المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مواقف من حياة الإمام أحمد بن حنبل - دروس للشيخ إبراهيم الدويش - جـ ٢٠

[إبراهيم الدويش]

فهرس الكتاب

- ‌الأنقياء

- ‌من أحوال الأنقياء

- ‌سبب الحديث عن الأنقياء

- ‌ثلاثة قبل البداية

- ‌الأمر الأول: التواضع وهضم النفس

- ‌الأمر الثاني: سلامة الصدر وتنقية القلب

- ‌الأمر الثالث: الحذر من الأعداء

- ‌القرآن يدعوك

- ‌صور مشرقة في عالم الصفاء والنقاء

- ‌الصورة الأولى: مثال لسلامة الصدر

- ‌الصورة الثانية: أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم

- ‌الصورة الثالثة: التصدق بالعرض

- ‌الصورة الرابعة: الذب عن الأعراض

- ‌الصورة الخامسة: طيب قلب بين نساء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الصورة السادسة: انشغال قلب الحاقد بما لا ينفع

- ‌الصورة السابعة: تواضع جمّ

- ‌الصورة الثامنة: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله

- ‌الصورة التاسعة: هضم النفس وحقوقها

- ‌الصورة العاشرة: كلام الناقد الورع نصح لدين الله

- ‌تكامل الشخصية في حياة السلف رضوان الله تعالى عليهم

- ‌مواقف من حياة الإمام أحمد بن حنبل

- ‌مواقف من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌نتائج سلامة الصدر ونقاوة القلب وآثاره

- ‌سبب لدخول الجنة

- ‌الطمأنينة والأمن

- ‌أسباب امتلاء الصدر وغلّ القلب

- ‌الأسباب المباشرة

- ‌الأسباب غير المباشرة

- ‌السبيل إلى سلامة الصدر وتنقية القلب

- ‌الدعاء

- ‌الحذر من غفلة القلب

- ‌إحسان الظن بالآخرين

- ‌الصبر والتحمل

- ‌العفو والصفح

- ‌ثلاثة قبل النهاية

- ‌ضرورة تصحيح الأخطاء بالضوابط الشرعية

- ‌تربية الأجيال على سلامة الصدر

- ‌سلامة الصدر أمانة في أعناقكم

الفصل: ‌مواقف من حياة الإمام أحمد بن حنبل

‌مواقف من حياة الإمام أحمد بن حنبل

ذكر عبد الغني المقدسي في كتابه محنة الإمام أحمد بسنده إلى أبي علي حنبل قال: حضرت أبا عبد الله -أي أحمد بن حنبل -، وأتاه رجل في مسجدنا، وكان الرجل حسن الهيئة كأنه كان مع السلطان، فجلس حتى انصرف من كان عند أبي عبد الله، ثم دنا منه فرفعه أبو عبد الله لما رأى من هيئته، فقال الرجل: يا أبا عبد الله! اجعلني في حل، قال أحمد: من ماذا؟! قال: كنت حاضراً يوم ضربت، وما أعنت ولا تكلمت، إلا أني حضرت ذلك.

فأطرق أبو عبد الله ثم رفع رأسه إليه فقال: أحدث لله توبةً ولا تعد إلى مثل ذلك الموقف، فقال له: يا أبا عبد الله! أنا تائب إلى الله تعالى من السلطان، قال له أبو عبد الله: فأنت في حل وكل من ذكرني إلا مبتدع، قال أبو عبد الله: وقد جعلت أبا إسحاق - المعتصم - في حل، ورأيت الله عز وجل يقول:{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور:22] وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالعفو في قضية مسطح.

ثم قال أبو عبد الله: العفو أفضل، وما ينفعك أن يعذب أخوك المسلم بسببك، لكن لتعف وتصفح عنه فيغفر الله لك كما وعدك.

اهـ.

أيها الأخ! إن سمعت أحداً قال فيك قولاً أو حتى آذاك، فلا شك أن النفس ببشريتها تغضب وتفكر في الانتقام، لكن اعلم أن صدق الأخلاق لا يظهر إلا في المواقف العصيبة الشديدة، أما في المواقف الهينة اللينة فلا فخر ولا فضل.

ساق المقدسي رحمه الله بسنده إلى أبي علي الحسن بن عبد الله الخرقي قال: بت مع أحمد بن حنبل ليلةً، فلم أره ينام إلا يبكي إلى أن أصبح، فقلت: يا أبا عبد الله كثر بكاؤك الليلة فما السبب؟ قال أحمد: ذكرت ضرب المعتصم إياي ومر بي في الدرس قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40] فسجدت وأحللته من ضربي في السجود.

ا.

هـ.

رحم الله الإمام أحمد، إمام أهل السنة والجماعة، هكذا والله هي القلوب، وهكذا والله هو التعلق بالله عز وجل، والتدبر لهذا الكتاب، فما منا أحد إلا ويريد أن يعفو الله عنه ويصفح الله جل وعلا عنه.

ذكر ابن رجب في طبقات الحنابلة عن أبي محمد فوزان قال: جاء رجل إلى الإمام أحمد فقال له: نكتب عن محمد بن منصور الطوسي؟! فقال: إذا لم تكتب عن محمد بن منصور فعمن يكون ذلك؟! قالها مراراً، فقال الرجل: إنه يتكلم فيك، فقال أحمد رحمه الله تعالى: رجل صالح ابتلي فينا فما نعمل؟!.

وما أعجب! مواقف الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، اقرؤوا هذا الكتاب محنة الإمام أحمد بن حنبل، انظروا مواقفه مع من عاداه ومع من ضربه ومع من سبه وشتمه، فرحم الله الإمام أحمد.

أضحى ابن حنبل محنةً مأمونةً وبحب أحمد يعرف المتنسك

فإذا رأيت لأحمد مستنقصاً فاعلم بأن ستوره ستهتك

ص: 21