المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النكبات تربي الرجال - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٣٢٨

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌دور الأدب في معايشة النكبات

- ‌الكلمة ما لها وما عليها

- ‌الأدب في غير موضعه

- ‌مِن شعراء السوء

- ‌الأدب الذي نريد

- ‌الأدب في الإسلام

- ‌موقع الشعر من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌اهتمام الصحابة بالأدب

- ‌دور الشعر الإسلامي في النكبات

- ‌أبو تمام والمعتصم

- ‌المتنبي وسيف الدولة

- ‌الشعر في نكبة الأندلس

- ‌الشعر وموت العظماء

- ‌أعظم العظماء محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌محمد بن حميد الطوسي قائد الجيش

- ‌الوزير ابن بقية ومرثية الأنباري

- ‌من أشعار النكبات

- ‌نكبة ابن عبَّاد الأندلسي

- ‌من مرثيات متمم بن نويرة في أخيه مالك

- ‌نكبة البرامكة

- ‌من أشعار المعاصرين في النكبات

- ‌نكبة فلسطين

- ‌نكبة الكويت

- ‌حدود الشاعر المسلم

- ‌قصيدة للشيخ عائض بعنوان: (بين الأمس واليوم)

- ‌ما يستفاد من النكبات

- ‌عدم الوقوع في نفس المشكلة بتفادي الأسباب

- ‌الاستفادة من المصيبة في إصلاح الأحوال

- ‌الاستعداد وترك التَّرَفُّه

- ‌النكبات تربي الرجال

- ‌الشعر وتخليد المواقف ونزع الأحقاد

- ‌صلاح الدين بن أيوب

- ‌كعب بن زهير مع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌النابغة والنعمان

- ‌الحسن بن هانئ وعلي الرضي

- ‌خاتمة في موضوع الأدب

- ‌الشعر النبطي

- ‌الشعر الحر

- ‌الفرق بين الشعر والنظْم

- ‌مداخلات

- ‌مشاركة الأستاذ يحيى المعلمي

- ‌مشاركة الدكتور ناصر بن سعد الرشيد

- ‌مشاركة الشيخ عبد الوهاب الطريري

- ‌مشاركة الشيخ محمد القحطاني

- ‌الأسئلة

- ‌الأدب وشخصية صدَّام

- ‌موقف الشيخ عائض من الشعر النبطي

الفصل: ‌النكبات تربي الرجال

‌النكبات تربي الرجال

إن هذه النكبة علمتنا أن علينا أن نكون رجالاً، وأن نعد للموقف عدته، وأن نحفظ عهد الله، وأن نسير أمورنا على منهج:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] فالشعر خالد، والأدب إذا وجه بهذه الوجهة الصحيحة أصبح أدباً رائداً، أمَا تعرف أن الجاهلي يتحول من بخيل إلى كريم بسبب أبيات؟

يقولون عن المحلَّق إنه كان أبخل العرب، عنده ثمان بنات نشبن في حلقه لم يتزوجن؛ لأن العرب تعفو عن كل شيء إلا عن بخل البخيل، كُن عند العرب الجاهليين ما كنت: كن مجرماً، كن سكيراً، خماراً، مجرماً، ضائعاً؛ لكن لا تكن بخيلاً! فـ المحلق لم يتقدم إليه رجل يخطب بناته، فهن ثمان، فذهب فشاور امرأته: ما رأيكِ في هؤلاء الثمان البنات؟

قالت: اذهب إلى الأعشى، شاعر العرب وضيفه وأعطه هدية علَّه يمدحك، فيسري مديحه في العرب فيتزوجون بناتك، فذهب فاستدعى الأعشى، وضيفه وذبح له ناقة، وكساه جلباباً، وأعطاه دنانير، وخرج الأعشى ولما ركب الناقة طَرِب وقال:

لعمري لقد لاحت عيونٌ كثيرةٌ إلى ضوء نارٍ باليفاع تحرق

تشب لمقرورين يصطليانها وبات على النار الندى والمحلق

وذهبت هذه الأبيات كالسحر وكالماء وكالضياء حتى بلغت آذان العرب، فقالوا: فما أتى شهرٌ إلا وقد تزوجن بناته جميعاً، الأدب الذي يحول أفكار الناس وأنظارهم.

أبو نعامة قطري بن الفجاءة خارجي حضر المعركة، ولما رأى القوم كادوا أن يفروا تماسك، وقال وهو في المعركة، وأحسنُ الشعر ما كان وقت المعمعات:

أقول لها وقد طارت شعاعاً من الأبطال ويحكِ لن تراعي

فإنكِ لو سألتِ بقاء يوم على الأجل الذي لكِ لم تطاعِ

فصبراً في مجال الموت صبراً فما نيل الخلود بمستطاعِ

إلى آخر ما قال، ثم قُتِل في المعركة، لكن قُتِلَ شريفاً، فإن قتل المرء وهو مقدمٌ صابرٌ محتسبٌ على مبادئه أحسن من أن يؤخذ وهو فارٌ هارب يترك حذاءه وأهله وعرضه، وهذا هو العار.

يقف حسين بن الحمام الجاهلي في المعركة ويقول:

وليس على الأعقاب تدمى كُلومُنا ولكن على أقدامنا تقطر الدما

تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما

يقول: أنا لا أموت إلا مقبلاً، وهذه شارة الإيمان التي علمها الله أولياءه.

ص: 30