المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عاقبة إهمال التربية في سن مبكرة - دروس الشيخ سعد البريك - جـ ٢٧

[سعد البريك]

فهرس الكتاب

- ‌دور الأسرة في تربية وتوجيه النشء

- ‌كيفية الحفاظ على المجتمع

- ‌التربية حقيقة النجاح والنجاة

- ‌رحلة تحصيل الولد وأهمية الحفاظ عليه

- ‌عاقبة إهمال التربية في سن مبكرة

- ‌أهمية التربية الروحية ومكانتها

- ‌إهمال التوجيه سبب إخفاق في دراسة النشء

- ‌مكانة التربية في حياة النشء

- ‌دور المرأة في التربية

- ‌دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في التربية والتوجيه

- ‌إمكان تغيير منكرات البيت

- ‌الإشفاق على المرء من النار أولى من الإشفاق عليه من المرض ونحوه

- ‌كل راع مسئول عن رعيته

- ‌عبد تقي من الجيل الأول

- ‌أثر التقوى في الحفاظ على الذرية

- ‌الحفاظ على الأبناء من غزو الفضائيات

- ‌توجيه النشء بين الأمس واليوم

- ‌العمل الذي يبقى بعد الموت

- ‌بعض صور التربية

- ‌كيفية معالجة منكرات البيوت

- ‌بعض منكرات البيوت

- ‌أهمية اقتران العلم بالعمل

- ‌بعض وسائل توجيه النشء

- ‌الأسئلة

- ‌دور الأندية في تربية النشء

- ‌تقصير الناس في التربية القرآنية

- ‌التشبه بالغربيين في الملبس

- ‌تربية المواشي وتربية الأولاد

- ‌كيف نتخلص من الرسيفر

- ‌أسباب انتشار المخدارت وأضرارها

- ‌المعصية في الخلوة

الفصل: ‌عاقبة إهمال التربية في سن مبكرة

‌عاقبة إهمال التربية في سن مبكرة

ثم بعد ذلك: إذا بلغ الولد ست عشرة سنة، أين هو؟ لماذا تأخر؟ لماذا يسهر؟ لماذا وقع في التدخين؟ لماذا فعل هذه المعصية؟ لماذا ارتكب هذا المنكر؟ لماذا لا يسمع كلامي؟ لماذا يعق أمه؟ لماذا يقطع رحمه؟ لماذا يرتكب المخالفات؟ لماذا فشل في الدراسة؟ لماذا أخفق في التربية؟ لماذا؟! أنت الذي جنيت، يداك أوكتا وفوك نفخ، (على نفسها جنت براقش) كما يقال، أهملته وتركته وضيعته في سن التوجيه والاستجابة والتأثر والتقبل، ثم بعد ذلك تقول: لماذا لم يخرج لي ولد متفوق؟ لماذا لم يكن على مستوىً لائق؟ لماذا لم يصاحب جلساء طيبين؟ لماذا لم يكن مع الأخيار والأبرار؟ أنت الذي ارتكبت هذا.

ولذا أيها الأحبة أقول: إن السياج المنيع والحصن الحصين للنشء إذا أردنا أن نفتخر به كما قال عز وجل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور:21] يعني: في الجنة، {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:21].

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] هذا أمر من أراده فعليه أن يعتني بالنشء من وقت مبكر.

يقول العوام: (البر في رجب) هذا مَثَل معروف عند العامة، إذا أراد أحدهم أن يحج يختار ذلولاً، ومن رجب يبدأ يغذيها، ويبدأ يعلفها، ويبدأ يعتني بها حتى إذا جاء قبل الحج بشهر أو شهرين أو شهر ونصف، بدأت رحلة الحج الطويلة، حينئذ يكون فيما مضى قد أعدها، (البر في رجب) يعني: رجب وشعبان ورمضان، ثم شوال وذو القعدة تبدأ رحلة الحج، إذاًَ ثلاثة أشهر قبل الحج وهم يعلفون الدابة، ثم في شوال وبداية الأشهر الحرم يبدأ رحلة الحج على هذه، فكذلك الذي يريد أن يلتفت إلى الولد لا يضيعه في فترة الأربع سنوات، والخمس سنوات، والتمهيدية، والروضة، والابتدائية، والمتوسطة، ثم إذا بلغ الثانوية وخاتمتها، أو بداية الجامعة، قال: هذا ولد عنيد، هذا ولد عاق، هذا ولد لا يسمع، هذا ولد لا يطيع، ما الذي صيَّره؟! ما الذي غيَّره؟! كان أبوك رجلاً عامياً لا يعرف إلا أن يصدر في المنحات، ولا يعرف إلا أن يسوق الأباعر، ولا يعرف إلا أن يبيع ويشتري في البهائم، ومع ذلك أخرجك وأنتجك أيها الرجل المكتسب القادر الذي تعتني بالأسرة، ما كان عند أبيك شهادة جامعية، ومع ذلك رباك تربية قوية وهو لم يفقه ولم يدرس في جامعة أكسفورد ولا في جامعات عالمية ولا محلية، وأنت يا من درست وعرفت وتعلمت القراءة والكتابة ما أنتجت وما خرَّجتَ ولداً صالحاً، نعم الهداية بيد الله، لكن للشيء أسبابه، إذا فعلت السبب حينئذٍ تقول: الأمر بيد الله: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص:56]، {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران:20] {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد:7] نعم تقول هذا إذا بذلت غاية ما في وسعك من سببٍ وقدرة، أما أن تضيعه ثم تقول: ما كتب الله هذا، إذاً لا تتزوج وقل: ما كتب الله لي ولداً، ولا تَبْذُر وقل: ما كتب الله لي بُرَّاً ولا ثمرةً، ولا تفعل السبب وقل: ما كتب الله لي ربحاً ولا تجارةً، هذا ليس بصحيح.

ص: 5