المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى (فجعلهم كعصف مأكول) - دروس الشيخ عبد الحي يوسف - جـ ٢٣

[عبد الحي يوسف]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير من سورة الفيل إلى سورة الكوثر

- ‌تفسير سورة الفيل

- ‌قصة محاولة هدم الكعبة

- ‌تفسير قوله تعالى (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل)

- ‌تفسير قوله تعالى (ألم يجعل كيدهم في تضليل

- ‌تفسير قوله تعالى (وأرسل عليهم طيراً أبابيل)

- ‌تفسير قوله تعالى (ترميهم بحجارة من سجيل)

- ‌تفسير قوله تعالى (فجعلهم كعصف مأكول)

- ‌تفسير سورة قريش

- ‌مناسبة السورة بما قبلها

- ‌تفسير قوله تعالى (لإيلاف قريش)

- ‌تفسير قوله تعالى (إيلافهم رحلة الشتاء والصيف)

- ‌تفسير قوله تعالى (فليعبدوا رب هذا البيت)

- ‌تفسير قوله تعالى (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)

- ‌تفسير سورة الماعون

- ‌سبب نزولها

- ‌تفسير قوله تعالى (أرأيت الذي يكذب بالدين)

- ‌تفسير قوله تعالى (فذلك الذي يدع اليتيم)

- ‌تفسير قوله تعالى (ولا يحض على طعام المسكين)

- ‌تفسير قوله تعالى (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون)

- ‌من ثمرات الصلاة

- ‌تفسير قوله تعالى (الذين هم يراءون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ويمنعون الماعون)

- ‌من فوائد السورة

- ‌تفسير سورة الكوثر

- ‌مناسبة السورة لما قبلها

- ‌سبب نزول السورة

- ‌تفسير قوله تعالى (إنا أعطيناك الكوثر)

- ‌تفسير قوله تعالى (فصل لربك وانحر)

- ‌تفسير قوله تعالى (إن شانئك هو الأبتر)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى (فجعلهم كعصف مأكول)

‌تفسير قوله تعالى (فجعلهم كعصف مأكول)

قال تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل:5] أي: كتبن أكلته الدواب فراثته، والروث هو البعر الذي يتقطع عما قليل، ويصير قطعاً قطعاً، أو كطحين أكل ثم راثته الدواب، فالله عز وجل قتل بعض أصحاب الفيل قتلاً فورياً، وبعضهم كـ أبرهة جعل لحمه يتزايل قطعة قطعة، ولما وصل إلى صنعاء مذعوراً مدهوشاً انصدع صدره عن قلبه فهلك.

والسؤال الذي طرحه بعض المفسرين، ومنهم صاحب أضواء البيان رحمه الله، كيف ينصر الله عز وجل أهل مكة وهم وثنيون على أبرهة ومن معه وهم أهل كتاب نصارى؟ فأجاب من وجوه وهي: الوجه الأول: أنهم كانوا ظلمة، والظلم مرتعه وخيم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(اتق دعوة المظلوم ولو كان كافراً) أي: ولو كان وثنياً، وهذا الذي يجعلنا نستبشر بأن نهاية الأمريكان الظالمين قريبة وشيكة؛ لأنهم ظلمة، فتعديهم على أفغانستان ظلم، وتعديهم على العراق ظلم، وتعديهم على إخواننا في فلسطين ظلم، وتعديهم على بلاد السودان قبل سنوات كان ظلماً، فهم استمروا في الظلم واعتادوه، والظلم عاقبته وخيمة، قال محمد بن كعب القرظي رحمه الله: ثلاث -أي ثلاث خصال- من فعلهن عادت عليه، من بغى، ومن مكر، ومن نكث، أما من بغى فقد قال الله عز وجل:{فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس:23]، وقال الله عز وجل:{فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح:10]، وقال:{وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر:43]، من بغى أو مكر أو نكث عاد عليه.

الوجه الثاني: أن الوثنية كانت اعتداء على حق الخالق، أما فعل أبرهة فكان اعتداء على المخلوقين، والله عز وجل في حقه يمهل ويتسامح، لكن في حق المخلوقين يأخذ أخذ عزيز مقتدر.

الوجه الثالث: أن البيت في أساسه بني على التوحيد، وأسس على تقوى من الله ورضوان، رفع قواعده الخليل إبراهيم أستاذ التوحيد العظيم وشيخ الأنبياء، ومعه ولده إسماعيل، وبقي البيت قبلة وكهفاً للموحدين ومثابة للمؤمنين زماناً طويلاً، والوثنية كانت شيئاً طارئاً، والحمد لله لم تستمر طويلاً فقد طهرها الله بمحمد صلى الله عليه وسلم وأعاد إلى البيت رونقه وبهاءه.

فهذه القصة كما يقول أهل التفسير: كانت معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنها صاحبت مولده المبارك، إيذاناً بأن الظلم قد انتهى، وأن عهده قد ولى، وأن مولده عليه الصلاة والسلام علامة وأمارة على رفع لواء العدل ورد الحقوق إلى أهلها.

ص: 8