المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من أدب الجدال خفض الصوت - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٣٨٣

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌أتاكم جبريل يعلمكم دينكم

- ‌حديث البخاري في تعيين ليلة القدر

- ‌من أخبار عبادة بن الصامت

- ‌كراهة الشجار ولو في أمر بمعروف

- ‌من أدب الجدال خفض الصوت

- ‌حديث البخاري في مراتب الدين

- ‌سبب ورود الحديث وتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع البدو

- ‌رؤية الملائكة كرامة للصالحين

- ‌شرح حديث جبريل

- ‌الإيمان بالقدر

- ‌الإحسان

- ‌أشراط الساعة

- ‌حديث النعمان بن بشير في اتقاء الشبهات

- ‌الوفود التي وفدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌وفد عبد القيس

- ‌وفد الطائف

- ‌وفد الأزد

- ‌وفد غامد

- ‌وفد بني حنيفة

- ‌الأسئلة

- ‌من أحكام العقيقة

- ‌حكم البول واقفاً

- ‌نسبة أبي هريرة

- ‌قاتل مسيلمة

- ‌رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة

- ‌الرد على من يقول بأن نزول الملائكة معنوي

- ‌كفارة الرشوة

- ‌من دخل المسجد والإمام في آخر الصلاة

- ‌السواك وقت الخطبة

- ‌معنى: أن تلد الأمة ربتها

- ‌حكم الإجابة بـ (الله ورسوله أعلم)

- ‌مقدار انتظار الصلاة بعد الأذان اجتهادي

- ‌صحة قيام الساعة على فجار الخلق

- ‌من أحكاع الرضاع

- ‌مناسبة ذكر ليلة القدر في كتاب الإيمان من البخاري

- ‌حكم دفن جنازتين في قبر

- ‌من غزوة مؤتة

الفصل: ‌من أدب الجدال خفض الصوت

‌من أدب الجدال خفض الصوت

الشجار مذمومٌ في كل شيء، وقد نهى الله عن المجادلة إلا بالتي هي أحسن، ومن أدب الجدال الحسن ألا ترفع الأصوات؛ لأن الله عز وجل يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات:2].

قال أهل التفسير: نزلت في أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما عندما أتى وفد بني تميم، واختلفوا أيهم يؤمر على قومه، فقال أبو بكر: أرى أن يؤمر القعقاع بن معيد وقال عمر: أرى أن يؤمر الأقرع بن حابس.

فلما سمع ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم سكت فقال أبو بكر: ما أردت يا عمر إلا خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما على رسول صلى الله عليه وسلم، فلما أنزل الله ذلك، قال أبو بكر للرسول صلى الله عليه وسلم: والله لا أكلمك إلا كأخي السرار، أي: أخفض صوتي لك، وكان صلى الله عليه وسلم لا يسمع عمر حتى يستفهمه من لطافة صوته وأدبه مع رسول صلى الله عليه وسلم.

فالمقصود أن رفع الصوت ليس من الأدب في الأخذ والعطاء، ولذلك يقول سبحانه وتعالى في وصية لقمان لابنه:{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان:19] لأن صاحب الحق صوته متزنٌ ووقور.

وإنما يرفع الصوت في مقامات وردت بها السنة، منها الخطابة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرفع صوته، ويشتد غضبه، وتحمر عيناه الشريفتان كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم.

ومنها الصوت عند النداء في المعركة، إذا نادى بالإقبال على المعركة؛ فإنه يرفع الصوت كما فعل العباس في حنين رضي الله عنه وأرضاه.

فمسائل هذا الحديث أن الشجار قد يرفع البركة ولو كان في خير، وأن الاختلاف والتنازع مذموم، فلبركته صلى الله عليه وسلم أتى ليخبر الناس، فلما تشاجروا رفعت هذه البركة، ولعل رفع الله خير من الزهد في العمل في التماس هذه الليلة، ومن أسرار هذا الدين أن بعض الأمور فيه مبهمة، لم يخبرنا الله سبحانه وتعالى بها، فساعة الجمعة لم يخبرنا بها نصاً؛ وإنما تلميحاً، وهي في آخر ساعة من ساعات الجمعة على الصحيح، فبقيت ساعة الجمعة مختفية ومبهمة، لنجتهد ونبذل وسعنا فيما يقربنا من الله عز وجل.

ص: 5