المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا كمال للإيمان إلا بالتراحم والمؤاخاة - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٢٧٤

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌إنما المؤمنون إخوة

- ‌المحبة والإخاء

- ‌مباهاة الله بعباده الذين اجتمعوا على محبته

- ‌المؤمنون إخوة وشرفهم في التقوى

- ‌أخوة الإيمان

- ‌سبب نزول آية: (واعتصموا بحبل الله)

- ‌الأخوة قبل البعثة وبعدها

- ‌العفو والتسامح

- ‌نموذج للعفو والتسامح

- ‌المثل الأعلى في الذلة للمؤمنين والصفح عمن أساء

- ‌رجل من أهل الجنة

- ‌لا كمال للإيمان إلا بالتراحم والمؤاخاة

- ‌أسباب الفرقة بين الناس

- ‌البغضاء سبب الفرقة

- ‌الحسد سبب الفرقة

- ‌حب الدنيا سبب الفرقة

- ‌الافتخار بين الناس

- ‌أسباب الإخاء

- ‌إفشاء السلام

- ‌الدعاء وخاصة في ظهر الغيب

- ‌الزيارة في الله

- ‌صلة الرحم

- ‌تذكر الموت

- ‌استطراد في ذكر الموت

- ‌العفو

- ‌أسباب أخرى للفرقة

- ‌كثرة المساجد

- ‌إثارة النعرات الجاهلية ووجود الطبقية بين الناس

- ‌القداسات الجاهلية

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الاقتراض مع الفائدة

- ‌التضايق من الأحكام الشرعية

- ‌حكم تذكر النجاسة في الصلاة

- ‌حكم هجر المسجد بسبب الخصام

- ‌الذين يجب صلتهم من الأرحام

- ‌قول: (صدق الله العظيم) بعد تلاوة القرآن

- ‌حكم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الافتخار بالنسب وأذية الناس

- ‌من أخذ أرضاً ليست له

- ‌حفلات الأعراس

- ‌حلق اللحية

- ‌حكم السلام على من لا يرد السلام

- ‌لبس الكفوف للنساء

- ‌العباءة فيها خرز وأزرار من نفس لونها

- ‌منع البنات من الزواج لمصلحة الأب

الفصل: ‌لا كمال للإيمان إلا بالتراحم والمؤاخاة

‌لا كمال للإيمان إلا بالتراحم والمؤاخاة

أيها الفضلاء إن هذه المنطقة لا تكتمل، ولا يكمل إيمان أهلها، حتى تقضي على العصبية الجاهلية، والتحزب القبلي، ليبقى حبهم في الله، وإخاؤهم لله وفي الله حتى يصلون إلى رضوان الله، نحن كلنا لآدم، جمعنا كتاب وسنة، وإمامنا محمد عليه الصلاة والسلام وآخى بيننا الله عز وجل في ظل ولاة أمر يريدون الله إن شاء الله، ونسأل الله لهم الهداية.

إن الذي يأتي ليفاضل بين القبائل، وليحزب للفتن، وليجهز المحن، إنما هو عدو لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، إن من يأتي ليفاضل بين الناس بسبب أسرهم، أو بسبب قبائلهم، أو ألوانهم إنما هو رجل متعد على حدود الله منتهك لحرمات الله.

إن يختلف ماء الوصال فماؤنا عذب تحدر من غمام واحد

أو يفترق نسب يؤلف بيننا دين أقمناه مقام الوالد

يقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح: {المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه} وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه رأى الكعبة فقال: {ما أعظمكِ! وما أشد حرمتكِ! وما أعظمكِ عند الله! والذي نفسي بيده للمؤمن أشد حرمة منكِ} .

أيها المسلمون الفضلاء يقول عليه الصلاة والسلام: {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه} وهذا معنى: {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10] كيف تحب لأخيك ما تحب لنفسك؟ قال أهل العلم: "أن تحب له من الخير مثلما تحب لنفسك من الخير" ومن أعظم الخير أن تحب أن يستقيم، وأن يهتدي، وأن يصلي الصلوات الخمس في جماعة، وأن يتفقه في الدين.

قام أعرابي في الحرم عند ابن عباس ، وابن عباس يفتي الناس، فقام الأعرابي يسب ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه، فقال له ابن عباس:[[أتسبني وفيَّ ثلاث خصال؟ قال الناس: ما هي يا ابن العباس؟ قال: والذي نفسي بيده ما نزل القطر في أرض إلا حمدت الله وسررت وليس لي في الأرض ناقة ولا جمل ما نزل القطر في أرض من الأراضي، أي: ما سمع بالمطر في الشمال أو في الجنوب، أو في الشرق أو في الغرب إلا سر وليس له ناقة ولا جمل- والأمر الثاني: والله ما سمعت بقاضٍ يحكم بكتاب الله إلا دعوت له وليس لي عنده قضية، والثالثة: والله ما فهمت آية من كتاب الله إلا تمنيت على الله أن يفهم الناس مثل ما فهمني هذه الآية]] يقول: كيف وأنا في هذا المستوى، وهو تواضع منه، وهي من أشرف الخصال.

كانوا يقولون عن ابن سيرين: كان إذا أقبل على فراشه نفض فراشه ثم قرأ سورة الإخلاص ثلاثاً والمعوذات ثلاثاً ثم قال: "اللهم اغفر لمن شتمني، ولمن ظلمني، ولمن سبني؛ اللهم اغفر لمن فعل ذلك بي من المسلمين".

وعند عبد الرزاق في المصنف: أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال للصحابة: {من منكم يتصدق مثل أبي ضمضم؟} أبو ضمضم من الصحابة كان فقيراً لا يملك حتى حفنة من التمر دعا صلى الله عليه وسلم للصدقة فالتمس في البيت صدقة من دراهم أو دنانير أو شيء فما وجد شيئاً، فقام فصلَّى ركعتين في ظلام الليل، وقال:{يا رب اللهم إن أهل الأموال تصدقوا بأموالهم، وأهل الخيل جهزوا خيولهم، وأهل الجمال جهزوا جمالهم، اللهم إنه لا مال لي ولا جمال ولا خيول، اللهم إني أتصدق إليك بصدقة فاقبلها، اللهم كل من ظلمني أو سبني أو شتمني، أو اغتابني من المسلمين فاجعله في عافية وفي حل وفي سماح} فقبل الله صدقته، وأتى جبريل فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، وأخبره في الصباح فقال لـ أبي ضمضم:{لقد تقبل الله صدقتك} قال تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27].

ص: 12