المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(يَا عين جودى بدمع مَعَ رائح غاد … لهول خطب - خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر - جـ ٤

[المحبي]

الفصل: (يَا عين جودى بدمع مَعَ رائح غاد … لهول خطب

(يَا عين جودى بدمع مَعَ رائح غاد

لهول خطب عَظِيم فادح عَاد)

(حرف النُّون)

النَّاصِر بن عبد الحفيظ المنلا الشرقى الْيُمْنَى امام الِاجْتِهَاد كَانَ لَهُ من التَّمْكِين ودقة النّظر فى كل مَبْحَث وَمَعْرِفَة بالمقاصد والمآخذ واخراجه للمسائل من غير مظنتها وَحل المشكلات وَفتح المقفلات شَأْن عَظِيم وَأمر شهير فى الاقاليم استوزره الامام الْمُؤَيد بِاللَّه وَكَانَ لَهُ وللامام مجَالِس خَاصَّة تحتوى على بحث عَظِيم فى جَمِيع الْعُلُوم أَخذ عَن شُيُوخ كثيرين مِنْهُم وَالِده وجده والعلامة مُحَمَّد بن الصّديق الْخَاص السراج الحنفى الزبيدى وَغَيرهم وَأَجَازَهُ شُيُوخه وَغَيرهم مِمَّن يطول تعدادهم وَعنهُ أَخذ جمع من عُلَمَاء الزَّمَان مِنْهُم أَوْلَاده الْحُسَيْن وَالْحسن وعَلى وَأحمد وَمُحَمّد وَالسَّيِّد الْجَلِيل يحيى بن أَحْمد الشرفى وَغَيرهم وقصده الطّلبَة من الاقطار وانتفع بِهِ جمع عَظِيم من عُلَمَاء الامصار وَله مؤلفات مَشْهُورَة مِنْهَا الْمُقَرّر وَالْمُحَرر فى القراآت وَمِنْهَا أرجوزة فى الْفِقْه وَمِنْهَا تَكْمِيل منظومة اليوسى فى الْفِقْه وَمِنْهَا مُخْتَصر الاوائل وَمِنْهَا مؤلف أجَاب بِهِ عَن الامام الْمُؤَيد بِاللَّه مُحَمَّد بن اسماعيل فى مبَاحث نحوية شريفة وَله أجوبة مسَائِل يطول تعدادها وَله الشّعْر النَّضِير مِنْهُ مَا كتبه الى السَّيِّد الامام يحيى بن أَحْمد الشرفى عاتبا عَلَيْهِ فى تَأَخره عَن التدريس لشغل عرض لَهُ فَقَالَ

(أحبابنا مَا لهَذَا الهجر من سَبَب

وَمَا الذى أوجب الاعراض وَاعجَبا)

(يمضى الزَّمَان وَلَا نحظى بقربكم

على الْجوَار وَكَون الْجَار ذى قربى)

(وَلبس شئ على المشتاق أصعب من

بعد اللِّقَاء اذا مشتاته قربا)

(أُعِيذك الله يَا سبط الاكارم أَن

يكون ودك للاحباب مضطربا)

(هَذَا وانى أدرى أَن قصدك لى

وَأَنت مَعَ ذَاك شيخى عكس مَا وجبا)

(لكنه لم يكن منى لحقكم

جهل وَلَكِن عذرى عَنْك مَا عزبا)

وَطلب السَّيِّد يحيى مِنْهُ أَن يُرْسل لَهُ مُؤَلفه الْمُحَرر فى علم القراآت فَأرْسلهُ وَكتب مَعَه قَوْله

(سَلام الله مَا همر السَّحَاب

ففاح عبير زهر مستطاب)

(واكرام وانعام على من

لَهُ فى الْمجد مرتبَة شهَاب)

(على يحيى الذى مَا نَالَ كهل

علوما نالها وَكَذَا الشَّبَاب)

ص: 444

(وَبعد فان أشواقى اليكم

كثير لَيْسَ يحصرها كتاب)

(وتقصر ألسن الاقلام عَن أَن

تقوم بوصفها وَكَذَا الْخطاب)

(فيا ابْن مَدِينَة الْعلم الَّتِى لم

يكن غير الوصى لتِلْك بَاب)

(وَمن حَاز المكارم والمعالى

فَمِنْهُ قد بدا الْعجب العجاب)

(اليك أَتَى الْمُحَرر فى حَيَاء

لتصلح مِنْهُ مَا الْعلمَاء عابوا)

(وتنظره بِعَين الْبر حَتَّى

يَزُول اذا وجدت بِهِ اضْطِرَاب)

(فَمن قد زار من بلد بعيد

حقيق أَن يلان لَهُ الجناب)

(وراجع فى عِبَارَته أصولا

لديك بحفظها كشف الْحجاب)

(وانى طَالب بسطا الْعذر

ويشملنى دعاؤكم المجاب)

(فَمَا لى غير شعب الْآل شعب

وان حسنت بزهرتها الشعاب)

(وَدم واسلم معافى فى نعيم

مُقيم والقرابة والصحاب)

فَكتب اليه السَّيِّد أَيْضا هَذِه الابيات)

(سَلام لَا يُحِيط بِهِ حِسَاب

وَلَا يُحْصى فضائله كتاب)

(وَلَو أَن الْبحار لَهُ مسداد

وَلم يبرح لَهُ الدَّهْر اكتتاب)

(سَلام من فتيت الْمسك أدكى

وَدون مذاب سلسله الرضاب)

(سَلام حشوه ود مصفى

يروق فَمَا بتكدير يشاب)

(وَرَحْمَة رَبنَا الرَّحْمَن تهدى

مَعَ البركات مَا انهمر السَّحَاب)

(الى من لم يزل للمجد خدنا

وَلم يَنْفَكّ بَينهمَا اصطحاب)

(حَلِيف محَاسِن الشيم الذى لم

يدنس مجده مذ كَانَ عَابَ)

(سليل أكَابِر الْعلمَاء من لم

يكن كنصاب فَضلهمْ نِصَاب)

(حماة شرائع الْمُخْتَار من أَن

تضام وَأَن يخامرها اضْطِرَاب)

(بناة مَكَارِم التَّقْوَى الَّذين اتَّقوا مَوْلَاهُم وَله أنابوا

)

(وَوَاحِد أهل هَذَا الْعَصْر طرا

بِمَا قد قلته لَا يستراب)

(أَلَيْسَ مقصرا عَن نيل أدنى

علاهُ الشيب مِنْهُم والشباب)

(وجيه الدّين ناصره فَمَا ان

يزَال لَهُ بنصرته احتساب)

(حماه الله من كيد الاعادى

وأرغم أنفهم عَنهُ وخابوا)

(وأبقاه الاله لنا ملاذا

لَهُ فى الْعِزّ مرتبَة تهاب)

ص: 445

(وَبعد فانه قد جَاءَ مِنْهُ

كتاب سرنى مِنْهُ الْخطاب)

(بلغت بِهِ من الْفَرح الامانى

وزايلنى بِرُؤْيَتِهِ اكتئاب)

(وفى بِالدّينِ وَالدُّنْيَا جَمِيعًا

فَمَا لى غير مَا فِيهِ طلاب)

(وَكَيف وطيه ملك عَظِيم

يَدُوم فَلَا يخَاف لَهُ ذهَاب)

(هُوَ الذخر الذى من لم يحزه

ذخائره وان كثرت تُرَاب)

(وَذَاكَ الْعلم أفضل مَا تحلت

بِهِ نفس وَأفضل مَا يصاب)

(وَقد أهديت مِنْهُ لنا نَصِيبا

بِهِ منا تطوقت الرّقاب)

(جمعت بِهِ الْمُحَرر من عُلُوم

جلاها أَهلهَا طابت وطابوا)

(فنلت بِمَا أَنْت عَظِيم فضل

ومغفرة ويهنيك الثَّوَاب)

(ولابرحت فواضلك اللواتى

علون بهَا لنا يَعْلُو جناب)

(ودمت مُسلما مالاح فجر

وفاح عبير نشر يستطاب)

وَلما وَفد القاضى أَحْمد بن صَالح بن أَبى الرِّجَال اليه أَيَّام اقامته فى حَضْرَة الامام الْمُؤَيد بِاللَّه أَخذ عَنهُ علوما كَثِيرَة من جُمْلَتهَا عُلُوم الْقُرْآن وَسَأَلَهُ نظم شئ يكون فِيهِ لَهُ كالضابط المرجوع اليه عِنْد الْحَاجة فَقَالَ النَّاصِر

(سألننى يَا ابْن أَبى الرِّجَال

يَا ساميا فى رُتْبَة لكَمَال)

(يَا منبع السؤدد والمعالى

ومعدن الْعلم الشريف العالى)

(وَأَنت فى هَذَا السُّؤَال عندى

كسائل كَيفَ طَرِيق نجد)

(أهل طَوِيل ذَاك أم قصير

تلذذا وَهُوَ بهَا خَبِير)

(شرعت فى قَاعِدَة تمهد

غازلها الْيَاقُوت والزبرجد)

(قد كنت ألفت بهَا المقررا

ثمَّ اختصرت بعده المحررا)

(فحين مَا استعجلت منى مَا ترى

فعلتها مسارعا مبادرا)

(وان تكن على الصَّوَاب فَهُوَ من

افضال مَوْلَانَا الامام المؤتمن)

(فانها قد جمعت فى حَضرته

ونعمة قد نلتها من دَعوته)

(مَعَ اشتغالى بِكِتَاب التذكره

وَغَيرهَا بعد الْعشَاء الْآخِرَة)

(وفى النَّهَار لم أجد وقتا يسع

فاقبل من المهدى اليك مَا جمع)

وَمن هُنَا خرج الى الْمَقْصُود فَقَالَ

(الْمَدّ أَنْوَاع فجَاء مُتَّصِل

يَا أَيهَا الانسان هَذَا مُنْفَصِل)

ص: 446

الى آخرهَا فَقَالَ القاضى أَحْمد أَيْضا

(أنهلنى من بحره وَعلا

من قدحه بَين الورى الْمُعَلَّى)

(وزف لى خرائد الْمعَانى

قد قلدت قلائد الجمان)

(عين الزَّمَان أوحد الانام

من قدره على السماك سامى)

(لَا زَالَ فى أفق الْعُلُوم طالعا

ونوره فى الْعَالمين ساطعا)

(لم يزل للصالحات أَهلا

حاوى الْكَمَال النَّاصِر المهلا)

(أملأنا فى النَّحْو والتصريف

وملأ الْآفَاق بالتأليف)

(لاننى سَأَلته تدريسه

لى فى الْعُلُوم الجمة النفيسه)

(فَقَالَ لى لما سَأَلت هلا

لظَنّه كونى لذاك أَهلا)

الى آخرهَا وللناصر من السماعات والاجازات على وَالِده وجده الْمُجْتَهدين وَغَيرهمَا مَا يطول تعداده وَكَانَت وَفَاته فى صفر يَوْم الْجُمُعَة من سنة احدى وَثَمَانِينَ وَألف رَحمَه الله تَعَالَى

نَاصِر بن الشَّيْخ نَاصِر الدّين الرملى الدمشقى امام الْحَنَفِيَّة بِجَامِع بنى أُميَّة الْفَقِيه المقرى اخذ الْفِقْه عَن الشَّيْخ عبد الْوَهَّاب الحنفى امام جَامع دمشق وَغَيره والقراآت عَن شيخ الْقُرَّاء الشهَاب الطيبى وَكَانَ خَطِيبًا بالجامع الْجَدِيد خَارج بَاب الفراديس الْمَعْرُوف بالجامع الْمُعَلق شركَة الشهَاب العيثاوى ثمَّ ولى امامة الْمَقْصُورَة بفراغ الشَّيْخ شرف الدّين الطَّبِيب لَهُ عَنْهَا شركَة الْعَلَاء الطرابلسى وليا خطابة السليمية بالصالحية بُرْهَة من الزَّمَان ثمَّ أخذت عَنْهُمَا وَكَانَ لَهما شئ من الجوالى وَكَانَت امامة الْحَنَفِيَّة بالمقصورة فى الاموى بَينهمَا لَا غير حَتَّى ولى قاضى الْقُضَاة مُحَمَّد نهالى قَضَاء دمشق فضم اليهما روميا ثمَّ تفرغ الرومى عَن امامته الثَّالِثَة الْحَادِثَة للشَّيْخ حُسَيْن بن عبد النبى الشعال وَكَانَ نَاصِر الدّين مجذوبا صَالحا الا انه كَانَ يترافق مَعَ شَرِيكه الْعَلَاء الْمَذْكُور فى التَّرَدُّد الى الاكابر والحكام وَغَيرهم للِانْتِفَاع وَكَانَ للشَّيْخ نَاصِر الدّين جَرَاءَة وخفة فى الْعقل فاذا لقنه الْعَلَاء شَيْئا تلقنه وَفعل مَا أَشَارَ بِهِ عَلَيْهِ فان نفع شَاركهُ فى الِانْتِفَاع وان ضرّ تَبرأ الْعَلَاء مِمَّا أَتَى بِهِ وَأَقْبل على ملامته فى حَضرته وغيبته وَكَانَا لتثقيلهما على النَّاس قد سميا بالهم والحزن بِحَيْثُ يستعاذ مِنْهُمَا وَكَانَت وَفَاة النَّاصِر يَوْم الثلاثا عَاشر صفر سنة أَربع وَعشْرين وَألف وَولى الامامة بعده يُوسُف بن أَبى الْفَتْح السقيفى

ص: 447

الشريف نامى بن عبد الْمطلب بن حسن بن أَبى نمى أَمِير مَكَّة ولاه الاتراك كَمَا قدمْنَاهُ مَبْسُوطا فى تَرْجَمَة الشريف زيد وأشركوا مَعَه السَّيِّد عبد الْعَزِيز بن ادريس فى الرّبع محصولا لَا ذكرا فى الْخطْبَة وَضَربا للنوبة ثمَّ أرْسلُوا الى أَمِير جدة ليسلمها لَهُم فَأبى وَقتل الرُّسُل فتجهزوا وَسَارُوا وحاصروها يَوْمَيْنِ ثمَّ دخلُوا جدة ونهبوها وَاسْتمرّ السَّيِّد نامى يعسف أهل مَكَّة وَنهب عسكره الْبِلَاد واستباحوا الْمُحرمَات وَأَكْثرُوا فِيهَا الْفساد وَلما توجه الشريف زيد فى تِلْكَ الْوَقْعَة الى وادى مر بعد أَن دخل الى مَكَّة وَمَعَهُ السَّيِّد أَحْمد بن مُحَمَّد الْحَرْث وَمر على بَيت السَّيِّد عبد الْمطلب نَادَى السَّيِّد فَخرج اليه متجرداً متلففا فى مقنع أَزْرَق فَتكلم مَعَه وَأطَال فَقَالَ السَّيِّد أَحْمد لَيْسَ الْوَقْت وَقت الْكَلَام وَكَانَ من جملَة مَا قَالَه الشريف زيد

(نجازى الرِّجَال بأفعالها

فخيرا بِخَير وشرا بشر)

فَالله الله يَا نامى بِالْحَرِيمِ أَو مَا يقرب من هَذَا ثمَّ سَار الى الْمَدِينَة وَعرف وَزِير مصر بذلك وَكَانَ رَسُوله بذلك السَّيِّد على بن هيزع فَلَمَّا وصل الْخَبَر لصَاحب مصر أرسل سبع صناجق وَكَانَ مَا كَانَ مِمَّا ذَكرْنَاهُ فى تَرْجَمَة زيد حَتَّى جئ بِهِ وبأخيه موثوقين مكتوفين فاستفتى الْعلمَاء مَاذَا يجب عَلَيْهِمَا فَأَجَابُوا بِمَا اقتضته الْآيَة الشَّرِيفَة صَرِيحًا {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا أَن يقتلُوا أَو يصلبوا أَو تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينفوا من الأَرْض} فشنقا عِنْد الْمُدعى وَمُدَّة ولَايَته متغلبا على مَكَّة مائَة يَوْم وَيَوْم وهى عدَّة حُرُوف اسْمه لانه دَخلهَا خَامِس وعشرى شعْبَان سنة احدى وَأَرْبَعين وَألف وَخرج مِنْهَا عصر الْيَوْم الْخَامِس من ذى الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة وفى هَذِه السّنة لم يذهب الْمحمل السلطانى من مَكَّة الا فى الْعشْر الاول من صفر

النجيب بن مُحَمَّد شمس الدّين النكداوى الانضمى من أكَابِر شُيُوخ تنبكت مَعَه فقه وَصَلَاح شرح مُخْتَصر خَلِيل بشرحين كَبِير فى أَرْبَعَة أسفار وَآخر فى سفرين وَله تَعْلِيق على تخميس عشرينيات الفازرى لِابْنِ مهيب فى مدحه

أَخذ عَن اسحق سحُولِيَّة وَتوفى فى الْعشْر الاول من هَذَا الْقرن انْتهى وَالله أعلم

نصوح باشا وشهرته بناصف باشا وَهَذِه عَادَة الاتراك فى تلاعبهم بالحروف فَيَقُولُونَ فى نصوح ناصف وتبديلاتهم لَيْسَ لَهَا حد يحصرها وَلَا قَاعِدَة تضبطها ونصوح باشا هَذَا أَصله من نواحى درامه من بِلَاد روم ايلى خدم أَولا فى حرم السلطنة

ص: 448

الْخَاص ثمَّ صَار من المتفرقة وَحكم ببلدة زله ثمَّ صَار أَمِيرا خور صَغِيرا فى سنة سبع بعد الالف ثمَّ ولى كَفَالَة حلب وَكَانَ متغلبا فى حكمه عسوفا قوى النَّفس شَدِيد الْبَأْس وَلما وَليهَا كَانَ الْجند الشَّام حِينَئِذٍ الْغَلَبَة والعتو وَكَانَ فى ذَلِك الْعَهْد يذهب مِنْهُم فى كل سنة طَائِفَة الى حلب وَينصب عَلَيْهِم سردار من كبرائهم يستخدمون بِمَدِينَة حلب وَكَانَ بعض كبار الْجند قد تقووا فى حلب وفتكوا وجاروا خُصُوصا طواغيهم خدا وردى وكنعان الْكَبِير وَحَمْزَة الكردى وأمثالهم حَتَّى رهبهم أَهلهَا وصاهرتهم كبراؤها واستولوا على أَكثر قراها فَلَمَّا رأى نصوح باشا مَا فَعَلُوهُ وَمَا استولوا عَلَيْهِ مِنْهَا وَمن قراها بِحَيْثُ قلت أَمْوَال السلطنة وَصَارَت أهالى الْقرى كالارقاء لَهُم رفع أَيْديهم عَن قراها وجلاهم عَن تِلْكَ الْبِلَاد وَوَقع بَينه وَبينهمْ وقْعَة وَكَانَ مَعَه حسيب باشا ابْن جانبولاذ عِنْد المعرة وَكَانَ مَعَه حُسَيْن باشا ابْن جانبولاذ عِنْد المعرة وفروا بَين يَدَيْهِ هاربين الى حماه وَأخذ مَا وجد من أَمْوَالهم وخيولهم وخيامهم ثمَّ جمعُوا عَلَيْهِ عشيرا بحماه وَأَرَادُوا قِتَاله فأدركهم مُرُور على باشا الْوَزير مُنْفَصِلا عَن نِيَابَة مصر وَمَعَهُ خزينتها عَن سنتَيْن وَقد تحفظ عَلَيْهَا بِخَمْسَة عشر مدفعا وعساكر نَحْو الاربعة آلَاف فجاؤا الى دمشق للقائه واتقائه فَلَمَّا خرج على باشا من دمشق بالخزينة قَاصِدا جَانب السلطنة لم يصل الى حماه حَتَّى هموا بِالْخرُوجِ وَخرج أوائلهم ثمَّ ذهب فى اثناء ذَلِك طاغيتهم خدا وردى وفى صحبته نَحْو عشْرين رجلا من أعيانهم الى الامير على بن الشهَاب ثمَّ الى الامير فَخر الدّين بن معن ووقعوا عَلَيْهِمَا فى السّفر مَعَهم لقِتَال ابْن جانبولاذ وَأخذ ثارهم مِنْهُ فسافر قبلهم أَمِير بعلبك الامير مُوسَى بن الحرفوش وجمعوا عشيرا كثيرا بحمص وحماه وَورد أَمر سلطانى وَعَلِيهِ خطّ شرِيف بِأَن طَائِفَة الْجند بِالشَّام لَا يخرجُون الى حلب لقِتَال كافلها ناصف باشا وحاكم كلز حُسَيْن باشا ابْن جانبولاذ لانهم كَانُوا اجْتَمعُوا وعرضوا بذلك الى أَبْوَاب الدولة وَكَانَ ذَلِك جَوَاب عرضهمْ وَكَانَ وُصُوله الى دمشق يَوْم السبت عَاشر رَجَب سنة اثنتى عشرَة بعد الالف وَمن جملَة مَا ذكر فى الْخط الْمَذْكُور أَنهم ان خَرجُوا يَكُونُوا مغضوبا عَلَيْهِم مستحقين للعقوبة والنكال من السُّلْطَان فَرَأى نَائِب الشَّام اذ ذَاك فرهاد باشا وقاضيها الْمولى مصطفى ابْن عزمى ودفتريها حسن باشا شوربزه انهم لَا يرجعُونَ الا بحيلة فَرَأَوْا ان يرسلوا الشَّيْخ مُحَمَّد بن سعد الدّين لكسر هَذِه الْفِتْنَة الْمُوجبَة للعقوبة الى حماه وَيقْرَأ عَلَيْهِم الْخط السلطانى ويرجعهم الى دمشق ليقال لَوْلَا خاطر الشَّيْخ مُحَمَّد مَا رَجعْنَا فَخرج

ص: 449

الشَّيْخ مُحَمَّد اليهم فى ثانى عشر رَجَب ثمَّ عَاد يَوْم الاحد ثانى شعْبَان وَلم يسمعوا قَوْله وَخَرجُوا بعد قِرَاءَة الحكم عَلَيْهِم وَالْكَلَام مَعَهم الى الطّيبَة ثمَّ توجهوا الى نَاحيَة حلب وانضم اليهم غجر مُحَمَّد الجلالى وعشيره ثمَّ رجعُوا فى أَوَاخِر شعْبَان الى دمشق بعد أَن صَار بَينهم وَبَين ناصف باشا وَابْن جانبولاذ مناوشة عِنْد كلز يَوْمًا وَاحِدًا ثمَّ ولوا هاربين وتفرق عشيرهم وَذَلِكَ بعد أَن حاصروا كلزا أَيَّامًا وخربوا مَا حولهَا من قَرْيَة الْبَاب وعزاز وَغَيرهمَا من قرى حلب وهتكوا النِّسَاء وافتضوا جملَة أبكارهن وَدخلت أشقياؤهم حَماما بكلز على النسْوَة وفعلوا أفاعيل جَاهِلِيَّة ثمَّ تلاقوا مَعَ نصوح باشا وَابْن جانبولاذ خَارج كلز يَوْمًا وَاحِدًا ثمَّ انْهَزمُوا من ليلتهم وعادوا الى دمشق وفر غجر مُحَمَّد الى البيوة وَكَانَت الْوَقْعَة فى أواسط شعْبَان ثمَّ تتبع نصوح باشا غجر مُحَمَّد الجلالى وَمَعَهُ عشيره وَمِنْهُم طَائِفَة من جند الشَّام فَأَغَارَ عَلَيْهِم فى شَوَّال وَهُوَ فى الرّبيع بِالْقربِ من حماه وانتهبهم وَأخذ خيولهم وَكرر الْغَارة عَلَيْهِم فَلَمَّا كَانَ أَوَائِل ذى الْحجَّة مر مصطفى باشا الشهير بِابْن راضيه مُتَوَلِّيًا نِيَابَة الشَّام بغجر مُحَمَّد وَقد جمع عشيرا نَحْو ثَلَاثَة آلَاف مقَاتل فَقَالُوا لَهُ لَا نمكنك من الذّهاب الى دمشق حَتَّى تنتصف لنا من ناصف باشا فَسَار مَعَهم مكْرها وَكَانُوا قد تظاهروا ابقطع الطَّرِيق وضربوا على أهل حمص وحماه ضَرَائِب من المَال واعترضوا القوافل وجرموهم فَخَرجُوا بمصطفى باشا من حماه الى نَاحيَة حلب فَلم يثبتوا لَهُ سَاعَة وأفلت عَلَيْهِم المكاحل فَقتل مِنْهُم جمَاعَة كَثِيرُونَ وفر الغجر وَمن مَعَه من الْجند الشامى وانحاز مصطفى باشا الى ناصف باشا ثمَّ بعث خَلفه الى تدمر وشتت شَمله ثمَّ شاع الْخَبَر فى دمشق فى رَابِع أَو خَامِس الْحجَّة ان ناصف باشا وصل الى دمشق للانتقام من الْجند ثمَّ عقب يَوْمَيْنِ وصل من طرفه رَسُول وَمَعَهُ كتاب مِنْهُ يطْلب مِنْهُم نَحْو ثَلَاثِينَ رجلا ليَأْخُذ مَا فى عهدتهم من الاموال السُّلْطَانِيَّة الَّتِى تناولوها من أَمْوَال حلب وَمِنْهُم خدا وردى وآق يناق وقرايناق وَحَمْزَة الكردى وَآخَرُونَ وان لم يسلمُوا هَذِه الطَّائِفَة اليه والا أَتَى الى دمشق وَقَاتلهمْ واستأصلهم فامتنعوا وأظهروا لَهُ العناد والتمرد وَالْقُوَّة والاشتداد ثمَّ دخلت طَائِفَة مِنْهُم الى القلعة واستولوا عَلَيْهَا وتحصنوا ثمَّ بعثوا مِنْهُم جمَاعَة الى الامير فَخر الدّين بن معن والامير مُوسَى بن الحرفوش والامير أَحْمد بن الشهَاب وَالشَّيْخ عمر شيخ المفارجة ثمَّ خَرجُوا

ص: 450

الى القابون وَاجْتمعَ العشير عَلَيْهِم ثمَّة وَلم يتَأَخَّر الا الامير فَخر الدّين بن معن وَبقيت خيامهم بالقابون نَحْو عشرَة أَيَّام وَأخذُوا فى نهب زروع النَّاس وَبَعض مَوَاشِيهمْ وَدخل أهل الغوطة الى دمشق ونقلوا أسبابهم وأمتعتهم ونساءهم اليها وارتعبت أهل دمشق ثمَّ شاع فى ثامن ذى الْحجَّة بِدِمَشْق أَن ناصف باشا رَجَعَ الى حلب بعد أَن كَانَ وصل الى الرستن وَكَانَ مصطفى باشا نَائِب دمشق قد فَارقه قبل ذَلِك بأيام وَنزل بالقابون فَلم يمكنوه من دُخُول دمشق بل قَالُوا لَهُ ارْجع وَقَاتل مَعنا ناصف باشا وبقوا ثمَّة حَتَّى استهلت سنة ثَلَاث عشرَة يَوْم الِاثْنَيْنِ فَهموا بالرحيل وافترقوا فرْقَتَيْن فرقة تَقول نَذْهَب الى حلب وهم الَّذين كَانُوا فى اسْتِخْدَام حلب وَالْآخرُونَ يَقُولُونَ نرْجِع الى دمشق وَقد رَجَعَ عَنَّا ناصف باشا وَنحن لَا نعصى السلطنة ثمَّ فكوا خيامهم وَتوجه الحلبيون الى أَرض الْقصير وعذارا ثمَّ فى يَوْم الثلاثا رَحل مصطفى باشا الى دمشق بعد الْعَصْر وَمَعَهُ ابْن الشهَاب وَابْن الحرفوش وَأكْثر الْجند وَانْقطع أَمرهم عَن حلب وَعَن سردار بتهم فِيهَا وليته انْقَطع عَن دمشق أَيْضا فلعمرى ان بَلْدَة تأمن من غوائلهم وَلَا ترى مصائبهم ونوازلهم لهى أمينة من جَمِيع المصائب مَدْفُوع عَنْهَا بلطف الله تَعَالَى جملَة النوائب فانهم مدَار كل ضَرَر آجل وعاجل وَلَيْسَ لَهُم تالله نفع وَلَا تَحْتهم طائل عودا الى تَتِمَّة تَرْجَمَة صَاحب التَّرْجَمَة ثمَّ صَار بعد ذَلِك نَائِب السلطنة بديار اناطولى ثمَّ ولى مُحَافظَة بَغْدَاد ثمَّ صَار نَائِبا بديار بكر ثمَّ وَجه اليه الْوَزير الاعظم مُرَاد باشا سردار العساكر حُكُومَة مصر فَلم تمض أَيَّام إِلَّا مرض مُرَاد باشا مرض مَوته فَبعث السُّلْطَان أَحْمد مَرَاسِيل الى صَاحب التَّرْجَمَة بِأَن يكون قَائِم مقَام الْوَزير ثمَّ توفى مُرَاد باشا فوجهت اليه الوزارة العظيمى والسردارية وجاءه الْخَتْم فى جُمَادَى الْآخِرَة سنة عشْرين وَألف وَعقد الصُّلْح بَين السُّلْطَان وشاه الْعظم ثمَّ سَافر رَاجعا بالعساكر الى حلب وأرهب جند الشَّام وَغَيرهم وهرعت النَّاس اليه الى حلب ثمَّ سَافر من حلب الى قسطنطينية فَدَخلَهَا فى شعْبَان فقابله السُّلْطَان أَحْمد بِالْقبُولِ والاقبال وزوجه ابْنَته ثمَّ قَتله يَوْم الْجُمُعَة بعد الصَّلَاة ثانى عشر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَعشْرين وَألف وَالله أعلم

نظام الدّين السندى النقشبندى ذكره البورينى وَقَالَ فى تَرْجَمته ورد الى دمشق وَمَعَهُ أَخ لَهُ صَغِير وَصَارَ يدعى علما غزيرا يرا وَيَزْعُم أَنه حمل فضلا كثيرا وَلم يكن كَمَا قَالَ وَلَا صدقت مِنْهُ الاقوال غير أَنه كَانَ ذكيا جدا وَالْعجب أَنه كَانَ يتنوع فى الدَّعَاوَى

ص: 451

فَتَارَة يَقُول أَنا شرِيف علوى وَتارَة كَانَ يدعى الرياضة الْمُطلقَة وَترك دمشق ورحل الى صالحيتها وقطن بمدرسة شيخ الاسلام أَبى عمر وَصَارَ يدعى أَنه مهدى الزَّمَان الْمَوْعُود بِهِ فَقيل لَهُ ذَاك مُحَمَّد وَأَنت نظام الدّين فَقَالَ مُحَمَّد يلقب بنظام الدّين فَقيل لَهُ ذَاك شرِيف وَأَنت سندى أسود فَقَالَ أَنا شرِيف علوى صَحِيح النّسَب غير أَنى تركت دَعْوَى ذَلِك الا فى وقته وَأما سَواد الْوَجْه فَكَانَ يعْتَذر عَنهُ بَان المُرَاد الْبيَاض المعنوى الذى يكون فى الافعال وَزَاد بِهِ الْحَال الى أَن صعد المنارة الشرقية بَين الْمغرب وَالْعشَاء وَقَالَ يَا أهل دمشق أَنا مهدى الزَّمَان وَأَنا أدعوكم الى اجابتى واتباعى وَسمع ذَلِك كثير من الصَّالِحين وَغَيرهم مِمَّن كَانَ بالجامع الاموى وَكَانَ مرّة بالجامع السليمى السلطانى يَوْم الْجُمُعَة فَلَمَّا نزل الْخَطِيب عَن الْمِنْبَر قَامَ وَأمر رجلا أَن يصعد الْمِنْبَر ويلعن أَمِين الدفترى العجمى وَقَالَ بِصَوْت عَال ان الدفتر دَار مُحَمَّد أَمِين رافضى يبغض أَبَا بكر وَعمر رضى الله عَنْهُمَا وَقد أمرنى رَسُول الله

أَن ألعنه وشاع ذَلِك الامر وذاع فَوضع فى البيمارستان القيمرى بالصالحية مُدَّة وَسكن عَن التَّخْلِيط وقلل من التخبيط فَأمر قاضى الْقُضَاة باخراجه بعد ان أَمر بايلاجه وَضَاقَتْ بِهِ دمشق بعد هَذِه الدَّعْوَى وَكَانَ يَذُوق من الزَّمَان شَدِيد الْبلوى فطار من دمشق الى بَيت الْمُقَدّس وَمر بنابلس وَدخل غَزَّة واقتتل مَعَ بعض علمائها وَوصل الى مصر وَمكث بهَا قَلِيلا وَلم تطل مدَّته بهَا بل توفى هُوَ وَأَخُوهُ بهَا انْتهى مَا قَالَ البورينى قلت والذى تلقيته من احوال المنلا نظام أَنه كَانَ من الْمُحَقِّقين الْعِظَام وانه كَانَ من أَرْبَاب الْولَايَة وَمِمَّنْ أَدْرَكته عين الْعِنَايَة فى الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة وَهُوَ من خَواص تلامذة السَّيِّد صبغة الله نزيل الْمَدِينَة المنورة وَكَانَ السَّيِّد الْمَذْكُور يُحِبهُ وينافس فى ولَايَته المقررة وَوَقع للسَّيِّد بِسَبَبِهِ كَرَامَة ذكرتها فى تَرْجَمته وألمعت فِيهَا بِذكر انتمائه اليه وتلمذته وَمَا وَقع بِدِمَشْق من بعض التخاليط فقد يُقَال انه يموه بهَا عَن حَقِيقَة أمره حَتَّى تعد من الاغاليط وَمِمَّا شاع أَن وَضعه فى البيمارستان كَانَ عَن أغراض نفسانية وانه دَعَا على من كَانَ السَّبَب فى ذَلِك من الْفُضَلَاء بِأَن يسلب رونق فضيلته البهية فاستجيب دعاؤه فيهم وحرموا لَذَّة النَّفْع بالعلوم على أَن كلا مِنْهُم كَانَ مِمَّن برع على هَذَا الاستاذ فى الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم وَلَقَد حكى بعض عُلَمَاء الشَّام الْكِبَار أَنه حج فزار السَّيِّد صبغة الله فى مَدِينَة النبى الْمُخْتَار فَمَا اسْتَقر بِهِ الْجُلُوس حَتَّى سَأَلَهُ عَن أَحْوَال المنلا نظام مبديا للقائه غَايَة الشوق والغرام فَقَالَ لَهُ ذَلِك الْعَالم

ص: 452

انه جن وَوضع فى البيمارستان وَلم يتَنَبَّه بقرائن السُّؤَال الى مَا تضمنه من الاعتناء لرفعة الشان فاضطرب السَّيِّد وَقَالَ لذَلِك الْعَالم بِلِسَان عاذل لَاحَ ذَا مليح وعشاقه كلهم ملاح ويكفى مَا فى هَذِه الْكَلِمَة من الاشارة الى علو قدره وَأَنه مِمَّن يغالى فى التنويه بفضله الذى سلم لَهُ أعظم أهل عصره وَكَانَت وَفَاته فى سنة سِتّ عشرَة بعد الالف رَحمَه الله تَعَالَى

نعْمَان بن أَحْمد الحنبلى الدمشقى قاضى الْحَنَابِلَة بمحكمة الْبَاب بِدِمَشْق كَانَ من فضلاء الْحَنَابِلَة ووجهائهم تفقه على جمَاعَة وَلزِمَ من أول عمره هُوَ وَأَخُوهُ الشَّيْخ الْفَاضِل عبد السَّلَام أديب الزَّمَان أَحْمد بن شاهين وتخرجا عَلَيْهِ وانتفعا بِهِ علما وجاها وَولى القاضى نعْمَان النيابات بوسيلته والتقرب اليه الى أَن اسْتَقر آخرا بِالْبَابِ وَكَانَ أمثل الْقُضَاة فى عصره وجيها مهابا نقى الْعرض عَمَّا يدنس ملازما خويصة نَفسه ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الحجازية وَكَانَ لَهُ بهَا خلْوَة يُقيم بهَا أَكثر أوقاته وَكَانَت وَفَاته فى سنة احدى وَسبعين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى

نعْمَان بن عبد الرَّحْمَن وَيعرف فى دمشق بِابْن الجلده أحد الموالى الرومية ولد بِدِمَشْق وَبهَا نَشأ وَقَرَأَ وجد حَتَّى حصل طرفا صَالحا من الْعُلُوم ثمَّ سَافر فى أول أمره الى قسطنطينية وسلك بهَا طَرِيق الموالى فدرس بمدارس دَار الْخلَافَة وتوطن ثمَّة ونهض بِهِ حَظه نهضة بليغة فترقى فى أقرب زمَان الى قَضَاء بروسه وغدر بِهِ الزَّمَان عَاجلا فَقتل بهَا وَكَانَ سَبَب قَتله تراخيه فى أَمر دُخُول حسن باشا الجلالى الى بروسه على مَا قيل وَكَانَت وَفَاته فى سنة سبع وَسِتِّينَ وَألف وَالله أعلم

نعْمَان بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الايجى العجمى الدمشقى الشافعى الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى كَانَ من أجل الصُّوفِيَّة فَاضلا أديبا سخى الطَّبْع يُؤثر بِمَا لَهُ فى وُجُوه الْخَيْر وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد قَالَ النَّجْم فى تَرْجَمته وَكَانَ يتَزَوَّج كثيرا وَيُطلق حَتَّى بلغنى أَنه وقفت عَلَيْهِ سَائِلَة تسأله فَقَالَ لَهَا أَلَك زوج فَقَالَت لَا فَأَخذهَا الى المحكمة العونية وَعقد عقده عَلَيْهَا ثمَّ لَزِمَهَا حَتَّى اجْتمع بهَا فى منزلهَا قلت وَقد وقفت لَهُ على أشعار مِنْهَا هَذَا الْمَقْطُوع نسبه بعض الادباء اليه وَلَا أدرى صِحَة النِّسْبَة وَهُوَ هَذَا

(قَالُوا نرَاك بِلَا خل فَقلت لَهُم

مَا بعد جَوْهَر علمى أبتغى عرضا)

(جربت دهرى وأهليه فَمَا تركت

لى التجارب فى ود امْرِئ غَرضا)

وَالْبَيْت الاخير مضمن من قصيدة لابى الْعَلَاء المعرى وَبَاب هَذِه التجربة متسع جدا

ص: 453

واذا أضمرت الزّهْد فى النَّاس فقد نجحت الآمال وَأمن الباس وَمن شعره قَوْله أَيْضا

(أضعت الْعُمر فى لَهو وطيش

وَكنت أَظن فى الدُّنْيَا صديقا)

(فَلَمَّا صرت مُحْتَاجا لفلس

فقدت الاهل والخل الشفيقا)

وَقَوله

(صديق الْمَرْء فى الدُّنْيَا قَلِيل

وأصدقهم على التَّحْقِيق دِرْهَم)

(تمسك ان ظَفرت بِهِ ودع مَا

سواهُ فانه للهم مرهم)

وَكتب فى صدر مُكَاتبَة للرئيس يحيى بن كَمَال الدّين الدفترى فى الرّوم تَتَضَمَّن الشكاية فَقَالَ

(من كَانَ يَنْفَعهُ الادب

ويحله أَعلَى الرتب)

(فَلَقَد خسرت عَلَيْهِ مَا

ورثت من أم وَأب)

(كم رزقة كَانَت تصون الْوَجْه عَن ذَلِك الطّلب)

(أتلفتها لَا فى القيان وَلَا هوى بنت الْعِنَب)

(بل فى الْحَوَائِج والحوادث والعوارض والنوب)

(كم قلت لما بعتها

وحصلت فى أسر الكرب)

(ذهبت دجاجتنا الَّتِى

كَانَت تبيض لنا الذَّهَب)

فَلَمَّا وصلت الرسَالَة والابيات للرئيس يحيى الْمَذْكُور كلف أَبَا المعالى الطالوى أَن يكْتب عَن لِسَانه جَوَابا فَكتب فى جَوَاب الابيات قَوْله

(خسر الذى بَاعَ الادب

بالبخس فى سوق الطّلب)

(أَو مَا درى أَن القناعة للفتى مَال يحب

)

(وَرَأى بَان الْحر يقنعه الْقَلِيل من النشب

)

(مَا رزقة كَانَت تصون وَمَا الذى أورثه أَب

)

(حاشا لمثلك عَن هوى الْقَيْنَات أَو بنت الْعِنَب

)

(أَو ناعم أَطْرَافه

عذب اللمى حُلْو الشنب)

(فى كَفه لَهب المدام وفى الحشا مِنْهُ لَهب

)

(كم من أَخ كُنَّا نظن بِهِ اخاء ذوى النّسَب

)

(حَتَّى بلونا وده

فازور ينشد فى غضب)

(ذهبت دجاجتنا الَّتِى

كَانَت تبيض لنا الذَّهَب)

(هلا تذكر ديكها

اذ صَاح صيحته الْعجب)

ص: 454

(صعِقَتْ دَجَاج الحى مِنْهَا فهى فى قفص الكرب

)

(وَغدا يقوقئ حولهَا

وَالْقلب من خوف وَجب)

(فاشكر لبازى الجو حَيْثُ حمى الْحمام من العطب

)

(لولاه أَصبَحت الدَّجَاجَة لَا جنَاح وَلَا ذَنْب

)

قلت والابيات الَّتِى كتبهَا صَاحب التَّرْجَمَة لَيست لَهُ بل هى قديمَة وَقد غفل الطالوى عَن ذكره هَذَا فَلَعَلَّهُ لم يطلع على أَنَّهَا قديمَة وَكَانَت وَفَاة الشَّيْخ نعْمَان عَشِيَّة الاحد لليلتين بَقِيَتَا من صفر سنة سِتّ عشرَة وَألف وَقد تقدم ابْنه مُحَمَّد وحفيده أَحْمد وسيأتى حفيده يحيى

نعْمَان العجلونى الحبراصى الشَّيْخ الْعَالم الْعَلامَة الْفَقِيه الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى ذكره النَّجْم وَقَالَ فى تَرْجَمته سَافر الى مصر وَقَرَأَ على الْخَطِيب الشربينى وَالشَّمْس مُحَمَّد الرملى وَغَيرهمَا وَكَانَ يستحضر مسَائِل الْفِقْه من شرح الْمِنْهَاج لشيخه الْخَطِيب الْمَذْكُور كَأَنَّهُ ينظر اليه وَلما رَجَعَ من طلب الْعلم الى بِلَاده كَانَ يحجّ فى كل عَام وَلم يَنْقَطِع عَن الْحَج الا قَلِيلا واجتمعنا بِهِ بِدِمَشْق ثمَّ بطرِيق الْحَاج كثيرا ثمَّ بالحرمين الشريفين وَكَانَ لَا يتَقَيَّد بملبس وَلَا مطعم وَكَانَ يقبل من النَّاس مَا يعطونه ثمَّ كَانَ يعود على الْفُقَرَاء بعوائد وَكَانَ جوادا سخيا بكيا من خشيَة الله تَعَالَى وبقى على حَاله من الْحَج من سنة أَربع عشرَة بعد الالف سنة تسع عشرَة فَمَاتَ فى مرحلة الْمُعظم فى أَوَاخِر الْمحرم من هَذِه السّنة وَدفن بالاخضر

الشَّيْخ نعْمَة الله بن عبد الله بن محيى الدّين بن عبد الله بن على بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا بن يحيى بن مُحَمَّد بن يحيى بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلانى بن أَبى صَالح مُوسَى بن جنكى دوست حق بن يحيى الزَّاهِد بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن مُوسَى الحرن بن عبد الله الْمَحْض بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن بن على بن أَبى طَالب رضى الله عَنهُ وعنهم كَانَ من أكَابِر أَوْلِيَاء الله تَعَالَى الَّذين نالوا مِنْهُ الْوَفَاء والكرامة وَمن محبيه المقتدى بهم فى جمال الاخلاق سَطَعَ نور كَمَاله وأشرقت شمس صِفَاته وتواترت كراماته وكلماته وانعقد الاجماع على ولَايَته ولد بِالْهِنْدِ ورحل من بِلَاده الى مَكَّة المكرمة وَكَانَ وُصُوله اليها فى سنة أَربع عشرَة بعد الالف وجاور بهَا ولازم الصمت وَالْمَسْجِد عدَّة سِنِين ثمَّ سكن شعب عَامر وَتزَوج وَولد لَهُ أَوْلَاد واشتهر عِنْد أهل الْحَرَمَيْنِ ومدحه أكَابِر الْعلمَاء لما رَأَوْا مِنْهُ من الكرامات الخارقة والاحوال

ص: 455

الصَّالِحَة وَمِنْهُم الْعَلامَة الشَّيْخ على ابْن أَبى بكر الْجمال المكى قَالَ فِيهِ قصيدة مطْلعهَا قَوْله

(يَا من يروم قضا مَصَالِحه الَّتِى

صعبت وأشكل أمرهَا بالمرة)

(لَا تيأسن ولذ بقدوتنا الذى

أعطَاهُ رب الْعَرْش حسن السِّيرَة)

وهى طَوِيلَة فلنقتصر مِنْهَا على هَذَا الْمِقْدَار وللشيخ الْفَاضِل أَحْمد بن الْفضل باكثير قصيدة مدحه بهَا ذكر فِيهَا شَيْئا من كراماته مطْلعهَا هَذَا

(شِفَاء فؤادى بل جلاء نواظرى

مراتع غزلان الكناس النواضر)

(وحضرة أنسى رَوْضَة الْحسن والبها

وحضرة قدسى والهوى شعب عَامر)

(فَذا الشّعب فِيهِ شعب كبرى ولى بِهِ

بديعة حسن لم تحل عَن سرائرى)

(وَذَا الشّعب فِيهِ عشب خصب تفتقت

كمائمه عَن مزهرات الازاهر)

(وَذَا الشّعب من آفَاق علياه أشرقت

نُجُوم هدى يهدى بهَا كل حائر)

(وَذَا الشّعب امسى هَالة مستنيرة

ببدر كَمَال سَاطِع النُّور باهر)

(وَذَا الشّعب أضحى برج سعد ومنزلا

لشمس العلى قد أشرقت فى البصائر)

(وَذَا الشّعب برصار للبر معدنا

فكم رب فقر مِنْهُ أضحى كتاجر)

(أَضَاء بزهر مشرقات وأنجم

بهَا يهتدى للحق أهل السرائر)

(أَضَاء بشمس أشرقت فانجلى بهَا

دجى كل ليل للمعارف سَاتِر)

(أَضَاء بقطب الكائنات لانه

حوى نعْمَة الله بن عبد الْقَادِر)

(أَضَاء بِوَجْه مِنْهُ مَا الشَّمْس فى الضُّحَى

وَمَا الْبَدْر فى جنح الدياجى لناظر)

(وَمَا النَّجْم فى الافلاك يسطع نوره

وَمَا الْفجْر يَبْدُو مُسْفِرًا للنواظر)

(وَمَا النُّور حَتَّى ان يُقَاس بنوره

وَهل يستوى نور يعم بقاصر)

وَمن شُيُوخه الَّذين أَخذ عَنْهُم عُلُوم الطَّرِيق الشَّيْخ أَبُو بكر بن سَالم باعلوى صَاحب عينات وَكَانَ فى بدايته ملازما للرياضات وَاسْتمرّ أشهرا لَا يَأْكُل وَلَا يشرب وَهُوَ مختل بِغَار وَخرج مِنْهُ وَهُوَ يتَكَلَّم بالعلوم والمعارف وتواترت كراماته الَّتِى لَا يُمكن حصرها وَكَانَ ابْتَدَأَ الْعَلامَة ابراهيم الدهان فى جمع شئ من كراماته فى مؤلف وَلم يعلم بذلك أحدا فَأتى اليه وَهُوَ فى بَيته وَقَالَ لَهُ يَا شيخ ابراهيم هَل يُمكن عد الْمَطَر للبشر فَقَالَ لَا فَقَالَ كراماتنا كَذَلِك فَعِنْدَ ذَلِك صرف نَفسه عَن جمع هَذَا التَّأْلِيف

ص: 456

وَهَذِه من كراماته وَمِنْهَا أَن الْحمى كَانَت طوع يَدَيْهِ فَكَانَ يسلطها يَوْمًا وأياما وأشهرا وأعواما على من أَرَادَ من المنكرين وَاتفقَ لَهُ أَنه دخل على بعض أكَابِر الرّوم فى الْمَوْسِم فَلم يكترث بِهِ فَغَضب وَقَالَ يَا حمى خذيه فركبته من وقته وَلم يبت تِلْكَ اللَّيْلَة الا فى تربته وَمِنْهَا أَنه دخل على الامير رضوَان أَمِير الْحَاج المصرى وَكَانَ عِنْده من عُلَمَاء الشَّيْخ مكى فروخ فَقَامَ لَهُ وعظمه وَلم يقم لَهُ الامير وتغافل عَنهُ فَغَضب مِنْهُ وَتكلم عَلَيْهِ وَخرج من عِنْده وَقَالَ يَا حمى اركبيه فركبته من حِينه فَأرْسل اليه الشَّيْخ مكى يعْتَذر اليه وَيطْلب مِنْهُ الْعَفو فَقَالَ ان كَانَ ولابد فَتبقى عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى يتواضع من كبره فَبَقيت عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَيَّام وَقد أنهكته وعوفى بعْدهَا وَمِنْهَا أَنه كَانَ يُمِيت باذن الله تَعَالَى فَمَا اتفقه لَهُ أَنه غضب على شخص فَقَالَ مت فَمَاتَ من وقته وَمِنْهَا أَن بعض التُّجَّار المتوسطين كَانَ يتعاطى خدمته فى أَخذ كسْوَة لَهُ وَشبههَا فَاجْتمع لَهُ عِنْده خَمْسُونَ قرشا فَأتى اليه يَوْمًا فَقَالَ لَهُ كم اجْتمع لَك عندنَا فَقَالَ خَمْسُونَ قرشا فَقَالَ تأخذها أَو تتركها ونعوضك عَنْهَا خمسين ألف قِرْش فَقَالَ لَهُ الامر اليك فَقَالَ نَفسك طيبَة بذلك قَالَ نعم فَقَالَ اذْهَبْ وشاور من تثق بِهِ فَذهب الى عمَّة لَهُ كَانَ يُحِبهَا وتحبه فَذكر لَهَا كَلَامه فَأَشَارَتْ عَلَيْهِ بِتَرْكِهَا لَهُ فَرجع اليه وَقَالَ يَا سيدى انى قد تركتهَا لَك فَقَالَ اذْهَبْ وَنفى لَك بوعدك فَأَقْبَلت عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَلم تمض مُدَّة يسيرَة حَتَّى ملك مَا ينوف عَن خمسين ألف قِرْش وَمِنْهَا أَنه دخل على الشريف نامى بن عبد الْمطلب شرِيف مَكَّة فى شَفَاعَة فَلم يقبلهَا مِنْهُ فَخرج من عِنْده وَهُوَ يَقُول مَا قبل شفاعتنا نَحن نصلبه وأخاه فى مَكَان عينه فَمَا مَضَت مُدَّة يسيرَة حَتَّى أَتَى الْعَسْكَر من مصر وولوا الشريف زيد بن محسن الشرافة وقبضوا على الشريف نامى وأخيه وصلبوهما عِنْد الْمُدعى فى الْمَكَان الذى ذكره الشَّيْخ وَمِنْهَا أَن الشريف ادريس شرِيف مَكَّة غضب على بعض النَّاس وَأرْسل اليه أَن يخرج من مَكَّة وَلَا يسكنهَا وأمهله ثَمَانِيَة أَيَّام فَأتى اليه وشكى لَهُ حَاله وَمَا جرى لَهُ من الشريف ادريس فَأرْسل رَسُوله للشريف ادريس يشفع لَهُ فَلم يقبل شَفَاعَته فَسكت سَاعَة ثمَّ قَالَ وَالله لَا تخرج من مَكَّة وَيخرج هُوَ مِنْهَا فَبعد يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة قَامَت عَلَيْهِ الاشراف وعزلوه وَأَقَامُوا الشريف محسنا مَكَانَهُ وأخرجوه من مَكَّة وَمِنْهَا مَا أخبر بِهِ شَيخنَا بركَة الْعَصْر الْحسن العجيمى فسبح الله تَعَالَى فى أَجله أَن وَالِده قَالَ لَهُ يَوْمًا يَا سيدى انى أَخَاف على أولادى من الْجُوع فَقَالَ لَهُ أولادك

ص: 457

لَا يجوعون قَالَ شَيخنَا فانى بِحَمْد الله لَا أجوع أبدا جوعا مزعجا يحصل مِنْهُ مشقة وَذكر السَّيِّد مُحَمَّد الشلى فى مسودة تَارِيخه انه كَانَ اذا طلب من أحد شَيْئا وَلم يُعْطه قَالَ لَهُ نرسل لَك الْحمى فَتَأْتِيه تِلْكَ اللَّيْلَة ثمَّ زعم انه من ذُرِّيَّة الشَّيْخ عبد الْقَادِر المكيلانى قدس سره وَالله أعلم بِحَالهِ وَاسْتمرّ على تِلْكَ الْحَال حَتَّى أَتَى مَوْلَانَا السَّيِّد علوى ابْن عقيل السقاف وَطلب مِنْهُ أردبا من الْحبّ وَاعْتذر اليه فَقَالَ اما أَن تعطينى واما أَن أرسل اليك الْحمى وَكَانَ السَّيِّد علوى قد احتجب فى بَيته فَأرْسل اليه خادمه وَقَالَ افْعَل هَذَا مَعَ غيرى وأقعدناك فَلم يقدر على الْقيام فَاسْتَغْفر وَتَابَ وعاهده السَّيِّد على أَن لَا يضر أحدا وَأَن يَتُوب من هَذِه الْحَالة وَقَالَ لَهُ ان ضربت أحدا قتلنَا الجنى الذى ترسله للنَّاس ثمَّ مرض فأوصى أَن يدْفن فى مَحَله بشعب عَامر فَدفن فِيهِ اهـ قَالَ شَيخنَا العجميى الْمَذْكُور وَلَا يخفى على منصف أَن الِاسْتِخْدَام بالجان لَا ينافى الْولَايَة فقد وَقع لكثير مثل هَذَا مِمَّن لَا يشك فى ولَايَته مِمَّن يطول تعداد أسمائهم وَذكر صفاتهم نعم كَانَ من صَاحب التَّرْجَمَة انكار على شيخ مَشَايِخنَا أَحْمد الشناوى رَحمَه الله تَعَالَى حَتَّى انه دخل يَوْمًا على السَّيِّد سَالم شَيْخَانِ وَقَالَ لَهُ أخرجك الله من بَحر الشناوى فَغَضب السَّيِّد سَالم عَلَيْهِ وَقَامَ وضربه وَقَالَ أفيك أَهْلِيَّة لاجراء اسْم الشَّيْخ الشناوى فَخرج صَاحب التَّرْجَمَة هَارِبا من بَيت الشَّيْخ سَالم وَوَقع بَينهمَا شبه مَا يَقع بَين الاولياء فماتا فى شهر وَاحِد وَبَين وفاتبهما نَحْو عشرَة أَيَّام وَهَذَا من صَاحب التَّرْجَمَة غير قَادِح فى ولَايَته أَيْضا فقد جَاءَ فى حَدِيث الاولياء عِنْد أَبى نعيم ان كَلَام من الابدال والاوتاد وَغَيرهمَا لَو اطلع أحد مِنْهُم على من هُوَ فَوْقه فى الرُّتْبَة لحكم بِكُفْرِهِ أَو نَحْو ذَلِك وَكَانَ الشَّيْخ الشناوى ختم زَمَانه فَلَا يدع أَن يخفى مقَامه على أَكثر أهل أَوَانه بِاللَّه تَعَالَى التَّوْفِيق وَهُوَ الهادى الى سَوَاء الطَّرِيق وَكَانَت وَفَاة السَّيِّد نعْمَة الله صبح يَوْم الْخَمِيس سادس وعشرى ذى الْقعدَة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَألف وَله من الْعُمر أَربع وَسَبْعُونَ سنة وقبره يزار ويتبرك بِهِ رَحمَه الله تَعَالَى

نوح بن مصطفى الرومى الحنفى نزيل مصر الامام الْعَلامَة سَابق حلبة الْعُلُوم سَار ذكره واشتهر علمه وَهُوَ فى عُلُوم عديدة من الفائقين سِيمَا التَّفْسِير وَالْفِقْه والاصول وَالْكَلَام وَكَانَ حسن الاخلاق وافرا الحشمة جم الْفَضَائِل ولد ببلاده ثمَّ رَحل الى مصر وتديرها وَأخذ الْفِقْه عَن الْعَلامَة عبد الْكَرِيم السوسى تلميذ شيخ الاسلام على

ص: 458