المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع: في بيان البديل عن جماعتا التكفير - حقيقة الجهاد في سبيل الله ومحرمة الخروج على حاكم المسلمين

[أبو بكر الجزائري]

الفصل: ‌الفصل الرابع: في بيان البديل عن جماعتا التكفير

‌الفصل الرابع: في بيان البديل عن جماعتا التكفير

الفصل الرابع: في بيان البديل عن جماعات التكفير.

إن البديل الحق عن جماعات التكفير والخروج عن الحكام وإشعال نار الحروب والفتن هو جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد الفساق وقد تبين هذا الجهاد في الفصل الأول من هذه الرسالة فليرجع إليه وليعمل به فإنه البديل الحق عن جهاد التكفير والخروج عن الحكام وإشعال نار الحرب بين المسلمين.

وأن الطريق الحق الموصل لتحقيق البديل بتفوق ونجاح هو إتباع وتطبيق ما يلي:

1-

عزم أهل القرية وأهل الحي في المدينة على أنهم إذا مالت الشمس إلى الغروب أو قفوا دولاب العمل فلا فلاح يرى في مزرعته ولا تاجر يرى في متجره ولا صانع يرى في مصنعه والجميع قد توضؤا وحملوا نسائهم وأطفالهم إلى بيت ربهم المسجد الجامع في قريتهم أو حي مدينتهم فإذا صلوا المغرب جلس لهم عالم بالكتاب والسنة من علماء سلف الأمة يعلمهم ليلة آية من كتاب الله تعالى وأخرى حديثا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وليحفظوا ليلة آية وليلة حديثا،

ص: 10

وليفهموا ما تدل عليه الآية وما يهدي إليه الحديث وذلك كل ليلة طوال العام على أن يعملوا بما علموا بجد وإخلاص وهذه حال تجعلهم علماء بشرع الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم ويومها تنعدم مظاهر الفسق والفجور والظلم والشر والفساد ويحل محلها الطهر والصلاح والبر والإحسان العام وذلك لقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} وصدق الله العظيم إذ الواقع شاهد بأن أعلم أهل القرية أو المدينة أتقى أهلها وأبعدهم عن الفسق والشر والفساد وذلك في البلاد الإسلامية عامة كما هو مشاهد معلوم وذلك ثمرة العلم الشرعي الذي عزمت الأمة على تحصيله في مساجدها كل ليلة والعمل به في مظاهر الحياة كلها.

2-

تكوين لجنة في كل مسجد جامع يجتمع فيه أفراد القرية نساء ورجالا كل ليلة كما تقدم لتعلم الكتاب والحكمة وتزكية النفوس وتطهيرها من أوضار الذنوب والآثام التي سببها الجهل والبعد عن الله ولتتكون اللجنة من إمام

ص: 11

المسجد والمربي فيه والمؤذن ورجل من صلحاء القرية أو الحي وعمدة الحي أو شيخ القرية.

3-

ومهمة هذه اللجنة هي:

أ- إيجاد صندوق مالي تجمع فيه الصدقات والزكوات والكفارات وذلك لصرفها على فقراء القرية أو الحي حتى لا يبقى من يسرق أو يشحذ أو يكذب ويغش ويحسد بسبب فقره واحتياجه وإن كان ذلك قد ينعدم تماما لتعلم أهل القرية أو الحي الكتاب والحكمة وتزكية نفوسهم بذلك وإنما من باب الفرض قلت هذا أما الفقر والحاجة فهما من منغصات الحياة فلا بد من وجودهما في الأمة سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا ولذا فرضت الزكاة والصدقات والكفارات والإحسان.

ب- إصلاح الفرد في القرية أو الحي إذا انجرف وظهر منه سوء وذلك بالخلوة به ووعظه وتذكيره وأمره بفعل ما ترك من واجب ونهيه عما فعل من مكروه فإن هو تاب واستقام فذاك وإلا يرفع أمره إلى المسئولين في الدولة لإصلاحه أو إبعاده.

ص: 12

ج- تكوين صندوق تعاوني تنمى فيه أموال أهل القرية أو الحي وذلك بأن يعلن المربي بعد مرور سنة على ذلك الإصلاح وتلك التربية الروحية يعلن أنه من الخير جمع ما زاد عن حاجة كل فرد أو أسرة في القرية أو الحي بشكل اشتراكات شهرية أو سنوية من كافة القادرين على ذلك ويوضع في صندوق هذا المسجد "الصندوق التعاوني" لينمى لهم ويسعدوا به فلا يمدون أيديهم إلى غير خالقهم جل جلاله وعظم سلطانه وليتجنبوا البنوك الربوية فلا يودعون فيها ولا ينمون إذ هي ذنب من كبائر الذنوب.

وأما كيف ينمى هذا المال؟ فالجواب الصواب هو:

ان ينمى في هذا الصندوق الذي وضع فيه كل مؤمن ومؤمنة من أفراد الحي أو القرية وضع فيه ما زاد على حاجته الضرورية اليومية ينمى فيما يرى أنه صالح للتنمية المالية وذلك كالتجارة والزراعة والصناعة بحسب المنطقة التي فيها أفراد القرية أو الحي والأرباح توزع على أصحابها بحسب ما أودعوا في هذا الصندوق كثرة وقلة سنوية لا تتقدم ولا تتأخر ومن ثمار هذا الصندوق أنه يسلف ويقرض أهل

ص: 13

القرية أو الحي إذا دعت الحاجة إلى ذلك بلا فائدة سوى الدعاء الصالح بالخير والبركة للصندوق وأهله.

ملحوظة: وإن قيل كيف يحفظ المال في صندوق المسجد؟

والجواب: أن مسجد القرية أو الحي الآن بعد تطبيق تلك الخطوة الربانية السالفة الذكر أصبح كمنحل النحل لا يخلو ساعة ولا دقيقة من رجال به يركعون ويسجدون ليل نهار والصندوق من حديد وفي جوار المحراب مخبأ فمن يقدر على فتحه أو أخذه أو الأخذ منه إنه في حماية أعظم والله من حماية البنوك إذ أهل الحي أو القرية طابوا وطهروا فما أصبح يوجد بينهم فاسق ولا فاجر ولا شرير ولا ظالم فكيف يخاف على صندوقهم في بيت ربهم.؟

تنبيه:

في بلادنا الديار السعودية ومن لها جهات مختصة في بلدان المسلمين ينسق كل ما سبق ذكره مع الجهات المسئولة والمتمثلة في الهيئات والجمعيات الخيرية والخدمات الاجتماعية والإصلاحية وغيرها من الجهات المنوطة بها تدبير مثل هذه الأمور حتى ينتظم الأمر ولا يعبث بأموال الناس أو يستغل في غير وجه مشروع أما في غير ذلك من قرى المسلمين ومدنهم في شتى أقطار الأرض والأقليات المسلمة فلهم تدبير ذلك بحكمة وبصيرة حسب ما سبق بيانه.

ص: 14