الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشرطي في هذا البحث أني لا أتناول بالجمع والدراسة إلا ما ورد النص فيه مقيدا بكلمة (دبر الصلاة) أو (دبر كل صلاة) أو (دبر الصلوات) أو (دبر صلاة) أما ما كان صريحا بقبل السلام أو بعد السلام فلا أذكره لوضوحه، وقد سرت في بحثي هذا على المنهج التالي:
1 -
أذكر الرواية الوارد فيها اللفظ الواضح في دلالته لموضوع البحث وأذكر راويه من الصحابة وأحيانا اذكر الراوي عنه من التابعين.
2 -
عزوت الرواية إلى من أخرجها من الأئمة فإن كانت في الصحيحين أو في أحدهما اكتفيت بذلك، وإن لم يكن فيهما أقدم السنن الأربعة على غيرها من الكتب الحديثية.
3 -
عند التخريج أذكر إسناد الحديث من ملتقى الطرق (مدار الأسانيد) إلى الصحابي راوي الحديث، وأحذف ما قبله من الأسانيد بعد دراستها كما هو معروف عند أهل الصنعة كابن الملقن والزيلعي وابن حجر.
4 -
ترجمت لكل راو تدعو الحاجة إلى ترجمته خاصة من يكون مدار الحديث عليه.
5 -
حكمت على الأسانيد بعد دراستها والنظر في رواتها وأنقل ما وقفت عليه من أقوال أهل العلم في الحكم، إلا إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما
6 -
شرحت الكلمات الغريبة.
وقد قسمت البحث إلى مقدمة وتمهيد وفصلين وخاتمة وفهارس.
المقدمة: فيها أهمية الموضوع، والتمهيد: فيه معنى (دبر الصلاة) وفوائد تتعلق بالأذكار.
والفصل الأول: فيه الأحاديث المقيدة بأدبار الصلاة والتي يكون موضعها قبل السلام.
والفصل الثاني: فيه الأحاديث المقيدة بأدبار الصلاة والتي يكون موضعها بعد السلام.
الخاتمة: وفيها أهم نتائج البحث.
تمهيد: في معنى (دبر الصلاة) في الأحاديث
قال ابن فارس: (دبر) الدال والباء والراء أصل هذا الباب .... وهو آخر الشيء وخلفه خلاف قبله (1)
وقال ابن منظور: الدبر و الدبر نقيض القبل، و دبر كل شيء عقبه، ومؤخره، وجمعهما أدبار، .... و الدبر خلاف القبل و دبر الشهر آخره (2)، وقال ابن قتيبة: دبر الصلاة: آخرها، ودبر البيت وكل شيء: مؤخرة (3).
(1) - (مقاييس اللغة2/ 324)
(2)
- (لسان العرب2/ 324)
(3)
- غريب الحديث2/ 272
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما لفظ دبر الصلاة فقد يراد به آخر جزء منه وقد يراد به ما يلي آخر جزء منه كما في دبر الإنسان فإنه آخر جزء منه ومثله لفظ العقب قد يراد به الجزء المؤخر من الشيء كعقب الإنسان وقد يراد به ما يلي ذلك، فالدعاء المذكور في دبر الصلاة إما أن يراد به آخر جزء منها ليوافق بقية الأحاديث أو يراد به ما يلي آخرها، ويكون ذلك ما بعد التشهد كما سمي ذلك قضاء للصلاة وفراغا منها حيث لم يبق إلا السلام المنافي للصلاة أو يكون مطلقا أو مجملا وبكل حال فلا يجوز أن يخص به ما بعد السلام لأن عامة الأدعية المأثورة كانت قبل ذلك. مجموع الفتاوى (1)
وقال أيضا: ولفظ (دبر الصلاة) قد يراد به آخر جزء من الصلاة كما يراد بدبر الشيء مؤخره وقد يراد به ما بعد انقضائها كما في قوله - تعالى -) (وأدبار السجود)(2) وقد يراد به مجموع الأمرين. (3) وقال ابن القيم: ودبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده، وكان شيخنا_يعني ابن تيمية_ يرجح أن يكون قبل السلام فراجعته فيه فقال: دبر كل شيء منه كدبر الحيوان (4)
قلت: وهذا يخالف ما نقلته عنه في الموضع الثاني، فلعل له قولين، أو أنه تراجع عما نقله عنه ابن القيم.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: دبر الصلاة يطلق على معنيين: أحدهما: آخر الصلاة يعني قبل السلام، والآخر: بعد السلام (5)
وذلك حسب سياق الأحاديث، فإن كانت تتعلق بالدعاء فأكثرها يدل على أن المراد آخر الصلاة قبل السلام، وأما إن كانت_الأحاديث الواردة دبر الصلاة_ تتعلق بالأذكار، فمعناه بعد السلام.
لكن الحافظ ابن حجر يرى أن المراد بدبر الصلاة في الأحاديث بعد السلام سواء كانت تتعلق بالأذكار أو بالدعاء فكلها محلها بعد الصلاة ولذلك قال:
(فان قيل: المراد بدبر كل صلاة قرب آخرها وهو التشهد، قلنا: قد ورد الأمر بالذكر دبر كل صلاة، والمراد به بعد السلام إجماعا فكذا هذا حتى يثبت ما يخالفه)(6) وقال في موضع آخر (وزعم بعض الحنابلة أن المراد بدبر الصلاة ما قبل السلام، وتعقب بحديث (ذهب أهل الدثور)، فإن فيه تسبحون دبر كل صلاة، وهو بعد السلام جزما فكذلك ما شابهه) (7)
(1) - (2/،470،471)
(2)
- (ق 40)
(3)
- مجموع الفتاوى (22/ 516)
(4)
- (زاد المعاد1/ 305)
(5)
- (تحفة لإخوان بأجوبة مهمة تعلق بأركان الإسلام ص 128_130
(6)
- فتح الباري11/ 133)
(7)
- الفتح2/ 335)
وأحيانا يطلق الدبر ويقيد بموضع ما بعد الرفع من الركوع في الركعة الأخيرة كما في حديث ابن عَبَّاسٍ قال: قَنَتَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرًا مُتَتَابِعًا في الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ، وَصَلَاةِ الصُّبْحِ، في دُبُرِ كل صَلَاةٍ، إذا قال: سمع الله لِمَنْ حَمِدَهُ، من الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ يَدْعُو على أَحْيَاءٍ من بَنِي سُلَيْمٍ، على رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، وَيُؤَمِّنُ من خَلْفَهُ. (1)
وخلاصة القول: أن المراد بدبر الصلاة بعد السلام إذا كان سياق الأحاديث في الذكر من تهليل وتسبيح وتحميد وتكبير وإذا كان السياق في الدعاء فغالبه قبل السلام.
ولا شك أن الدعاء في الصلاة أولى لأنه في حال مناجاة الرب سبحانه، قال شيخ الإسلام:(وذلك لأن المصلى يناجى ربه فإذا سلم انصرف عن مناجاته ومعلوم أن سؤال السائل لربه حال مناجاته هو الذي يناسب دون سؤاله بعد انصرافه، كما أن من كان يخاطب ملكا أو غيره فإن سؤاله وهو مقبل على مخاطبته أولى من سؤاله له بعد انصرافه)(2) وقال في موضع آخر (الأحاديث المعروفة في الصحاح والسنن والمساند تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دبر صلاته قبل الخروج منها وكان يأمر أصحابه بذلك ويعلمهم ذلك)(3)
ومع ذلك فإن الدعاء مشروع بعد السلام وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم يدعو بعد الصلاة لكن بصيغة الإفراد ولم يكن الدعاء جماعيا (4).
(1) - أخرجه أبو داود واللفظ له (2/ 68) رقم (1443) واحمد في المسند (1/ 301) رقم (2746) وابن خزيمة في صحيحه (1/ 313) رقم (618) وابن الجارود في المنتقى (1/ 60) رقم (198) والحاكم في المستدرك (1/ 348) رقم (820) والبيهقي في الصغرى (1/ 272) رقم (442) والكبرى (2/ 212) رقم (2971) والطبري في تهذيب الآثار (مسند ابن عباس)(1/ 316) كلهم من طريق ثابت بن يزيد، عن هلال بن خباب، عن عكرمة. وثابت هذا هو: ابن يزيد الأحول ثقة ثبت (التقريب (834) وهلال هو: ابن خباب العبدي صدوق تغير بآخره (التقريب7334) وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 628): (قال الحافظ أبو بكر الحازمي هذا حديث حسن وكذا قال المنذري في كلامه على أحاديث المهذب وقال النووي إسناده حسن أو صحيح)
(2)
- (مجموع الفتاوى22/ 513_514)
(3)
- (22/ 492)
(4)
- الأحاديث الواردة في الدعاء بعد التشهد وقبل السلام ص144
(، وقد بوب الإمام البخاري في كتاب الدعوات بـ (باب الدعاء بعد الصلاة)(1)
قلت: ومن ذلك الحديث الذي أخرجه بن حبان في صحيحه بإسناد صحيح (2) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدَّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ)
ووجه الشاهد من الحديث قوله (إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ وَسَلَّمَ)
فائدة في صفة عدد الأذكار:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والأذكار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها المسلمين عقيب الصلاة أنواع أحدها: إنه يسبح ثلاثا وثلاثين، ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويكبر ثلاثا وثلاثين، فتلك تسع وتسعون، ويقول تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، والثاني: يقولها خمسا وعشرين ويضم إليها لا إله إلا الله، والثالث: يقول الثلاثة: ثلاثا وثلاثين، وهذا على وجهين أحدهما أن يقول كل واحدة ثلاثا وثلاثين، وهذا الرابع، والخامس: يكبر أربعا وثلاثين ليتم مائة. والسادس: يقول الثلاثة عشرا عشرا.
فهذا هو الذي مضت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. (3) وقال أيضا: والمأثور ستة أنواع:
أحدها: أنه يقول هذه الكلمات عشرا عشرا عشرا فالمجموع ثلاثون.
والثاني: أن يقول كل واحدة إحدى عشر، فالمجموع ثلاث وثلاثون.
والثالث: أن يقول كل واحدة ثلاثا وثلاثين، فالمجموع تسع وتسعون.
والرابع: أن يختم ذلك بالتوحيد التام فالمجموع مائة.
والخامس: ان يقول كل واحد من الكلمات الأربع خمسا وعشرين فالمجموع مائة (4) قلت: ولم يذكر شيخ الإسلام إلا خمسة أنواع مع أنه قال والمأثور ستة أنواع فلعل السادس غفل عنه أو سقط من النساخ.
(1) - الصحيح 5/ 2331)
(2)
- 5/ 372رقم 2025
(3)
- (الفتاوى الكبرى1/ 201،200)
(4)
- (مجموع الفتاوى22/ 516،515)
18 -
…
شرح مسلم 5/ 93