المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خطبة ابنته عائشة في تأبينه - أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين ت شيحا

[محمد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ترجمة حياة أبو بكر الصديق1 رضي الله عنه

- ‌بعض الأحاديث المصرحة بفضل أبي بكر

- ‌حديث السقيفة1 وبيعة أبي بكر الصديق

- ‌تخلف علي1 رضي الله عنه عن البيعة

- ‌أفضل الناس بعد رسول الله

- ‌إرسال جيش أسامة بن زيد1 يوم الأربعاء 14 ربيع الأول سنة 11هـ "11 حزيران - يونيه 6م

- ‌وصية أبي بكر الجيش

- ‌إمارة باذان على اليمن1 في عهد رسول الله

- ‌الأسود العنسي المتنبئ1 الكذاب

- ‌قتال أهل الردة

- ‌عودة أسامة سنة 11هـ "سبتمبر سنة 632م

- ‌إرسال البعوث إلى المرتدين1 شعبان سنة 11هـ "تشرين الأول أكتوبر سنة 632 م

- ‌موقعة بزاخة1 وفرار طليحة إلى الشام

- ‌هزيمة بني تميم وقصة مالك بن نويرة

- ‌موقعة اليمامة1 آخر سنة 11هـ وبدء سنة 633 م

- ‌أسماء من قتل باليمامة من مشهوري الصحابة

- ‌أسجاع1 مسيلمة

- ‌ردة أهل البحرين1 سنة 11هـ "632 - 633 م

- ‌كرامة العلاء بن الحضرمي

- ‌انتصار المسلمين وهزيمة المشركين

- ‌مسير خالد إلى العراق وصلح الحيرة1 سنة 12هـ - 633 م

- ‌انهزام الفرس ثانيا موقعة الثنى1 صفر سنة 12هـ - سنة 633م

- ‌حصار الحيرة وتسليمها1 ربيع الأول سنة 12هـ - أيلول سنة 633 م

- ‌محاورة بين خالد بن الوليد وعمرو بن عبد المسيح

- ‌خالد يتناول السم1 الزعاف2 فلا يؤثر فيه

- ‌موقعة دومة الجندل1 شهر رجب سنة 12هـ - أيلول/سبتمبر سنة 633 م

- ‌البعوث إلى العراق1 شهر شعبان سنة 12هـ - تشرين الأول/أكتوبر سنة 633م

- ‌موقعة الفراض

- ‌خالد يحج سرا1 شهر ذي الحجة سنة 12هـ - شباط/فبراير سنة 634م

- ‌غزو الشام1 سنة 12 - 13هـ - 633- 634م

- ‌الظروف الملائمة لفتح الشام

- ‌مسير خالد بن الوليد من العراق إلى الشام

- ‌المثنى بالعراق

- ‌موقعة بابل1 صيف سنة 13هـ - سنة 634 م

- ‌وفاة أبي بكر الصديق ضي الله عنه 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ "23 آب أغسطس سنة 634م

- ‌وصية أبي بكر لعمر بن الخطاب

- ‌خطبة ابنته عائشة في تأبينه

- ‌حج أبي بكر

- ‌قضاته وكتابه وعمال

- ‌حكم أبي بكر وكلماته

- ‌خاتمة في حياة خالد بن الوليد

الفصل: ‌خطبة ابنته عائشة في تأبينه

‌خطبة ابنته عائشة في تأبينه

12

نضر الله يا أبت وجهك وشكر لك صالح سعيك فلقد كنت للدنيا مذلا بإدبارك عنها وللآخرة معزا بإقبالك عليها ولئن كان أعظم المصائب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رزؤك3 وأكبر الأحداث بعده فقدك إن كتاب الله عز وجل ليعدنا بالصبر عنك حسن العوض وأنا منتجزة من الله موعده فيك بالصبر عنك ومستعينة كثرة الاستغفار لك فسلم الله عليك توديع غير قالية4 لحياتك ولا زارية5 على القضاء فيك.

اعتراف أبي بكر6

قال أبو بكر: إني لا آسي على شيء من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت لو أني تركتهن، وثلاث تركتهن وددت لو أني فعلتهن وثلاث وددت أني سألت عنهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فأما الثلاث اللاتي وددت أني تركتهن فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن كانوا قد غلقوه على الحرب ووددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمى وأني كنت قتلته سريحا أو خليته نجيحا، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قد قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين - يريد عمر وأبا عبيدة - فكان أحدهما أميرا وكنت وزيرا.

أما اللاتي تركتهن فوددت أني يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيرا كنت ضربت عنقه؛ فإنه تخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه، ووددت أني حين سيرت خالد بن الوليد إلى أهل الردة كنت أقمت بذي القصة فإن ظفر المسلمون ظفروا وإن هزموا كنت بصدد لقاء أو مدد أو وددت أني كنت إذ وجهت خالد بن الوليد إلى الشام كنت وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق فكنت بسطت يدي كلتيهما في سبيل الله ومد يديه.

ووددت أني كنت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هذا الأمر فلا ينازعه أحد ووددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب ووددت أني كنت سألته عن ميراث ابنة الأخ والعمة فإن في نفسي منهما شيئا.

عمل أبي بكر ومنزله مدة خلافته7

كان أبو بكر قبل أن يشتغل بأمور المسلمين تاجرا وكان منزله بالسنح8 عند زوجته حبيبة ثم تحول إلى المدينة بعدما بويع له بستة أشهر وكان يغدو على رجليه إلى المدينة وربما ركب على فرس

1- التأبين: الثناء على الرجل بعد موته.

2-

الرياض النضرة: 2/253.

3-

رزؤك: مصيبتك.

4-

قالية: كارهة.

5-

زارية: عاتبة، معيبة.

6-

تاريخ الطبري: 2/353.

7-

تاريخ الطبري: 2/354، الطبقات الكبرى: 3/186، المنتظم: 4/72.

8-

السنح: من ضواحي المدينة.

ص: 94

وعليه إزار ورداء ممشق فيوافي المدينة فيصلي الصلوات بالناس فإذا صلى العشاء رجع إلى أهله بالسنح فكان إذا حضر صلى بالناس وإذا لم يحضر صلى بهم عمر بن الخطاب فكان يقيم يوم الجمعة صدر النهار بالسنح يصبغ رأسه ولحيته ثم يروح لقدر يوم الجمعة فيجمع الناس وكان رجلا تاجرا فكان يغدو كل يوم إلى السوق فيبيع ويبتاع وكانت له قطعة غنم تروح عليه وربما خرج هو بنفسه فيها وربما كفيها فرعيت له وكان يحلب للحي أغنامهم فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي الآن لا تحلب لنا منائح1 دارنا فسمعها أبو بكر فقال: بلى لعمري لأحلبنها لكم وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه من خلق كنت عليه فكان يحلب لهم.

ثم نظر أبو بكر في أمره فقال: لا والله ما تصلح أمر الناس التجارة وما يصلحهم إلا التفرغ لهم والنظر في شأنهم ولا بد لعيالي مما يصلحهم فترك التجارة وأنفق من مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوما بيوم ويحج ويعتمر وكان الذي فرضوا له في كل سنة 6000 درهم فلما حضرته الوفاة قال: ردوا ما عندنا من مال المسلمين فإني لا أصيب من هذا المال شيئا وإن أرضي التي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصبت من أموالهم فدفع ذلك إلى عمر ودفع إليه بعيرا وعبدا وقطيفة ما تساوي خمسة دراهم، فقال عمر: لقد أتعب من بعده.

وحسبوا ما أنفقه على أهله من بيت المال فوجدوه 8000 درهم في ولايته وكان يوزع الصدقات على الفقراء وعلى تجهيز الجيوش، كذلك كان يوزع غنائم الحرب على الناس حال وصولها أو في صباح اليوم التالي ولم يكن له حرس يحرسونه وكان يستشير عمر بن الخطاب.

بيت مال المسلمين2

كان لأبي بكر الصديق بيت مال بالسنح معروف ليس يحرسه أحد فقيل له: يا خليفة رسول الله ألا تجعل على بيت المال من يحرسه؟ فقال: لا يخاف عليه، فقيل له: لم؟ قال: عليه قفل، وكان يعطي ما فيه حتى لا يبقى فيه شيء، فلما تحول أبو بكر إلى المدينة حوله فجعل بيت ماله في الدار التي كان فيها وكان يسوي بين الناس في القسم: الحر والعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير فيه سواء.

ولما توفي ودفن دعا عمر بن الخطاب الأمناء ودخل بهم بيت المال ومعه عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وغيرهما ففتحوا بيت المال فلم يجدوا فيه دينارا ولا درهما فترحموا على أبي بكر، وكان بالمدينة وزان على عهد رسول الله وكان يزن ما كان عند أبي بكر من مال فسئل الوزان: كم بلغ ذلك المال الذي ورد على أبي بكر؟ فقال: مائتي ألف.

1- المنائح: وهي منحة اللبن كالناقة أو الشاة تعطيها غيرك يحتلبها ثم يردها عليك.

2-

تاريخ الخلفاء: 1/79، الطبقات الكبرى: 3/213.

ص: 95