الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نقلت من حلم معاوية من
الجزء الأول
، تأليف ابن أبي الدنيا، وهو سماعي.
1 -
بإسناد: حكي أن معاوية ذكر عند عمر بن الخطاب، فقال: دعونا من ذم فتى قريش وابن سيدها، من يضحك في الغضب، ولا ينال إلا على الرضى، ومن لا يأخذ ما فوق رأسه إلا من تحت قدميه.
2 -
وبإسناد: لما قدم عمر الشام، تلقاه معاوية في موكب عظيم؛ فلما دنا منه قال له عمر: أنت صاحب الموكب العظيم؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: مع ما يبلغني من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك؟ قال: مع ما يبلغك من ذاك. قال: ولم تفعل هذا؟ قال: نحن بأرض جواسيس العدو بها كثير، فيجب أن نظهر من عز السلطان ما نرهبهم به؛ فإن أمرتني فعلت، وإن نهيتني انتهيت.
فقال عمر: يا معاوية، ما أسألك عن شيء، إلا تركتني في مثل رواجب الضرس؛ لئن كان ما قلت حقاً، إنه لرأي أريب، ولئن كان باطلاً، إنها لخدعة أديب.
⦗ص: 20⦘
قال: فمرني يا أمير المؤمنين. قال: لا آمرك ولا أنهاك. فقال رجلٌ: يا أمير المؤمنين، ما أحسن ما صدر الفتى عما أوردته فيه. فقال عمر: لحسن مصادره وموارده جشمناه ما جشمناه.
3 -
وبإسناده قال: كان عمر بن الخطاب إذا رأى معاوية، قال: هذا كسرى العرب.
4 -
وبإسناده: أن عمر دعا أبا سفيان يعزيه بابنه يزيد، فقال له أبو سفيان: من جعلت على عمله يا أمير المؤمنين؟ قال: جعلت أخاه معاوية، وابناك مصلحان، ولا يحل لنا أن تنزع مصلحاً.
5 -
وبإسناده: قال علي: لا تكرهوا إمارة معاوية، فإنكم لو قد فقدتموه، رأيتم الرؤوس تنزو من كواهلها كالحنظل.
6 -
وبإسناده قال: قال عمر: تعجبون من دهي هرقل وكسرى، وتدعون معاوية!.
7 -
وبإسناده: قال ابن عباس: لله بلاد ابن هندٍ، ما أكرم حسبه، وأكرم مقدرته! والله ما شتمنا على منبرٍ قط، ولا بالأرض، ضناً منه بأحسابنا وحسبه.
8 -
وبإسناده: قال ابن عباس: قد علمت بما كان معاوية يغلب الناس؛ كان إذا طاروا وقع، وإذا وقعوا طار.
9 -
وبإسناده: لما جاء نعي معاوية إلى ابن عباس، والمائدة بين يديه، فقال لغلامه: ارفع ارفع. ثم قال: اللهم أنت أوسع لمعاوية، ثم قال: خيرٌ ممن يكون بعده، وشر ممن كان قبله؛ ثم قال:
جبلٌ تزعزع ثم مال بجمعه
…
في البحر لا رَتقَت عليك الأبحر
10 -
وبإسناده: قال عبد الله بن الزبير، وهو يخطب، وذكر معاوية فقال: رحم الله ابن هندٍ، لوددت أنه بقي ما بقي من أبي قبيسٍ حجرٌ، على مثل ما فارقنا عليه، كان -والله- كما قال بطحاء العذري:
ركوب المنابر ذو هيبةٍ
…
معن بخطبته مجهر
تثوب إليه هوادي الكلام
…
إذا ضل خطبته المهمر
11 -
وبإسناده عن ابن عمر، قال:
⦗ص: 22⦘
ما رأيت أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود من معاوية.
12 -
وبإسناده عن عامرٍ، قال: أغلظ رجلٌ لمعاوية، فقال: أنهاك عن السلطان، فإن غضبه غضب الصبي، ويأخذ أخذ الأسد.
13 -
وبإسناده عن الأعمش، قال: طاف الحسن بن علي مع معاوية، فكان يمشي بين يديه، فقال: ما أشبه أليته بأليتي هندٍ، فسمعه معاوية، فالتفت إليه، [فقال:] أما إنه كان يعجب أبا سفيان.
14 -
وبإسناده، قال: أسمع رجلٌ مرةً معاوية كلاماً شديداً، غضب منه أهله، فقيل له: لو سطوت عليه، فكان نكالاً. قال: إني لأستحيي أن يضيق حلمي عن ذنب أحدٍ من رعيتي.
15 -
وبإسناده، قال: حج معاوية، فلما كان عند الردم، أخذ حسين بخطامه فأناخ به، ثم ساره طويلاً، ثم انصرف؛ وزجر معاوية راحلته وسار. فقال عمرو بن عثمان: ينيخ بك الحسين، وتكف عنه، وهو ابن أبي طالبٍ!
⦗ص: 23⦘
فقال معاوية: دعني من علي؛ فوالله ما فارقني حتى خفت أن يقتلني، فلو قتلني ما أفلحتم؛ وإن لكم من بني هاشمٍ ليوماً.
16 -
وبإسناده عن سفيان بن عيينة، قال: بينا معاوية يسير في طريق مكة، إذ نام على راحلته، فلحقه ابن الزبير، فقال: أتنام وأنا معك؟ أما تخاف أن أقتلك؟ قال: لست من قتالي الملوك، إنما يصيد كل طيرٍ قدره؛ إنما أنت - يا ابن الزبير - ثعلبٌ رواغٌ، تدخل من جُحر وتخرج من جحر؛ والله لكأني بك قد ربقت كما يربق الجدي، فميا ليتني لك حياً فأخلصك، وبئس المخلص كنت.
17 -
وبإسناده: أن رجلاً طال مقامه بباب معاوية، ثم أذن له، فقال: يا أمير المؤمنين، انقطعت إليك بالأمل، واحتملت جفوتك بالصبر، وليس لمقربٍ أن يأمن، وليس لمباعدٍ أن ييأس، وكل صائرٌ إلى حظه من رزق الله. فقال معاوية: هذا كلامٌ له ما بعده؛ فأمر بعهده إلى فلسطين؛ فقال الرجل:
دخلتُ على معاوية بن حربٍ
…
وكنت وقد أيست من الدخول
وما أدركت ما أملت حتى
…
حللت محلة الرجل الذليل
⦗ص: 24⦘
وأغضيت العيون على قذاها
…
ولم أنظر إلى قالٍ وقيل
18 -
وبإسناده قال: دخل سعد بن أبي وقاص على معاوية، فسلم ولم يسلم بإمرة المؤمنين؛ فقال له معاوية: لو شئت أن تقول غيرها لقلت. قال: فنحن المؤمنون ولم نؤمرك؛ كأنك معجبٌ بما أنت فيه يا معاوية! والله ما يسرني أني على الذي أنت عليه، وأني هرقت محجمةٌ من دمٍ. قال: لكني وابن عمك علياً -يا أبا إسحاق- قد هرقنا فيها أكثر من محجمةٍ ومحجمتين؛ تعال واجلس معي على السرير.
19 -
بإسناده عن المغيرة، قال: لما جيء معاوية بنعي علي رحمه الله وهو قائلٌ مع امرأته ابنة قرظة في يومٍ صائفٍ، قال:{إنا لله وإنا إليه راجعون} ماذا فقدوا من العلم والحلم، والفضل والفقه. فقالت امرأته: أنت بالأمس تطعن في عينيه، وتسترجع عليه اليوم؟ قال: ويلك، لا تدرين ماذا فقدوا من علمه وفضله وسوابقه.
20 -
وبإسناده، قال: جاء ابن أحوز التميمي إلى معاوية، فقال: يا أمير المؤمنين، جئتك من عند ألأم الناس، وأبخل الناس، وأعيا الناس، وأجبن الناس.
⦗ص: 25⦘
فقال: ويلك، وأنى أتاه اللؤم، وكنا نتحدث أن لو كان لعلي بيتٌ من تبرٍ وآخر من تبنٍ، لأنفد التبر قبل أن يُنفد التبن؟ ويحك، وأنى أتاه العي، وإن كنا نتحدث أنه ما جرت المواسي على رأس رجلٍ من قريشٍ أفصح من علي؟ ويلك، وأنى أتاه الجبن، وما برز له رجلٌ قط إلا صرعه؟ -والله- يا ابن أحوز- لولا أن الحرب خدعةٌ، لضربت عنقك؛ اخرج، فلا تقيمن في بلدي. قال عطاءٌ: وإن كان يقاتله، فإنه قد كان يعرف فضله.
21 -
وبإسناده عن المغيرة، قال: أرسل الحسن بن علي وابن جعفر إلى معاوية يسألانه المال، فبعث بمئة ألفٍ -أو لكل واحدٍ منهما مئة ألفٍ- فبلغ ذلك علياً، فقال لهما: ألا تستحييان؟ رجلٌ نطعن في عينه غدوةً وعشيةً، تسألانه المال؟ قالا: لأنك حرمتنا وجاد لنا.
22 -
وبإسناده: أن عمرو بن العاص قال لعبد الله بن عباسٍ: يا بني هاشمٍ، أما والله لقد تقلدتم بقتل عثمان فرم الإماء العوارك؛ أطعتم فساق أهل العراق في عيبه، وأحرزتموه مراق أهل مصر، وأويتم قتلته؛ وإنما نظر الناس إلى قريشٍ، ونظرت قريشٌ إلى بني عبد مناف، ونظرت بنو عبد مناف إلى بني هاشمٍ.
⦗ص: 26⦘
فقال عبد الله بن العباس لمعاوية: يا معاوية، ما تكلم عمرو إلا عن رأيك، وإن أحق الناس أن لا يتكلم في أمر عثمان لأنتما. أما أنت يا معاوية، فزينت له ما كان يصنع، حتى إذا أحصر طلب نصرك، فأبطأت عنه، وأحببت قتلته، وتربصت به. وأما أنت يا عمرو، فأضرمت المدينة عليه، وهربت إلى فلسطين تسأل عن أنبائه؛ فلما أتاك قتله، أضاقتك عداوة علي، إلى أن لحقت بمعاوية، فبعت دينك منه بمصر.
فقال معاوية: حسبك -يرحمك الله- عرضني لك عمرو، وعرض نفسه؛ لا جزي عن الرحم خيراً.
23 -
وبإسناده عن ابن سيرين، قال: قام رجلٌ إلى معاوية كأنه سفودٌ محترقٌ، فقال: يا معاوية، والله لتستقيمن أو لنقومنك. قال معاوية: بماذا؟ قال: بالقتل. قال: إذاً نستقيم يا أعرابي.