المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تجمع الأحزاب لاستئصال المسلمين في السنة الخامسة للهجرة - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٢٦٢

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌ساعة الصفر

- ‌من أحداث غزوة الأحزاب

- ‌ضيافة جابر للمصطفى عليه الصلاة والسلام وما فيها من المعجزة

- ‌تجمع الأحزاب لاستئصال المسلمين في السنة الخامسة للهجرة

- ‌حفر الخندق وما فيه من بشارات

- ‌مبارزة علي رضي الله عنه لعمرو بن ود

- ‌انهزام المشركين بجنود الله والاستكشاف عن أخبارهم

- ‌إصابة سعد بن معاذ وحكمه في بني قريظة ووفاته رضي الله عنه

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌قصة أبي لبابة

- ‌المسائل المهمة في غزوة الأحزاب

- ‌حضور جابر للمعجزات

- ‌لمن تكون الدنيا

- ‌حذيفة بن اليمان وقصة الفداء

- ‌إنشاده صلى الله عليه وسلم وجواز الحداء

- ‌جواز المزاح بضوابط

- ‌علي بن أبي طالب يذبح طاغية المشركين

- ‌تأخير صلاة العصر ودعاؤه صلى الله عليه وسلم على المشركين

- ‌سعد بن معاذ وجرحه في الخندق

- ‌نعيم بن مسعود الداهية الأريب والدبلوماسي الناجح

- ‌إدخال الناس عشرة عشرة على الطعام

- ‌ابتلاء المؤمنين

- ‌فوائد عن صلاة العصر في بني قريظة

- ‌كرامات الأولياء وخرافات الدجالين

- ‌واجب الدعاة

الفصل: ‌تجمع الأحزاب لاستئصال المسلمين في السنة الخامسة للهجرة

‌تجمع الأحزاب لاستئصال المسلمين في السنة الخامسة للهجرة

وغزوة الأحزاب وقعت حدثاً تاريخياً في واقع المسلمين في السنة الرابعة وقيل في الخامسة، والأصوب أنها في الخامسة، فمن قال في الرابعة ألغى الكسر، ومن قال في الخامسة جبر الكسر، وهذه الغزوة من أشد الغزوات في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكادت هذه الغزوة أن تودي بالرسالة وبصاحبها وأن تجتاح الصحابة والمهاجرين والأنصار، وأن تقطع حبل هذه الرسالة، ذلك أن العرب اجتمعوا في حزبٍ ائتلافي، وكونوا جيشاً يريدون به خوض المعركة ضد المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحزب الائتلافي المشرك يتكون من قريش التي بغت على رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، ويقودها آنذاك أبو سفيان ومن غطفان التي يقودها عيينة بن حصن ومن بني قريظة اليهود الذين نقضوا عهد الله وكفروا برسل الله.

اجتمعوا عشرة آلاف وتوجهوا إلى المدينة وتعاهدوا وتواعدوا على أن يقاتلوا رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى ينتهي الدين تماماً، وتنتهي لا إله إلا الله من الأرض، وتنتهي الرسالة، فلا يكون هنالك رسولٌ ولا رسالة، ولا مصل ولا صائم، ولا معتمرٍ ولا حاج:{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة:32] يقول أحد المفكرين المسلمين: إن المشرك أو الملحد الذي يريد أن يطفئ نور رسالة الإسلام كالطفل الذي ينفخ في الشمس، وهل يطفئ الطفل نور الشمس؟! فهذه رسالته عليه الصلاة والسلام.

نزل الأحزاب هناك وتمركزوا حول المدينة، وجعلوا النخل وراء ظهورهم، وطوقوا المدينة والرسول عليه الصلاة والسلام داخل المدينة، وتصوروا هذا الحدث العظيم، تصور أنك في قرية من القرى مثل المدينة المنورة أنت وجماعة معك، وينزل بك عشرة آلاف مقاتل من أشجع شجعان العرب على الإطلاق؛ كل مقاتل يغلي دمه حقداً وحسداً وبغياً وعدواناً على من في المدينة، يقطعون عنهم الإمدادات، المواصلات، وكل ما استطاعوا أن يقطعوه قطعوه، نزلوا هناك، وحق للقرآن أن يتحدث ويقول {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب:10] فالقلب في موضعه لكنه من الخوف يرتفع حتى يبلغ الحنجرة، ضاقت الأمور وزلزلوا زلزالاً شديداً حتى يقول الله:{وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب:10] حتى أن بعض من أسلم ظن أن الرسالة سوف تنتهي، ولن يعود هناك توحيد في الأرض ولا إسلام، فلما نزلوا هناك اعتد عليه الصلاة والسلام بقوة الله عز وجل، وقال: حسبنا الله ونعم الوكيل؛ واجتمع بالصحابة الأخيار الذين قاتلوا في بدر وأحد؛ أصحاب السيوف البيضاء، وأهل الأيادي الطولى في دين الله عز وجل، واستشارهم ماذا يفعلون؛ فالموقف مربك، أيتركهم يدخلون، ثم يقاتلهم في الزقاق وفي السكك وعلى أفواه الطرق، أم يستسلم ويقدم خطةً استسلامية لينتهي الدين، أم يقدم غرامة مالية وهو لا يملك هو والصحابة ما يملئون بطونهم من الخبز، حتى يربط على بطنه صلى الله عليه وسلم الحجارة، أم ماذا يفعل؟

لكن الله في السماء.

فاشدد يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان

فتوجه إلى الحي القيوم الذي إذا نصر نصر، وإذا هدى هدى.

واستشار أصحابه عليه الصلاة والسلام، فتقدم الرجل الذكي المدره الداهية سلمان الفارسي رضي الله عنه وأرضاه الباحث عن الحقيقة، الذي أتى يقطع آلاف الأميال ليملأ قلبه بلا إله إلا الله، وبعض الناس يسكنون في بعض الأحياء القريبة من المساجد ويسمعون: لا إله إلا الله تتردد فلا يأتون ولا يستمعون.

ص: 4