المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حال الإنسان ومآله مع نفسه ومع غيره يوم القيامة - دروس الشيخ أسامة سليمان - جـ ٢٢

[أسامة سليمان]

فهرس الكتاب

- ‌إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً

- ‌وقفات وتأملات في سورة المعارج

- ‌تصوير القرآن العظيم ليوم القيامة وما يتقدمه من أحداث

- ‌مآل السماوات يوم القيامة

- ‌مآل الجبال والبحار والنجوم والشمس والقمر والوحوش

- ‌حال الإنسان ومآله مع نفسه ومع غيره يوم القيامة

- ‌مكانة الدنيا عند المؤمنين

- ‌ذكر صفات الإنسان وصفات المؤمنين في سورة المعارج

- ‌المنهجية الصحيحة في مواجهة أعداء الأمة

- ‌مقومات الشخصية اليهودية في القرآن الكريم

- ‌الإلحاد في العقائد

- ‌تحريف الكلم عن مواضعه

- ‌السعي في الأرض فساداً

- ‌تشديد اليهود على أنفسهم بكثرة جدالهم وسؤالهم

- ‌قساوة قلوب اليهود وسفاهتهم وحقدهم على المسلمين

- ‌الأسئلة

- ‌شروط الجهاد في سبيل الله لاسترداد أرض مغصوبة

- ‌حكم القنوت في الصلوات الخمس بسبب احتلال أرض العراق

- ‌ما يلزم من قذف المحصنات وقد أدركهن الموت

- ‌حكم ضرب الأمريكان ودول الخليج وبعض الدول العربية للعراق عند غزوه الكويت

- ‌التشجيع على محاربة عملة الدولار وغيرها من عملات الكفار

- ‌المقصود من قوله تعالى: (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية))

- ‌حقيقة المومية المنسوبة لفرعون

- ‌حكم خروج المرأة إلى المسجد واضعة المكياج في وجهها تحت النقاب

- ‌حكم الوشم

- ‌الأمور التي تساعد على الإقلاع عن الذنب تماماً

- ‌حكم نهي الوالدين لابنتهما عن التستر والحجاب

الفصل: ‌حال الإنسان ومآله مع نفسه ومع غيره يوم القيامة

‌حال الإنسان ومآله مع نفسه ومع غيره يوم القيامة

قال تعالى: {وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} [المعارج:10]، يقابل القريب قريبه، وابن العم يقابل ابن عمه، والأب يقابل ابنه، والزوجة تقابل زوجها، والصديق يقابل صديقه، فهل يلتفتون إليه؟ لا، كأنهم لا يعرفونه، ينشغل كل بحاله، فانشغل بنفسك، وأعد لهذه الساعات، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(يحشر الناس حفاة عراة غرلاً -يعني: غير مختونين- فقالت عائشة: يا رسول الله! يرى النساء عورة الرجال ويرى الرجال عورة النساء؟ قال: يا عائشة الأمر أكبر من ذلك، قال تعالى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:37])، فهب لو أن رجلاً يقف أمام السكة الحديدية، وجاء القطار من خلفه مسرعاً، التفت فوجده، فقيل له: كلم ابن عمك بجوارك، هل يكلمه؟ لا؛ لأن الهلاك يلحق به، ولو وقفت أمامه امرأة عارية لا ينظر إليها؛ لأنه يشتغل بما هو أهم من ذلك، فانظر إلى القرآن كيف يصور النتيجة يوم القيامة، يقول ربنا سبحانه:{وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} [المعارج:10] أي: لا يسأل قريب قريباً، لا يسأل صديق صديقه، كل ينشغل بحاله وبنفسه قال:{يُبَصَّرُونَهُمْ} [المعارج:11]، رغم أنه يراه ويعرفه، لكنه لا يهتم إلا بحاله.

قال: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ} [المعارج:11]، يود الكافر العاصي الذي انشغل بهذه الدنيا ورتع فيها يميناً وشمالاً، وظلم وتجبر ونسي ربه وضيع حدوده، وكلمة (المجرم) تأتي بمعان عديدة في القرآن الكريم، قد تأتي بمعنى الكافر، وقد تأتي بمعنى العاصي الظالم، وقد تأتي بمعنى المنافق.

قال: (يود) والود عمل من أعمال القلوب، قال:{يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} [المعارج:11]، فيا لها من مصيبة كبيرة إن سألت من يجمع المال من حرام: لماذا تجمع المال؟ يقول: أريد أن أؤمن مستقبل الأولاد بعد موتي، أبني العمارات، وأشتري السيارات والعقارات؛ حتى أورث بعد موتي.

وأول من يضحي به يوم القيامة هم الأولاد، فيا لها من معادلة مقلوبة ومنكوسة:{لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} [المعارج:11]، يا رب! خذ أبنائي ونجني من عذابك فلا يقبل منه، قال تعالى:{وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ} [المعارج:12]، الصاحبة بمعنى: الزوجة التي كانت في حضن دافئ، زوجها يوم القيامة يضحي بها! قال:{وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ} [المعارج:12]، فيا من تبحثون عن اسم العائلات! يقول تعالى:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون:101].

قال: {وَفَصِيلَتِهِ} [المعارج:13]، أي: عائلته {الَّتِي تُؤْويهِ} [المعارج:13]، التي ينضم إليها ويتشرف بها، يوم القيامة يقول: يا رب! خذ الأبناء، خذ الزوجة، خذ العائلة.

قال تعالى: {وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ} [المعارج:14] خذ كل من أعرفه ونجني من عذابك، فيقول الله سبحانه:{كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى} [المعارج:15 - 18]، هذه (لَظَى) ملتهبة، تأخذ الأعضاء الظاهرة والباطنة؛ حتى قال بعض المفسرين: تحرق فروة الرأس، {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُوا} [المعارج:15 - 17] النار تدعو إلى نفسها: تعال يا من أعرضت عن كتاب الله وعن سنة رسول الله! تعال يا من ضيعت حياتك في المعاصي! {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى} [المعارج:17 - 18]، أي: جمع المال وجعله في وعاء، وظل يعدد المال، ولا يؤدي حق الله فيه، جمع المال كل ليلة، وإذا خرج منه جنيه يظن أن في خروجه الفقر، قال تعالى:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة:268].

ص: 6