المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إصرار التائب أحمد على تسليم نفسه للمحكمة - دروس الشيخ سعد البريك - جـ ١٥١

[سعد البريك]

الفصل: ‌إصرار التائب أحمد على تسليم نفسه للمحكمة

‌إصرار التائب أحمد على تسليم نفسه للمحكمة

فلما مكثت في الرياض قليلاً بعد وصولي إذا به يتصل بي، فواعدته ثم قابلته، فلما رآني انفجر باكياً ويقول: والله مذ فارقتك وفعلت فعلتي تلك ما تلذذت بنومٍ إلا غفوات.

ما قولي أمام الله يوم أن يسألني ويقول: عبدي زنيت؟ فأقول: نعم.

زنيت وسرت بقدمي هاتين إلى الزنا، فقال صاحبنا لذلك التائب: هون عليك إن رحمة الله واسعة، إن الله غفور رحيم.

ثم قال ذلك الشاب التائب لصاحبنا هذا: ما جئتك زائراً ولكني جئتك مودعاً.

قلت: إلى أين؟ قال: جئتك مودعاً ولعلي ألقاك في الجنة إن أدركتني رحمة الله، أو رحمني الله بواسع رحمته، قلت: إلى أين تذهب؟ قال: أسلم نفسي إلى المحكمة، وأعترف بجرم الزنا حتى يقام حد الله علي.

فقلت له: أمجنونٌ أنت؟! أنسيت أنك متزوج؟! أنسيت أن حد الزاني المحصن الرجم بالحجارة حتى الموت؟! قال: ذاك أهون على قلبي من أن أبقى زانياً، وألقى الله زانياً غير مطهرٍ بحدٍ من حدوده.

قال صاحبنا: أما تتقي الله! استر على نفسك، استر على أسرتك، استر على جماعتك.

قال: كلهم لا ينقذونني من النار، وأنا أريد النجاة من عذاب الله.

قال: فضاقت بي المذاهب، وأخذته وقلت: أريد منك شيئاً واحداً.

فقال التائب: اطلب كل شيء إلا أن تردني عن تسليم نفسي إلى المحكمة.

قال: غير ذلك أردت منك وأريد أن توافقني عليه.

قال: ما دام غير ذلك أوافقك.

فقال صاحبنا له: امدد يدك عاهد بالله على أن تعمل وتصبر لما أقول.

قال: نعم.

فعاهدني.

قال: فقلت: نتصل بالشيخ فلان من أكبر العلماء وأتقاهم لله، حتى نسأله في شأنك فإن قال: سلم نفسك إلى المحكمة، أنا الذي أذهب بك بنفسي، وإن قال: لا.

فلا يسعك إلا أن تسمع وتطيع.

قال: نعم.

فسألت الشيخ، قال الشيخ: لا يسلم نفسه، وقال الشيخ الذي سئل عن تسليم الشاب نفسه إلى المحكمة: إن هذا الشاب قد أقلقه بالهاتف، واتصل به مراراً يريد أن يقنعه أن يسلم نفسه، ويجادل ويلح ويصر على تسليم نفسه، قال: فلما قابلته، قلت: لماذا أزعجت الشيخ بهذا الاتصال، وأنا الذي قد كفيتك مئونة الاتصال به؟! فقال: أحاول فيه لعلي أقنعه فيوافقني أن أسلم نفسي.

قال: ومن كلام هذا الشاب التائب للشيخ إني قلت له: اتق الله يا شيخ! فأنا أتعلق برقبتك يوم القيامة وأقول: إني يا رب! أردت أن أسلم نفسي ليقام حد الله علي فردني ذلك الشيخ، فقال الشيخ: هذا ما ألقى الله به، وما أفتيتك إلا عن علم.

ص: 9