الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَفْسِيرُ حَدِيثِ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ يَقُولُ:: قَوْلُهُ «فَخْمًا مُفَخَّمًا» الْفَخَامَةُ فِي الْوَجْهِ نُبْلُهُ وَامْتِلَاؤُهُ مَعَ الْجَمَالِ وَالْبَهَاءِ، وَالْمَرْبُوعُ: الَّذِي بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ، الْمُشَذَّبُ: الْمُفْرِطُ فِي
الطُّولِ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ جَرِيرٌ:
[البحر الكامل]
أَلْوَى بِهَا شَذِبُ الْعُرُوقِ مُشَذَّبٌ
…
فَكَأَنَّمَا وَكَنَتْ عَلَى طِرْبَالِ
وَقَوْلُهُ: «رَجْلَ الشَّعْرِ» الرَّجْلُ: الَّذِي لَيْسَ بِالسَّبِطِ الَّذِي لَا تَكَسُّرَ فِيهِ، الْقَطَطُ: الشَّدِيدُ الْجُعُودَةِ، يَقُولُ: فَهْوَ جَعْدٌ بَيْنَ هَذَيْنِ. وَالْعَقِيصَةُ: الشَّعْرُ الْمَعْقُوصُ وَهُوَ نَحْوٌ مِنَ الْمَضْفُورِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ:«مَنْ لَبَّدَ، أَوْ عَقَصَ، أَوْ ضَفَرَ، فَعَلَيْهِ الْحَلْقُ» . وَقَوْلُهُ: «أَزَجَّ الْحَوَاجِبِ، سَوَابِغَ» : الزَّجَجُ فِي الْحَوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا تَقَوُّسٌ مَعَ طُولٍ فِي أَطْرَافِهَا، وَهُوَ السُّبُوغُ فِيهَا، قَالَ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ:
[البحر الوافر]
إِذَا مَا الْغَانِيَاتُ بَرَزْنَ يَوْمًا
…
وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا
وَقَوْلُهُ: «فِي غَيْرِ قَرَنٍ» : وَالْقَرَنُ: الْتِقَاءُ الْحَاجِبَيْنِ حَتَّى يَتَّصِلَا، يَقُولُ: فَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ، يُقَالَ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ: أَبْلَجُ، وَذَكَرَ الْأَصْمَعِيُّ أَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَحْسِنُ هَذَا. وَقَوْلُهُ:«بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ» يَقُولُ: إِذَا غَضِبَ دَرَّ الْعِرْقُ الَّذِي بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ، وَدُرُورُهُ غِلَظُهُ وَنُتُوؤُهُ وَامْتِلَاؤُهُ. وَقَوْلُهُ:«أَقْنَى الْعِرْنِينِ» ، يَعْنِي: الْأَنْفَ، وَالْقَنَا أَنْ يَكُونَ فِيهِ دِقَّةٌ مَعَ ارْتِفَاعٍ فِي قَصَبَتِهِ، يَقُولُ مِنْهُ: رَجُلٌ أَقْنَى، وَامْرَأَةٌ قَنْوَاءُ، وَالْأَشَمُّ: أَنْ يَكُونَ الْأَنْفُ دَقِيقًا لَا قَنَا فِيهِ. وَقَوْلُهُ: «كَثَّ اللِّحْيَةِ» الْكُثُوثَةُ: أَنْ تَكُونَ اللِّحْيَةُ غَيْرَ دَقِيقَةٍ وَلَا طَوِيلَةٍ، وَلَكِنْ فِيهَا كَثَافَةٌ مِنْ غَيْرِ عِظَمٍ وَلَا طُولٍ. وَقَوْلُهُ:«ضَلِيعَ الْفَمِ» ، أَحْسَبُهُ يَعْنِي حُلَّةً فِي الشَّفَتَيْنِ. وَقَوْلُهُ:«أَشْنَبَ» ، الْأَشْنَبُ: الَّذِي يَكُونُ فِي أَسْنَانِهِ رِقَّةٌ وَتَحَدُّدٌ، وَيُقَالُ مِنْهُ: رَجُلٌ أَشْنَبُ، وَامْرَأَةٌ شَنْبَاءُ، وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
[البحر البسيط]
لَمْيَاءُ فِي شَفَتَيْهَا حُوَّةٌ لَعَسٌ
…
وَفِي اللِّثَاثِ وَفِي أَنْيَابِهَا شَنَبُ «
وَالْمُفَلَّجُ» : هُوَ الَّذِي فِي أَسْنَانِهِ تَفَرُّقٌ. «وَالْمَسْرُبَةُ» : الشَّعْرُ الَّذِي بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ، شَعْرٌ يَجْرِي كَالْخَطِّ، قَالَ الشَّاعِرُ الْأَعْشَى:
[البحر السريع]
الْآنَ لَمَّا ابْيَضَّتْ مَسْرُبَتِي
…
وَعَضِضْتُ مِنْ نَابِي عَلَى جِذْمِ
وَقَوْلُهُ: «جِيدُ دُمْيَةٍ» ، الْجِيدُ: الْعُنُقُ، وَالدُّمْيَةُ: الصُّورَةُ. وَقَوْلُهُ: «ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ» ، اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْكَرَادِيسِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الْعِظَامُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ عَظِيمُ الْأَلْوَاحِ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْكَرَادِيسَ رُءُوسَ الْعِظَامِ، وَالْكَرَادِيسُ فِي غَيْرِ هَذَا: الْكَتَائِبُ فِي الْحُرُوبِ. «وَالزَّنْدَانِ» : هُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ فِي السَّاعِدَيْنِ الْمُتَّصِلَانِ بِالْكَفَّيْنِ، وَصَفَهُ بِطُولِ الذِّرَاعِ. «سَبِطُ الْقَصَبِ» الْقَصَبُ: كُلُّ عَظْمٍ ذِي مُخٍّ مِثْلُ السَّاقَيْنِ، وَالسَّاعِدَيْنِ، وَالذِّرَاعَيْنِ، وَسُبُوطُهُمَا: امْتِدَادُهُمَا، يَصِفُهُ بِطُولِ الْعِظَامِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
[البحر الوافر]
جَوَاعِلُ فِي الْبُرَى قَصَبًا خِدَالَا
أَرَادَ بِالْبُرَى: الْأَسْوِرَةَ وَالْخَلَاخِلَ. وَقَوْلُهُ: «شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ» ، يُرِيدُ أَنَّ فِيهِمَا بَعْضَ الْغِلَظِ. وَالْأَخْمَصُ مِنَ الْقَدَمِ: فِي بَاطِنِهَا مَا بَيْنَ صَدْرِهَا وَعَقِبِهَا، وَهُوَ الَّذِي لَا يَلْصَقُ بِالْأَرْضِ مِنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الْوَطْءِ، قَالَ الْأَعْشَى يَصِفُ امْرَأَةً بِإِبْطَائِهَا فِي الْمَشْيِ:
[البحر البسيط]
كَأَنَّ أَخْمَصَهَا بِالشَّوْكِ مُنْتَعِلُ
وَقَوْلُهُ: «خُمْصَانُ» : يَعْنِي يُرِيدُ أَنَّ ارْتِفَاعَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ قَدَمَيْهِ فِيهِ تَجَافٍ عَنِ الْأَرْضِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ خُمُوصَةِ الْبَطْنِ، وَهِيَ ضَمِرَةٌ، يُقَالُ مِنْهُ: رَجْلٌ خُمْصَانٌ، وَامْرَأَةٌ خُمْصَانَةٌ. وَقَوْلُهُ:«مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ» : يَعْنِي أَنَّهُمَا مَلْسَاوَانِ لَيْسَ بِظُهُورِهِمَا تَكَسُّرٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ: يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا ثَبَاتَ لِلْمَاءِ عَلَيْهِمَا. وَقَوْلُهُ «إِذَا خَطَا تَكَفِّيًا» ، يَعْنِي التَّمَايُلَ، أَخَذَهُ مِنْ تَكَفِّي السُّفُنِ. وَقَوْلُهُ:«ذَرِيعَ الْمِشْيَةِ» : يَقُولُ: يَعْنِي وَاسِعَ الْخُطَا. وَقَوْلُهُ: «كَأَنَّمَا انْحَطَّ مِنْ صَبَبٍ» : أَرَاهُ يُرِيدُ أَنَّهُ مُقْبِلٌ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ، غَاضٌّ بَصَرَهُ لَا يَرْفَعُهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْمُنْحَطُّ، ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ:«خَافِضُ الطَّرْفِ، نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ» . وَقَوْلُهُ: «إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا» : يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْوِي عُنُقَهُ دُونَ جَسَدِهِ، فَإِنَّ فِي هَذَا بَعْضَ الْخِفَّةِ وَالطَّيْشِ. وَقَوْلُهُ:«دَمِثٌ» : هُوَ اللَّيِّنُ وَالسَّهْلُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ: دَمِثٌ، وَمِنْهُ حَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبُولَ فَمَالَ إِلَى دَمْثٍ» . وَقَوْلُهُ:«إِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ» ، الْإِشَاحُ: الْحَدُّ، وَقَدْ يَكُونُ الْحَذَرَ. وَقَوْلُهُ:«وَيَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ» ، الِافْتِرَارُ: أَنْ تُكَشِّرَ الْأَسْنَانَ ضَاحِكًا مِنْ غَيْرِ قَهْقَهَةٍ، وَحَبُّ الْغَمَامِ: الْبَرَدُ، شَبَّهَ بِهِ بَيَاضَ أَسْنَانِهِ، قَالَ جَرِيرٌ:
يَجْرِي السِّوَاكُ عَلَى أَغَرَّ كَأَنَّهُ
…
بَرَدٌ تَحَدَّرَ مِنْ مُتُونِ غَمَامِ
وَقَوْلُهُ: «يَدْخُلُونَ رُوَّادًا» ، الرُّوَّادُ: الطَّالِبُونَ، وَاحِدُهُمْ رَائِدٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: الرَّائِدُ لَا يَكْذِبُ أَهْلَهُ. وَقَوْلُهُ: «لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ» ، يَعْنِي عُدَّةً قَدْ أَعَدَّ لَهُ. وَقَوْلُهُ:«لَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ» : أَيْ لَا يَجْعَلُهَا لِنَفْسِهِ مَوْضِعًا يُعْرَفُ، إِنَّمَا يَجْلِسُ حَيْثُ يُمْكِنُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ حَاجَتُهُ، ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ:«يَجْلِسُ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ» ، وَمِنْهُ حَدِيثُهُ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرُ» . وَقَوْلُهُ فِي مَجْلِسِهِ: «لَا تُؤْبَنُ فِيهِ الْحُرَمُ» ، يَقُولُ: لَا يُوصَفُ فِيهِ النِّسَاءُ، وَمِنْهُ حَدِيثُهُ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ نَهَى عَنِ الشِّعْرِ إِذَا أُبِّنَتْ فِيهِ النِّسَاءُ»
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ رِجَالٌ فِي الْمَسْجِدِ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ، فَأَقْبَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ:«أَفِي حَرَمِ اللَّهِ وَعِنْدَ بَيْتِ اللَّهِ تَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ بِكَ بَأْسٌ يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ إِنْ لَمْ تُفْسِدْ نَفْسَكَ، إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الشِّعْرِ إِذَا أُبِّنَتْ فِيهِ النِّسَاءُ، أَوْ تُرُوزِئَتْ فِيهِ الْأَمْوَالُ» وَقَوْلُهُ: «لَا تُنْثَى فَلَتَاتُهُ» ، الْفَلَتَاتُ: السَّقَطَاتُ لَا يُتَحَدَّثُ بِهَا، يُقَالَ مِنْهُ: نَثَوْتُ أَنْثُو، وَالَاسْمُ مِنْهُ النَّثَاءُ، وَهَذِهِ الْهَاءُ الَّتِي فِي فَلَتَاتِهِ رَاجِعَةٌ إِلَى الْمَجْلِسِ، أَلَا تَرَى أَنَّ صَدْرَ الْكَلَامِ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ مَجْلِسِهِ، وَيُقَالَ أَيْضًا أَنَّهَا لَمْ يَكُنْ لِمَجْلِسِهِ فَلَتَاتٌ يَحْتَاجُ أَحَدٌ أَنْ يَحْكِيَهَا، فَلَتَاتُهُ: يُرِيدُ فَلَتَاتِ الْمَجْلِسِ، لَا يَتَحَدَّثُ بِهَا بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ