المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشعر في نكبة الأندلس - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٣٢٨

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌دور الأدب في معايشة النكبات

- ‌الكلمة ما لها وما عليها

- ‌الأدب في غير موضعه

- ‌مِن شعراء السوء

- ‌الأدب الذي نريد

- ‌الأدب في الإسلام

- ‌موقع الشعر من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌اهتمام الصحابة بالأدب

- ‌دور الشعر الإسلامي في النكبات

- ‌أبو تمام والمعتصم

- ‌المتنبي وسيف الدولة

- ‌الشعر في نكبة الأندلس

- ‌الشعر وموت العظماء

- ‌أعظم العظماء محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌محمد بن حميد الطوسي قائد الجيش

- ‌الوزير ابن بقية ومرثية الأنباري

- ‌من أشعار النكبات

- ‌نكبة ابن عبَّاد الأندلسي

- ‌من مرثيات متمم بن نويرة في أخيه مالك

- ‌نكبة البرامكة

- ‌من أشعار المعاصرين في النكبات

- ‌نكبة فلسطين

- ‌نكبة الكويت

- ‌حدود الشاعر المسلم

- ‌قصيدة للشيخ عائض بعنوان: (بين الأمس واليوم)

- ‌ما يستفاد من النكبات

- ‌عدم الوقوع في نفس المشكلة بتفادي الأسباب

- ‌الاستفادة من المصيبة في إصلاح الأحوال

- ‌الاستعداد وترك التَّرَفُّه

- ‌النكبات تربي الرجال

- ‌الشعر وتخليد المواقف ونزع الأحقاد

- ‌صلاح الدين بن أيوب

- ‌كعب بن زهير مع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌النابغة والنعمان

- ‌الحسن بن هانئ وعلي الرضي

- ‌خاتمة في موضوع الأدب

- ‌الشعر النبطي

- ‌الشعر الحر

- ‌الفرق بين الشعر والنظْم

- ‌مداخلات

- ‌مشاركة الأستاذ يحيى المعلمي

- ‌مشاركة الدكتور ناصر بن سعد الرشيد

- ‌مشاركة الشيخ عبد الوهاب الطريري

- ‌مشاركة الشيخ محمد القحطاني

- ‌الأسئلة

- ‌الأدب وشخصية صدَّام

- ‌موقف الشيخ عائض من الشعر النبطي

الفصل: ‌الشعر في نكبة الأندلس

‌الشعر في نكبة الأندلس

تسقط الأندلس، ونصاب بنكبة؛ قلوبنا ودموعنا وأسرارنا وتاريخنا هناك، هل سمعت بنكبة سقوط الأندلس؟ آهٍ يا تلك الأيام! وآهٍ يا تلك المعالم!

بنفسي تلك الأرض ما أحسن الربا وما أحسن المصطاف والمتربعا

بكت عيني اليمنى فلما زجرتها عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا

دفنا علماءنا في الأندلس وتاريخنا وليالينا وسمرنا وقمرنا ونجومنا، دفنا أشجاننا وعتابنا هناك ثم عدنا بلا مصير.

يا ليلة الجزع هلَّا عدت ثانية سقى زمانك هطال من الدِّيَمِ

عسى الله أن يعيدنا إلى الدنيا، يبكي العالَمُ الإسلامي الأندلس، ولكن بكاءهم ناقص في جانب بكاء أبي البقاء الرندي، فاسمع إليه وهو يستفتح قصيدته باكياً متأثراً صارخاً من ألم النكبة التي عاشها الأطفال والنساء، والكيان والدعاة والعلماء، كما يعيش أهل الكويت اليوم، يعيشونها مرارة كمرارة أهل الأندلس.

لكل شيء إذا ما تم نقصانُ فلا يغتر بطيب العيش إنسانُ

ويمضي مع القافلة، ثم يقول ونغمته في الإيمان، ومسجده لا يفارقه، ومصحفه في جيبه:

ماذا التقاطع في الإسلام بينكم وأنتم يا عباد الله إخوانُ

لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ

من منكم لا يعرف بغداد؟

بغداد الحب والجمال والطموح.

بغداد أرض أحمد بن حنبل، والشافعي، وابن الجوزية، والجيلاني.

بغداد أرض المنصور، والرشيد والمأمون والمعتصم.

بغداد أرض أبي تمام والبحتري وأبي العتاهية تصاب بنكبة التتار، يوم انحرف أهلها في مرحلة عن الصلاة، وعن إقامة الإيمان، وعن لا إله إلا الله، وعن التحاكم إلى شرع الله، وأصبح العلماء في الطابور السادس، وأصبح الأوباش والجواري وباعة القيم والرخصاء في الطابور الأول، أصيبت بنكبة:{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً} [الطلاق:8 - 9].

ويبكي الناس ويقوم شاعر فيخاطب بغداد وهي أطلال والدماء تسيل، والأطفال تحت سنابك الخيل، وكُتُبُ دار الحكمة رُمِيَت في نهر دجلة، فيقول:

من ذا أصابك يا بغداد بالعين ألست كنت زماناً قرة العين

أستودع الله قوماً ما ذكرتهم إلا تحدر ماء العين من عيني

إنه بكاء، وإنه الأدب الذي يتقطع لوعة وحسرة، وهو الأدب الذي نفقده يوم أصبح الكلام بغير حماس، وبغير إحساس، يخرج لكن من اللسان فهو لا يخرج من القلب.

ص: 12