المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الصورة الرابعة: الذب عن الأعراض - دروس للشيخ إبراهيم الدويش - جـ ٢٠

[إبراهيم الدويش]

فهرس الكتاب

- ‌الأنقياء

- ‌من أحوال الأنقياء

- ‌سبب الحديث عن الأنقياء

- ‌ثلاثة قبل البداية

- ‌الأمر الأول: التواضع وهضم النفس

- ‌الأمر الثاني: سلامة الصدر وتنقية القلب

- ‌الأمر الثالث: الحذر من الأعداء

- ‌القرآن يدعوك

- ‌صور مشرقة في عالم الصفاء والنقاء

- ‌الصورة الأولى: مثال لسلامة الصدر

- ‌الصورة الثانية: أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم

- ‌الصورة الثالثة: التصدق بالعرض

- ‌الصورة الرابعة: الذب عن الأعراض

- ‌الصورة الخامسة: طيب قلب بين نساء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الصورة السادسة: انشغال قلب الحاقد بما لا ينفع

- ‌الصورة السابعة: تواضع جمّ

- ‌الصورة الثامنة: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله

- ‌الصورة التاسعة: هضم النفس وحقوقها

- ‌الصورة العاشرة: كلام الناقد الورع نصح لدين الله

- ‌تكامل الشخصية في حياة السلف رضوان الله تعالى عليهم

- ‌مواقف من حياة الإمام أحمد بن حنبل

- ‌مواقف من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌نتائج سلامة الصدر ونقاوة القلب وآثاره

- ‌سبب لدخول الجنة

- ‌الطمأنينة والأمن

- ‌أسباب امتلاء الصدر وغلّ القلب

- ‌الأسباب المباشرة

- ‌الأسباب غير المباشرة

- ‌السبيل إلى سلامة الصدر وتنقية القلب

- ‌الدعاء

- ‌الحذر من غفلة القلب

- ‌إحسان الظن بالآخرين

- ‌الصبر والتحمل

- ‌العفو والصفح

- ‌ثلاثة قبل النهاية

- ‌ضرورة تصحيح الأخطاء بالضوابط الشرعية

- ‌تربية الأجيال على سلامة الصدر

- ‌سلامة الصدر أمانة في أعناقكم

الفصل: ‌الصورة الرابعة: الذب عن الأعراض

‌الصورة الرابعة: الذب عن الأعراض

[والله ما نعلم إلا خيراً] هذه المقالة قالها معاذ بن جبل رضي الله عنه دفاعاً عن كعب بن مالك في قصة تخلفه في غزوة تبوك، قال كعب:(لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم تبوك ذكرني وقال: ما فعل كعب؟ فقال رجل من قومي: خلفه يا نبي الله برداه والنظر في عطفيه، فقال معاذ بن جبل وكان حاضراً: بئس ما قلت! والله ما نعلم إلا خيراً!) .

أسمعت هذا الموقف؟! لقد كان بإمكان معاذ رضي الله تعالى عنه السكوت تأدباً أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولن يعيب عليه النبي صلى الله عليه وسلم سكوته، ولكنه أعلن الحق الذي امتلأ به قلبه، لم يطق معاذ أن يسمع هذه الكلمات بأخيه كعب، فأعلن الحق الذي في قلبه انتصاراً لـ كعب بن مالك رضي الله عنهما جميعاً.

إنه الدفاع والذب عن عرض أخيه، فمن منا وقف مثل هذا الموقف؟! كم نسمع في مجالسنا وفي منتدياتنا من يذكر فلاناً وعلاناً من إخواننا من المسلمين؛ ممن يصلي ويصوم ويشهد أن لا إله إلا الله؛ نسمع الكلمات التي تذكر في عرضه، فمن منا وقف مثل هذا الموقف؟! بل ربما أن البعض يتلذذ بالسماع ويأنس بمثل هذه الكلمات عياذاً بالله، ولكن صحابة رسول الله تربوا على هذا المنهج، إنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(كل المسلم على المسلم حرام: عرضه ودمه وماله) ، فعلموا حرمة ذلك.

وعن أبي الدرداء أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة)، كما أخرجه الترمذي في سننه في كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في الذب عن المسلم، وإسناده صحيح.

واسمع لهذا الموقف: قال حنبل بن إسحاق: سمعت ابن معين يقول: رأيت عند مروان بن معاوية لوحاً فيه أسماء شيوخ: فلان رافضي، وفلان كذا، ووكيع رافضي! فقلت لـ مروان: وكيع خير منك! قال مروان: مني؟! -استفهام وتعجب- قلت: نعم.

قال: فسكت، ولو قال لي شيئاً لوثب أصحاب الحديث عليه!.

قال -أي يحيى -: فبلغ ذلك وكيعاً فقال وكيع: يحيى صاحبنا، وكان بعد ذلك يعرف لي ويرحب.

انظر أثر الدفاع عن العرض في قلب وكيع رحمه الله تعالى، أصبح يحيى بن معين حبيباً إلى قلبه، أصبح يرحب به كثيراً! هكذا يكون جمع القلوب، هكذا إذا أردنا أن نحبب النفوس بعضها ببعض، هكذا إذا أردنا أن نرص الصفوف في وجه أعدائنا، أن يعلم كل فرد منا أنه محام عن أعراض إخوانه المسلمين في كل مكان، وفي أي مجلس كان، وأمام أي كائن من كان، مهما بلغ من المرتبة والشرف، مادام أنه تجرأ على عرض أخ من إخواننا المسلمين يجب أن أقف وأذب عن عرض هذا المسلم، هكذا يكون الإنسان محبوباً عند الناس، لا.

بل هكذا يكون محبوباً عند الله قبل كل شيء، ومن أحبه الله أحبه الناس.

ص: 13