المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌البرزالي هُوَ الشَّيْخ الْمُحدث الإِمَام الْعَالم الْحَافِظ مُفِيد الشَّام مؤرخ الْإِسْلَام - ثلاث تراجم نفيسة للأئمة الأعلام

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌ ‌البرزالي هُوَ الشَّيْخ الْمُحدث الإِمَام الْعَالم الْحَافِظ مُفِيد الشَّام مؤرخ الْإِسْلَام

‌البرزالي

هُوَ الشَّيْخ الْمُحدث الإِمَام الْعَالم الْحَافِظ مُفِيد الشَّام مؤرخ الْإِسْلَام علم الدّين أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن الْعدْل الْكَبِير بهاء الدّين

ص: 37

مُحَمَّد بن يُوسُف بن الْحَافِظ زكي الدّين البرزالي الإشبيلي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي شيخ الحَدِيث ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والتنبيه ومقدمة فِي صغره وَسمع سنة ثَلَاث وَسبعين من أَبِيه وَمن القَاضِي عز الدّين بن الصَّائِغ فَلَمَّا سمعُوا صَحِيح مُسلم من الإربلي بَعثه وَالِده فَسمع الْكتاب فِي سنة سبع فَأحب الحَدِيث وَنسخ أَجزَاء وَدَار على الشُّيُوخ فَسمع من ابْن أبي الْخَيْر وَابْن أبي عمر وَابْن عَلان والمقداد وَابْن الدرجي وَابْن شَيبَان وَالْفَخْر وجد فِي الطّلب وَذهب إِلَى بعلبلك ثمَّ ارتحل إِلَى حلب سنة خمس وَثَمَانِينَ وفيهَا ارتحل إِلَى مصر وَأكْثر عَن الْعِزّ الْحَرَّانِي وطبقته وَكتب بِخَطِّهِ الصَّحِيح الْمليح كثيرا وَخرج لنَفسِهِ وللشيوخ شَيْئا كثيرا وَجلسَ فِي شبيبته مُدَّة مَعَ أَعْيَان الشُّهُود وَتقدم فِي الشُّرُوط ثمَّ اقْتصر على جِهَات تقوم بِهِ

وَورث من أَبِيه جملَة وَحصل كتبا جَيِّدَة وأجزاء فِي أَربع خَزَائِن وَبلغ ثبته بضعَة وَعشْرين مجلدا وَأثبت فِيهِ من كَانَ سمع مَعَه

وَله تَارِيخ بَدَأَ فِيهِ من عَام مولده الَّذِي توفّي فِيهِ الإِمَام أَبُو شامة فَجعله صلَة لتاريخ أبي شامة فِي خمس مجلدات أَو أَكثر

وَله مجاميع مفيدة كَثِيرَة وَتَعْلِيق وَعمل فِي فن الرِّوَايَة قل من بلغ إِلَيْهِ

ص: 38

وَبلغ عدد مشايخه بِالسَّمَاعِ أَزِيد من أَلفَيْنِ وبالإجازة أَكثر من ألف رتب ذَلِك كُله وترجمهم فِي مسودات متقنة

وَكَانَ رَأْسا فِي صدق اللهجة وَالْأَمَانَة صَاحب سنة وَاتِّبَاع وَلُزُوم للفرائض خيرا متواضعا حسن الْبشر عديم الشَّرّ فصيح الْقِرَاءَة قوي الدربة عَالما بالأسماء والألفاظ سريع السرد مَعَ عدم اللّحن والدمج قَرَأَ مَا لَا يُوصف كَثْرَة وروى من ذَلِك جملَة وافرة وَكَانَ حَلِيمًا صبورا متوددا لَا يتكثر بفضائله وَلَا ينتقص بفاضل بل يُوفيه فَوق حَقه ويلاطف النَّاس وَله ود فِي الْقُلُوب وَحب فِي الصُّدُور احتسب عدَّة أَوْلَاد درجوا مِنْهُم مُحَمَّد تَلا بالسبع وَحفظ كتبا وعاش ثَمَانِي عشرَة سنة وَمِنْهُم فَاطِمَة عاشت نيفا وَعشْرين سنة وكتبت صَحِيح البُخَارِيّ وَأَحْكَام الْمجد وَأَشْيَاء

وَله إجازات عالية عَام مولده من ابْن عبد الدَّائِم وَإِسْمَاعِيل بن عزون والنجيب وَابْن عَلان وَحدث فِي أَيَّام شَيْخه ابْن البُخَارِيّ

وَكَانَ حُلْو المحاضرة قوي المذاكرة عَارِفًا بِالرِّجَالِ والكبار لَا سِيمَا أهل زَمَانه وشيوخهم يتقن مَا يَقُوله وَلم يخلف فِي مَعْنَاهُ مثله وَلَا عمل أحد فِي الطّلب عمله

حج سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأخذ عَن مشيخة الْحَرَمَيْنِ وَخرج أَرْبَعِينَ بلدانية ثمَّ حج أَرْبعا بعد ذَلِك

ص: 39

وَفِي عَام وَفَاته توفّي بَين الْحَرَمَيْنِ محرما وغبطه النَّاس بذلك وَكَانَ باذلا لكتبه وأجزائه سَمحا فِي أُمُوره مؤثرا متصدقا رحوما مَشْهُورا فِي الْآفَاق مقصدا لمن يلْتَمس سَمَاعه

وَكَانَ هُوَ الَّذِي حبب إِلَيّ طلب الحَدِيث فَإِنَّهُ رأى خطي فَقَالَ خطك يشبه خطّ الْمُحدثين فأثر قَوْله فِي وَسمعت وتخرجت بِهِ فِي أَشْيَاء

ولي قِرَاءَة دَار الحَدِيث سنة عشْرين وَسَبْعمائة وَقِرَاءَة الظَّاهِرِيَّة وَحضر الْمدَارِس وتفقه مُدَّة بالشيخ تَاج الدّين عبد الرَّحْمَن وَصَحبه وَأكْثر عَنهُ وسافر مَعَه وجود الْقُرْآن على الرضى بن دبوقا وَتفرد بِبَعْض مروياته وَتخرج بِهِ الطّلبَة وَمَا أَظن الزَّمَان يسمح بِوُجُود مثله فَعِنْدَ ذَلِك نحتسب مصابنا بِمثلِهِ وَلَقَد حزن الْجَمَاعَة خُصُوصا رَفِيقه أَبُو الْحجَّاج شَيخنَا وَبكى عَلَيْهِ غير مرّة وَكَانَ كل مِنْهُمَا يعظم الآخر وَيعرف لَهُ فَضله وَكَانَ رحمه الله وَعَفا عَنهُ قد أقبل على الْخَيْر فِي

ص: 40

آخر عمره وَضعف وَحصل لَهُ فتق وَختم لَهُ بِخَير وَللَّه الْحَمد وانتقل إِلَى رضوَان الله تَعَالَى بخليص فِي بكرَة يَوْم الْأَحَد الرَّابِع من ذِي الْحجَّة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة عَن أَربع وَسبعين سنة وَنصف وَولي بعده مشيخة النورية شَيخنَا الْمزي ومشيخة القوصية ابْن رَافع ومشيخة النفيسية العَبْد وَبَاقِي وظائفه جمَاعَة ووقف كتبه وعقارا جيدا على الصَّدَقَة

قَرَأت على الْقَاسِم بن مُحَمَّد الْحَافِظ فِي سنة أَربع وَتِسْعين وسِتمِائَة أخْبركُم الْمُسلم بن عَلان وَأَجَازَ لنا الْمُسلم قَالَ أَنا حَنْبَل قَالَ أَنا ابْن الْحصين قَالَ أَنا الْمَذْهَب قَالَ أَنا أَحْمد بن جَعْفَر ثَنَا عبد الله بن أَحْمد ثَنَا أبي ثَنَا الشَّافِعِي أنبأ مَالك عَن دَاوُد بن الْحصين عَن أبي سُفْيَان عَن أبي سعيد رضي الله عنه قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَن الْمُزَابَنَة والمحاقلة والمزابنة اشْتِرَاء الثَّمر بِالتَّمْرِ فِي رُؤُوس النّخل والمحاقلة استكراء الأَرْض بِالْحِنْطَةِ وأخبرناه عَالِيا أَبُو الْفضل بن تَاج الْأُمَنَاء قِرَاءَة بالسفح عَن الْمُؤَيد بن مُحَمَّد الطوسي قَالَ لنا هبة الله بن سهل النَّيْسَابُورِي سنة ثَلَاثِينَ

ص: 41

وَخَمْسمِائة قَالَ أَنا سعيد بن مُحَمَّد الْبُحَيْرِي قَالَ أَنا زَاهِر بن أَحْمد الْفَقِيه قَالَ أَنا إِبْرَاهِيم بن عبد الصَّمد العباسي ثَنَا أَبُو مُصعب الزُّهْرِيّ ع وَأَنا الْحَافِظ أَبُو الْحُسَيْن بن الْفَقِيه أَنا مكرم بن مُحَمَّد قَالَ أَنا أَبُو يعلى حَمْزَة بن فَارس السّلمِيّ سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة ثَنَا أَبُو الْفَتْح نصر بن إِبْرَاهِيم الْفَقِيه قَالَ أَنا أَبُو بكر مُحَمَّد بن جَعْفَر الميماسي بعسقلان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ثَنَا مُحَمَّد الْعَبَّاس بن وصيف بغزة ثَنَا أَبُو عَليّ الْحسن بن الْفرج الْغَزِّي ثَنَا يحيى بن بكير المَخْزُومِي ح وَأَنا القَاضِي أَبُو مُحَمَّد بن علوان ببعلبك قَالَ أَنا بهاء الدّين بن إِبْرَاهِيم قَالَ أخبرتنا شهدة الكاتبة قَالَت أَنا أَحْمد بن عبد الْقَادِر اليوسفي ح وقرأته بحلب على أبي سعيد الثغري عَن عبد اللَّطِيف بن يُوسُف سَمَاعا قَالَ أَنا يحيى بن ثَابت بن بنْدَار قَالَ أَنا أبي قَالَا أَنا عُثْمَان بن مُحَمَّد العلاف قَالَ أَنا مُحَمَّد بن عبد الله الْبَزَّاز قَالَ أَنا إِسْحَاق بن الْحسن ثَنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن القعْنبِي ح وَأَنا إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن الْمعدل قَالَ أَنا الْبَهَاء عبد الرَّحْمَن قَالَ أَنا عبد الْحق بن يُوسُف قَالَ أَنا مُحَمَّد بن عبد الْملك الْأَسدي قَالَ أَنا عمر بن إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ قَالَ أَنا أَبُو بكر مُحَمَّد بن غَرِيب قَالَ أَنا أَحْمد بن مُحَمَّد الوشا ثَنَا سُوَيْد بن سعيد ح وَكتب إِلَيْنَا أَبُو مُحَمَّد بن هَارُون بن يُونُس قَالَ أَنا أَبُو الْقَاسِم بن بَقِي قَالَ أَنا مُحَمَّد بن عبد الْحق قَالَ أَنا مُحَمَّد بن

ص: 42

الْفرج الطلاعي قَالَ أَنا يُونُس بن مغيث قَالَ أَنا أَبُو عِيسَى يحيى بن عبيد الله بن يحيى بن يحيى اللَّيْثِيّ الْفَقِيه قَالَ أَنا عَم أبي عبيد الله بن يحيى بن يحيى ثَنَا أبي ح وقرأت على عَليّ بن مُحَمَّد وَجَمَاعَة عَن الْحُسَيْن بن الْمُبَارك وقرأت على أَحْمد بن عبد الْمُنعم الْقزْوِينِي قَالَ أَنا مُحَمَّد بن سعيد بِبَغْدَاد قَالَا أَنا أَبُو زرْعَة الْمَقْدِسِي قَالَ أَنا مكي بن عَلان سنة سبع وَثَمَانِينَ قَالَ أَنا القَاضِي أَبُو بكر الْحِيرِي ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس الْأَصَم قَالَ أَنا الرّبيع بن سُلَيْمَان قَالَ أَنا مُحَمَّد بن إِدْرِيس الإِمَام جَمِيعًا عَن مَالك بن أنس فَذكره إِلَّا مَا كَانَ من ابْن إِدْرِيس فَإِنَّهُ قَالَ عَن أبي سُفْيَان مولى بني أبي أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَو عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنهما قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَن الْمُزَابَنَة والمحاقلة وَذكر الحَدِيث فأظن الإِمَام رحمه الله كتبه من حفظه فتردد فِي اسْم الصاحب وَلَا يعد ذَلِك من الْعِلَل المؤثرة فَالْحَدِيث مخرج فِي الصَّحِيحَيْنِ لمَالِك من حَدِيث أبي سعيد رضي الله عنه بِلَا شكّ وَاسم أبي سُفْيَان قزمان تفرد بِهِ عَنهُ دَاوُد بن الْحصين أحد عُلَمَاء الْمَدِينَة وَإِن كَانَ غَيره أتقن مِنْهُ فقد قفز القنطرة وَاعْتَمدهُ مَالك وصاحبي الصَّحِيحَيْنِ كنيته أَبُو سُلَيْمَان العثماني مَوْلَاهُم يروي عَن عِكْرِمَة والأعرج وَطَائِفَة وثقة ابْن معِين وَغَيره وَأما سُفْيَان بن عُيَيْنَة فَقَالَ كُنَّا نتقي حَدِيثه وَقَالَ أَبُو زرْعَة لين الحَدِيث وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ لَوْلَا مَالِكًا حدث عَنهُ لترك حَدِيثه وَقَالَ إِمَام الصَّنْعَة عَليّ بن الْمَدِينِيّ مَا رَوَاهُ عَن عِكْرِمَة فمنكر وَقَالَ أَبُو دَاوُد

ص: 43

أَحَادِيثه عَن عِكْرِمَة مَنَاكِير وَعَن غَيره مُسْتَقِيم الحَدِيث وَقَالَ عَبَّاس بن مُحَمَّد الدوري هُوَ عِنْدِي ضَعِيف وَقَالَ ابْن عدي صَالح الحَدِيث

قلت هَذِه الْعبارَة فِي التوثيق منحطة عَن قَوْلهم ثِقَة وَحجَّة وَهِي من نعوت التَّعْدِيل لَا التجريح وَتَفْسِير الْمُزَابَنَة والمحاقلة يجوز أَن يكون من قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَيحْتَمل أَن يكون من تَفْسِير الصَّحَابِيّ رضي الله عنه أَو من بعده وَالله أعلم آخرهَا

ص: 44