المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عطاء الخراساني عن الحسن عن جابر أن رسول الله صلى - حق الجار

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: عطاء الخراساني عن الحسن عن جابر أن رسول الله صلى

عطاء الخراساني عن الحسن عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الجيران ثلاثة: جار له حق وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق فأما الذي له حق واحد فجار مشرك لا رحم له، له حق الجوار، وأما الذي له حقان فجار مسلم لا رحم له، له حق الإسلام وحق الجوار. وأما الذي لا ثلاثة حقوق فجار مسلم ذو رحم له حق الإسلام وحق الجوار وحق الرحم) .

وأدنى حق الجوار أن لا تؤذيه بقتار قدرك إلا أن تفوح له منها.

‌‌

‌‌

‌‌

‌فصل

فإذا كان الجار صاحب كبيرة فلا يخلو إما إن يكون متستراً بها ويغلق بابه عليه فليعرض عنه ويتغافل عنه وإن أمكن أن ينصحه

ص: 46

في السر ويعظه فحسن وإن كان متظاهراً بفسقه مثل مكاس أو مرابي فتهجره هجراً جميلاً وكذا إن كان تاركاً للصلاة في كثير من الأوقات فمره بالمعروف وانهه عن المنكر مرة بعد أخرى وإلا فاهجره في الله لعله أن يرعوي ويحصل له انتفاع بالهجرة من غير أن تقطع عنه كلامك وسلامك وهديتك فإن رأيته متمرداً عاتياً بعيداً من الخير فأعرض عنه واجهد أن تتحول من جواره فقد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم تعوذ من جار السوء في دار الإقامة.

فصل

فإن كان الجار ديوثاً أو قليل الغيرة أو حريمه على غير الطريق المستقيم فتحول عنه أو فاجهد أن لا يؤذون زوجتك فإن في ذلك فساداً كثيراً وخف على نفسك المسكينة ولا تدخل منزله واقطع الود بكل ممكن وإن لم تقبل مني ربما حصل لك هوى وطمع وغلبت عن نفسك أو أنبك أو خادمك أو أختك وإن ألزمتهم بالتحويل عن جوارك فافعل بلطف وبرغبة وبرهبة.

فصل

فإن كان جارك رافضياً أو صاحب بدعة كبيرة فإن قدرت على تعليمه وهدايته فاجهد وإن عجزت فانجمع عنه ولا تواده ولا تصافه ولا تكون له مصادقاً ولا معاشراً والتحول أولى بك.

ص: 47

فصل

فإن كان جارك يهودياً أو نصرانياً في الدار أو في السوق أو في البستان فجاوره بالمعروف ولا تؤذه، كما جاء في الحديث:(الجيران ثلاثة جار له ثلاثة حقوق وهو القريب المسلم الجار، وجار له حقان حق الإسلام وحق الجوار وجار له حق واحد وهو غير المسلم له حق الجوار) .

فأما من جعل إجابة دعوتهم ديدنه وعاشرهم وباسطهم فإن إيمانه يرق وقد قال الله تعالى: (لا تَجِد قَوماً يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَاليَومِ الآخِرِ يوادُّونَ مِن حادَ اللَهَ وَرسولَهُ وَلَو كانوا آباءَهُم أَو أَبناءَهُم أو إِخوانَهُم أو عَشيرَتَهُم أُولَئِكَ كُتِبَ في قُلوبُهم الإيمانَ وَأَيدهم بِروحٍ مِنهُ) .

فإن انضاف إلى جواره الذكونه قرابتك أو ذوي رحمك فهذا حقه آكد، وكذا إن كان أحد أبويك ذمياً فإن للأبوين وللرحم حقاً فوق حقوق الجوار فأعط كل ذي حق حقه وكذا رد السلام فلا تبدأ أحداً من هؤلاء بسلام أصلاً وإذا سلم أحد منهم عليك فقل وعليكم أما كيف أصبحت كيف أمسيت فهذا لا بأس به وأن يقول منه غير إسراف ولا مبالغة في الرد قال الله تعالى:(فَسَوفَ يَأتي اللَهُ بِقَومٍ يُحِبُهم وَيُحِبونَهُ أَذِلَةً عَلى المُؤمِنينَ أَعِزَةً عَلى الكافِرينَ) .

ص: 48

فالمؤمن يتواضع للمؤمن ويتذللك لهم ويتعزز على الكافرين ولا يتضال لهم تعظيماً لحرمة الإسلام وإعزازاً للدين من غير أن تؤذيهم ولا تودهم كما تود المسلم.

والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

ص: 49