الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كتاب الْمَسَاجِدِ)
مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا يُذْكَرُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ يُبْتَغَى فِيهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ إِسْنَادُ الْبِنَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مجَاز قَالَ بن الْجَوْزِيِّ مَنْ كَتَبَ اسْمَهُ عَلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي
يبنيه كَانَ بَعيدا من الْإِخْلَاص
[689]
مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِد أَي يتفاخروا
[690]
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلًا قَالَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى قُلْتُ وَكَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ عَامًا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِيهِ إِشْكَالٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالْمَسْجِدُ الْأَقْصَى بَنَاهُ سُلَيْمَانُ عليه السلام كَمَا أَخْرَجَهُ
النَّسَائِيّ من حَدِيث بن عُمَرَ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَسُلَيْمَانَ أَيَّامٌ طَوِيلَةٌ قَالَ أَهْلُ التَّارِيخِ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ قَالَ وَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ بِأَنْ يُقَالَ الْآيَةُ وَالْحَدِيثُ لَا يَدُلَّانِ عَلَى بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ وَسُلَيْمَانَ لِمَا بَيَّنَّا ابْتِدَاءً وَضْعَهُمَا لَهُمَا بَلْ ذَاكَ تَجْدِيدٌ لِمَا كَانَ أَسَّسَهُ غَيْرُهُمَا وَبَدَأَهُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ بَنَى الْبَيْتَ آدَمُ وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مِنْ وَلَدِهِ وَضَعَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مِنْ بَعْدِهِ بِأَرْبَعِينَ عَامًا انْتَهَى قُلْتُ بَلْ آدَمُ نَفْسُهُ هُوَ الَّذِي وَضعه أَيْضا قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ فِي كِتَابِ التِّيجَانِ لِابْنِ هِشَامٍ إِنَّ آدَمَ لَمَّا بَنَى الْكَعْبَةَ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالسَّيْرِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَنْ يَبْنِيَهُ فَبَنَاهُ ونسك فِيهِ
[691]
الصَّلَاةُ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله مَعْنَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِي وَعِنْدَ مَالِكٍ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنَّ الصَّلَاة فِي مَسْجِدي تفضله بِدُونِ الْألف
[693]
لَا ينهزه أَي لَا يحركه مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي الْمُرَادُ أَحَدُ بُيُوتِهِ لَا كُلِّهَا وَهُوَ بَيْتُ عَائِشَةَ الَّذِي صَارَ فِيهِ
[697]
تَمَارَى رَجُلَانِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ فَقَالَ رَجُلٌ هُوَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ وَقَالَ آخَرُ هُوَ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ مَسْجِدِي هَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا نَصٌّ بِأَنَّهُ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ وَرَدٌّ لِمَا يَقُولُهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّهُ مَسْجِدُ قُبَاءٍ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ قَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَسْجِدُ قُبَاءٍ وَهَذَا الحَدِيث أرجح وَأَصَح وأصرح وَقَالَ بن عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ الَّذِي يَلِيقُ بِالْقِصَّةِ أَنَّهُ مَسْجِدُ قُبَاءٌ قَالَ إِلَّا أَنَّهُ لَا نَظَرَ مَعَ الحَدِيث
قَبْرُهُ وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مَا بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَبَيْتِ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِلَفْظِ مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ قِيلَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ رَوْضَةٌ حَقِيقَةً بِأَنْ يُنْقَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ بِعَيْنِهِ فِي الْآخِرَةِ إِلَى الْجَنَّةِ وَقِيلَ هُوَ تَشْبِيهٌ مَحْذُوفُ الْأَدَاةِ أَيْ كَرَوْضَةٍ فِي نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَحُصُولِ السَّعَادَةِ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ مُلَازَمَةِ حِلَقِ الذِّكْرِ لَا سِيمَا فِي عده صلى الله عليه وسلم وَقِيلَ هُوَ مَجَازٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهِ تُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّةِ وَنقل بن زِيَالَةَ أَنَّ ذَرْعَ مَا بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الْقَبْرُ الْآنَ ثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَقِيلَ أَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ وَسُدُسٌ وَقِيلَ خَمْسُونَ إِلَّا ثُلثي ذِرَاع
[700]
لَا تشد قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِلَفْظِ النَّفْيِ وَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنِ السَّفَرِ إِلَى غَيْرِهَا الرِّحَالُ بِالْمُهْمَلَةِ جَمْعُ رَحل وَهُوَ الْبَعِير كالسرج للْفرس وكني بِشَدِّ الرِّحَالِ عَنِ السَّفَرِ لِأَنَّهُ لَازِمُهُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ وَالتَّقْدِيرُ لَا تُشَدُّ إِلَى مَوْضِعٍ مَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ أَيِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَيِ الْمُحَرَّمِ وَالْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الْحَرَمِ عَلَى الصَّحِيحِ وَمَسْجِدِي هَذَا الْمُرَادُ بِهِ مَسْجِدُ الصَّلَاةِ خَاصَّةً لَا كُلُّ الْحَرَمِ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى هُوَ أَيْضًا مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ وَسُمِّيَ الْأَقْصَى لِبُعْدِهِ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْمَسَافَةِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ بُقْعَةٌ لَهَا فَضْلٌ لِذَاتِهَا حَتَّى تُشَدَّ الرِّحَالُ إِلَيْهَا لِذَلِكَ الْفَضْلِ غَيْرَ الْبِلَادِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنَ الْبِلَادِ فَلَا تُشَدُّ إِلَيْهَا لِذَاتِهَا بَلْ لِزِيَارَةٍ أَوْ جِهَادٍ أَوْ علم أَو نَحْو ذَلِك
[701]
بيعتكم بِكَسْر الْبَاء
[702]
فِي عُرْضِ الْمَدِينَةِ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْجَانِبُ وَالنَّاحِيَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ثَامِنُونِي بِالْمُثَلَّثَةِ أَيِ اُذْكُرُوا لِي ثَمَنَهُ لِأَشْتَرِيَهُ مِنْكُمْ وَكَانَتْ فِيهِ خرب قَالَ بن الْجَوْزِيِّ الْمَعْرُوفُ فِيهِ فَتْحُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرُ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ جَمْعُ خَرِبَةٍ كَكَلِمٍ وَكَلِمَةٍ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ أَيْضًا كَسْرَ أَوَّلِهِ وَفَتْحَ ثَانِيهِ جَمْعُ خَرِبَةٍ كَعِنَبٍ وَعِنَبَةٍ عِضَادَتَيْهِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وضاد مُعْجمَة خشبتان من جانبيه
[703]
لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الزَّاي نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَطَفِقَ أَيْ جَعَلَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً هِيَ كِسَاءٌ لَهُ أَعْلَامٌ قَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ فِي تِلْكَ الْحَالِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ اسْتَشْكَلَ ذِكْرُ النَّصَارَى فِيهِ إِذْ نَبِيُّهُمْ عِيسَى عليه السلام وَهُوَ لَمْ يَمُتْ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ أَنْبِيَاءٌ أَيْضًا لَكِنَّهُمْ غَيْرُ مُرْسَلِينَ كَالْحَوَارِيِّينَ وَمَرْيَمَ فِي قَوْلٍ أَوْ ضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ أَنْبِيَائِهِمْ لِلْمَجْمُوعِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَوِ الْمُرَادُ الْأَنْبِيَاءُ وَكِبَارُ أَتْبَاعِهِمْ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ يُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ أَوِ الْمُرَادُ بِالِاتِّخَاذِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاعًا أَوِ اتِّبَاعًا فَالْيَهُودُ ابْتَدَعَتْ وَالنَّصَارَى اتَّبَعَتْ وَلَا رَيْبَ أَنَّ النَّصَارَى تُعَظِّمُ قُبُورَ جَمْعٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يُعَظِّمُهُمُ الْيَهُودُ
[704]
أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْمُهُا رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ وَأُمَّ سَلَمَةَ اسْمُهُا هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ إِنَّ أُولَئِكِ بِكَسْرِ الْكَافِ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ لَمَّا كَانَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَسْجُدُونَ لِقُبُورِ أَنْبِيَائِهِمْ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِمْ وَيَجْعَلُونَهَا قِبْلَةً يَتَوَجَّهُونَ فِي الصَّلَاةِ
نَحْوَهَا وَاتَّخَذُوهَا أَوْثَانًا لَعَنَهُمْ وَمَنَعَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ فَأَمَّا مَنِ اتَّخَذَ مَسْجِدًا فِي جِوَارِ صَالِحٍ وَقَصَدَ التَّبَرُّكَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ لَا التَّعْظِيمَ لَهُ وَلَا التَّوَجُّهَ نَحْوَهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِك الْوَعيد
[709]
آلْبِرَّ تُرِدْنَ بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ مَمْدُودَةً أَيِ الطَّاعَةَ وَالْعِبَادَة
[711]
يَحْمِلُ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ اسْمُهُ لَقِيطٌ وَقِيلَ الْمِقْسَمُ وَقِيلَ الْقَاسِمُ وَقِيلَ مُهَشِّمٌ وَقِيلَ هُشَيْمٌ وَقِيلَ مَاسِرٌ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَهَاجَرَ وَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ زَيْنَبَ وَمَاتَتْ مَعَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مصاهرته وَكَانَت وَفَاته فِي خلَافَة الصّديق بن الرّبيع بن عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ
شَمْسٍ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ عَلَى عَاتِقِهِ يَضَعُهَا إِذَا رَكَعَ وَيُعِيدُهَا إِذَا قَامَ قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله ادَّعَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِنَ الْخَصَائِصِ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ لِضَرُورَةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ دَعَاوَى بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُخَالِفُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ طَاهِرٌ وَمَا فِي جَوْفِهِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَثِيَابُ الْأَطْفَالِ وَأَجْسَادُهُمْ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى تُتَيَقَّنَ النَّجَاسَةُ وَالْأَعْمَالُ فِي الصَّلَاةِ لَا تُبْطِلُهَا إِذَا قَلَّتْ أَوْ تَفَرَّقَتْ وَدَلَائِلُ الشَّرْعِ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَاز ثُمَامَة بِضَم
الْمُثَلَّثَة بن أُثَالٍ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ آخِرُهُ لَامٌ
[713]
طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إِلَى أَخْذِ الْمَنَاسِكِ عَنْهُ وَلِذَلِكَ عَدَّهُ بَعْضُهُمْ مِنْ خَصَائِصِهِ وَاحْتَمَلَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ رَاحِلَتُهُ عُصِمَتْ مِنَ التَّلْوِيثِ حِينَئِذٍ كَرَامَةً لَهُ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ زَادَ مُسْلِمٌ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفتح الْجِيم وَنون عَصا محنية الرَّأْس
[717]
يَنْشُدُ ضَالَّةً بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الشِّينِ يُقَالُ نشدت الضَّالة فانا نَاشد إِذا
[718]
مَرَّ رَجُلٌ بِسِهَامٍ فِي الْمَسْجِدِ زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَةٍ قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا وَلِمُسْلِمٍ أَنَّ الْمَارَّ الْمَذْكُورَ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِالنَّبْلِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُذْ بنصالها زَاد البُخَارِيّ كَيْلا تخدش مُسلما
طَلَبْتُهَا وَأَنْشَدْتُهَا فَأَنَا مُنْشِدٌ إِذَا عَرَّفْتُهَا مِنَ النشيد وَهُوَ رفع الصَّوْت
[723]
البصاق فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ فِي الْمَسْجِدِ ظَرْفُ الْفِعْلِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْفَاعِلِ فِيهِ حَتَّى لَوْ بَصَقَ مَنْ هُوَ خَارِجُهُ فِيهِ تَنَاوَلَهُ النَّهْيُ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض أَنما يكون خَطِيئَةٌ إِذَا لَمْ يَدْفِنْهُ وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ دَفْنَهُ فَلَا وَرَدَّهُ النَّوَوِيُّ فَقَالَ هُوَ خِلَافُ صَرِيحِ الْحَدِيثِ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْجُمْهُورُ يَدْفِنُهَا فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ وَرَمْلِهِ وَحَصْبَائِهِ وَحَكَى الرُّويَانِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِدَفْنِهَا إِخْرَاجُهَا مِنَ الْمَسْجِد أصلا
[724]
فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ كَلَامٌ خَرَجَ
على التَّعْظِيم لشأن الْقبْلَة نُخَامَةً قِيلَ هِيَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الصَّدْرِ وَقِيلَ النُّخَاعَةُ بِالْعَيْنِ مِنَ الصَّدْرِ
وبالميم من الرَّأْس خلوقا بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة طيب مَعْرُوف
[733]
ان الْمَلَائِكَة تصلي على أحدكُم مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الرِّيحُ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مَا لَمْ يُحْدِثْ سوأ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَةَ تَفْسِير للأولى
[735]
نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ جَمْعُ عَطَنٍ وَهُوَ مَبْرَكُ الْإِبِلِ حَوْلَ الْمَاءِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ لَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا مِنْ جِهَةِ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَقَدْ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْإِبِلَ تَزْدَحِمُ فِي الْمَنْهَلِ فَإِذَا شَرِبَتْ رفعت رؤوسها وَلَا يُؤْمَنُ مِنْ تَقَارُبِهَا وَتَفَرُّقِهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَتُؤْذِي الْمُصَلِّي عِنْدَهَا أَوْ تُلْهِيهِ عَنْ صلَاته أَو تنجسه برشاش أبوالها
[738]
عَلَى الْخُمْرَةِ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ حَصِيرٌ وَنَسِيجَةُ خُوصٌ وَنَحْوُهُ سُمِّيَتْ خُمْرَةً لِأَنَّ خُيُوطَهَا مَسْتُورَةٌ بِسَعَفِهَا وَفِي النِّهَايَةِ هِيَ مِقْدَارُ مَا يَضَعُ الرَّجُلُ عَلَيْهِ وَجْهَهُ فِي سُجُودِهِ وَلَا يَكُونُ خمرة الا فِي هَذَا الْمِقْدَار
[739]
قَدِ امْتَرَوْا فِي الْمِنْبَرِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ مِنْ الامتراء وَهُوَ الشَّك وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ مِنَ الْمُمَارَاةِ وَهِيَ الْمُجَادَلَةُ إِلَى فُلَانَةٍ امْرَأَة قد سَمَّاهَا سهل قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُا قَالَ وَوَقَعَ فِي الذيل
لِأَبِي مُوسَى الْمَدِينِيِّ نَقْلًا عَنْ جَعْفَرٍ الْمُسْتَغْفِرِيِّ أَنَّ اسْمَهَا عُلَاثَةُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ قَالَ أَبُو مُوسَى وَصَحَّفَ فِيهِ جَعْفَرٌ أَوْ شَيْخُهُ وَإِنَّمَا هُوَ فُلَانَةٌ وَوَقَعَ عِنْدَ الْكِرْمَانِيِّ قِيلَ اسْمهَا عَائِشَة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَأَظُنُّهُ صَحَّفَ الْمُصَحَّفَ أَنْ مُرِي غُلَامَكِ النجار قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ عَلَى أَقْوَالٍ وَأَقْرَبُهَا مَا رَوَاهُ قَاسم بن أصبغ وبن سعد فِي شرف الْمُصْطَفى بِسَنَد فِيهِ بن لَهِيعَةَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ نَجَّارٌ وَاحِدٌ يُقَالُ لَهُ مَيْمُونُ فَذَكَرَ قِصَّةَ الْمِنْبَرِ وَقِيلَ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ جَابِرٍ بِسَنَدٍ فِيهِ مَتْرُوكٌ وَقِيلَ بِاَقْوَلٌ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ مُنْقَطِعٍ وَقِيلَ بِاَقْوَمٌ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَقِيلَ صُبَاحٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وموحدة خَفِيفَة وَآخره مُهْملَة ذكره بن بَشْكُوَالَ بِسَنَدٍ شَدِيدِ الِانْقِطَاعِ وَقَيلَ قَبِيصَةُ أَوْ قَبِيصَةُ الْمَخْزُومِيُّ مَوْلَاهُمْ ذَكَرَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي الصَّحَابَةِ بِسَنَدٍ مُرْسَلٍ وَقِيلَ كِلَابٌ مَوْلَى الْعَبَّاس رَوَاهُ بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِجَالُهُ ثِقَات الا الْوَاقِدِيّ وَقيل ميناء ذكره بن بَشْكُوَالَ بِسَنَدٍ مُعْضَلٍ وَقِيلَ تَمِيمُ الدَّارِيُّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن بن عُمَرَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ بَاشَرَ عَمَلَهُ بَلْ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ بن سَعْدٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْهُ وَإِنَّمَا عَمِلَهُ كِلَابٌ مولى الْعَبَّاس قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَأَشْبَهُ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَيْمُونُ لِكَوْنِ الْإِسْنَادِ مِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَاوِي الْحَدِيثِ وَأَمَّا الْأَقْوَالُ الْأُخَرُ فَلَا اعْتِدَادَ بِهَا لِوَهَائِهَا وَيَبْعُدُ جِدًّا أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهَا بِأَنَّ النَّجَّارَ كَانَتْ لَهُ أَسْمَاءٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَأَمَّا احْتِمَالُ كَوْنِ الْجَمِيعِ اشْتَرَكُوا فِي عَمَلِهِ فَمَنَعَ مِنْهُ قَوْلُهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ نَجَّارٌ وَاحِدٌ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَاحِدِ الْمَاهِرُ فِي صِنَاعَتِهِ وَالْبَقِيَّةُ أَعْوَانُهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ بِالْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ مَوْضِعٌ مِنْ عوالي الْمَدِينَة من جِهَة الشَّام وَجزم بن سَعْدٍ بِأَنَّ عَمَلَ الْمِنْبَرِ كَانَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِذِكْرِ الْعَبَّاسِ وَكَانَ قُدُومُ الْعَبَّاسِ بَعْدَ الْفَتْحِ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ وقدوم تَمِيم سنة تسع وَجزم بن
النَّجَّارِ بِأَنَّ عَمَلَهُ كَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَلَمْ يَزَلِ الْمِنْبَرُ عَلَى حَالِهِ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ حَتَّى زَادَهُ مَرْوَانُ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ سِتَّ دَرَجَاتٍ رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ وَهُوَ عَامِلُهُ عي الْمَدِينَةِ أَنْ يَحْمِلَ الْمِنْبَرَ إِلَيْهِ فَقُلِعَ فَأَظْلَمَتِ الْمَدِينَةُ وَفِي رِوَايَةٍ فَكُسِفَتِ الشَّمْسُ حَتَّى رَأَيْنَا النُّجُومَ فَخَرَجَ مَرْوَانُ فَخَطَبَ فَقَالَ إِنَّمَا أَمَرَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أَرْفَعَهُ فَدَعَا نَجَّارًا وَكَانَ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ فَزَادَ سِتَّ دَرَجَاتٍ وَقَالَ إِنَّمَا زِدْت فِيهِ حِين كثر النَّاس قَالَ بن النَّجَّارِ وَغَيْرُهُ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَا أُصْلِحَ مِنْهُ إِلَى أَنِ احْتَرَقَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتُّمِائَةٍ فَاحْتَرَقَ فَجَدَّدَ الْمُظَفَّرُ صَاحِبُ الْيَمَنِ سَنَةَ سِتِّ وَخَمْسِينَ مِنْبَرًا ثُمَّ أَرْسَلَ الظَّاهِرُ بِيبَرْسُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ مِنْبَرًا فَأُزِيلَ مِنْبَرُ الْمُظَفَّرِ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ إِلَى سَنَةِ عِشْرِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ الْمُؤَيَّدُ شِيخُو منبرا جَدِيدا ذكر ذَلِك الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَقَدِ احْتَرَقَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ أَيْضًا بَعْدَ ثَمَانِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ فَجَدَّدَهُ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ قَايِتْبَايْ وَعَمِلَ مِنْبَر جَدِيد فَأمر بهَا فَوضعت الضَّمِير للأعواد ورقى بِكَسْرِ الْقَافِ نَزَلَ الْقَهْقَرَى بِالْقَصْرِ الْمَشْيُ إِلَى خَلْفٍ فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ أَيْ عَلَى الْأَرْضِ إِلَى جَنْبِ الدَّرَجَةِ السُّفْلَى مِنْهُ وَلِتَعَلَّمُوا بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْديد اللَّام الثَّانِيَة أَي لتتعلموا