المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ميزان الفلاح في الآخرة - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ١٠

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌العمل الصالح وأهميته

- ‌مبدأ الثواب والعقاب الإلهي

- ‌ترتيب الجزاء الأخروي على كسب الإنسان الدنيوي

- ‌جزاء من كسب السيئات في الدنيا والآخرة

- ‌ميزان الفلاح في الآخرة

- ‌التدبر في القصص القرآني

- ‌قصة آدم عليه السلام مع إبليس

- ‌قصة نوح عليه السلام مع قومه

- ‌استعراض القرآن لنتائج الأعمال

- ‌استعراض السنة لنتائج الأعمال

- ‌الحذر من المغالطات والفهم الخاطئ لبعض الأمور

- ‌المغالطة الأولى: الاعتماد على سعة رحمة الله ومغفرة الله بدون عمل

- ‌المغالطة الثانية: الاعتماد على حسن الظن بالله ارتكاب المعاصي

- ‌المغالطة الثالثة: الاعتماد على مكفرات الصغائر

- ‌المغالطة الرابعة: الاعتماد على الاستغفار مع المداومة على الذنب

- ‌المغالطة الخامسة: أن يعتمد الإنسان على صلاح أبويه

- ‌المغالطة السادسة: الاعتماد على محبة الصالحين

- ‌المغالطة السابعة: الاعتماد على الإرجاء

- ‌المغالطة الثامنة: الاعتماد على القدر

- ‌الأسئلة

- ‌نصيحة لأصحاب الدشوش

- ‌حكم السفر إلى بلاد الكفار للسياحة

الفصل: ‌ميزان الفلاح في الآخرة

‌ميزان الفلاح في الآخرة

أيها الإخوة: من كان يريد السعادة والفوز والفلاح؛ فلا بد له من أن يتأمل هذه القضية، وألا يتكل على شيء، إلا على رحمة الله، ثم إيمانه وعمله الصالح.

أما الاتكالات والمغالطات -والتي سوف آتي بها إن شاء الله في هذا الدرس- فنريد أن نضعها جانباً، وأن نعمل؛ لأن الميدان ميدان عمل، يقول الله:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ} [الملك:2] أكثر أموالاً، أو أرفع رتبة، أو أكبر جسماً، أو أقوى عضلاً كل هذا لا قيمة له.

تعال إلى صاحب أكبر رتبة في الدنيا إذا مات، وقل له: كيف أنت في رتبتك؟ يقول: لا شيء.

تعال إلى أكبر تاجر في الدنيا وعنده المليارات واسأله وقد وضع في التراب، وخرج من الدنيا، وليس معه إلا قطعة قماش من ماله كله، وقل له: ماذا نفعك المال؟ سيقول: لا شيء.

تعال لصاحب العضلات، والقوة، والرياضة، إذا لف في أكفانة ووضع في التراب، واسأله: أين عضلاتك؟ يقول: لم تغن عني شيئاً، فما الذي ينفعك هناك؟ قال تعالى:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:2] ويقول: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الكهف:7] فالقضية قضية عمل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ فاطمة:(يا فاطمة! سليني من مالي ما شئت، لا أغني عنك من الله شيئاً، فلا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتيني بالنسب) فلا ينفع النسب، يقول الله:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المؤمنون:101 - 102] فبم تثقل الموازين يوم القيامة؟ وما هي العملة الدارجة؟ وما هي الوحدة الوزنية يوم القيامة؟ فوحدة الكيلو، ووحدة الذهب، والريالات، والعمارات، والوظائف، والزوجات، والألوان، والجنسيات، كل هذه لا تنفع، فليس هناك إلا وحدة واحدة ربانية هي: العمل، قال تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] فهذا الذي يوزن به الناس.

ولو كان عبداً حبشياً كأن رأسه زبيبة! ولو كان عبداً حبشياً، فـ بلال عبد حبشي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم:(إني لأسمع قرع نعليك في الجنة يا بلال!) وأبو لهب بن عبد المطلب قرشي هاشمي، وهو عم الرسول، يقول الله فيه:{تَبَّتْ} [المسد:1] أي: خسرت وخابت {يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:1] لماذا؟ {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا} [المسد:2 - 5] أي: في عنقها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ، فلماذا ارتفع بلال الحبشي إلى أن أصبح سيد الصحابة؟ يقول عمر رضي الله عنه:[أبو بكر سيدنا وأعتق بلالاً سيدنا] عمر المخزومي الهاشمي القرشي يقول: إن بلالاً سيده.

ولماذا أصبح أبو لهب واسمه عبد العزى، أي: عبد الإله الذي كان يعبده الكفار، وسمي أبا لهب تشاؤماً، أي: أبو النار، فله نصيب منها قبل أن يدخلها، ومع أنه قرشي هاشمي، فلماذا تبت يداه؟ بسبب العمل، فليس عنده شيء من مؤهلات الآخرة.

ص: 5