المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أولا: الأسوة والاقتداء بالأخفياء - دروس للشيخ إبراهيم الدويش - جـ ٢٣

[إبراهيم الدويش]

فهرس الكتاب

- ‌الأخفياء

- ‌حقيقة الأخفياء

- ‌سبب الحديث عن الأخفياء

- ‌أولاً: الأسوة والاقتداء بالأخفياء

- ‌ثانياً: لأهمية الإخلاص وخطر الرياء

- ‌الخفاء في الكتاب والسنة

- ‌أزمان يستحب فيها إخفاء الأعمال

- ‌أخفياء ولكن

- ‌عقبات في طريق الأخفياء

- ‌العقبة الأولى: الرياء الخفي

- ‌العقبة الثانية: ذم النفس عند الناس

- ‌الضابط الصحيح للإخلاص والرياء

- ‌صور من حياة الأخفياء

- ‌الأخفياء وحالهم مع الصدقة على الفقراء والمساكين

- ‌الأخفياء وحالهم مع العبادة

- ‌الأخفياء والبكاء من خشية الله

- ‌قمة الخفاء عند السلف

- ‌الأخفياء وحالهم مع الجهاد

- ‌الأخفياء وحالهم مع العلم

- ‌الأخفياء في كلمات

- ‌الطريق الموصل إلى حياة الأخفياء

- ‌الدعاء والإلحاح فيه

- ‌الإكثار من مصاحبة المخلصين الناصحين الصادقين

- ‌معرفة عظمة الله تعالى من خلال أسمائه وصفاته

- ‌الحرص على خبء من عمل صالح

- ‌الخوف من عدم قبول العمل

- ‌تذكر ثمرات الإخلاص

- ‌الأسئلة

- ‌أهم علامات الإخلاص التي تظهر على العبد المؤمن

- ‌من مداخل الشيطان على الناس

- ‌الأفضل في أعمال من هو قدوة حسنة

الفصل: ‌أولا: الأسوة والاقتداء بالأخفياء

‌أولاً: الأسوة والاقتداء بالأخفياء

كان الحديث عن الأخفياء؛ لأنني ولربما لأنك أيضاً نظرت لحال أولئك الرجال الذين نسمع قصصهم بل ونرى آثارهم ومصنفاتهم، ونرى أنهم أحياء بذكرهم وبعلمهم وبنفعهم وإن كانوا في بطن الأرض أمواتاً بتلك الأجساد الطيبة الطاهرة فأسأل وتتساءل معي: ما هو السر في حياة أولئك الرجال؟! والسر هو توجه القلب كل القلب لله جل وعلا، توجهت قلوب أولئك الرجال فنالوا ما نالوا، ووصل سمعهم إلى عصرنا الحاضر، فكان القلب عمله وعلمه لله سبحانه وتعالى، وكان حبه وبغضه، وقوله وفعله وحركاته وسكناته ودقه وجله وسره وعلانيته لله.

يوم أن كانت الآيات هي الشعارات التي تُرفع، والكلمات التي تتردد في القلب قبل اللسان وفي كل مكان، {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:162] هكذا كانت الآيات ترفع فامتلأت بها القلوب أما اليوم؛ فتعال وانظر لحالنا -يا أخي الكريم- كأفراد، فقلوبنا شذر مذر، ونفوسنا عجب وكبر، وأفعالنا تزين وإظهار، وأقوالنا لربما كانت طلباً للاشتهار.

همومنا في الملذات، وحديثنا في الشهوات، وصدق صلى الله عليه وسلم بقوله:(إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال) ، إلا من رحم الله منا.

وانظر لحالنا كأمة ذل ومهانة وهوان واحتقار، ولا داعي إلى أن أواصل الكلام عن حال هذه الأمة في هذا العصر، ولكني أسوق لك دليلاً قريباً: في شهر رمضان؛ ثلاث مذابح للمسلمين، مذبحة السوق في سراييفو، ومذبحة الإبراهيمي في فلسطين، ومذبحة في السودان! أكان يكون ذلك -يا أخي الحبيب- لو كانت القلوب متوجهة إلى الله بصدق؟! أقولها ثقة بالله سبحانه وتعالى: لا والله، لا يكون هذا الذل وهذا الاحتقار لهذه الأمة لو توجهت قلوب أصحابها وتوجهت قلوب المسلمين جميعا إلى الله جل وعلا:

رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم

لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم

إذاً فالسر في حياة أولئك هو: التوحيد لله.

وليس التوحيد قولاً فكلنا يقول: لا إله إلا الله، ولكنه التوحيد القلبي؛ يوم أن تكون الأفعال والأقوال وحركات القلب وسكناته كلها لله سبحانه وتعالى، عرف هذا السر أولئك الأخفياء، فكانت الدنيا لهم والآخرة دارهم.

ص: 4