الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خالد يتناول السم1 الزعاف2 فلا يؤثر فيه
ذكرنا كرامتين للعلاء بن الحضرمي، والآن نذكر كرامة لخالد بن الوليد ولم يكن أحدهما ساحرا ولا كاهنا. بل كان كل منهما بطلا مقداما فقد كان مع عمرو بن عبد المسيح بن بقيلة خادم معه كيس فيه سم فأخذه خالد ونثره في يده وقال: لم تستصحب هذا؟ قال: خشيت أن تكون على غير ما رأيت فكان أحب إلي من مكروه أدخله على قومي، فقال خالد: لن تموت نفسه حتى تأتي على أجلها، وقال: بسم الله خير الأسماء، رب الأرض ورب السماء الذي لا يضر مع اسمه داء الرحمن الرحيم فابتلع خالد السم، فقال عمرو: والله يا معشر العرب لتملكن ما أردتم، ما دام أحد منكم هكذا لم يكن لابتلاع السم أي تأثير في خالد فلم يمرض ولم يمت مع أن عمرو بن عبد المسيح كان قد أعده للانتحار.
وصالح خالد أهل الحيرة ففرضت عليهم الجزية عدا رجال الدين واشتغل المسلمون بحماية المدينة من الهجوم عليها. وكان لعبد المسيح الذي مر ذكره ابنة تدعى كرامة فتمسك خالد بتسليمها إلى شويل لأنه كان رآها شابة فمال إليها فوعده النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فلما فتحت الحيرة طلبها وشهد له شهود بوعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلمها إليه وعلى ذلك سلمها له خالد فاشتد ذلك على أهل بيتها وقرابتها، فقالت لهم: اصبروا فإنما هذا رجل أحمق. رآني في شبيبتي فظن أن الشباب يدوم فافتدت منه بألف درهم ورجعت إلى أهلها.
صلاة الفتح3
لما فتح خالد الحيرة صلى صلاة الفتح ثماني ركعات لا يسلم فيهن وقال:
لقد قاتلت يوم مؤتة فانقطع في يدي تسعة أسياف وما لقيت قوما كقوم لقيتهم من أهل فارس وما لقيت من أهل فارس كأهل أليس.
وبعد أن احتل خالد الحيرة مكث فيها عاما عين عمالا لجباية الخراج وأمراء للثغور وتم صلح الحيرة بدفع مبلغ 600. 000 درهم جزية وهو مبلغ قليل لكنه كان في نظر العرب مبلغا عظيما.
الفرس وشرب الخمر
ذكر خالد في كتبه إلى الفرس غير مرة الخمر، فمما جاء في أحد كتبه إليهم: ألا فقد جئتكم
1- البداية والنهاية: 6/246.
2-
الزعاف: القاتل سريع الفتك.
3-
تاريخ الطبري: 2/319.
بقوم يحبون الموت كما تحبون شرب الخمر1 وهذا يدل على أن الخمور كانت منتشرة عندهم، وأنهم كانوا يقبلون على شربها حتى عني خالد بذكرها.
متاعب الفرس الداخلية
وفي هذه الأثناء كانت الفرس تعاني كثيرا من المتاعب الداخلية بعد ملكها أردشير وذلك أن شيري بن كسرى قتل كل من كان يناسبه إلى كسرى بن قباذ ولهذا اقتصر همهم على حماية المدائن عاصمة ملكهم وما جاورها إلى نهر شير الذي هو فرع من نهر الفرات وكان المثنى يهدد هذه الناحية لكنه توقف عن الزحف لأن أبي بكر نهى عن التقدم إلا أن تحمى ظهور المسلمين.
1- تاريخ الطبري: 2/308، والبداية والنهاية: 6/343.
فتح الانبار1
موقعة ذات العيون
أنبار هي فيروز سابور القديمة، مدينة شهيرة في العراق من ولاية بغداد بينها وبين بغداد عشرة فراسخ وهي إلى غربيها على الفرات قرب مخرج نهر عيسى وبابل في شماليها وتبعد عنها نحو ثمانين ميلا. قيل سميت بالأنبار لأنه كان يجمع فيها أنابير الحنطة والشعير والتبن وأنابير جمع أنبار.
سار خالد على تعبئته إلى الأنبار وعلى مقدمته الأقرع بن حابس فحاصرها المسلمون وقد تحصن أهل الأنبار وخندقوا عليهم وأشرفوا من حصنهم وعلى جنودهم شيرزاد صاحب ساباط وطاف خالد بالخندق وأنشب القتال وأوصى رماته أن يقصدوا عيون جيش العدو فرموا رشقا واحدا ثم تابعوا فأصابوا ألف عين فسميت تلك الوقعة "ذات العيون" وتصايح القوم ذهبت عيون أهل الأنبار، فلما رأى ذلك شيرزاد أرسل يطلب الصلح على أمر لم يرضه خالد فرد رسله ونحره من إبل العسكر كل ضعيف وألقى الإبل في أضيق مكان في الخندق حتى ردمه بها وجاز هو وأصحابه فوقها فاجتمع المسلمون والمشركون في الخندق فأرسل شيرزاد إلى خالد يطلب منه الصلح على ما أراد فصالحه على أن يلحقه بمأمنه من غير أن يأخذ شيئا من المتاع. وخرج شيرزاد إلى بهمن جاذويه، ثم صالح خالد من حول الأنبار وأهل كلواذى.
فتح عين التم ر2
لما فرغ خالد من الأنبار استخلف عليها الزبرقان بن بدر وسار إلى عين التمر وهي قلعة على حدود الصحراء على مسيرة ثلاثة أيام غربا وبها مهران بن بهرام جوبين في جمع عظيم من العجم وعقة بن أبي عقة في جمع عظيم من العرب وتغلب وإياد وغيرهم فلما سمعوا بخالد قال عقة لمهران: إن العرب أعلم بقتال العرب فدعنا وخالدا قال: صدقت فأنتم أعلم بقتال العرب وإنكم لمثلنا في قتال العجم فخدعه وارتقى به وقال: إن احتجتم إلينا أعناكم فلامه أصحابه من الفرس على هذا القول فقال لهم إنه قد جاءكم من قتل ملوككم وفل حدكم فاتقيته بهم. فإن كانت لهم على خالد فهي لكم. وإن كانت الأخرى لم يبلغوا منهم حتى يهنوا فنقاتلهم ونحن أقوياء وهم ضعفاء فاعترفوا بفضل الرأي، وسار عقة إلى خالد فعبأ خالد جنده وبينما كان عقة يقيم صفوفه حمل عليه خالد بنفسه فاحتضنه وأخذه أسيرا كما احتضن هرمز من قبل في موقعة ذات السلاسل. فانهزم الفرس من
1- البداية والنهاية: 4/743، تاريخ الطبري: 2/322، 323، المنظم: 4/106.
2-
البداية والنهاية: 6/349، والمنتظم: 4/107، وتاريخ الطبري: 2/324.
غير قتال وأكثر المسلمون فيهم الأسر فسألوه الأمان فأبى فنزلوا على حكمه فأخذهم أسرى وقتل عقة ثم قتلهم أجمعين وسبى كل من في الحصن وغنم ما فيه، ووجد في بيعتهم أربعين غلاما يتعلمون الإنجيل علة مذهب نسطور، وكان عليهم باب مغلق فكسره عنهم وقسمهم بين القواد، وكان منهم أبو زياد مولى ثقيف ونصير أبو موسى بن نصير وأرسل الوليد بن عقبة إلى أبي بكر بالخبر والأخماس.