المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (ويحلفون بالله إنهم لمنكم) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٧٤

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ التوبة [41 - 59]

- ‌تفسير قوله تعالى: (انفروا خفافاً وثقالاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لو كان عرضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك)

- ‌تفسير قوله تعالى: (عفا الله عنك لم أذنت لهم)

- ‌علو مقام النبي عليه الصلاة والسلام عند ربه عز وجل

- ‌غائلة الاستئذان والتثاقل في الخروج للجهاد

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لقد ابتغوا الفتنة من قبل)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن تصبك حسنة تسؤهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً لن يتقبل منكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ويحلفون بالله إنهم لمنكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومنهم من يلمزك في الصدقات)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (ويحلفون بالله إنهم لمنكم)

‌تفسير قوله تعالى: (ويحلفون بالله إنهم لمنكم)

قال تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} [التوبة:56].

(ويحلفون بالله) أي: المنافقين، (إنهم لمنكم) أي: في الدين؛ ليدفعوا بدلالة اليمين دلائل النفاق، ليدفعوا دلائل النفاق الظاهرة منهم كالتخلف والاستئذان، (وما هم منكم) لأنهم كاذبون، (ولكنهم قوم يفرقون) إنما يحلفون لكم لأنهم يخافون القتل، ويخافون ما يفعل بالمشركين، فيتظاهرون بالإسلام تقية، ويؤيدونه بالأيمان الفاجرة.

ثم أشار إلى سبب الخوف وهو: أزمة المساكن، فقد كانوا يخافون أن تضيع عليهم المساكن التي يعيشون فيها بينكم، يقول: ثم أشار إلى سبب الخوف، وهو اضطرارهم إلى مساكنهم مع ضعفهم واضطرارهم وحاجتهم إلى المساكن التي يعيشون فيها بينكم، لكن لو وجدوا بديلاً حتى لو في الجحور والمغارات لهربوا وفروا إلى هذه الأماكن، فيقول تعالى مبيناً سبب خوفهم:(ولكنهم قوم يفرقون){لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة:57]: من شدة البغض للإسلام وأهله، لكنهم مضطرون من باب: ودارهم ما دمت في دارهم وأرضهم ما دمت في أرضهم (لو يجدون ملجأً) يعني: لو يجدون حصناً يلتجئون إليه، (أو مغارات) في الجبال، يسكن كل واحد منهم مغارة.

(أو مدخلاً) يعني: موضع دخول يدخلون فيه، وهو السرب في الأرض.

(لولوا إليه) لأقبلوا نحوه.

(وهم يجمحون) أي: يسرعون إليه إسراعاً لا يردهم عنه شيء؛ كالفرس الجموح النفور الذي لا يرده لجام، أي: لو وجدوا شيئاً من هذه الأمكنة التي هي منفور عنها مستنكرة لأتوه لشدة خوفهم وكراهتهم للمسلمين، وغمهم بعز الإسلام ونصر أهله؛ لأنهم إذا عاشوا في وسط المسلمين يرون عزة الإسلام فينالهم غم وهم، ويرون نصرة أهل الإسلام فتركبهم الهموم والاكتئاب ويعلوهم البأس، فهم في حالة من النفور والكراهية والخوف لا يجعلهم يصبرون على الإقامة سوى اضطرارهم لهذه الأماكن التي يعيشون فيها، لكن لو وجدوا ملجأً حتى في أماكن سيئة للغاية كهذه الأماكن التي هي مستنكرة ومنفرة لفضلوها على الإقامة بينكم؛ لكنهم لا يجدون.

فانظر إلى التعبير بكلمة: (لولوا إليه وهم يجمحون)، فهي تكشف ما في قلوبهم من الحقد على الإسلام وأهل الإسلام، وعلى العكس تماماً الآن نرى الملاحدة والمنافقين والعلمانيين أعداء الدين، كيف أنهم لما أمنوا، ولا سلطان لهم يردعهم، ولا شريعة لديهم تؤدبهم، انطلقوا كالجرذان المسعورة بهذا العدوان على دين الله سبحانه وتعالى في الإعلام صباح مساء، حتى إن جرثومة مثل نصر أبو زيد المرتد الملحد الذي يسب الله والرسول عليه السلام، ويطعن في القرآن الكريم، ومع ذلك يوجد من هؤلاء المجرمين من يقول: أين حرية الفكر؟ وأين حرية الاعتقاد؟ ووالله ما هي حرية الفكر، إنما يريدون حرية الكفر، فإلى الله المشتكى مما وصلنا إليه! انظر كيف كان ضعف المنافقين في عهد النبوة، {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ * لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة:56 - 57].

ص: 16