المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم من يدعو القبور ويستغيث بالأموات ويذبح لهم قبل وبعد قيام الحجة عليه - دروس الحرم المدني للعثيمين - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌دروس وفتاوى الحرم المدني لعام 1416هـ[2]

- ‌التوسل بين المشروع والممنوع

- ‌أنواع التوسل المشروع

- ‌أنواع التوسل الممنوع

- ‌تفسير أوائل سورة الرحمن

- ‌تفسير قوله تعالى: (الرحمن)

- ‌تفسير قوله تعالى: (علم القرآن)

- ‌تفسير قوله تعالى: (خلق الإنسان)

- ‌تفسير قوله تعالى: (علمه البيان)

- ‌تفسير إجمالي لأواخر سورة الرحمن

- ‌الأسئلة

- ‌مشروعية زيارة القبور للرجال

- ‌بيان حقيقة موت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم من يدعو القبور ويستغيث بالأموات ويذبح لهم قبل وبعد قيام الحجة عليه

- ‌جواز ذهاب المرأة المسلمة إلى الطبيب عند الحاجة

- ‌حكم جلوس المرأة الحائض أو النفساء في المسجد من أجل طلب العلم

- ‌حكم زيارة النساء لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم زيارة الروضة النبوية

- ‌حكم استقبال قبر النبي صلى الله عليه وسلم للدعاء والسلام عليه

- ‌دفع شبهة أن قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بني عليه المسجد

- ‌ما صح في الجلوس في المصلى بعد الفجر

- ‌السبب الشرعي لصحة اقتناء الجواري

- ‌صحة أثر: (نزول القرآن إلى السماء الدنيا جملة واحدة)

- ‌الضابط في خروج المسلم من دائرة أهل السنة والجماعة

- ‌حكم الدعاء بـ (يا ساتر)

- ‌حكم أخذ الورثة إعانة مادية طلبها المورث وجاءت بعد موته

الفصل: ‌حكم من يدعو القبور ويستغيث بالأموات ويذبح لهم قبل وبعد قيام الحجة عليه

‌حكم من يدعو القبور ويستغيث بالأموات ويذبح لهم قبل وبعد قيام الحجة عليه

‌السؤال

ما حكم الذين يدعون أمام القبور ويستغيثون بالأموات ويذبحون لهم، هل مثل هؤلاء قد قامت عليهم الحجة أم هم كفار؟

‌الجواب

أما الذين يدعون الله عند القبور، ولا يدعون صاحب القبر فهؤلاء ليسوا مشركين؛ لأنهم يدعون الله، لكنهم مبتدعون، حيث ظنوا أن الدعاء عند القبور له مزية، لكن لا يكفرون.

وأما الذين يستغيثون بالأموات فيقولون: يا ولي الله! أو ما أشبه ذلك: أغثني، أو ارزقني، أو أعطني فهؤلاء المشركون، وهم مشركون شركاً أكبر ينطبق عليهم قول الله عز وجل:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة:72] وإننا ننعى إلى هؤلاء عقولهم كيف يدعون ميتاً هامداً لا يستطيع أن ينجي نفسه فيسألونه الغوث؟! ولهذا لا يجوز الاستغاثة بالأموات مطلقاً بل هي شرك أكبر، ولا يجوز الاستغاثة بالأحياء فيما لا يقدرون عليه، وأما الاستغاثة بالأحياء الحاضرين فيما يقدرون عليه فلا بأس به، وقد قال الله عن موسى:{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص:15] ، كذلك الذين يذبحون للأموات تعظيماً وتقرباً إليهم هم مشركون أيضاً، شركاً أكبر مخرجاً عن الملة، لقول الله تبارك وتعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام:162-163] فإذا كان محياك ومماتك لله لا أحد يحييك ولا أحد يميتك إلا الله عز وجل فكذلك عبادتك؛ الصلاة والنسك لله عز وجل، فكما أن هؤلاء المقبورين لا يحيونك ولا يميتونك فكذلك لا يجوز أن تجعل لهم من صلاتك شيئاً أو من نسكك شيئاً، يعني: لا يجوز أن تصلي لصاحب القبر ولا أن تذبح له، فإن فعلت فإنك مشرك شركاً أكبر مخرجاً عن الملة.

ومن ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة إلى القبر فقال فيما رواه مسلم عن أبي مرفد الغنوي: (لا تصلوا إلى القبور -يعني: لا تجعلوها بينكم وبين القبلة- ولا تجلسوا عليها) .

والمراد هنا بالصلاة ليست الصلاة للقبور لكن الصلاة إلى القبور، وهي لمن؟ لله، لكن جعل القبر بينه وبين القبلة، أما الصلاة للقبور فهذه شرك.

وأما قول السائل: هل هؤلاء يكفرون وقد قامت عليهم الحجة أو لا؟ فهذه مسألة نسبية؛ من الناس من تكون قد قامت عليه الحجة، ومن الناس من لا تكون قامت عليه الحجة، لكن من قامت عليه الحجة حكمنا بشركه وكفره بعينه، ومن لم تقم عليه الحجة حكمنا بأن هذا الفعل شرك وكفر، ولكن لا ينطبق على كل إنسان؛ لأن الله تعالى يقول:{رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165] فلابد من بلوغ الرسالة على وجه المفهوم، وحينئذٍ تقوم الحجة، وإذا أشرك الإنسان بعد قيام الحجة عليه بأن هذا شرك حكمنا بشركه وكفره، ولهذا يتوهم بعض العامة أو بعض طلبة العلم أيضاً أننا لا نحكم على شخصٍ بعينه بكفرٍ أو شرك بل نقول: فعله شرك وفعله كفر، وهذا غلطٌ عظيم؛ لأنه يلزم من هذا أن جميع المشركين الذين قاتلهم الرسول لا نحكم بشركهم بأعيانهم، بل نقول: من انطبق عليه الوصف الذي جعله الشارع شركاً أو كفراً فإنه نحكم بكفره بعينه.

ص: 14