الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة مؤلف جمع الفوائد رحمه الله تعالى من خلاصة الأثر للمحبي (4/ 204)
هو محمد بن محمد بن سليمان بن الفاسى- وهو اسم له لا نسبه إلى فاس - طاهر السوسي الروداني المغربي المالكي نزيل الحرمين الإمام الجليل المحدث المفنن، فرد الدنيا في العلوم كلها الجامع بين منطوقها ومفهومها والمالك لمجهولها ومعلومها، ولد في سنة سبع وثلاثين وألف بتارودنت بتاء مثناة من فوق بعدها ألف ثم راء مضمومة فواو ثم دال مهملة مفتوحة فنون ومثناة من فوق ساكنتان، قرية بسوس الأقصى وقرأ بالمغرب على كبار المشايخ من أجلهم قاضي القضاة مفتي مراكش ومحققها أبومهدى عيسى السكناني والعلامة محمد بن سعيد المريغني المركاشي ومحمد بن أبي بكر الدلائي وشيخ الإسلام سعيد بن إبراهيم المعروف بقدروه مفتي الجزائر وهو أجل مشايخه، ولازم العلامة أبا عبدالله محمد بن ناصر الدرعي أربعة أعوام في التفسير والحديث والفقه والتصوف وغيرها وصحبه وتخرج به. ثم رحل إلى المشرق ودخل مصر وأخذ عمن بها من أعيان العلماء كالنور الأجهوري والشهابين الخفاجي والقليوبي والمسند المعمر محمد بن أحمد الشوبري والشيخ سلطان وغيرهم وأجازوه، ثم رحل إلى الحرمين وجاور بمكة والمدينة سنين عديدة وهو مكب على التصنيف والإقراء، ثم توجه إلى الروم في سنة
إحدى وثمانين وألف صحبة مصطفى بيك أخى الوزير الفاضل، ومر بطريقه على الرملة وأخذ بها عن شيخ الحنفية خير الدين الرملي وبدمشق عن نقيب الشام وعالمها السيد محمد بن حمزة والمسند المعمر محمد بن بدر الدين بن بلبان الحنبلي ولما وصل إلى الروم حظى عند الوزير ومن دونه ومكث ثمه نحو سنة، ورجع إلى مكة المشرفة مجللا، وحصلت له الرياسة العظيمة التى لم يعهد مثلها، وفوض إليه النظر في أمور الحرمين مدة حتى صار شريف مكة لا يصدر إلا عن رأيه، وأنيطت به الأمور العامة والخاصة إلى أن مات الوزير فرق حاله وتنزل عما كان فيه. ثم ورد أمر السلطان إلى مكة سنة ثلاثة وتسعين وألف بإخراجه منها إلى بيت المقدس، وسببه عرض الشريف بركات أمير مكة فيه إلى السلطنة وطلب إخراجه من مكة بعد أن كان بينهم من المرابطه ما كان وعلى يده تمت له الشرافة ونهض الحظ وكان يوم ورود الأمر يوم عيد الفطر فألح عليه الشريف سعيد بن بركات شريف مكة يوم إذ وقاضى مكة في أمتثال الأمر السلطاني، فمتنع من الخروج في هذه الحالة وتعلل بالخوف من قطاع الطريق فأبى أن يسلم نفسه وماله فأمهل بعد علاج شديد وتشفع عند بعض الأشراف إلى مخرج الحج. ثم توجه صحبة الركب الشامي وأبقى أهله بمكة وأقام في دمشق في دار نقيب الأشراف سيدنا عبد الكريم بن حمزة حرص الله جانبه وجعل طوع أمره مجانبه، وأجتمعت به ثمة مره صاحبه فاضل العصر ودرة قلادة الفخر المولى أحمد بن لطفي المنجم المولوي نضرالله به وجه الفضائل وأبقاه مغبوطة به الأواخر من الأوائل، فرأيت مهابة العلم قد أخذت باطرافه وحلاوة المنطق في محاسن أوصافه. وأستمر بدمشق مدة
منفرد بنفسه لا يجتمع إلا بما قل من الناس وأشتغل مدة إقامته بتأليف كتاب الجمع بين الكتب الخمسة والموطأ على طريقة ابن الأثير في جامع الأصول إلا أنه أستوعب الروايات من الكتب الستة ولم يختصر كما فعل ابن الأثير، وله من التآليف الشاهدة بتبحره ودقة نظره مختصر التحرير في أصول الحنفية لابن الهمام وشرحه، ومختصر تلخيص المفتاح وشرحه والمختصر الذى ألفه في الهيئة والحاشية على التسهيل، والحاشية على التوضيح. وله منظومة في علم الميقات وشرحها، وله جدول جمع فيه مسائل العروض كلها وأخترع كرة عظيمة فاقت على الكرة القديمة والأسطرلاب، وانتشر في الهند واليمن والحجاز، وغير ذلك من الرسائل. وله فهرست يجمع مروياته وأشياخه سماها: صلة الخلف بموصول السلف، ذكر فيه أنه وقع له بالمغرب غرائب، منها أنه كان مجتازا على بلد العارف بالله تعالى أبى عبدالله محمد بن محمد الواورغتي الناولي وهو قاصد بلد أخرى فسأل عن البلد، فقيل له إن فيها شيخا مربيا صفته كذا وكذا، قال: فجذبني الشوق إليه ولم أملك نفسي حتى دخلت بلده فلما دخلت عليه ولقيته أمرني بملازمته ومذاكرة أولاده بالعلم، فقلت له: إنى طلبت كثيرا لكن إلى الآن ما فتح الله تعالى علي بشيء ولا أقدر على أستخراج كتابا ولا الأجرومية، وكنت إذ ذاك كذالك فقال لي: أجلس عندنا وأدرس أي كتاب شئت في أي علم شئت، ونطلب من الله تعالى أن يفتح لك فجلست ودرست طائفة من الكتب التى قرأتها، وكنت إذا توقفت في شيئ أحس بمعان تلقى على قلبي كأنها أجرام، وغالب تلك المعاني هي التي كانت مشايخنا تقررها لنا ولا نفهما ولا أتذكرها قبل ذلك، وأما علوم الأدب فإليه
النهاية فهيا، وكان صاحب الترجمة في الحكمة المنطق الطبيعي والإلهي الأستاذ الذي لا تنال مرتبته بالإكتساب، وكان يتقن فنون الرياضة إقليدس والهيأة والمخروطات والمتوصطات والمحبسات والمجسطي، ويعرف أنواع الحساب والمقابلة والأرتماطيقي وطريق الخطاءين والموسيقى والمساحة معرفة لا يشاركه فيه غيره إلا في ظواهر هذه العلوم دون دقائقها والوقوف على حقائقها وكان يبحث في العربية والتصريف بحثا تاما مستوفيا، وكان له في التفسير وأسماء الرجال وما يتعلق به يد طائلة، وكان يحفظ في التواريخ وأيام العرب ووقائعهم والأشعار والمحاضرات شيئا كثيرا، وكان في العلوم الغريبة كالرمل والأوفاق والحروف والسيميا والكيميا حاذقا أتم الحذق، وبالجملة فقد كان كما قال الشاعر في المعنى: وكان من العلوم بحيث يقضى: له في كل علم بالجميع وقد أخذ عنه بمكة والمدينة والروم خلق ومدحه جماعة وأثنوا عليه، وكانت وفاته بدمشق يوم الأحد عاشر ذي القعدة سنة أربع وتسعين وألف ودفن بالتربة المعروفة بالإيجية بسفح قسيون بوصية منه. انتهي بحذف. وكتابه "صلة الخلف بموصول السلف" نادرة في بابها جودة وأختيارا وترتيبا، ليس في فهارس أهل ذلك القرن - الحادى عشر- بالمشرق والمغرب ما يشابهها أو يقاربها عدا كنز أبي مهدي الثعلبي فإنه أجمع وأوسع، وبالجملة فنفسه فيها نفس المتقدمين، قال عنه الشمس ابن عابدين في "عقود اللألي" إنه سلك فيها سبيل الأطناب وأتى فيها بالعجب العجاب، أ هـ، ومعتمده فيها غالبا أسانيد الشمش بن طولون محدث الشام، أبتدئها بأسانيده العمومية إلى كبار المسندين، كابن حجر، ثم بحديث الأولية، ثم بأسانيد الكتب
العشرة، ثم أسانيد المصنفات مرتبة على حروف المعجم، ثم ختمها بأسانيده للفقه على المذاهب الأربعة وبقية العلوم.
ذكره الكتاني في فهرس الفهارس والإثبات، (1/ 246)