المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كتاب الْأَذَانِ)   [626] فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ يُقَدِّرُونَ حِينَهَا لِيَأْتُوا - حاشية السيوطي على سنن النسائي - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

الفصل: ‌ ‌(كتاب الْأَذَانِ)   [626] فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ يُقَدِّرُونَ حِينَهَا لِيَأْتُوا

(كتاب الْأَذَانِ)

[626]

فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ يُقَدِّرُونَ حِينَهَا لِيَأْتُوا إِلَيْهَا وَالْحِينُ الْوَقْتُ مِنَ الزَّمَانِ

[632]

وَنَحْنُ عَنْهُ مُتَنَكِّبُونَ يُقَالُ نَكَّبَ عَنِ الطَّرِيقِ إِذَا عَدَلَ عَنْهُ وَتَنَكَّبَ أَيْ تَنَحَّى وَأَعْرَضَ

ص: 2

[633]

فَعَلَّمَنِي كَمَا تُؤَذِّنُونَ الْآنَ بِهَا اللَّهُ أَكْبَرُ الله أكبر الخ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ فَائِدَةُ الْأَذَانِ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا الْإِعْلَامُ بِالصَّلَاةِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْحِيدِهِ وَتَصْدِيقِ رَسُولِهِ وَتَجْدِيدِ التَّوْحِيدِ فَإِنَّهَا تَرْجَمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ تَرَاجِمَ لَا يُؤَلِّفُهَا إِلَّا اللَّهُ وَطَرْدُ الشَّيْطَانِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اعْلَمْ أَنَّ الْأَذَانَ كَلِمَاتٌ جَامِعَةٌ لِعَقِيدَةِ الْإِيمَانِ وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى نَوْعَيْهِ مِنَ الْعَقْلِيَّاتِ وَالسَّمْعِيَّاتِ فَابْتَدَأَ بِإِثْبَاتِ الذَّاتِ بِقَوْلِهِ اللَّهُ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْكَمَالِ وَالتَّنْزِيهِ عَنْ أَضْدَادِهَا الْمُضَمَّنَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَلَى قِلَّةِ كَلِمِهَا وَاخْتِصَارِ صِيغَتِهَا مُشْعِرَةٌ بِمَا قُلْنَاهُ لِمُتَأَمِّلِهِ ثُمَّ صَرَّحَ بِإِثْبَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ وَالْإِلَهِيَّةِ وَنَفْيِ ضِدِّهَا مِنَ الشَّرِكَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ فِي حَقِّهِ وَهَذِهِ هِيَ عُمْدَةُ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ الْمُقَدَّمَةُ عَلَى سَائِرِ وَظَائِفِهِ ثُمَّ صَرَّحَ بِإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ وَالشَّهَادَةِ بِالرِّسَالَةِ لِنَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام وَرِسَالَتِهِ لِهِدَايَةِ الْخَلْقِ وَدُعَائِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَمَوْضِعُهَا بَعْدَ التَّوْحِيدِ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ الْجَائِزَةِ الْوُقُوعِ وَتِلْكَ الْمُقَدِّمَاتُ مِنْ بَابِ الْوَاجِبَاتِ وَهُنَا كَمَّلَ تَرَاجِمَ الْعَقَائِدِ الْعَقْلِيَّاتِ فِيمَا يَجِبُ وَيَسْتَحِيلُ وَيَجُوزُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى ثُمَّ دَعَا إِلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ فَصَرَّحَ بِالصَّلَاةِ وَرُتْبَتِهَا بَعْدَ إِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ إِذْ مَعْرِفَةُ وُجُوبِهَا مِنْ جِهَتِهِ عليه الصلاة والسلام لَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ ثُمَّ دَعَا إِلَى الْفَلَاحِ وَهُوَ الْفَوْزُ وَالْبَقَاءُ فِي التَّنْعِيمِ الْمُقِيمِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ مِنَ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ وَهِيَ آخِرُ تَرَاجِمِ الْعَقَائِدِ الْإِسْلَامِيَّةِ ثمَّ كرر ذَلِك عِنْد

ص: 5

ث دَعَانِي حِينَ قَضَيْتُ التَّأْذِينَ فَأَعْطَانِي صُرَّةً فِيهَا شَيْء من فضَّة اسْتدلَّ بِهِ بن حِبَّانَ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ وَعَارَضَ بِهِ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ وَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ هَذَا مُتَقَدِّمٌ قَبْلَ إِسْلَامِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الرَّاوِي لِحَدِيثِ النَّهْيِ

ص: 6

فَحَدِيثُ عُثْمَانَ مُتَأَخِّرٌ بِيَقِينٍ الثَّانِي أَنَّهَا وَاقِعَةٌ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ بَلْ أَقْرَبُ الِاحْتِمَالَاتِ فِيهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّأْلِيفِ لِحَدَاثَةِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ كَمَا أَعْطَى حِينَئِذٍ غَيْرَهُ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَوَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إِذَا تَطَرَّقَ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ سَلَبَهَا الِاسْتِدْلَالَ لِمَا يَبْقَى فِيهَا مِنَ الْإِجْمَالِ

ص: 7

إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِلْإِعْلَامِ بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِتَأْكِيدِ الْإِيمَانِ وَتَكْرَارُ ذِكْرِهِ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعِبَادَةِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَلِيَدْخُلَ الْمُصَلِّي فِيهَا عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِهِ وَبَصِيرَةٍ مِنْ إِيمَانِهِ وَيَسْتَشْعِرَ عِظَمَ مَا دَخَلَ

ص: 9

فِيهِ وَعَظَمَةَ حَقِّ مَنْ يَعْبُدُهُ وَجَزِيلَ ثَوَابِهِ على عِبَادَته

[636]

أَهْلِ حِوَائِنَا الْحِوَاءُ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ بُيُوتٌ مُجْتَمِعَةٌ من النَّاس على مَاء

ص: 10

[641]

وَلْيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْمُخَفَّفَةِ يُسْتَعْمَلُ هَكَذَا لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا تَقُولُ رَجَعَ زَيْدٌ وَرجعت زيدا قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَمَنْ رَوَاهُ بِالضَّمِّ وَالتَّثْقِيلِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَالْمَعْنَى لِيَرُدَّ الْقَائِمَ الْمُتَهَجِّدَ إِلَى رَاحِلَتِهِ لِيَقُومَ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ نَشِيطًا أَوْ يَكُونَ لَهُ نِيَّة فِي الصّيام فيتسحر

ص: 11

[645]

الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ بِمَدِّ صَوْتِهِ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ الْجَيِّدُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مَدَى صَوْتِهِ وَهُوَ ظَرْفُ مَكَانٍ وَأَمَّا مَدُّ صَوْتِهِ فَلَهُ وَجْهٌ وَهُوَ يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ مَسَافَةَ صَوْتِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ بِمَعْنَى الْمَكَانِ أَيْ مُمْتَدِّ صَوْتِهِ وَفِي الْمَعْنَى عَلَى هَذَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مَعْنَاهُ لَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُ تَمْلَأُ هَذَا الْمَكَانَ لَغَفَرْتُ لَهُ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِخْبَارًا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى لَوْ جِئْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا أَي بملئها مِنَ الذُّنُوبِ وَالثَّانِي يُغْفَرُ لَهُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا فَعَلَهُ فِي زَمَانٍ مُقَدَّرٍ بِهَذِهِ الْمَسَافَةِ

ص: 13

[653]

فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى الْمَاطِرَةِ وَإِسْنَادُ الْمَطَرِ إِلَى اللَّيْلَةِ مَجَازٌ إِذِ اللَّيْلُ ظَرْفٌ لَهُ لَا فَاعِلٌ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي أَنْبَتَ الرَّبِيعُ الْبَقْلَ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ مَجَازٌ فِي الْإِسْنَادِ أَوْ فِي أَنْبَتَ أَوْ فِي الرَّبِيعِ وَسَمَّاهُ السَّكَّاكِيُّ اسْتِعَارَةً بِالْكِنَايَةِ أَوِ الْمَجْمُوعُ مَجَازٌ عَنِ الْمَقْصُودِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ أَنَّهُ الْمَجَازُ

ص: 15

[662]

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْم الخَنْدَق قَالَ بن سيد النَّاس اخْتلف الرِّوَايَاتُ فِي الصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَفِي حَدِيث جَابر أَنَّهَا الْعَصْر وَفِي حَدِيث

ص: 16

الْعَقْلِيُّ فَإِنْ قُلْتَ لِمَ لَا تَجْعَلُهَا فَعِيلَةً بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ أَيْ مَمْطُورٌ فِيهَا وَحُذِفَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ قُلْتُ لِأَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهَا الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَلَا تَدْخُلُ تَاءُ التَّأْنِيثِ فِيهَا عِنْدَ ذِكْرِ موصوفها مَعهَا

ص: 17

[665]

أَو عَازِب عَن أَهله أَي بعيد

ص: 18

بن مَسْعُودٍ أَنَّهَا أَرْبَعٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَالصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي شُغِلَ عَنْهَا وَاحِدَةٌ هِيَ الْعَصْرُ وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْخَنْدَقَ كَانَتْ وَقْعَتُهُ أَيَّامًا فَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي تِلْكَ الْأَيَّام قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ وَهَذَا أَوْلَى مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنِ الْمُزَنِيِّ عَن الشَّافِعِي حَدثنَا بن أبي فديك عَن بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح جليل

ص: 19

[666]

يَعْجَبُ رَبُّكَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ يَعْظُمُ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَيَكْبُرُ لَدَيْهِ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَتَعَجَّبُ الْآدَمِيُّ مِنَ الشَّيْءِ إِذَا عَظُمَ مَوْقِعُهُ عِنْدَهُ وَخَفِيَ عَلَيْهِ سَبَبُهُ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا يَعْرِفُونَ لِيَعْلَمُوا مَوْقِعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عِنْدَهُ وَقِيلَ مَعْنَى عَجِبَ رَبُّكَ رَضِيَ وَأَثَابَ فَسَمَّاهُ عَجَبًا مَجَازًا وَلَيْسَ بِعَجَبٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ فِي رَأْسِ شَظِيَّةِ الْجَبَلِ بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسَرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ قِطْعَةٌ مُرْتَفعَة فِي رَأس الْجَبَل

ص: 20

[670]

إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ قَالَ عِيَاضٌ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّهُ جِسْمٌ مُتَغَذٍّ يَصِحُّ مِنْهُ خُرُوجُ الرِّيحِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ شِدَّةِ نِفَارِهِ فَإِذَا قُضِيَ النِّدَاءُ بِالْبِنَاءِ

ص: 21

لِلْمَفْعُولِ وَيُرْوَى بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ عَلَى إِضْمَارِ الْمُنَادَى أَقْبَلَ زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَوَسْوَسَ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَكْسُورِ قِيلَ هُوَ مِنْ ثَابَ إِذَا رَجَعَ وَقِيلَ مِنْ ثَوَّبَ إِذَا أَشَارَ بِثَوْبِهِ عِنْد الْفَزع لَا علام غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّثْوِيبِ هُنَا الْإِقَامَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ سَمِعْنَاهُ مِنْ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ بِضَمِّ الطَّاءِ وَضَبَطْنَاهُ عَنِ الْمُتْقِنِينَ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَمَعْنَاهُ يُوَسْوِسُ وَأَمَّا الضَّمُّ فَمِنَ الْمُرُورِ أَيْ يَدْنُو مِنْهُ فَيَمُرُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَلْبِهِ فَيَشْغَلُهُ لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ قَبْلُ إِنْ يَدْرِي بِالْكَسْرِ نَافِيَةٌ بِمَعْنَى لَا وَرُوِيَ بِالْفَتْحِ وَوَهَّاهُ الْقُرْطُبِيُّ فَإِنْ قِيلَ مَا الْحِكْمَةُ فِي هَرَبِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ دُونَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ فِي الصَّلَاةِ أُجِيبَ بِأَوْجُهٍ مِنْهَا أَنَّهُ يَهْرُبُ حَتَّى لَا يَسْمَعَ الْمُؤَذِّنَ فَيَشْهَدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ صَوْتَ الْمُؤَذّن جن وَلَا أنس الاشهد لَهُ وَقِيلَ لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى الْإِعْلَانِ بِشَهَادَةِ الْحق وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ عَلَى الْأَذَانِ هَيْبَةٌ يَشْتَدُّ انْزِعَاجُ الشَّيْطَانِ بِسَبَبِهَا لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَقَعُ فِي الْأَذَانِ رِيَاءٌ وَلَا غَفْلَةٌ عِنْدَ النُّطْقِ بِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ النَّفْسَ تَحْضُرُ فِيهَا فَيَفْتَحُ لَهَا الشَّيْطَان أَبْوَاب الوسوسة وَقَالَ بن بَطَّالٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الزَّجْرُ عَنْ خُرُوجِ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى لِئَلَّا يَكُونَ مُتَشَبِّهًا بِالشَّيْطَانِ

ص: 22

الَّذِي يفر عِنْد سَماع الْأَذَان

[673]

إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذّن قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ مِثْلَهُ عَقِبَ فَرَاغِهِ لَكِنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تَضَمَّنَتْ إِجَابَةَ كُلِّ كَلِمَةٍ عَقِبَهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُسَاوَاةُ

ص: 23

[679]

عَنِ الْحُكَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْكَافِ

[680]

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْحِمْصِيُّ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يَلْقَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ غَيْرُهُ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الْقُدَمَاءُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ شَيْخُ

ص: 26

الْبُخَارِيِّ مَعَ تَقَدُّمِهِ عَنْ أَحْمَدَ عَنْهُ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيقه حَدثنَا شُعَيْب هُوَ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ شُعَيْبًا تَفَرَّدَ بِهِ عَن بن الْمُنْكَدِرِ فَهُوَ غَرِيبٌ مَعَ صِحَّتِهِ قَالَ الْحافِظُ بن حجر وَقد توبع بن الْمُنْكَدِرِ عَلَيْهِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ بِفَرَاغِهِ وَأَنْ يَتَقَيَّدَ بِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ بِفَتْحِ الدَّالِ هِيَ الْأَذَانُ وَسُمِّيَتْ تَامَّةً لِكَمَالِهَا وَعِظَمِ موقعها وَقَالَ بن التِّينِ لِأَنَّ فِيهَا أَتَمَّ الْقَوْلِ وَهُوَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَرَبَّ مُنَادَى ثَانٍ أَوْ بدل لاصفة لِأَنَّ مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ أَنَّ اللَّهُمَّ لَا يَجُوزُ وَصْفُهُ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ أَيِ الَّتِي سَتَقُومُ أَيْ تُقَام وتحضر وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ إِنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ الْمَدْعُوِّ إِلَيْهَا حِينَئِذٍ وَقَالَ الطِّيبِيُّ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى قَوْلِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ هِيَ الدَّعْوَةُ التَّامَّةُ وَالْحَيْعَلَةُ هِيَ الصَّلَاةُ الْقَائِمَةُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَبِالْقَائِمَةِ الدَّائِمَةُ مِنْ قَامَ عَلَى الشَّيْءِ إِذَا دَامَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ بَيَانٌ لِلدَّعْوَةِ التَّامَّةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ فُسِّرَتْ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِأَنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ وَالْفَضِيلَةَ قَالَ بن حَجَرٍ أَيِ الْمَرْتَبَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى سَائِرِ الْخَلَائِقِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَنْزِلَةً أُخْرَى أَوْ تَفْسِيرًا لِلْوَسِيلَةِ وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ كَذَا وَرَدَ هُنَا مُعَرَّفًا وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ مُنَكَّرًا الَّذِي وَعَدْتَهُ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ قَالَ الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ الْوَعْدُ لِأَنَّ عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاقع كَمَا صَحَّ عَن بن عُيَيْنَة وَغَيره وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّفَاعَةُ إِلَّا حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي أَيْ وَجَبَتْ كَمَا فِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ أَوْ

ص: 27

نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ حَلَّتْ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ هُنَا وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ إِلَّا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ حَلَّتْ بِدُونِهَا وَهِيَ أَوْضَحُ لِأَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ مَنْ قَالَ وَهُوَ شَرْطِيَّةٌ وَحَلَّتْ جَوَابَهَا وَلَا يَقْتَرِنُ جَزَاءُ الشَّرْطِ بِإِلَّا وَتَأْوِيلُهَا أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى مَعْنَى لَا يَقُولُ ذَلِكَ أَحَدٌ إِلَّا حَلَّتْ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ جَعْلَ ذَلِكَ ثَوَابًا لِقَائِلِ ذَلِكَ مَعَ مَا ثَبَتَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِلْمُذْنِبِينَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ صلى الله عليه وسلم شَفَاعَاتٍ أُخْرَى كَإِدْخَالِ الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَكَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مَا يُنَاسِبُهُ وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِمَنْ قَالَهُ مُخْلِصًا مُسْتَحْضِرًا إِجْلَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا مَنْ قَصَدَ بِذَلِكَ مُجَرَّدَ الثَّوَابِ وَنَحْوِهِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ تحكم غير مرضِي

[681]

بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُرِيدُ بِهَا السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ الَّتِي تُصَلَّى بَيْنَ الْأَذَان وَالْإِقَامَة

ص: 28

[684]

خرج رجل من الْمَسْجِد بعد مَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِدَلِيلِ ظَاهِرِ نِسْبَتِهِ إِلَيْهِ فِي مَعْرِضِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَكَأَنَّهُ سَمِعَ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ بعد الْأَذَان فاطلق لفظ الْمعْصِيَة

ص: 29