المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كتاب الصَّلَاة)   [448] فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسَرِهَا مَلِيءٍ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ - حاشية السيوطي على سنن النسائي - جـ ١

[الجلال السيوطي]

الفصل: ‌ ‌(كتاب الصَّلَاة)   [448] فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسَرِهَا مَلِيءٍ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ

(كتاب الصَّلَاة)

[448]

فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسَرِهَا مَلِيءٍ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ ذَكَرَ عَلَى مَعْنَى الْإِنَاءِ وَالطَّسْتُ مُؤَنَّثَةٌ حِكْمَةً وَإِيمَانًا مَنْصُوبَانِ عَلَى التَّمْيِيزِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَأَمَّا جَعْلُ الْإِيمَانِ وَالْحِكْمَةِ فِي

ص: 217

الْإِنَاءِ وَإِفْرَاغُهُمَا مَعَ أَنَّهُمَا مَعْنَيَانِ وَهَذِهِ صِفَةُ الْأَجْسَامِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الطَّسْتَ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ يَحْصُلُ بِهِ كَمَالُ الْإِيمَانِ وَالْحِكْمَةِ وَزِيَادَتُهُمَا فَسُمِّيَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُمَا وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْمَجَازَاتِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ أَوْ تُمَثَّلُ لَهُ صلى الله عليه وسلم الْمَعَانِي كَمَا تُمَثَّلُ لَهُ أَرْوَاحُ الْأَنْبِيَاءِ الدَّارِجَةِ بِالصُّوَرِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ مَا سَفَلَ مِنَ الْبَطن فَمَا تَحْتَهُ من الْمَوَاضِع الَّتِي ترق جُلُودُهَا وَاحِدُهَا مَرَقٌ قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ لَا وَاحِد

ص: 218

لَهَا لَمْ يَعُودُوا آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ بِنَصْبِ آخِرِ عَلَى الظَّرْفِ وَرَفْعُهُ على تَقْدِير

ص: 219

ذَلِكَ آخِرُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ دُخُولِهِ قَالَ وَالرَّفْعُ أَوْجَهُ هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ الْمُرَادُ هن خمس

ص: 221

عَدَدًا بِاعْتِبَارِ الْفِعْلِ وَخَمْسُونَ اعْتِدَادًا بِاعْتِبَارِ الثَّوَابِ

[450]

بِبَيْتِ لَحْمٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَعَرَفْتُ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ صِرَّى قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ حَتْمٌ وَاجِبَةٌ وَعَزِيمَةٌ وَجِدٌّ وَقِيلَ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ صَرَّ إِذَا قَطَعَ

ص: 222

وَقِيلَ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ أَصْرَرْتُ الشَّيْءَ إِذَا لَزِمْتُهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ هَذَا فَهُوَ بِالصَّادِ وَالرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَقَالَ أَبُو مُوسَى إِنَّهُ صِرِّيٌّ بِوَزْنِ جِنِّيٌّ وَصَرِّيُّ الْعَزْمِ أَيْ ثَابِتُهُ وَمُسْتَقَرُّهُ وَقَالَ بن فَارِسٍ الْإِصْرَارُ الثَّبَاتُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْعَزْمُ عَلَيْهِ يُقَالُ هَذِهِ يَمِينٌ صِرَّى أَيْ جِدٌّ الْمُقْحِمَاتُ أَيِ الذُّنُوبُ الْعِظَامُ الَّتِي تُقْحِمُ أَصْحَابَهَا فِي النَّار أَي تلقيهم فِيهَا حشوته بِالضَّمِّ وَالْكَسْر الامعاء

ص: 224

[455]

فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ زَادَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ لِمَ انْتَصَبَ رَكْعَتَيْنِ قُلْتُ بِالْحَالِيَّةِ فَإِنْ قُلْتَ مَا حُكْمُ لَفْظِ رَكْعَتَيْنِ الثَّانِي قُلْتُ هُوَ تَكْرَارُ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَهُمَا بِالْحَقِيقَةِ عِبَارَةٌ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوَ مَثْنَى وَذَلِكَ كَالْحُلْوِ الْحَامِضِ الْقَائِمِ مَقَامَ الْمِزِّ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ تُرِكَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ لِطُولِ الْقِرَاءَةِ وَصَلَاةُ الْمغرب لِأَنَّهَا وتر النَّهَار

ص: 225

[458]

جَاءَ رَجُلٌ قِيلَ هُوَ ضَمَّامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ ثَائِرَ الرَّأْسِ بِالرَّفْعِ عَلَى الصِّفَةِ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مُنْتَشِرَ الشَّعْرِ نَسْمَعُ بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ وَبِالْيَاءِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ الْمَضْمُومَةِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَكَذَا وَلَا يُفْهَمُ دَوِيَّ بِفَتْحِ الدَّالِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا شِدَّةُ الصَّوْتِ وَبُعْدُهُ فِي الْهَوَاءِ فَإِذَا هُوَ إِذَا لِلْفُجَاءَةِ وَيَجُوزُ فِي يَسْأَلُ الْخَبَرِيَّةُ وَالْحَالِيَّةُ عَنِ الْإِسْلَامِ أَيْ عَنْ شَرَائِعِهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ مَرْفُوعٌ لِأَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ يُرِيدُ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَأَصْلُهُ تَتَطَوَّعُ فَمَنْ شَدَّدَ أَدْغَمَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الطَّاءِ لِقُرْبِ الْمَخْرَجِ وَمَنْ خَفَّفَ حَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ اخْتِصَارًا لِتَخِفَّ الْكَلِمَةُ قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ اسْتثِْنَاء

ص: 226

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ تُرِكَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ لِطُولِ الْقِرَاءَة وَصَلَاة الْمغرب لِأَنَّهَا وتر النَّهَار

ص: 227

مُنْقَطِعٌ مَعْنَاهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَكَ أَنْ تَطَوَّعَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّنْقِيحِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ أَخْبَرَ بِفَلَاحِهِ ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِالشَّرْطِ الْمُتَأَخِّرِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ سَبَبَ فَلَاحِهِ صِدْقُهُ الثَّانِي أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ أُرِيدَ بِهِ مُسْتَقْبَلٌ الثَّالِثُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَى حَرْفِ الشَّرْطِ وَالنِّيَّةُ بِهِ التَّأْخِيرُ كَمَا أَنَّ النِّيَّةَ بِقَوْلِهِ إِنْ صَدَقَ التَّقْدِيمُ وَالتَّقْدِيرُ إِنْ صَدَقَ أَفْلَحَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قِيلَ هَذَا الْفَلَاحُ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ لَا أَنْقُصُ خَاصَّةً وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْمَجْمُوعِ يَعْنِي إِذَا لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ كَانَ مُفْلِحًا لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَمَنْ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ فَهُوَ مُفْلِحٌ وَلَيْسَ فِي هَذَا أَنَّهُ إِذَا أَتَى بِزَائِدٍ لَا يَكُونُ مُفْلِحًا لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِالضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ إِذَا أَفْلَحَ بِالْوَاجِبِ فَلَأَنْ يُفْلِحَ بِالْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ أَوْلَى قَالَ الْقُرْطُبِيُّ قِيلَ مَعْنَاهُ لَا أُغَيِّرُ الْفُرُوضَ الْمَذْكُورَةَ بِزِيَادَةٍ فِيهَا وَلَا نُقْصَانٍ مِنْهَا وَقَالَ بن الْمُنِيرِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ يَتَعَلَّقُ بِالْإِبْلَاغِ لِأَنَّهُ كَانَ وَافِدَ قَوْمِهِ لِيَتَعَلَّمَ وَيُعَلِّمَهُمْ وَقَالَ الطِّيبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ صَدَرَ مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّصْدِيقِ وَالْقَبُولِ أَيْ قَبِلْتُ كَلَامَكَ قَبُولًا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ السُّؤَالِ وَلَا نُقْصَانَ فِيهِ من طَرِيق الْقبُول قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَهَذِهِ الِاحْتِمَالَاتُ الثَّلَاثَةُ مَرْدُودَةٌ بِرِوَايَةِ لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ فِي الصِّيَامِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ أَقَرَّهُ عَلَى حَلِفِهِ وَقَدْ وَرَدَ النَّكِيرُ عَلَى مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَهَذَا جَارٍ عَلَى

ص: 228

الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا إِثْمَ عَلَى تَارِكِ غَيْرِ الْفَرَائِضِ فَهُوَ مُفْلِحٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ فلاحا مِنْهُ

ص: 229

أَرَأَيْتُمْ أَيْ أَخْبِرُونِي لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا مِنْ دَرَنِهِ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاء وَنون أَي وسخه

[463]

أَنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ قَالَ الْحافِظُ هُوَ تَوْبِيخٌ لِتَارِكِ الصَّلَاةِ وَتَحْذِيرٌ لَهُ مِنْ كُفْرٍ أَيْ سَيُؤَدِّيهِ ذَلِكَ إِلَيْهِ إِذَا تَهَاوَنَ بِالصَّلَاةِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْكُفْرِ كُفْرًا يُبِيحُ الدَّمَ لَا كُفْرًا يَرُدُّهُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاء وَقد روى عَن النَّبِي أَنَّهُ جَعَلَ إِقَامَتَهَا مِنْ أَسْبَابِ حَقْنِ الدَّمِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ قِيلَ هُوَ لِمَنْ تَرَكَهَا جَاحِدًا وَقِيلَ أَرَادَ الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّهُمْ يُصَلُّونَ رِيَاءً وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ وَلَوْ تَرَكُوهَا فِي الظَّاهِرِ كَفَرُوا وَقِيلَ أَرَادَ بِالتَّرْكِ تَرْكَهَا مَعَ الْإِقْرَارِ بِوُجُوبِهَا أَوْ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا وَلِذَلِكَ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ بذلك حملا للْحَدِيث على الظَّاهِر

ص: 231

[466]

إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَلَاتُهُ لَا يُنَافِي حَدِيثَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ لِأَنَّ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَظَالِمِ الْعِبَادِ وَهَذَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ قَالَ اُنْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ يُكْمِلُ لَهُ مَا ضَيَّعَ مِنْ فَرِيضَةٍ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ سَائِرُ الْأَعْمَالِ تجرى على حسب ذَلِك قَالَ بن الْعَرَبِيِّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُكْمَلَ لَهُ مَا نَقَصَ مِنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَأَعْدَادِهَا بِفَضْلِ التَّطَوُّعِ وَيَحْتَمِلُ مَا نَقَصَهُ مِنَ الْخُشُوعِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ وَسَائِرُ الْأَعْمَالِ كَذَلِكَ وَلَيْسَ فِي الزَّكَاةِ الأفرض أَوْ فَضْلٌ فَلَمَّا تَكَمَّلَ فَرْضُ الزَّكَاةِ بِفَضْلِهَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَفَضْلُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْسَعُ وَوَعْدُهُ أَنْفَذُ وَكَرَمُهُ أَعَمُّ وَأَتَمُّ وَفِي أَمَالِي الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إِنَّ النَّوَافِلَ مِنَ الصَّلَوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُكْمَلُ بهَا الْفَرَائِض المعني بذلك أَنَّهَا

ص: 232

الْإِيمَانِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْكُفْرِ كُفْرًا يُبِيحُ الدَّمَ لَا كُفْرًا يَرُدُّهُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ جَعَلَ إِقَامَتَهَا مِنْ أَسْبَابِ حَقْنِ الدَّمِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ قِيلَ هُوَ لِمَنْ تَرَكَهَا جَاحِدًا وَقِيلَ أَرَادَ الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّهُمْ يُصَلُّونَ رِيَاءً وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ وَلَوْ تَرَكُوهَا فِي الظَّاهِرِ كَفَرُوا وَقِيلَ أَرَادَ بِالتَّرْكِ تَرْكَهَا مَعَ الْإِقْرَارِ بِوُجُوبِهَا أَوْ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا وَلِذَلِكَ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ بِذَلِكَ حملا للْحَدِيث على الظَّاهِر

ص: 233

تَجْبُرُ السُّنَنَ الَّتِي فِي الصَّلَوَاتِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْدِلَ شَيْءٌ مِنَ السُّنَنِ وَاجِبًا أَبَدًا إِذْ يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم حِكَايَةً عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ أَحَدٌ بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ فَفُضِّلَ الْفَرْضُ عَلَى النَّفْلِ سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ يُعَضِّدُهُ الظَّاهِرُ إِلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ مُرَتَّبَانِ عَلَى حَسَبِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ وَلَا يُمْكِننَا أَنْ نَقُولَ إِنَّ ثَمَنَ دِرْهَمٍ مِنَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ تَرْبُو مَصْلَحَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمِ تَطَوُّعٍ وَأَنَّ قيام

ص: 234

الدَّهْرِ كُلِّهِ لَا يَعْدِلُ رَكْعَتَيِ الصُّبْحِ هَذَا على خلاف قَوَاعِد الشَّرِيعَة بِالْهَاجِرَةِ هِيَ اشْتِدَادُ الْحَرِّ نِصْفَ النَّهَارِ عَنَزَةٌ هِيَ نِصْفُ الرُّمْحِ أَوْ أَكْبَرُ شَيْئًا وَفِيهَا سِنَان الرمْح

ص: 235

فَآذِنِّي بالمدأي أعلمني

[474]

مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ أَيْ بَطل قَالَ بن عَبْدِ السَّلَامِ الْمُرَادُ بِهَذَا تَعْظِيمُ الْمَعْصِيَةِ لَا حَقِيقَة اللَّفْظ وَيكون من مجَاز التَّشْبِيه

ص: 236

[478]

مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رُوِيَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ وُتِرَ بِمَعْنَى سُلِبَ وَهُوَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى أُخِذَ فَيَكُونُ أَهْلُهُ هُوَ الْمَفْعُول الَّذِي لم يسم فَاعله

ص: 238

[485]

يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ أَيْ تَأْتِي طَائِفَةٌ عَقِبَ طَائِفَةٍ ثُمَّ تَعُودُ الْأُولَى عقب الثَّانِيَة فَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّعَاقُبُ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ أَو رجلَيْنِ بِأَن يَأْتِي هذامرة وَيَعْقُبُهُ هَذَا وَضَمِيرُ فِيكُمْ لِلْمُصَلِّينَ أَوْ لِمُطْلَقِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْوَاوُ فِي يَتَعَاقَبُونَ عَلَامَةُ الْفَاعِلِ الْمَذْكُورِ الْجَمْعُ عَلَى لُغَةِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ جَزَمَ بِهِ جمَاعَة من الشُّرَّاح وَوَافَقَهُمْ بن مَالِكٍ وَالرَّضِيُّ وَتَعَقَّبَهُ أَبُو حَيَّانَ بِأَنَّ الطَّرِيقَ اخْتَصَرَهَا الرَّاوِي فَقَدْ رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِلَفْظِ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْحَفَظَةُ نَقَلَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ عَن الْجُمْهُور وَتردد بن بَرْزَةَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْأَظْهَرُ عِنْدَي أَنَّهُمْ غَيْرُهُمْ

ص: 240

قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَيُقَوِّيهِ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الْحَفَظَةَ يُفَارِقُونَ الْعَبْدَ وَلَا أَنَّ حَفَظَةَ اللَّيْلِ غَيْرُ حَفَظَةِ النَّهَارِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فِي رِوَايَةٍ الَّذِينَ كَانُوا وَهِيَ أَوْضَحُ لِشُمُولِهَا لِمَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَفِي الْأُولَى اسْتِعْمَالُ لَفْظِ بَاتَ فِي الْإِقَامَةِ مَجَازًا

[486]

تَفْضُلُ صَلَاةُ الْجَمْعِ عَلَى صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي حَدِيث بن عمر رضي الله عنه بِسبع

ص: 241

وَعِشْرِينَ دَرَجَةً فَقِيلَ الدَّرَجَةُ أَصْغَرُ مِنَ الْجُزْءِ فَكَأَنَّ الْخَمْسَ وَالْعِشْرِينَ إِذَا جُزِّئَتْ دَرَجَاتٍ كَانَتْ سَبْعًا وَعِشْرِينَ وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ فِيهَا أَنَّهَا أَفْضَلُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا ثُمَّ تَفَضَّلَ بِزِيَادَةِ دَرَجَتَيْنِ وَقِيلَ إِنَّ هَذَا بِحَسَبِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ فَمَنْ حَافَظَ عَلَى أَحْوَالِ الْجَمَاعَةِ وَاشْتَدَّتْ عِنَايَتُهُ بِذَلِكَ كَانَ ثَوَابُهُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ وَمَنْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ ثَوَابُهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَقِيلَ إِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى أَعْيَانِ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ فِي بَعْضِهَا سَبْعًا وَعِشْرِينَ وَفِي بَعْضهَا خمْسا وَعشْرين انْتهى زَاد بن سَيِّدِ النَّاسِ ثُمَّ قِيلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَخْتَلِفَ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ بِالْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهَلْ هَذِهِ الدَّرَجَاتُ أَوِ الْأَجْزَاءُ بِمَعْنَى الصَّلَوَاتِ فَيَكُونُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِمَثَابَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً أَوْ يُقَالُ إِنَّ لَفْظَ الدَّرَجَةِ وَالْجُزْءِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَا بِمِقْدَارِ الصَّلَاةِ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَفِي حَدِيثٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَعْدِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلَاةً مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ رَوَاهُ السَّرَّاجُ وَفِي لَفْظٍ لَهُ صَلَاةٌ مَعَ الْإِمَامِ أَفْضَلُ مِنْ خَمْسَة وَعِشْرِينَ صَلَاةً يُصَلِّيهَا وَحْدَهُ إِسْنَادُهُمَا صَحِيحٌ وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً انْتَهَى وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ عَامَّةُ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ إِلَّا بن عمر رضي الله عنه فَإِنَّهُ قَالَ بِسبع وَعشْرين

[488]

صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ اسْتِقْبَالَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ ثَابِتًا بِالْقُرْآنِ أَمْ بِاجْتِهَادِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ

ص: 242

لِأَصْحَابِنَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ كَانَ بِسُنَّةٍ لَا بِقُرْآنٍ وَقَوله بَيت الْمَقْدِسِ فِيهِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ إِحْدَاهُمَا فَتْحُ مِيمٍ وَسُكُونُ الْقَافِ وَكَسْرُ الدَّالِ الْمُخَفَّفَةِ وَالثَّانِيَةُ ضَمُّ الْمِيمِ وَفَتْحُ الْقَافِ وَالدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ أَمَّا مَنْ شَدَّدَهُ فَمَعْنَاهُ الْمُطَهَّرُ وَأَمَّا مَنْ خَفَّفَهُ فَقَالَ أَبُو عَلَيٍّ الْفَارِسِيُّ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا أَوْ مَكَانًا فَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا كَانَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَصَادِرِ وَإِنْ كَانَ مَكَانًا فَمَعْنَاهُ بَيْتُ الْمَكَانِ الَّذِي جَعَلَ فِيهِ الطَّهَارَةَ أَوْ بَيْتُ مَكَانِ الطَّهَارَةِ وَتَطْهِيرُهُ إِخْلَاؤُهُ مِنَ الْآثَامِ وَإِبْعَادُهُ مِنْهَا وَقَالَ الزَّجَّاجُ الْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ وَالْمُطَهَّرُ

ص: 243

وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ أَيِ الْمَكَانُ الَّذِي يُطَّهَّرُ فِيهِ من الذُّنُوب

[493]

بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِالْمَدِّ وَمَصْرُوفٌ وَمُذَكَّرٌ وَقِيلَ مَقْصُورٌ وَغَيْرُ مَصْرُوفٍ وَمُؤَنَّثٌ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ مَعْرُوفٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا قَالَ النَّوَوِيُّ رُوِيَ فَاسْتَقْبِلُوهَا بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ تَمام الْكَلَام بعده

ص: 244

[494]

فَقَالَ لَهُ عُرْوَة أما ان جِبْرِيل عليه السلام قَدْ نَزَلَ فَصَلَّى أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ بن مَالِكٍ أَمَا حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ بِمَنْزِلَةِ أَلَا وَلَا إِشْكَالَ فِي فَتْحِ هَمْزَةِ أَمَامَ بَلْ فِي كَسْرِهَا لِأَنَّ إِضَافَةَ أَمَامَ مَعْرِفَةٌ وَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ الْحَالِ فَيُوجِبُ جَعْلُهُ نَكِرَةً بِالتَّأْوِيلِ كَغَيْرِهِ مِنَ المعارف الْوَاقِعَة أحوالا كأرسلها العراك

ص: 245

[497]

عَنْ خَبَّابٍ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّ الرَّمْضَاءِ هِيَ الرَّمْلُ فَلَمْ يُشْكِنَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ شَكَوْنَا إِلَيْهِ حَرَّ الشَّمْسِ وَمَا يُصِيبُ أَقْدَامَهُمْ مِنْهُ إِذَا خَرَجُوا إِلَى صَلَاةِ الظَّهْرِ وَسَأَلُوهُ تَأْخِيرَهَا قَلِيلًا فَلَمْ يُشْكِهِمْ أَيْ لَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُزِلْ شَكْوَاهُمْ يُقَالُ أَشْكَيْتُ الرَّجُلَ إِذَا أَزَلْتُ شَكْوَاهُ وَإِذَا حَمَلْتُهُ عَلَى الشَّكْوَى قَالَ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُذْكَرُ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ رِوَايَةً قِيلَ لِأَبِي إِسْحَاقَ فِي تَعْجِيلِهَا قَالَ نَعَمْ وَالْفُقَهَاءُ يَذْكُرُونَهُ فِي السُّجُودِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَضَعُونَ أَطْرَافَ ثِيَابِهِمْ تَحْتَ جِبَاهِهِمْ فِي السُّجُودِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ لَمَّا شَكَوْا إِلَيْهِ مَا يَجِدُونَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُفْسِحْ لَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا عَلَى أَطْرَافِ ثِيَابِهِمْ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْهُ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالْإِبْرَادِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ طَلَبُوا زِيَادَةَ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ عَلَى وَقْتِ الْإِبْرَادِ فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ لَمْ يُحْوِجْنَا إِلَى الشَّكْوَى وَرَخَّصَ لَنَا فِي الابراد حَكَاهُ عَنهُ

ص: 246

مَوْضِعُ الْحَالِ فَيُوجِبُ جَعْلُهُ نَكِرَةً بِالتَّأْوِيلِ كَغَيْرِهِ من المعارف الْوَاقِعَة أحوالا كارسلها العراك

ص: 247

الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْأَحَادِيثُ كلهَا متواردة على معنى وَاحِد

[500]

فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ الْقَاضِي عَنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بِالصَّلَاةِ وَقِيلَ زَائِدَةٌ أَيْ أَبْرِدُوا الصَّلَاةَ يُقَالُ أَبْرَدَ الرَّجُلُ كَذَا إِذَا فَعَلَهُ فِي بَرْدِ النَّهَارِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ أَيْ شِدَّةِ غَلَيَانِهَا وَالْجُمْهُورُ حَمَلُوهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّشْبِيهِ وَالتَّقْرِيبِ أَيْ كَأَنَّهُ نَارُ جَهَنَّم فِي الْحر

ص: 249

[503]

كَانَ قَدْرُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرُ فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ إِلَى خَمْسَةِ أَقْدَامٍ وَفِي الشِّتَاءِ خَمْسَةُ أَقْدَامٍ إِلَى سَبْعَةِ أَقْدَامٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ قَدَمُ كُلِّ إِنْسَانٍ عَلَى قَدْرِ قَامَتِهِ وَهَذَا أَمْرٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَقَالِيمِ وَالْبِلَادِ لِأَنَّ سَبَبَ طُولِ الظِّلِّ وَقِصَرِهِ هُوَ انْحِطَاطُ الشَّمْسِ وَارْتِفَاعُهَا إِلَى سَمْتِ الرَّأْسِ فَكُلَّمَا كَانَتْ أَعْلَى وَإِلَى مُحَاذَاةِ الرَّأْسِ فِي مَجْرَاهَا أَقْرَبَ كَانَ الظِّلُّ أَقْصَرَ وَيَنْعَكِسُ وَلِذَلِكَ تَرَى ظِلَّ الشِّتَاءِ فِي الْبِلَادِ الشَّمَالِيَّةِ أَبَدًا أَطْوَلَ مِنْ ظِلِّ الصَّيْفِ فِي كل مَوضِع مِنْهَا وَكَانَت صلَاته عليه الصلاة والسلام بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَهُمَا مِنَ الْإِقْلِيمِ الثَّانِي وَيُذْكَرُ أَنَّ الظِّلَّ فِيهِمَا عِنْدَ الِاعْتِدَالِ فِي أَدَارَ وَأَيْلُولَ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ وَبَعْضُ قَدَمٍ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صَلَاتُهُ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ مُتَأَخِّرَةً عَنِ الْوَقْتِ الْمَعْهُودِ قَبْلَهُ إِلَى أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ خَمْسَةَ أَقْدَامٍ أَوْ خَمْسَةً وَشَيْئًا وَيَكُونُ فِي الشِّتَاءِ أَوَّلُ الْوَقْتِ خَمْسَةُ أَقْدَامٍ وَآخِرُهُ سَبْعَةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَشَيْئًا فَيَنْزِلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا التَّقْدِير

ص: 251

فِي ذَلِك الاقليم دون سَائِر الأقاليم

[505]

لَمْ يَظْهَرِ الْفَيْءُ قِيلَ مَعْنَاهُ لَمْ يَزَلْ وَقِيلَ لَمْ يَعْلُ السَّطْحَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ومعارج عَلَيْهَا يظهرون

[506]

إِلَى قُبَاءٍ الْأَفْصَحُ فِيهِ الْمَدُّ وَالتَّذْكِيرُ وَالصَّرْفُ وَهُوَ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ حَيَّةٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ حَيَّاتُهَا وُجُودُ حَرِّهَا وَصَفَاءُ لَوْنِهَا قَبْلَ أَنْ يَصْفَرَّ وَيَتَغَيَّرَ أَيْ مُرْتَفِعَةٌ وَالتَّحْلِيقُ الِارْتِفَاعُ وَمِنْهُ حَلَّقَ الطَّائِرُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ أَيْ صَعِدَ وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ عَنْ شَمِرٍ قَالَ تَحْلِيقُ الشَّمْسِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ارتفاعها وَمن آخِره انحدارها

ص: 252

[511]

تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ جَلَسَ يَرْقُبُ الْعَصْرَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ قِيلَ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَظَاهِرِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُحَاذِيهَا بِقَرْنَيْهِ عِنْدَ غُرُوبِهَا وَكَذَا عِنْدَ طُلُوعِهَا لِأَنَّ الْكُفَّارَ يَسْجُدُونَ لَهَا حِينَئِذٍ فَيُقَارِنُهَا لِيَكُونَ السَّاجِدُونَ لَهَا فِي صُورَةِ السَّاجِدِينَ لَهُ وَقِيلَ هُوَ عَلَى الْمَجَازِ وَالْمُرَادُ بِقَرْنَيْهِ عُلُوُّهُ وَارْتِفَاعُهُ وَسُلْطَانُهُ وَغَلَبَةُ أَعْوَانِهِ وَسُجُودُ مُطِيعِيهِ مِنَ الْكُفَّارِ لِلشَّمْسِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ تَمْثِيلٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّ تَأْخِيرَهَا تَزْيِينُ الشَّيْطَانِ وَمُدَافَعَتُهُ بِهِمْ عَنْ تَعْجِيلِهَا كَمُدَافَعَةِ ذَوَاتِ الْقُرُونِ لِمَا تَدْفَعُهُ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا الْمُرَادُ بِالنَّقْرِ سُرْعَةُ الْحَرَكَاتِ كَنَقْرِ الطَّائِرِ

ص: 253

[512]

الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ رُوِيَ بِنَصْبِ اللَّامَيْنِ وَرَفْعِهِمَا وَالنَّصْبُ هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَمَعْنَاهُ أُنْزِعَ مِنْهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَهَذَا تَفْسِيرُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ نُقِصَ هُوَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَسُلِبَهُمْ فَبَقِيَ بِلَا أَهْلٍ وَلَا مَالٍ فَلْيَحْذَرْ مِنْ تَفْوِيتِهَا كَحَذَرِهِ من ذهَاب أَهله وَمَاله وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْفِقْهِ أَنَّهُ كَاَلَّذِي يُصَابُ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ إِصَابَةً يَطْلُبُ بهَا وترا وَالْوتر

ص: 255

[519]

حَاجِبُ الشَّمْسِ قِيلَ هُوَ طَرَفُ قُرْصِ الشَّمْسِ الَّذِي يَبْدُو عِنْدَ الطُّلُوعِ وَيَغِيبُ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَقِيلَ النَّيَازِكُ الَّتِي تَبْدُو إِذَا كَانَ طُلُوعُهَا وَفِي الصِّحَاحِ حَوَاجِبُ الشَّمْسِ نَوَاحِيهَا ثُمَّ أَبْرَدَ بِالظُّهْرِ وَأَنْعَمَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ أَطَالَ الا براد وَأَخَّرَ الصَّلَاةَ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ أَنْعَمَ الْفِكْرَ فِي الشَّيْء إِذا أَطَالَ التفكر فِيهِ

ص: 258

[521]

أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنِ بْنِ جُبَيْرَةَ قَالَ الْحافِظُ زَكِيُّ الدِّينِ الْمُنْذِرِيُّ هَكَذَا فِي الْأَصْلِ وَهُوَ خَطَأٌ فِي الِاسْمَيْنِ وَالصَّوَابُ خَيْرُ بْنُ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّبَائِيُّ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا عَلَى الصِّحَّةِ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي الْأَطْرَافِ بِالْمُخَمَصِ بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ مِيمٍ مَفْتُوحَتَيْنِ مَوضِع مَعْرُوف

ص: 259

[522]

مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ بِالْمُثَلَّثَةِ أَيِ انْتِشَارُهُ وَثَوَرَانُ حُمْرَتِهِ مِنْ ثَارَ الشَّيْءُ يَثُورُ إِذا انْتَشَر وارتفع

ص: 260

[524]

وَكَانَ الْفَيْءُ هُوَ الظِّلُّ بَعْدَ الزَّوَالِ قَدْرَ الشِّرَاكِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى وَجْهِهَا وَقَدْرُهُ هُنَا لَيْسَ عَلَى مَعْنَى التَّحْدِيدِ وَلَكِنْ زَوَالُ الشَّمْسِ لَا يَبِينُ إِلَّا بِأَقَلَّ مَا يُرَى مِنَ الظِّلِّ وَكَانَ حِينَئِذٍ بِمَكَّةَ هَذَا الْقَدْرُ وَالظِّلُّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ فِي مِثْلِ مَكَّةَ مِنَ الْبِلَادِ الَّتِي يَقِلُّ فِيهَا الظِّلُّ فَإِذَا كَانَ أَطْوَلُ النَّهَارِ وَاسْتَوَتِ الشَّمْسُ فَوْقَ الْكَعْبَةِ لَمْ يُرَ لِشَيْءٍ مِنْ جَوَانِبِهَا ظِلٌّ فَكُلُّ بَلَدٍ يَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى خَطِّ الِاسْتِوَاءِ وَمُعَدَّلُ النَّهَارِ يَكُونُ الظِّلُّ فِيهِ أَقْصَرَ وَكُلَّمَا بَعُدَ عَنْهُمَا إِلَى جِهَةِ الشِّمَالِ يَكُونُ الظِّلُّ فِيهِ أَطْوَلَ الْعَنَقِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّون وقاف سير سريع

ص: 261

[525]

تَدْحَضُ الشَّمْسُ أَيْ تَزُولُ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ إِلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ كَأَنَّهَا دَحَضَتْ أَيْ زَلَقَتْ

ص: 262

[526]

سَطَعَ الْفجْر أَي ارْتَفع

ص: 263

[527]

إِذا وَجَبت الشَّمْس أَي سَقَطت

ص: 264

[539]

وبيص خَاتمه هُوَ البريق وزنا وَمعنى

ص: 268

[540]

لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ قَالَ الطِّيبِيُّ وُضِعَ الْمُضَارِعُ مَوْضِعَ الْمَاضِي لِيُفِيدَ اسْتِمْرَارَ الْعِلْمِ مَا فِي النِّدَاءِ أَيِ الْأَذَانِ وَرُوِيَ بِهَذَا اللَّفْظِ عِنْدَ السَّرَّاجِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ زَادَ أَبُو الشَّيْخِ فِي رِوَايَتِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ أَوْ هُوَ الْمُبَكِّرُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَمْرَيْنِ وَالِاسْتِهَامُ الِاقْتِرَاعُ وَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي التَّهْجِيرِ أَيِ التَّبْكِيرِ إِلَى الصَّلَوَاتِ قَالَ الْهَرَوِيُّ وَحَمَلَهُ الْخَلِيلُ وَغَيْرُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالُوا الْمُرَادُ الْإِتْيَانُ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِأَنَّ التَّهْجِيرَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْهَاجِرَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ نِصْفَ النَّهَارِ وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ الْمُرَادُ الِاسْتِبَاقُ مَعْنًى لَا حِسًّا لِأَنَّ الْمُسَابَقَةَ عَلَى الْأَقْدَامِ

ص: 269

حِسًّا مُقْتَضَى السُّرْعَةِ فِي الْمَشْيِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ

[542]

لَا تغلبنكم الْأَعْرَاب على اسْم صَلَاتكُمْ أَلا إِنَّهَا الْعِشَاءُ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْعُظَمَاءَ إِذَا سَمَّوْا شَيْئًا بِاسْمٍ فَلَا يَلِيقُ الْعُدُولُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَنْقِيصٌ لَهُمْ وَرَغْبَةٌ عَنْ صَنِيعِهِمْ وَتَرْجِيحٌ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَلِيق وَالله سُبْحَانَهُ تَعَالَى سَمَّاهَا فِي كِتَابِهِ الْعِشَاءَ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ بعد صَلَاة الْعشَاء فَيَقْبُحُ بَعْدَ تَسْمِيَةِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ الْعُدُولُ إِلَى غَيره مُتَلَفِّعَاتٍ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَالتَّلَفُّعُ هُوَ التَّلَفُّفُ إِلَّا أَنَّ فِيهِ زِيَادَةٌ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ فَكُلُّ مُتَلَفِّعٍ مُتَلَفِّفٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُتَلَفِّفٍ مُتَلَفِّعًا بِمُرُوطِهِنَّ جَمْعُ مِرْطٍ وَهُوَ الْكِسَاءُ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ لِلنِّسَاءِ وَقَالَ بن فَارِسٍ هِيَ مِلْحَفَةٌ يُؤْتَزَرُ بِهَا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَقِيلَ الْمِرْطُ كِسَاءُ صُوفٍ مُرَبَّعٌ سُدَاهُ شَعْرٌ

ص: 270

[548]

أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَسْفَرَ الصُّبْحُ إِذَا انْكَشَفَ وَأَضَاءَ قَالُوا يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ حِينَ أَمَرَهُمْ بِتَغْلِيسِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا كَانُوا يُصَلُّونَهَا عِنْدَ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ حِرْصًا وَرَغْبَةً فَقَالَ أَسْفِرُوا بِهَا أَيْ أَخِّرُوهَا إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ الثَّانِي وَيَتَحَقَّقَ وَيُقَوِّي ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لِبِلَالٍ نَوِّرْ بِالْفَجْرِ قَدْرَ مَا يُبْصِرُ الْقَوْمُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِمْ وَقِيلَ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْإِسْفَارِ خَاصٌّ بِاللَّيَالِي الْمُقْمِرَةِ لِأَنَّ أَوَّلَ الصُّبْحِ لَا يتَبَيَّن فِيهَا فَأمروا بالأسفار احْتِيَاطًا

ص: 271

المرط كسَاء صوف مربع سداه شعر

ص: 272

[552]

وَيُصَلِّي الصُّبْحَ إِلَى أَنْ يَنْفَسِحَ الْبَصَرُ أَيْ يَتَّسِع

ص: 273

[560]

ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رُوِيَ بِأَوْ وَبِالْوَاوِ وَهِيَ الْأَظْهَرُ وَيَكُونُ مُرَادُ النَّهْيِ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَالدَّفْنِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ أَثَرُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَأَمَّا رِوَايَةُ أَوْ فَفِيهَا إِشْكَالٌ إِلَّا إِذَا قُلْنَا إِنَّ أَوْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا قَالَهُ الْكُوفِيُّ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ هِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَقَائِمُ الظَّهِيرَةِ قَائِمُ الظِّلِّ الَّذِي لَا يزِيد

ص: 275

وَلَا يَنْقُصُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَذَلِكَ يَكُونُ مُنْتَصَفَ النَّهَارِ حِينَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ قِيَامُ الشَّمْسِ وَقْتَ الزَّوَالِ مِنْ قَوْلِهِمْ قَامَتْ بِهِ دَابَّتُهُ أَيْ وَقَفَتْ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا بَلَغَتْ وَسَطَ السَّمَاءِ أَبْطَأَتْ حَرَكَةَ الظِّلِّ إِلَى أَنْ تَزُولَ فَيَحْسَبُ النَّاظِرُ أَنَّهَا قَدْ وَقَفَتْ وَهِيَ سَائِرَةٌ لَكِنَّ شَيْئًا لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ سَرِيعٌ كَمَا يَظْهَرُ قَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَهُ فَيُقَالُ لِذَلِكَ الْوُقُوفِ الْمُشَاهَدِ قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ أَيْ تَمِيلُ يُقَال ضافت تضيف إِذا مَالَتْ

ص: 276

تبزغ أَي تطلع

ص: 278

[572]

مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ أَيْ تَحْضُرُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَتَشْهَدُهَا قِيدَ رُمْحٍ أَيْ قَدْرَهُ وَتُسْجَرُ أَيْ توقد قَالَ الْخطابِيّ قَوْله تسجر جَهَنَّم وَبَين قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ وَأَمْثَالِهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي أَكْثَرُهَا يَتَفَرَّدُ الشَّارِعُ بِمَعَانِيهَا يَجِبُ عَلَيْنَا التَّصْدِيقُ بِهَا وَالْوُقُوفُ عِنْدَ الْإِقْرَارِ بِصِحَّتِهَا وَالْعَمَلُ بِمُؤَدَّاهَا قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِي قَطُّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَعْنِي مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي شُغِلَ

ص: 280

عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ إِنَّهُ دَاوَمَ عَلَيْهِمَا فَأَخْبَرَتْ هُنَا عَنِ الدَّوَامِ وَإِلَّا فَقَبْلَ هَذَا لَمْ يَكُنْ يُصَلِّيهِمَا بعد الْعَصْر كَأَنَّهَا حجفة أَي ترس

ص: 283

[591]

وَفَحْمَةُ الْعِشَاءِ هِيَ إِقْبَالُ اللَّيْلِ وَأَوَّلُ سَوَادِهِ

ص: 287

[596]

إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَيْ إِذَا اهْتَمَّ بِهِ وَأَسْرَعَ فِيهِ وَقَالَ جَدَّ يَجُدُّ وَيَجِدُّ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ وَجَدَّ بِهِ الْأَمْرُ وَأَجَدَّ الْأَمْرُ وجد فِيهِ إِذا اجْتهد أوحزبه أَمر أَي نزل بِهِ مُهِمّ إِلَّا بِجمع هِيَ مُزْدَلِفَة

ص: 288

[609]

فَقُلْتُ لَهُ الصَّلَاةَ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ الْوَجْهُ النَّصْبُ عَلَى تَقْدِيرِ أَتُرِيدُ الصَّلَاةَ أَوْ أَتُصَلِّي الصَّلَاة

ص: 289

الا بِجمع هِيَ مُزْدَلِفَة

ص: 292

[614]

أَو يغْفل بِضَم الْفَاء

ص: 294

[617]

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْيُصَلِّهَا أَحَدُكُمْ مِنَ الْغَدِ لوَقْتهَا قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ رَوَي أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَقْضِيهَا لِمِيقَاتِهَا مِنَ الْغَدِ قَالَ أَيَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ وَالْجَمْعُ أَنَّ ضَمِيرَ فَلْيُصَلِّهَا رَاجِعٌ إِلَى صَلَاةِ الْغَدِ أَيْ فَلْيُؤَدِّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ كُلَّ يَوْمٍ بِلَا زِيَادَةٍ عَلَيْهَا فَتَتَّفِقُ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ غَيره

ص: 295

[619]

يُونُس عَن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً الْحَدِيثَ رَوَى أَبُو أَحْمَدُ الْحَاكِمُ فِي مَجْلِسٍ مِنَ الْعَالِيَةِ من طَرِيق معمر عَن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ نَامَ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى وَقَالَ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا حِينَ ذَكَرَهَا ثُمَّ قَرَأَ أقِم الصَّلَاة لذكري قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي مَجْمُوعٍ لَهُ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ إِسْنَادَهُ صَحِيحٌ قَالَ وَيَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ لَمْ يَقَعْ بَيَانُ جِبْرِيلَ إِلَّا فِي الظُّهْرِ وَقَدْ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ فَيُقَالُ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَائِمًا وَقْتَ الصُّبْحِ وَالنَّائِمُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ قَالَ وَهَذِهِ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ قُلْتُ وَقَدْ أَخَذْتُ هَذَا مِنْهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَذَكَرْتُهُ فِي كِتَابِ أَسْبَابِ الْحَدِيثِ ثُمَّ خَطَرَ لِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ الْإِسْرَاءَ الَّذِي هُوَ الْمِعْرَاجُ بَلْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ فِي السَّفَرِ وَنَامَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَعْرُوفٌ بِذِكْرِهِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَأَسْرَيْنَا لَيْلَةً فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَامَ وَنَامَ النَّاسُ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِالشَّمْسِ الْحَدِيثَ فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْإِسْرَاءِ وَبُرَيْدٌ بِمُوَحَّدَةٍ وَرَاءٍ مُصَغَّرٌ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُول

ص: 296

أقِم الصَّلَاة للذِّكْرَى قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ هَكَذَا قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ نَعَمْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ بِلَامَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَقْصُورٌ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّذَكُّرِ أَي لوقت تذكرها وَلَيْسَت فِي السَّبع

ص: 297

عِصَابَةٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْجَمَاعَةُ مِنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الْأَرْبَعِينَ وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا وَيُجْمَعُ على عصائب

[624]

مَنْ يَكْلَؤُنَا أَيْ يَحْفَظُنَا وَيَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ يُنْصَبُ عَلَى الظَّرْفِ لَا نَرْقُدَ عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ التَّقْدِيرُ لِئَلَّا نَرْقُدَ فَلَمَّا حَذَفَ اللَّامَ وَإِنْ رُفِعَ الْفِعْلُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرْوَى بِالنَّصْبِ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ إِلَّا أَنَّهُ حَذَفَ الْفَاءَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ أَيْ يَكْلَؤُنَا غَيْرَ رَاقِدِينَ فَيَكُونُ حَالًا مُقَدَّرَةً أَيْ يَكْلَؤُنَا فَنُفْضِي إِلَى تَيَقُّظِنَا وَقْتَ الْفَجْرِ فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ النَّوْمِ وَمَعْنَاهُ حَجْبُ الصَّوْتِ وَالْحِسِّ أَنْ يَلِجَ آذَانَهُمْ فَيَنْتَبِهُوا

ص: 298

فَكَأَنَّهَا ضُرِبَ عَلَيْهَا حِجَابٌ أَدْلَجَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَدْلَجَ بِالتَّخْفِيفِ إِذَا سَارَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَادَّلَجَ بِالتَّشْدِيدِ إِذَا سَارَ مِنْ آخِرِهِ وَالِاسْمُ مِنْهُمَا الدُّلْجَةُ وَالدَّلْجَةُ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الْإِدْلَاجَ لِلَّيْلِ كُلِّهِ عَرَّسَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ التَّعْرِيسُ نُزُولُ الْمُسَافِرِ آخِرَ اللَّيْلِ لِلنَّوْمِ وَالِاسْتِرَاحَةِ يُقَالُ مِنْهُ عَرَّسَ تَعْرِيسًا وَأَعْرَسَ والمعرس مَوضِع التَّعْرِيس

ص: 299