك عنه، يقول: أخوك الذي إن قمت بالسيف عامداً لتضربه لم يستغشك في الود ولو جئت تبغي كفه لتبينها لبادر إشفاقاً عليك من الردِ يرى أنه في الود وانٍ مقصر على أنه قد زاد فيه عن الجهد مع كل هذا يرى أن هذا الود هو مقصر فيه! كذلك المعنى هنا: أنفقوا وانظروا هل يتقبل منكم؟ مثل قوله: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم)، انظر هل ترى اختلافاً بين حال الاستغفار وتركه؟ لا، بل في كلا الحالتين لن يغفر الله لهم، وكذلك هنا:((أَنفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ)).

ص: 13