المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الزكاة بالنسبة للتكليف لا ارتباط لها بالتكليف، فتجب في مال - دروس الشيخ عبد الكريم الخضير - جـ ٢٣

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: الزكاة بالنسبة للتكليف لا ارتباط لها بالتكليف، فتجب في مال

الزكاة بالنسبة للتكليف لا ارتباط لها بالتكليف، فتجب في مال الصبي والمجنون، قد يقول قائل: الصبي والمجنون رفع عنهما القلم فكيف يكلفان بالزكاة؟ جاء في الحديث: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يعقل، والنائم حتى يستيقظ)) كيف يكلف بالزكاة وهو غير مكلف شرعاً؟ نعم هو غير مكلف بالحكم التكليفي، وإنما هو مكلف بالحكم الوضعي، أيش معنى هذا الكلام؟ الآن الصبي لو كسر آلة لزيد من الناس، أخذ قلم ثمين مثلاً أو غير ثمين فكسره يطالب بقيمته أو لا يطالب؟ هل نقول: هذا المسكين غير مكلف؟ أو رمى حجر فكسر زجاج السيارة لفلان، يطالب أو ما يطالب؟ يطالب، لو رمى حجراً فقتل به إنسان؟ يطالب بديته، فهذا من باب الحكم الوضعي، من باب ربط الأسباب بالمسببات، فتجب الزكاة في ماله، وإن كان غير مكلف بالتكاليف الشرعية، وإنما هذا من باب ربط الأسباب بالمسببات، ومن ذلك قيم المتلفات وأروش الجنايات، ولو كان مكلفاً لقتل بمن يقتل، يعني إذا تعمد الصبي قتل شخص، جاء بمسدس وقتله؟ هذا لو كان مكلفاً يقتل به، القصاص، لكن إذا كان غير مكلف؟ عمد الصبي والمجنون كخطأ المكلف، فعليه الدية، والدية حينئذ على عاقلته كالمكلف.

‌مصارف الزكاة

؟

ص: 12

الأصناف الذين تدفع لهم الزكاة هم الثمانية الذين بينهم الله -جل وعلا- ولم يكل بيانهم إلى أحد من خلقه، لا إلى الأنبياء ولا إلى اجتهادات العلماء، هم: الفقراء الذين لا يجدون شيئاً، أو يجدون شيئاً لا يعتبر شيء بالنسبة إلى مصروفاتهم وعوائلهم، والمساكين الذين يجدون بعض الكفاية، فالفقراء والمساكين هما الصنفان الأول والثاني من أهل الزكاة، فيعطون ما يكفيهم، قد يقول قائل: في حديث معاذ الذي سبق أن ذكرناه ((تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) الآن الذي راتبه ألف ريال أو ألفين ريال وعنده أسرة هذا غني أو فقير؟ أسرة مكونة من خمسة عشر شخصاً غني أم فقير؟ هذا في عرف الناس فقير، وفي الواقع فقير، لأن الألفين ما تمشيه يمكن ولا أسبوع، فيأخذ بقية نفقته وبقية من يعول لمدة سنة، في حديث معاذ ((تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) الآن الذي يملك ألفين ريال، هذا تجب عليه الزكاة لأنها أكثر من النصاب إذا نظرنا إلى الفضة أكثر من النصاب، فتجب عليه الزكاة فتجب عليه الزكاة فتؤخذ منه، ويأخذ ما يكفيه لمدة عام، إذا نظرنا إلى هذا الذي ملك النصاب، لكنه لم يحل عليه الحول، هل يدخل في حديث معاذ؟ هذا راتبه ألفين ريال، قلنا: إنه لا يوفر منه شيء، وإذا مر عليه الحول ما بقي منه شيء، إذاً لا تجب عليه الزكاة، وهو فقير يأخذ من الأموال.

ص: 13

نأتي إلى زكاة الحبوب والثمار، هي التي يكون فيها المثال واضح، شخص عنده مزرعة وتنتج أربعمائة صاع من التمر، تجب عليه الزكاة يوم الجذاذ لأنها أكثر من النصاب، وتؤخذ منه الزكاة، وإذا نظرنا في الباقي لا يكفيه لمدة عام، يعني إذا قلنا: أربعمائة صاع أخذنا ربع العشر، أخذنا منها زكاة الثمار، وهي إن كانت تسقى بلا مؤونة ففيها العشر، نأخذ منها أربعين صاعاً، وإذا كانت تسقى بالمؤونة فنصف العشر، عشرون صاعاً، صار الباقي -على أي حال- ثلاثمائة وثمانين صاع، ثم باعها، احتاج منها الثمانين يدخرها لأولاده طول العام مثلاً، وتكفيه من التمر، لكنه يحتاج إلى حوائج أصلية غير التمر، فإذا باع الثلائمائة صاع، الصاع بعشرة باعها بثلاثة آلاف ريال، وهو يحتاج في السنة إلى ثلاثين ألف، قلنا: إنه تجب عليه الزكاة وتحل له الزكاة، المثال ظاهر أو مو بظاهر؟ قلنا: أن هذا ثمرته أربعمائة صاع، أخذ منها الزكاة نصف العشر؛ لأنها تسقى بالمؤونة، بالآلات، يؤخذ منها نصف العشر عشرون صاعاً، يبقى ثلاثمائة وثمانين صاع، الثمانين هذه يدخرها لأولاده طيلة العام تمر، يحتاجون إلى تمر كغيرهم، باع الثلاثمائة صاع بعشرة، يعني في المتوسط، باعها بثلاثة آلاف ريال، يحتاج نفقة له ولأولاده إلى أقل تقدير بالنسبة لأسرة متوسطة ألفين وخمسمائة شهرياً فيحتاج إلى ثلاثين ألفاً، فتؤخذ منه الزكاة ويأخذ الزكاة، أنا أريد أن أتوصل إلى شيء من خلال الحديث في قوله عليه الصلاة والسلام:((تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم)) فهل يتصور أن يوصف الشخص أنه غني فقير في وقت واحد؟. . . . . . . . . هو غني من جهة أنه يدفع الزكاة، يدفع الزكاة تؤخذ منه زكاة فهو غني بالحديث، وباعتباره محتاج له ولأسرته مبالغ لحوائجه الأصلية فإنه حينئذ في حيز الفقراء.

ص: 14

وبعض أهل العلم يقول: لا يمكن أن يوصف الشخص بأنه غني وفقير في آن واحد، فإما أن نوجب عليه الزكاة فلا يأخذ الزكاة، وإما أن يأخذ الزكاة فلا يدفع زكاة، أيش معنى أنه يطلع عشرين صاع ويأخذ ثلاثين ألفاً؟ وعلى كل حال الجهة منفكة، هو مطالب بزكاة هذه الأموال التي بلغت النصاب وهو التمر الذي مثلنا به، وله أن يأخذ حاجته وحاجة من يموله لمدة عام، ولو بلغ ثلاثين أو أربعين ألفاً.

هناك أشياء كان أهل العلم لا يفتون بأخذ الزكاة من أجلها، يعني قبل ثلاثين سنة مثلاً لو جاء شخص لعالم وقال: أنا ما عندي ثلاجة أريد أخذ الزكاة أشتري ثلاجة ما عندي ثلاجة، وما عندي سيارة، قيل له: لا يا أخي لا تأخذ، هذا ترف، هذا زيادة، لكن الآن يأخذ الزكاة من أجل مكيف، من أجل الثلاجة،

إلخ يأخذ أو ما يأخذ؟ هذه حاجات أصلية يعني إذا كان ما عنده مكيف ما نام، إذاً هي حاجة أصلية فيأخذ الزكاة، قد يلاحظ على بعض من يأخذ الزكاة ولا يستطيع أحد أن يقول شيء، معه جوال وزوجته جوال وزوجته جوال وولده جوال وبنته جوال ويأخذ الزكاة، يأخذ الزكاة لأنه مضطر ومحتاج، طيب هي الجوالات التي معك؟ يقول: إذا احتجت الولد أروح الكبينة أريد أكلم عليه بضعف ما أكلم بالجوال، إذن الجوال يوفر لي، طيب أنت معك سيارة جيمس موديل 2005 أو 2006 وتأخذ زكاة، أما تخاف الله؟! قال: نعم آخذ زكاة الجيمس هذه حاجة أصلية أنتقل بها أنا وأولادي لحوائجنا، طيب خذ لك جيمس 90 - 91 بعشر القيمة، قال: يا أخي الذي أصرفه على هذه الجيمس الرديء في الورش أكثر مما دفعته في هذا الجيمس الجديد، فالمسألة مسألة حاجة، فهل هذا مبرر لأن يأخذ الزكاة ويشتري فوق مستواه؟.

ص: 15