المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الاستعانة بالفاتحةعلى نجاح الأمورليوسف بن عبد الهادي - جمهرة الأجزاء الحديثية

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌الاستعانة بالفاتحةعلى نجاح الأمورليوسف بن عبد الهادي

كتاب

‌الاستعانة بالفاتحة

على نجاح الأمور

ليوسف بن عبد الهادي

ص: 369

بسم الله الرحمن الرحيم وهو حسبي

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

(1)

أخبرنا جماعة من شيوخنا أنا ابن المحب أنا جماعة من شيوخنا أنا ابن مكي أنا جدي السلَفي أنا أحمد بن محمد وأبو العباس الصالحاني وغيرهم قالوا أنا أبو نصر القاشاني أنا أبو محمد بن حيان ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن تميم ثنا ابن حميد ثنا زيد عن طلحة بن عمرو قال سمعت عطاء يقول إذا أردت حاجة فاقرأ بفاتحة الكتاب حتى تختمها تقضى إن شاء الله

(2)

أخبرنا الشيخ نور الدين الخليلي قراءة عليه وغيره إجازة أخبرتنا عائشة بنت عبد الهادي أنا الحجار أنا عبد اللطيف القبيطي أنا أبو المعالي الباجسرائي أنا أبو منصور المقرئ أنا أبو طاهر عبد الغفار بن محمد أنا أبو علي الصواف أنا أبو بكر الحميدي ثنا سفيان حدثني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة عن أبيه عن أبي هريرة قال

ص: 371

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال أثنى علي عبدي أو مجدني عبدي وإذا قال العبد مالك يوم الدين قال فوض إلي عبدي وإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين فهذه بين عبدي ولعبدي ما سأل اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين فهذه لعبدي ولعبدي ما سأل

احتج بعضهم من هذا الحديث على أنه ما قرأ أحد الفاتحة لقضاء حاجة وسأل حاجته إلا قضيت وقد قال العلامة في فاتحة الكتاب هي أم الكتاب والسبع المثاني والشفاء التام والدواء النافع والرقية التامة ومفتاح الغنى والفلاح وحافظة القوة ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها وأحسن تنزيلها على دائه وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها والسر الذي لأجله كان ذلك قال ولما وقع بعض الصحابة على ذلك رقى بها اللديغ فبرأ لوقته فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما أدراك أنها رقية

ص: 372

قال ومن ساعده التوفيق وأعين بنور البصيرة حتى وقف على أسرار هذه السورة وما اشتملت عليه من التوحيد ومعرفة الذات والأسماء والصفات والأفعال وإثبات الشرع والقدرة والمعاد وتجريد توحيد الربوبية والإلهية وكمال التوكل والتفويض إلى من له الأمر كله وله الحمد كله وبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين وعلم ارتباط معانيها بجلب مصالحهما ودفع مفاسدهما فإن العافية المطلقة التامة والنعمة الكاملة منوطة بها موقوفة على التحقيق بها أغنته عن كثير من الأدوية والرقى واستفتح بها من الخير أبوابه ودفع بها من الشر أسبابه

قال وهذا أمر يحتاج إلى استحداث فطرة أخرى وعقل آخر وإيمان آخر قال وتالله لا تجد مقالة فاسدة ولا بدعة باطلة إلا وفاتحة الكتاب متضمنة لردها وإبطالها بأقرب طريق وأصحها وأوضحها ولا تجد باباً من أبواب المعارف الإلهية وأعمال القلوب وأدويتها من عللها وأسقامها إلا وفي فاتحة الكتاب مفتاحه وموضع الدلالة عليه ولا منزلاً من منازل السائرين إلى رب العالمين إلا وبدايته ونهايته فيها ثم قال ولعمر الله إن شأنها لأعظم من ذلك وهي فوق ذلك وما تحصن عبدٌ بها وعقل عمن تكلم بها وأنزلها شفاءً تاماً وعصمة بالغة ونوراً مبيناً وفهمها وفهم لوازمها كما ينبغي ووقع في بدعة ولا شرك ولا أصابه مرض من أمراض القلوب إلا إلماماً غير مستقر

ص: 373

ثم قال هذا وإنها المفتاح الأعظم لكنوز الأرض كما إنها المفتاح لكنوز الجنة ولكن ليس كل أحد يحسن الفتح بهذا المفتاح قال ولو أن طلاب الكنوز وقفوا على سر هذه السورة وتحققوا معانيها وركبوا لهذا المفتاح أسناناً وأحسنوا الفتح به لوصلوا إلى تناول الكنز من غير معاون ولا ممانع ثم قال ولم نقل هذا الكلام مجازفة ولا استعارة بل حقيقة ولكن لله سبحانه وتعالى حكمة بالغة في إخفاء هذا السر عن نفوس أكثر العالمين كما له حكمة بالغة في إخفاء كنوز الأرض عنهم قال والكنوز المحجوبة قد استخدم عليها أرواح خبيثة شيطانية تحول بين الإنس وبينها ولا يقهرها إلا أرواح علوية شريفة غالبة لها بحالها الإيماني معها منه أسلحة لا تقوم لها الشياطين قال وأكثر نفوس الناس ليست بهذه المثابة ولا تقاوم تلك الأرواح ولا تقهرها ولا تنال من سلبها شيئاً فإن من قتل قتيلاً فله سلبه انتهى كلامه وهو كلام عظيم ولكنه من فضلها كغمسة عصفور منقره في البحر أو قطرة شربها منه وقد كان شيخنا أبو الفرج ابن الحبال في كثرة استعمالها لقضاء

ص: 374

الحوائج ونجاح أمرها على أمر عظيم بحيث إنه إذا كتب لأحد حرزاً كتبها أولا، ثم قرأ عليه ثم قرأها عند طيه وكان إذا

كتب لأحد رسالة قرأها عليها وقد شاهدت أنا من نجاح الأمور بها أمراً عظيماً فقل حاجة من الحوائج تعرض لي من الحوائج الدنيوية والأخروية فأقرؤها عليها إلا قضيت ونجح أمرها وكم من حاجة تعسرت واستدت طرقها وحال دونها الموانع فقرأتها لنجاحها فقضيت وعادت أتم ما كانت وكم من أمر تعسر فقرأتها له فتقشعت غيومه وزالت سحبه وأنارت شموسه وكم من أمر أهمنا تناوله فأنست المقادير قراءتها لتناوله بعد أن مدت اليد لأخذه حالت الحجب بينها وبينه واختطفت بعد أن توصل إلى اليد فأصبح لا يرى له أثر ولا يدرى كيف ذهب وهي سورة عظيمة فعليك رحمك الله بالإكثار منها على أمورك وحوائجك وأدوائك ومهماتك وكل ما عرض لك وتأمل ذلك تجد منه ما يظهر لك وهي سورة فضائلها كثيرة وأسرارها لا تحصى وإنما يعرف الجوهر أربابه والمسكن أصحابه والمعلم طلابه وبالله الاستعانة وهو ولي التوفيق

ص: 375

تم والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

فرغ منه يوسف بلن حسن بن عبد الهادي يوم السبت ثالث عشرين شهر صفر الخير من شهور سنة ست وتسعين وثمانمائة والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ص: 376