المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القيام بأعباء الدعوة إلى الله من جملة التكاليف الشرعية - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٦٤

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌مقتطفات الدعوة وأهدافها

- ‌شرح حديث: (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم)

- ‌نصوص ترغب في تعليم الناس ودعوتهم إلى الله

- ‌مفهوم الدعوة إلى الله

- ‌مفهوم لفظ الدعاة

- ‌منطلقات الدعوة إلى الله تعالى

- ‌الدعوة إلى الإسلام لكونه ديناً لا لبيان أفضليته على النظم الأرضية

- ‌القيام بأعباء الدعوة إلى الله من جملة التكاليف الشرعية

- ‌صور من رحمة الأنبياء عليهم السلام بأقوامهم

- ‌أعمال الدعوة إلى الله عبادة

- ‌مظاهر الانحراف عن هذا المنطلق

- ‌الشعور بالشفقة والرحمة على عباد الله تعالى

- ‌مصادر الدعوة إلى الله تعالى

- ‌القرآن الكريم

- ‌السنة النبوية وسير السلف والاستنباطات الفقهية الدعوية

- ‌ضرورة التزام المنهج الصحيح في الدعوة إلى الله

- ‌لماذا يتبع منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌الأضرار الناتجة عن الخروج عن المنهج الصحيح في الدعوة

- ‌أهل السنة والجماعة

- ‌العلاقة بين السنة والجماعة

- ‌اختصاص اسم أهل السنة بأهل السنة دون غيرهم

- ‌نشأة اسم أهل السنة والجماعة

- ‌مفهوم الجماعة

- ‌سبب تسمية أهل السنة بالجماعة

- ‌مفهوم السنة

الفصل: ‌القيام بأعباء الدعوة إلى الله من جملة التكاليف الشرعية

‌القيام بأعباء الدعوة إلى الله من جملة التكاليف الشرعية

المنطلق الثالث: اليقين بأن القيام بأعباء الدعوة واجب من جملة التكاليف التي خاطب الله بها المسلمين، بغض النظر عن النتائج والآمال، فأعباء الدعوة من البيان والحكمة والموعظة الحسنة، والتضحية في سبيل هذه الدعوة، كل هذه الأعمال هي واجب من جملة التكاليف التي خاطب الله عز وجل بها المسلمين؛ بغض النظر عن النتائج والآمال، فبعض الناس يحملون أنفسهم ما لم يكلفهم الله تعالى به؛ جلباً للنتائج، وتطلعاً إلى الغايات، وربما قفزوا ووثبوا في ظل تطلعاتهم فوق كثير من الأسباب والوسائل الواجبة عليهم مما يدخل تحت إمكانهم ويخضع لطاقاتهم مما لا نشك أن الله أوجبه علينا.

فبعض الناس يضعون تطلعات وأهدافاً بعيدة هي ليست مستحيلة، لكنها بعيدة بالنسبة لواقع هؤلاء الدعاة، فهم يقفزون فوق هذه الأسباب حتى يصلوا إلى هذه التطلعات، ولأنها بعيدة جداً قد يسقطون في منتصف الطريق، في حين أن هناك واجبات لا يشك ولا يختلف اثنان في وجوبها على كل من ينتظم في سلك هذه الدعوة.

فمن هذه الواجبات: تزكية المرء نفسه، أن يزكي المرء نفسه، وأن يوجه هذه الدعوة قبل كل شيء إلى نفسه قبل أن يخاطب بها الآخرين؛ لأنه لا يستقيم الظل والعود أعوج، وشواهد ذلك كثيرة في الكتاب والسنة، قال تعالى:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:44]، وقال تعالى:{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود:88] وهكذا.

ومن ذلك أيضاً: الالتجاء الشديد إلى الله تبارك وتعالى، وكثرة ذكر الله عز وجل في الخلوات والجلوات، ومراقبة النفس، والسعي إلى تزكيتها بكل الوسائل.

ومن تلك الواجبات التي لن يقوم بها غيرك: مراقبة الدعاة لبيوتهم، والقيام بدقة على إصلاح حال الأهل والأولاد، وإشاعة ذكر الله وعبادته بين أعضاء الأسرة، هذا واجب، فهل تنتظر غيرك ليقوم به؟! كلا! فلا بد من أن يقوم به رب البيت، كما قال عليه الصلاة والسلام:(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).

فإذا صدق أهل كل أسرة الإسلام واستقاموا عليه، ثم فعلوا ذلك مع أهليهم ومن يقومون عليهم يكافئهم الله تبارك وتعالى بالتمكين؛ لأن هذا اجتهاد في تغيير النفس، اجتهاد في تحقيق الشرط الذي شرطه الله تعالى فقال:{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]، وقال عز وجل:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور:55].

وقال أيضاً: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص:5]، فالتمكين في الأرض مكافأة على الاستقامة على طريق الله تبارك وتعالى، قال تعالى:(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ) فهي منة من الله تعالى ومكافأة منه عز وجل.

ص: 8