المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وأرسل الرسل لبيان تلك العبادة والدعوة إليها] - إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌[الرسالة الأولى في بيان حكم الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم والاستنصار به]

- ‌[النصر بيد الله وحده وليس بيد النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وأرسل الرسل لبيان تلك العبادة والدعوة إليها]

- ‌[دين الإسلام مبني على أصلين عظيمين]

- ‌[أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبلغ الناس أنه لا يملك لأحد نفعا ولا ضرا]

- ‌[الرسالة الثانية في بيان حكم دعاء غير الله سبحانه والاستنجاد به في المهمات]

- ‌[الله سبحانه خلق الثقلين ليعبدوه دون كل ما سواه وليخصوه بالدعاء]

- ‌[شرك يستحق دخول النار لا تناله الشفاعة]

- ‌[تجري عليهم أحكام المشركين والمشركات]

- ‌[قول الشخص لمن يخاطبه جن أصابك من باب السب والشتم]

- ‌[سؤال العرافين والمشعوذين والمنجمين وأشباههم ممن يتعاطى الأخبار عن المغيبات]

- ‌[الرسالة الثالثة في بيان حكم الأوراد البدعية والشركية المنسوبة إلى علي بن أبي طالب]

- ‌[معنى العبادة]

- ‌[الاستغاثة بالأموات والجن والملائكة والأشجار والأحجار]

- ‌[التوحيد هو أصل دين الإسلام وهو أساس الملة]

- ‌[إبطال مقصد الكفار أنهم ما عبدوا الأولياء من دونه إلا ليقربوهم إلى الله زلفى]

- ‌[الخصومة بين المشركين وبين الرسل في إخلاص العبادة لله وحده]

- ‌[قول بعض الصوفية في المساجد وغيرها من التكلف والتنطع الذي حذر منه النبي]

الفصل: ‌[الله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وأرسل الرسل لبيان تلك العبادة والدعوة إليها]

إلى أن قالت: -

يا رسول الله أدرك أمة

في ظلام الشك قد طال سراها

عجل النصر كما عجلته

يوم بدر حين ناديت الإلها

فاستحال الذل نصرا رائعا

إن لله جنودا لا تراها

(الله أكبر) هكذا توجه هذه الكاتبة نداءها واستغاثتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم طالبة منه إدراك الأمة بتعجيل النصر، ناسية أو جاهلة أن النصر بيد الله وحده، ليس ذلك بيد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره من المخلوقات، كما قال الله سبحانه في كتابه المبين:{وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: 126](1) وقال عز وجل: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: 160](2) .

[الله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وأرسل الرسل لبيان تلك العبادة والدعوة إليها]

وقد علم بالنص والإجماع أن الله

(1) سورة آل عمران الآية 126.

(2)

سورة آل عمران الآية 160.

ص: 8

سبحانه خلق الخلق ليعبدوه، وأرسل الرسل وأنزل الكتب لبيان تلك العبادة والدعوة إليها كما قال سبحانه:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56](1) وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36](2) وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25](3) وقال عز وجل: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ - أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} [هود: 1 - 2](4) فأوضح سبحانه في هذه الآيات المحكمات أنه لم يخلق الثقلين إلا ليعبدوه وحده لا شريك له، وبين أنه أرسل الرسل عليهم الصلاة والسلام للأمر بهذه العبادة والنهي عن ضدها، وأخبر عز وجل أنه أحكم آيات كتابه وفصلها لئلا يعبد غيره

(1) سورة الذاريات الآية 56.

(2)

سورة النحل الآية 36.

(3)

سورة الأنبياء الآية 25.

(4)

سورة هود الآية 1-2.

ص: 9

سبحانه، والعبادة: هي توحيده وطاعته بامتثال أوامره وترك نواهيه، وقد أمر الله بذلك في آيات كثيرة منها قوله سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5](1) الآية وقوله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23](2) وقوله سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ - أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 2 - 3](3) والآيات في هذا المعنى كثيرة كلها تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده وترك عبادة ما سواه من الأنبياء وغيرهم ولا ريب أن الدعاء من أهم أنواع العبادة وأجمعها، فوجب إخلاصه لله وحده كما قال عز وجل:{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [غافر: 14](4) وقال عز وجل:

(1) سورة البينة الآية 5.

(2)

سورة الإسراء الآية 23.

(3)

سورة الزمر الآية 2-3.

(4)

سورة غافر الآية 14.

ص: 10

{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18](1) وهذا يعم جميع المخلوقات من الأنبياء وغيرهم، لأن (أحدا) نكرة في سياق النهي فتعم كل من سوى الله سبحانه. وقال تعالى:{وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ} [يونس: 106](2) وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن الله سبحانه قد عصمه من الشرك وإنما المراد من ذلك تحذير غيره، ثم قال عز وجل:{فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: 106](3) فإذا كان سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام لو دعا غير الله يكون من الظالمين فكيف بغيره؟ والظلم إذا أطلق يراد به الشرك الأكبر كما قال سبحانه: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 254](4) وقال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13](5) فعلم بهذه الآيات وغيرها أن دعاء غير الله من الأموات والأشجار والأصنام وغيرها شرك بالله عز وجل ينافي

(1) سورة الجن الآية 18.

(2)

سورة يونس الآية 106.

(3)

سورة يونس الآية 106.

(4)

سورة البقرة الآية 254.

(5)

سورة لقمان الآية 13.

ص: 11