المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مبارزة علي رضي الله عنه لعمرو بن ود - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٢٦٢

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌ساعة الصفر

- ‌من أحداث غزوة الأحزاب

- ‌ضيافة جابر للمصطفى عليه الصلاة والسلام وما فيها من المعجزة

- ‌تجمع الأحزاب لاستئصال المسلمين في السنة الخامسة للهجرة

- ‌حفر الخندق وما فيه من بشارات

- ‌مبارزة علي رضي الله عنه لعمرو بن ود

- ‌انهزام المشركين بجنود الله والاستكشاف عن أخبارهم

- ‌إصابة سعد بن معاذ وحكمه في بني قريظة ووفاته رضي الله عنه

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌قصة أبي لبابة

- ‌المسائل المهمة في غزوة الأحزاب

- ‌حضور جابر للمعجزات

- ‌لمن تكون الدنيا

- ‌حذيفة بن اليمان وقصة الفداء

- ‌إنشاده صلى الله عليه وسلم وجواز الحداء

- ‌جواز المزاح بضوابط

- ‌علي بن أبي طالب يذبح طاغية المشركين

- ‌تأخير صلاة العصر ودعاؤه صلى الله عليه وسلم على المشركين

- ‌سعد بن معاذ وجرحه في الخندق

- ‌نعيم بن مسعود الداهية الأريب والدبلوماسي الناجح

- ‌إدخال الناس عشرة عشرة على الطعام

- ‌ابتلاء المؤمنين

- ‌فوائد عن صلاة العصر في بني قريظة

- ‌كرامات الأولياء وخرافات الدجالين

- ‌واجب الدعاة

الفصل: ‌مبارزة علي رضي الله عنه لعمرو بن ود

‌مبارزة علي رضي الله عنه لعمرو بن ود

ويعود عليه الصلاة والسلام إلى الخندق، فيأمر بالنساء والأطفال فيلجئهم في الحصون وراء ظهره عليه الصلاة والسلام، ويدعو الأبطال لينزلوا في أرض المعركة، فينزل ابن أبي طالب ذاك الفارس الذي سجَّل أسطورة الفداء في ذاك اليوم، ويتم والحمد لله حفر الخندق حول المدينة، ويأتي أبو سفيان فيتمركز قريباً من الخندق وتأتي غطفان وتنزل بجانبه، وتأتي قريظة من اليهود، فلما اجتمعوا قال أبو سفيان: إن هذا شيء لا تعرفه العرب، وإنما هو من عند فارس.

ويحاول أبو سفيان أن يخترق الخندق ثلاث مرات ولا يستطيع، وفي المرة الرابعة يخترق أحد فرسان المشركين، واسمه: عمرو بن ود وهو من أشجع العرب على الإطلاق، يسمى بيضة البلد، فيخترق الخندق بفرسه يثب به وثباً ويقفز به قفزاً -وسلاحه عليه- فيدعو: من يبارز؟ من يبارز؟ فيبرز له علي بن أبي طالب.

وعلي في السابعة والعشرين من عمره، وذاك فوق الخمسين، وذاك كأنه اسطوانة، وإن شئت فقل: عمود، فإن عمرو بن ود يصفه المؤرخون: بأنه عظيم جسيمٌ مدره فياض.

فينزل ويقول: من يبارز؟ فيبرز له علي، هو في السابعة والعشرين من عمره لكنه يتوقد حماساً وغيرة لدين الله عز وجل، فقال له عمرو بن ود: من أنت؟ قال: أنا ابن أبي طالب فقال له: أنت ابن شيخ الأباطح؟ لأنهم يعرفون أبا طالب، قال: نعم، قال: إنك شابٌ وإني لا أحب أن أهريق دمك، أي: لا أحب أن أذبحك أو أن أسيل دمك، يظن الرجل أنه استعد مائة في المائة للذبح، فقال علي: ولكني والله أحب أن أهريق دمك، فنزل من على فرسه ونزل علي، وكان على علي درع قصيرٌ رضي الله عنه، ولكن:

عناية الله أغنت عن مضاعفة من الدروع وعن عالٍ من الأطم

وتجاولا، وسد الغبار الأفق، وأصبح المسلمون يكبرون من هذه الناحية، والمشركون يقولون: اعلُ هبل، اعلُ هبل، اعلُ هبل، وأصبحت الرؤية منسدة أمام الأعين، والرسول عليه الصلاة والسلام يلتجئ إلى الله أن ينصر هذا الفارس المجاهد؛ فارس الإسلام والمسلمين الذي خرج غيرةً لدين الله، وما أخرجته إلا (لا إله إلا الله) وما وقف في هذا الموقف إلا لينصر شرع الله عز وجل، والله عز وجل يغار، والله يغضب لأوليائه، والنصر للمؤمنين مهما بلغ كيد المعتدين، ومهما ضرب المسلم وأهين، فإن الدائرة على أعداء الله، وينكشف الغبار وإذا بـ أبي الحسن رضي الله عنه وأرضاه -ورحم الله تلك العظام- على صدر الكافر وقد ذبحه كما تذبح الشاة، فيكبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعود علي مرتجزاً ومنشداً أغنية المعركة وهو يقول:

أنا الذي سمتني أمي حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أكيلهم بالسيف كيل السندره

ويلتجئ صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل أن يفك هذا الحصار الذي طوق هذه المدينة، ونحن واجبنا أن نلتجئ إلى الله أن يفك كل حصار على الإسلام، فإنه قد حصر الإسلام في كل مكان، ففي أفغانستان يخنق الإسلام ويموت الأطفال في الشوارع، وعلى مطارح الطريق، وتهدم المنازل على رءوس الشيوخ، وفي فلسطين يأتي أعداء الله من إخوان القردة والخنازير بالهراوات، وما كان لهم أن يعتدوا على أعراض المسلمين لكن:

رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم

لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم

أمتي هل لك بين الأمم منبرٌ للسيف أو للقلم

أو ما كنتِ إذا البغي اعتدى موجةً من لهبٍ أو من دم

ألإسرائيل تعلو راية في حمى المهد وظل الحرم

أين لا إله إلا الله التي تلبي دعوة المسلم من قطرٍ إلى قطر؟ لكن أملنا في الله عز وجل.

ص: 6