المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قول أبي طالب المكي - تقرير الاستناد في تفسير الاجتهاد

[الجلال السيوطي]

الفصل: ‌قول أبي طالب المكي

‌قَول محب الدّين وَالِد ابْن دَقِيق الْعِيد

وَقَالَ الشَّيْخ محب الدّين وَالِد الشَّيْخ تَقِيّ الدّين دَقِيق الْعِيد فِي كِتَابه تلقيح الإفهام عز الْمُجْتَهد فِي هَذِه الإعصار وَلَيْسَ ذَلِك لتعذر حُصُول آلَة الِاجْتِهَاد بل لإعراض النَّاس فِي اشتغالهم عَن الطَّرِيق المفضية إِلَى ذَلِك

وَقَالَ بَعضهم الِاجْتِهَاد فِي هَذَا الزَّمَان أسهل مِنْهُ فِي الزَّمن الأول لِأَن الْآلَات من الْأَحَادِيث وَغَيرهَا قد دونت وَسَهل مراجعتها بِخِلَاف الزَّمن الأول فَلم يكن فِيهِ شَيْء من آلَات الِاجْتِهَاد مدون

‌قَول النَّوَوِيّ

وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب فِي بَاب آدَاب الْعَالم وَيَنْبَغِي أَن يعتني بالتصنيف إِذا تأهل لَهُ فِيهِ يطلع على حقائق الْعلم ودقائقه وينبت مَعَه لِأَنَّهُ يضطره إِلَى كَثْرَة المطالعة والتفتيش وَالتَّحْقِيق والمراجعة والإطلاع على مُخْتَلف كَلَام الْأَئِمَّة ومتفقه وواضحه عَن مشكله وَصَحِيحه من ضعيفه وجزله

من ركيكه وَمَا لَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ من غَيره وَبِه يَتَّصِف الْمُحَقق بِصفة الْمُجْتَهد

‌قَول أبي طَالب الْمَكِّيّ

وَقَالَ أَبُو طَالب الْمَكِّيّ فِي كتاب قوت الْقُلُوب أعلم أَن العَبْد

ص: 36

إِذا كاشفه الله بالمعرفة وَالْيَقِين لم يَسعهُ تَقْلِيد أحد من الْعلمَاء وَكَذَلِكَ كَانَ المتقدمون إِذا أقِيمُوا هَذَا الْمقَام خالفوا من حملُوا عَنهُ الْعلم وَلأَجل ذَلِك كَانَ الْفُقَهَاء يكْرهُونَ التَّقْلِيد وَيَقُولُونَ لَا يَنْبَغِي للرجل أَن يُفْتى حَتَّى يعرف اخْتِلَاف الْعلمَاء أَي فيختار مِنْهَا الْأَحْوَط للدّين والأقوى بِالْيَقِينِ فَلَو كَانُوا يحبونَ أَن يُفْتى الْعَالم بِمذهب غَيره لم يحْتَج أَن يعرف الِاخْتِلَاف ولكان إِذا عرف مَذْهَب صَاحبه كَفاهُ وَمن قبل أَن العَبْد يسْأَل غَدا فَيُقَال مَاذَا عملت مِمَّا علمت وَلَا يُقَال لَهُ فِيمَا علم غَيْرك وَقَالَ الله تَعَالَى {وَقَالَ الَّذين أُوتُوا الْعلم وَالْإِيمَان} فقرن بَينهمَا فَدلَّ على أَنه من أُوتِيَ إِيمَانًا ويقينا أُوتِيَ علما كَمَا أَن من أُوتِيَ علما نَافِعًا أُوتِيَ إِيمَانًا وَهَذَا أحد الْوُجُوه فِي معنى قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ كتب فِي قُلُوبهم الْإِيمَان وأيدهم بِروح مِنْهُ} أَي قواهم بِعلم الْإِيمَان فَعلم الْإِيمَان هُوَ روحه وَتَكون الْهَاء عَائِدَة على الْإِيمَان لِأَن الْعَالم الَّذِي هُوَ من أهل الاستنباط وَالِاسْتِدْلَال من الْكتاب وَالسّنة وَمَعْرِفَة أَدَاة الصَّنْعَة وَآلَة الصنع لِأَنَّهُ ذُو تميز وبصيرة وَمن أهل التَّدْبِير وَالْعبْرَة انْتهى

ص: 37

فصل 3 - شُرُوط الِاجْتِهَاد

عِنْد الشهرستانى

قَالَ الشهرستانى فِي الْملَل والنحل شَرَائِط الِاجْتِهَاد خَمْسَة

معرفَة صدر صَالح من اللُّغَة بِحَيْثُ يُمكنهُ فهم لُغَات الْعَرَب والتمييز بَين الْأَلْفَاظ الوضعية والمستعارة وَالنَّص وَالظَّاهِر وَالْعَام وَالْخَاص وَالْمُطلق والمقيد والمجمل والمفصل وفحوى الْخطاب وَمَفْهُوم الْكَلَام وَمَا يدل على مَفْهُومه بالمطابقة وَمَا يدل بالتضمن وَمَا يدل بالاستتباع فَإِن هَذِه الْمعرفَة كالآلة الَّتِي بهَا يحصل الشَّيْء وَمن لم يحكم الْآلَة والأداة لم يصل إِلَى تَمام الصِّيغَة ثمَّ معرفَة تَفْسِير الْقُرْآن خُصُوصا مَا يتَعَلَّق

ص: 38

بِالْأَحْكَامِ وَمَا ورد من الْأَخْبَار فِي مَعَاني الْآيَات وكما رأى من الصَّحَابَة المعتبرين كَيفَ سلكوا مناهجها وَأي معنى فَهموا من مدارجها وَلَو جهل تَفْسِير سَائِر الْآيَات الَّتِي تتَعَلَّق بالمواعظ والقصص لم يضرّهُ ذَلِك فِي الِاجْتِهَاد فَإِن من الصَّحَابَة من كَانَ لَا يدْرِي تِلْكَ المواعظ وَلم يتَعَلَّم بعد جَمِيع الْقُرْآن وَكَانَ من أهل الِاجْتِهَاد

ثمَّ معرفَة الْأَخْبَار بمتونها وأسانيدها والإحاطة بأحوال النقلَة والرواة عَدو لَهَا وثقاتها ومطعونها ومردودها والإحاطة بالوقائع الْخَاصَّة فِيهَا وَمَا هُوَ عَام ورد فِي حَادِثَة خَاصَّة وَمَا هُوَ خَاص عمم فِي الْكل حكمه

ثمَّ الْفرق بَين الْوَاجِب وَالنَّدْب وَالْإِبَاحَة والحظر وَالْكَرَاهَة حَتَّى لَا يشذ عَنهُ وَجه من هَذِه الْوُجُوه وَلَا يخْتَلط عَلَيْهِ بَاب بِبَاب

ثمَّ معرفَة مواقع إِجْمَاع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ من السّلف الصَّالِحين حَتَّى لَا يَقع اجْتِهَاد فِي مُخَالفَة الْإِجْمَاع

ثمَّ التهدي إِلَى مَوَاضِع الأقيسة وَكَيْفِيَّة النّظر والتردد فِيهَا من طلب أصل أَولا ثمَّ طلب معنى مخيل يستنبط مِنْهُ فيعلق الحكم عَلَيْهِ أَو شبه يغلب على الظَّن فَيلْحق الحكم بِهِ

ص: 39