المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولمعنى العبودية

- ‌الجنة تنتظرك:

- ‌أحب الخلق إلى الله:

- ‌جوهر العبودية:

- ‌تكوين الإنسان:

- ‌الضعيف العاجز:

- ‌الجاهل الفقير:

- ‌لا يملك شيئا:

- ‌هذه هي حقيقتك:

- ‌العبودية والفطرة:

- ‌السعادة الحقيقية:

- ‌عجزي كنزي:

- ‌أهمية العبودية:

- ‌التمرد على العبودية:

- ‌تضخم الذات:

- ‌الفصل الثانيبين العبادة والعبودية

- ‌العبودية لا تتغير:

- ‌لا بديل عن الاتباع:

- ‌قيمة عبادات الجوارح:

- ‌بين الشكل والمضمون:

- ‌النسبة بين الشكل والمضمون:

- ‌العبادة المؤثرة:

- ‌أين الأثر

- ‌المشاعر أولاً:

- ‌تربية الأبناء على العبودية:

- ‌اقتران العبادة بالعبودية:

- ‌خطورة الإهتمام بالشكل دون المضمون:

- ‌زخرفة المساجد:

- ‌الفصل الثالثملامح عامة لطريق العبودية

- ‌لماذا لا تتجه القلوب إلى الله

- ‌المعاملة على قدر المعرفة:

- ‌أهمية المعرفة:

- ‌غاية المعرفة:

- ‌لوجدتني عنده:

- ‌الله مقصدنا وغايتنا:

- ‌التوحيد الخالص:

- ‌الاكتفاء بالله:

- ‌المعرفة المؤثرة:

- ‌نور الإيمان:

- ‌مفتاح المعرفة:

- ‌مجالات استخدام العقل:

- ‌تجليات الرب:

- ‌حاكمية الوحي:

- ‌التفكر يقود إلى المعرفة:

- ‌عبادة التفكر:

- ‌دليل المعرفة:

- ‌طريقة فريدة:

- ‌التدبر والاعتبار:

- ‌ألوان العبودية:

- ‌منهج القرآن في التعريف بالله:

- ‌منهج فريد:

- ‌المنة الكبرى:

- ‌نموذج لا يُنسى:

- ‌حقيقة الربانية:

- ‌الفصل الرابعنقطة البداية

- ‌التمسك بالدليل هو البداية:

- ‌وسائل معينة:

- ‌التدبر والترتيل:

- ‌هكذا كان يفعل الصحابة:

- ‌أولاً: الانشغال بالقرآن وتلاوته كل يوم:

- ‌ثانيا: التهيئة الذهنية:

- ‌ثالثاً: التهيئة القلبية:

- ‌رابعاً: القراءة من المصحف:

- ‌خامساً: الجهر بالقراءة والترتيل وتحسين الصوت:

- ‌سادساً: إعمال العقل في فهم الآيات:

- ‌سابعاً: التجاوب مع القراءة:

- ‌وأخيرًا

الفصل: ‌قيمة عبادات الجوارح:

والملاحظ أن الشرائع السماوية مختلفة في بعض أعمالها وهيئاتها {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]؛ إلا أنها تشترك جميعها في كونها تعبر عن معاني العبودية لله عز وجل، والتي لا ينبغي أن تختلف من شخص لآخر مهما كان وضعه أو مكانه أو زمانه الذي يحيا فيه.

ومن أمثلة اختلاف شرائع من قبلنا عن شريعتنا قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام:146].

وأخرج الإمام أحمد في الزهد أن وهب بن منبه سُئل: ما كان شريعة أيوب عليه السلام؟ قال: التوحيد وصلاح ذات البين، وإذا أراد أحدهم حاجة إلى الله عز وجل خر ساجدا ثم طلب حاجته (1) ..

‌لا بديل عن الاتباع:

قد يقول قائل: ولماذا لا يُترك الناس للتعبير عن عبوديتهم لله عز وجل حسب ما يرون؟

لو تُرك للناس تحديد الأعمال التي يظهرون من خلالها عبوديتهم لله عز وجل لحدث اختلاف كبير بينهم، ولتشدد البعض وتسيب البعض الآخر.

فعلى سبيل المثال: قد يرى إنسان أن إظهار المسكنة لله عز وجل يستلزم أن يظل واقفا تحت أشعة الشمس فترة طويلة من الوقت، أو ألا ينام أو يأكل أو يتزوج.

وقد يرى بعض الناس مثلا أنه ما دام القلب متجها إلى الله فليس من الضروري القيام بأعمال أو طاعات له سبحانه

، وهكذا.

من هنا تظهر قيمة الالتزام بالعبادات والشرائع التي جاءت بها الرسل والتي شرعها الله عز وجل لعباده، وهو أعلم بهم، وبما يناسبهم من أعمال تُعبر عما في قلوبهم تجاهه سبحانه.

بل إن من أهم مظاهر العبودية: الانقياد والاستسلام لله عز وجل وطاعة رسوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31].

‌قيمة عبادات الجوارح:

إذن فالعبادة التي نؤديها بالجوارح ما هي إلا شكل ووعاء علينا أن نُظهر من خلاله معاني العبودية لله عز وجل من ذل وانكسار وافتقار، وحب وخوف ورجاء، وخضوع واستكانة.

فالصلاة بالهيئة التي طالبنا الله بها علينا أن تُظهر من خلالها التواضع والانكسار والذل والخضوع له سبحانه. . . تأمل معي هيئة السجود وما فيها من معاني الذل والخضوع

قال صلى الله عليه وسلم: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء "(2).

أما الزكاة والصدقة فهي عبادات تُظهر مدى حبنا لله عز وجل ومدى انتصار هذا الحب على حب المال الذي تعشقه النفس.

والصوم عبادة تُظهر مدى تضحيتنا وحبنا لله عز وجل أكثر من حبنا للطعام والشراب .. أما الحج فيظهر مدى استسلامنا، وانقيادنا لأمره سبحانه.

والذكر كذلك: فالتسبيح يعبر عن تعظيم الله وتنزيهه، والاستغفار يُعبر عن الشعور بالتقصير في جنبه سبحانه، والحوقلة تُظهر الإفتقار والمسكنة إليه

وهكذا.

فالعبادات إذن ما هي إلا منظومة تُظهر معاني العبودية لله عز وجل.

ولكي تؤدي هذه العبادات دورها في إظهار العبودية، لا بد من حضور القلب وتفاعله معها .. حضور مشاعر الحب والخوف والرجاء، ليزداد خلالها خشوعه وخضوعه لله عز وجل كما قال تعالى واصفا عباده الصالحين:{وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء:109].

(1) الزهد للإمام أحمد، ص (42) - دار الكتب العلمية - بيروت.

(2)

رواه مسلم (2: 49 - 50).

ص: 14