المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أوجه الخلاف بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد المادي - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٩٤

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌أمتي لا تنحرف [2]

- ‌استمراء كثير من المسلمين لدعوى تحديد النسل ورضاهم بها بعد إنكارهم لها

- ‌المنظم الحقيقي للنسل البشري

- ‌الاحتجاج بالخوف من قلة الأرزاق لتسويغ الدعوة إلى تحديد النسل

- ‌تحديد النسل وقتل الأولاد في الجاهلية يشتركان في الباعث عليهما

- ‌تحديد النسل لا يعتبر هو الحل لمشكلة الفقر بل يزيدها تفاقماً

- ‌آثار من الكتاب والسنة وسير الصالحين في الإيمان بالرزق

- ‌المنظم الحقيقي للنسل البشري هو الذي خلقه

- ‌التناسب الطردي بين زيادة السكان وزيادة مصادر الرزق

- ‌زيادة مصادر الرزق بتقدم الإنسان وتطوره

- ‌أوجه الخلاف بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد المادي

- ‌مبدأ التوازن والوفرة

- ‌الأسئلة

- ‌مفهوم الفرقة الناجية

- ‌الموقف الحق مما حدث في الجزائر

- ‌حكم اقتناء أو مشاهدة التلفاز بحجة الاقتصار على ما فيه خير ومنفعة

- ‌حكم تشغيل التلفاز بحجة طاعة للوالدين

- ‌حكم افتتاح المحافل والمناسبات بقراءة القرآن

- ‌عدم صحة حديث: (من صلى علي مائة مرة في ليلة الجمعة)

- ‌حكم من سب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم من سبّ الإسلام

الفصل: ‌أوجه الخلاف بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد المادي

‌أوجه الخلاف بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد المادي

يذكر علماء الاقتصاد الإسلاميون أن هناك خلافاً جوهرياً بين الاقتصاد الإسلامي وطريقة التعامل مع هذا الوجود، باعتبار أنه ينبثق وينطلق من منطلق إيماني بالغيب والرزق، وبين الاقتصاد المادي أو الاقتصاد السياسي، فعلماء الاقتصاد الغربي يقررون أن الندرة أصل من أصول الخلق، أما الإسلاميون فيقولون: الندرة ليست أصلاً من أصول الخلق، لكن الندرة -وهي قلة موارد الرزق- مجرد ظاهرة يكون لها أسباب وعوامل، كأن يعزف الإنسان عن أن يستفيد مما في الأرض من خير، أو أنه قاصر عن الإحاطة والتنظيم إلى مستويات كافية بحيث لا يستطيع أن يستوعب ما خلقه الله للجنس البشري من رزق، فالأشجار كثيرة في الأرض، لكن الإنسان عاجز عن أن يقطع هذه الأشجار ويهذبها كي يستفيد منها، كذلك عند الإنسان ميل إلى التقليل من التضحية والشقاء في سبيل كسب العيش، فإذا استطاع الإنسان أن يقعد عن طلب الرزق نهائياً، وفي نفس الوقت يتنعم بكل ما يرى، فهو لا يتردد في ذلك، فهذا أيضاً من عوامل الندرة.

يتلف الناس أيضاً كثيراً مما ينتجونه بأسلحة الدمار، وأدوات التخريب المعروفة، والحروب الباغية الظالمة، هذه كلها من أسباب وعوامل حصول هذه الندرة، فهي تتلف جانباً كبيراً من المنتج، ويأتي إلى جانب ذلك التظالم الذي يكون بين الناس في قسمة الأرزاق وعدم العدل في ذلك، حتى يصل الأمر إلى حد الإتلاف.

وبعض عوامل الندرة تحصل مثلاً في بلاد متقدمة مثل أمريكا، فعندما يزيد محصول القمح ويكون الناتج والمحصول كبيراً جداً، يعمد الرأسماليون إلى أخذ الكمية الزائدة ويلقونها في البحر ليقل المعروض فيزداد الطلب عليه ولا يحصل كساد في السوق، يلقونه في المحيط لأجل هذا!!.

فالاقتصاد الإسلامي يقرر أن الأصل في الخلق هو الوفرة وليس الندرة؛ إيماناً ويقيناً بأن تقدير العزيز الحكيم القاهر فوق عباده يقتضي ذلك، فتقدير الله عز وجل لما يحتاج إليه الناس لا يمكن أن يجيء مقصراً عما يلزم، بل هو كافٍ ويزيد.

يقول عز وجل: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت:9 - 10]، هناك في هذا الخلق ضوابط ومقاييس دقيقة، والموضوع لا يمشي سبهللاً، بل هناك ضوابط وقوانين وسنن تحكم هذا الوجود، ونحن نعرف تصور الغربيين لقضية الألوهية، فإنهم إذا تكرموا وأقرّوا أن هناك إلهاً، فهم يزعمون أن هذا الإله خلق العالم فحركه ثم تركه وانتهى كل شيء!! أما نحن فإيماننا بالله عز وجل ومعرفتنا بصفات الله هي على النقيض تماماً من كلامهم، فالله عز وجل لا يترك خلقه هملاً:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:115]، فكل شيء في هذه الدنيا وفي هذا الوجود يجري ويسري حسب قوانين تحكم كل شيء فيه، فالكوكب الذي نعيش فيه لم يخلق دون هذه القوانين المحكمة، وقد ثبت بالمشاهدة وبالبحوث العلمية جيلاً بعد جيل أن هذه الضوابط شاملة وثابتة، ومن أهم هذه الضوابط: التوازن، والوفرة، وغير ذلك.

ص: 11