المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرق بين الحاسد والعائن - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٩١

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌الحسد الوقاية والعلاج [1]

- ‌وسائل الوقاية من الحسد قبل وقوعه

- ‌من وسائل الوقاية من الحسد قبل وقوعه كتمان الأمور عن الحاسد

- ‌من وسائل الوقاية من الحسد قبل وقوعه اجتناب الحاسد والبعد عنه

- ‌من وسائل الوقاية من الحسد قبل وقوعه حبس العائن ومنعه من مخالطة الناس

- ‌وسائل علاج الحاسد لنفسه

- ‌من وسائل علاج الحاسد لنفسه قمع الحاسد أسباب الحسد من داخله

- ‌من وسائل علاج الحاسد لنفسه المداواة لنفسه بأدوية نافعة

- ‌من وسائل علاج الحاسد لنفسه أن يعلم أن الإمساك عن الشر صدقة

- ‌من وسائل علاج الحاسد لنفسه أن يعلم أن الحسد يضره في الدين والدنيا

- ‌من وسائل علاج الحاسد لنفسه الزهد في الدنيا

- ‌من وسائل علاج الحاسد لنفسه الرضا بالقضاء

- ‌من وسائل علاج الحاسد لنفسه أن يصنف نفسه نقيض ما يقتضيه الحسد

- ‌من وسائل علاج الحاسد لنفسه أن يبرك إذا رأى في أخيه ما يعجبه

- ‌وسائل علاج المحسود

- ‌من وسائل علاج المحسود طلب الاستغسال من العائن والرقية على المصاب

- ‌من وسائل علاج المحسود ذكر الله سبحانه وتعالى

- ‌من وسائل علاج المحسود الصبر على الحاسد

- ‌من وسائل علاج المحسود التوكل على الله

- ‌من وسائل علاج المحسود فراغ القلب من الاشتغال بالحاسد

- ‌من وسائل علاج المحسود الإقبال على الله سبحانه

- ‌من وسائل علاج المحسود التوبة من الذنوب

- ‌من وسائل علاج المحسود الصدقة والإحسان

- ‌بعض الأذكار والأحراز الواردة في حفظ الإنسان

- ‌أقسام الحسد في الشرع

- ‌بيان الحسد المذموم

- ‌بيان الحسد الممدوح

- ‌أقسام الحاسدين

- ‌حساد يحبون زوال النعم عن المحسود وتحولها إليهم

- ‌حساد يحبون زوال النعمة عن المحسود وتحولها إلى غيرهم

- ‌أسباب الحسد المذموم

- ‌من أسباب الحسد المذموم العداوة والبغضاء

- ‌من أسباب الحسد المذموم التعزز

- ‌من أسباب الحسد المذموم حب الرئاسة والجاه

- ‌من أسباب الحسد المذموم خبث النفس

- ‌بيان متى يكثر الحسد ومتى ينعدم

- ‌الفرق بين الحاسد والعائن

- ‌الأدلة الواردة في ذم الحسد والتحذير منه

- ‌ذم الحسد في القرآن الكريم

- ‌ذم الحسد في السنة النبوية

- ‌ذم الحسد في كلام السلف

الفصل: ‌الفرق بين الحاسد والعائن

‌الفرق بين الحاسد والعائن

في الحديث الذي ذكرناه من قبل (العين حق) فما هو الفرق بين الحاسد وبين العائن؟

‌الجواب

يشتركان في أن كل واحد منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من يريد أذيته، لكن يوجد فرق في بعض الأمور، فالحاسد قد يحسد ما لم ير، فقد يحسد شيئاً يوصف له ولم يره، فيحسد الحاسد المحسود عند غيبته وعند حضوره أيضاً، ويحسد في الأمر المتوقع قبل وقوعه.

أما العائن فلا يعين إلا ما يراه، ولا يحسد إلا ما يراه بعينه؛ لذلك سمي العائن، إذ تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته، وإذا كان الحاسد يحسد في الأمر المتوقع قبل وقوعه فإن العائن يحسد في الأمر الموجود بالفعل، هذا أول فرق.

الحاسد مصدر حسده تحرك قلبه، واستكثار النعمة على المحسود، أما العائن فمصدر فعله انقداح نظرة العين، وقد يعين ما يكره أن يصاب بأذى منه، فالعائن قد يعين شخصاً لا يحب أذيته كابنه مثلاً أو ماله أو نفسه أحياناً، فالعائن يصيب بعينه نعمة موجودة، وقد يعين من يكره أن يصاب بأذى منه كولده وماله، وقد يصيب من لا يقصده من جماد أو حيوان أو زرع أو مال، وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه، يعني: أنه يحسد صاحب المال، لكن أيضاً يمكن أن يحسد نفس هذا المال، وربما أصابت عينه نفسه، فإن رؤيته للشيء رؤية تعجب وتحديق مع تكيف نفسه بتلك الكيفية تؤثر في المعين، وسوف نأتي بالحديث الذي يدل على ذلك إن شاء الله تعالى.

وكما ذكرنا بالنسبة للحاسد مصدر حسده تحرك القلب واستكثار النعمة على المحسود، فهو يتمنى زوالها عنه، أو عدم حصولها له، وهذا غاية في حطة النفس.

والمقصود: أن العائن حاسد خاص، فالحاسد أعم من العائن، فكل عائن حاسد ولابد، وليس كل حاسد عائناً، فإذا استعاذ الإنسان من شر الحاسد دخل فيه العائن؛ لأن هذه الكلمة أعم؛ فهذا من شمول القرآن وإعجازه وبلاغته.

قال غير واحد من المفسرين في قول الله سبحانه وتعالى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} [القلم:51]: المقصود بهذه الآية الإصابة بالعين، فأرادوا أن يصيبوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إليه قوم من العائنين وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حجته، وكان طائفة منهم تمر به الناقة والبكرة السمينة، فيعينها بمجرد أن ينظر إليها، يقول لخادمه: خذ المكتل والدرهم وائتنا بشيء من لحمها، فما تبرح حتى تقع فتنحر.

والدليل على ذلك من السنة حديث: (العين تدخل الرجل القبر، والجمل القدر).

قال الكلبي: كان رجل من العرب يمكث يومين أو ثلاثة لا يأكل، ثم يرفع جانب خبائه -أي: جانب الخيمة أو الخباء- فتمر به الإبل فيقول: لم أر كاليوم إبلاً ولا غنماً أحسن من هذه! فما تذهب إلا قليلاً حتى يسقط منها طائفة.

وحكى المفسرون: أنه طلب الكفار من هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين ويفعل به كفعله في غيره؛ فعصم الله رسوله وحفظه وأنزل عليه: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} [القلم:51] وفي الآية كلام آخر كثير.

ص: 37